28-مارس-2017

الأسد يلتقي وفدًا من الجبهة الشعبية للأحزاب القومية التونسية (Getty)

مقال رأي 

 

أن يتوجه وفد تونسي إلى "دمشق الصامدة" لمؤازرة "صمود" جيش النظام السوري فذلك لم يعد خبرًا مفاجئًا. حيث تكثفت في الفترة الأخيرة زيارات وفود تونسية إلى سوريا في تنسيق مع النظام الأسدي، وآخر هذه الزيارات هي لوفد نيابي التقى في دمشق ببشار الأسد. وحقيقة أن ما يوصف بـ"الدبلوماسية النيابية" تارة أو بـ"الدبلوماسية الشعبية" تارة أخرى، هو ببساطة تشبيح برلماني.

أن يزور نواب في أول برلمان تونسي منتخب بعد الثورة سوريا دعمًا لنظام إرهابي قمع ثورة شعب الحديد والنار، هو عار. وأن يتصدّر النواب اليساريون والقوميون هذا الوفد، فهذا عار آخر. هؤلاء النواب هم مشاركون في الجريمة ضد الشعب السوري، يدعون أنهم تقدميون وديمقراطيون وهم رجعيون وطائفيون، ويقولون أنهم يتصدّون للمؤامرة، وهم في الحقيقة يشاركون في المؤامرة ضد الشعب السوري، ويفتخرون بعروبتهم ما هم للعروبة إلا بمغتالين، وللمشاريع الإيرانية والروسية التوسّعية بمباركين.

تكثفت الفترة الأخيرة زيارات وفود تونسية إلى سوريا في تنسيق مع النظام الأسدي، وآخر هذه الزيارات هي لوفد نيابي التقى في دمشق ببشار

الأنكى أن الوفد البرلماني سمح لنفسه بالحديث باسم الشعب التونسي دون وجه حقّ. فالوفد يتكون من 7 نوّاب جميعهم ينتمون للمعارضة عدا نائب وحيد. فلا يضمّ الوفد نواب عن الأحزاب الحاكمة على غرار النهضة وآفاق تونس والجمهوري. كما أن الوفد توجه لسوريا دون إعلام رئاسة البرلمان ولا وزارة الخارجية التونسية حيث نفى الوزير أي علم بالزيارة. وبالتالي فهؤلاء النواب لا يمثلون إلا أنفسهم حقيقة، ولكنهم بالنهاية يحملون صفة النيابة عن الشعب التونسي، وهو ما يكشف حقيقة عن وقاحتهم. من سمح لهم بالحديث باسم الشعب التونسي؟ هل يمثلون أغلبية نواب البرلمان؟ هو بالنهاية تشبيح برلماني مغشوش لا يعبر عن إرادة الشعب التونسي.

وللإشارة، تزامنت زيارة هذا الوفد مع تشكيل البرلمان التونسي للجنة تحقيق خاصة في شبكات تسفير الإرهابيين التونسيين إلى سوريا. وكانت قد اتهمت المعارضة قبل 2014 حركة النهضة وحكومة الترويكا إجمالًا بالوقوف وراء هذه الشبكات.

ولعلّ من الأهداف غير المعلنة لزيارة الوفد حاليًا هو البحث عن أدلة لتوريط حكومة الترويكا، بيد أنه للطرافة تترأس لجنة التحقيق البرلمانية عضو حزب نداء تونس الحاكم ليلى الشتاوي