التقى الوزير، وأمضى الوزير، وزار الوزير، هي عناوين نطالعها في الصحف والمجلات، وكذلك هي فقط ما نتصفحه في بعض المواقع الإلكترونية للوزارات، التي لا تتضمن سوى أنشطة الوزير وما يقوم به من زيارات وندوات. وتغيب، في المقابل، الدراسات والإحصائيات المحيّنة عن هذه المواقع التي تكتفي غالبًا أيضًا بنشر البلاغات أو القوانين.
لا تتضمن بعض المواقع الالكترونية للوزارات سوى أنشطة الوزير فيما تغيب الدراسات والإحصائيات والبيانات المحيّنة
وإن من المفترض أن تعمل المواقع الرّسمية للوزارات والهياكل التابعة للدولة على تحقيق التواصل بين الحكومة والمواطن وبالخصوص توفير البحوث والمعلومات والإحصاءات الموجهة للعموم، فبعضها في تونس لا يغطي سوى أنشطة الوزير أو عرض القوانين أو نشر ما تتضمنه الصحف من مقالات عن الوزارة.
تخمة أنشطة الوزير وغياب الإحصائيات المحيّنة
حاول "الترا تونس" رصد البعض من المواقع الرّسمية للوزارات وما توفره من معطيات ومعلومات وطريقة عرضها على غرار موقع وزارة التنمية والاستثمار والتعاون الدولي. فالمتصفح لموقع الوزارة لا يجد سوى أنشطة الوزير وإن يعود آخر نشاط له على الموقع لشهر أفريل/نيسان 2018 إلى جانب ميزانيات الوزارة للسنوات الأربع الماضية. وتغيب الدراسات والإحصائيات والنسب عن قيمة الاستثمارات مثلًا، أو تطور نسب الاستثمار حسب المجالات أو السنوات.
اقرأ/ي أيضًا: النفاذ إلى المعلومة: حق دستوري لم تهضمه الإدارة التونسية
كما تغيب أيضًا في موقع وزارة الشباب والرياضة أي احصائيات أو معلومات أو بيانات، ولا توجد سوى أنشطة الوزيرة أو تلك الإحصائيات المتعلّقة بالمقيمين في دور الشباب وهي إحصائيات لم يقع تحيينها منذ سنتين. فيما لا يعمل محرّك البحث في الموقع للحصول على معلومات معينة.
وبخصوص موقع وزارة المرأة، لا تغيب أيضًا أنشطة الوزيرة أو بيانات وبلاغات الوزارة، فيما توجد نصوص القوانين المتعلقة بالطفل أو المرأة أو المسنين، ولكن تغيب مجدّدًا البيانات أو الإحصائيات، ولا تجد مثلًا إحصائيات عن عدد أطفال الشوارع أو عدد كبار السن في دور المسنين فالعبارة دائمًا هي "يبدو أنّه لا يوجد شيء هنا". وحينما تضغط على أغلب عناوين الدراسات بالموقع تنتقل إلى صفحات بيضاء لا توجد فيها الدراسة المُراد الاطلاع عليها.
لا يوجد تحيين للمعطيات في عديد المواقع الحكومية إذ لم يتم مثلًا تحديث إحصائيات البرنامج الوطني لإعانة العائلات المعوزة والعلاج المجاني في موقع وزارة الشؤون الاجتماعية منذ عام 2012
وبالنسبة لوزارة الشؤون الاجتماعية، لم يتم تحديث الإحصائيات عن البرنامج الوطني لإعانة العائلات المعوزة والعلاج المجاني منذ عام 2012، فيما تعود آخر نتائج المسح العنقودي متعدد المؤشرات إلى خمس سنوات، كما تغيب أي بيانات حديثة عن عدد العائلات المعوزة أو التي تتمتع بمنحة العائلات المعوزة.
ذلك هو بعض ما تم رصده في بعض المواقع الرسمية التونسية، فأغلبها مقتصر فقط على نشر نصوص القوانين أو أنشطة الوزير أو بلاغات الوزارة مع غياب الدراسات والمؤشرات. فيما لم تشهد بعض تلك المواقع أي تحديث للمعطيات منذ أشهر، كما لايزال يحتاج نظامها للتطوير. إذ يغيب محرّك بحث إذا اردت الإطلاع أو البحث عن معلومات معيّنة أو يتوفر وقد يكون به إشكال ما.
ضرورة تطوير المواقع الإلكترونية الحكومية
تقوم، في الأثناء، وحدة الإدارة الالكترونية برئاسة الحكومة بمتابعة المواقع الرسمية التي أصدرت في ديسمبر/كانون الأول 2012 تقريرًا يقيّم حضور الهياكل العمومية على مواقع التواصل الاجتماعي، ومدى ترسيخ مفهوم الإدارة المفتوحة وتفعيل مبدإ النّفاذ إلى المعلومة عبر مواقع الواب العموميّة.
توجد وحدة خاصّة هي وحدة الإدارة الالكترونية برئاسة الحكومة مهمّتها متابعة المواقع الرسمية
وقد بيّن التقرير حينها تراجع عدد الوزارات التّي ليس لها موقع واب من 6 إلى 4 وزارات من أصل 27 وزارة، مع تسجيل عدم وجود موقع الكتروني لوزارة الثّقافة وقتها بعد إغلاق موقعها القديم سنة 2008.
كما أفاد التقرير أنّ آليّات المشاركة الإلكترونيّة المتوفّرة بمواقع الواب العموميّة لم تشهد التطوّر المنتظر والذي يتلائم مع الديمقراطيّات الناشئة، حيث يفترض تطوير آليّات التواصل والتخاطب بين الإدارة ومختلف المتعاملين معها على عديد المستويات.
وتمكّن هذه الآليّات من تحسين الإنصات إلى المواطن والأخذ بعين الإعتبار للملاحظات والمقترحات التّي يرسلها إلى الإدارة باستعمال تكنولوجيّات الاتّصال. وسجل التقرير الحكومي إلى أنّه لم تقم أيّ وزارة بنشر سياسة احترام الخصوصيّة والمعطيات الشّخصيّة، وهو ما يشكّل نقصًا كبيرًا ينبغي تداركه على مستوى مواقع الواب العموميّة، وفق التقرير ذاته.
أشارت الوحدة الإلكترونية إلى تراجع نسبي لإحصائيّات قياس الإقبال على المواقع الحكومية قد يكون نتيجة منافسة صفحات المواقع الاجتماعيّة وغيرها من وسائل الإعلام الإلكتروني
على صعيد آخر، أشارت الوحدة الإلكترونية إلى تراجع نسبي لإحصائيّات قياس الإقبال على الموقع (عدد المتصفّحين، معدّل مدّة الإبحار بالموقع، نسبة المغادرة دون تصفّح) قد يكون نتيجة منافسة صفحات المواقع الإجتماعيّة وغيرها من وسائل الإعلام الإلكتروني لمواقع الواب الرّسميّة للوزارات.
كما تطرّق التقرير إلى مواقع الشّبكات الاجتماعيّة وخاصّة موقع فيسبوك الذي يشهد إقبالًا هامًا من قبل المبحرين، حيث أظهرت الإحصائيّات التّي نشرها التقرير أنّ نسبة 82.9 في المائة من عدد المبحرين في تونس (أي أكثر من 3 ملايين مواطن) لديهم حسابات على شبكة فيسبوك. وقد بلغ الإقبال على هذا الموقع نسبة 97 في المائة من مجمل مواقع الشبكات الإجتماعيّة الأخرى يليها موقع يوتيوب (1.6 في المائة) وتويتر (1.01 في المائة).
اقرأ/ي أيضًا:
معهد الاستهلاك: 74 % من الأرقام الخضراء للمنشآت العمومية لا تعمل
حق النفاذ إلى المعلومة في مواجهة السلطة القضائية.. خصم وحكم؟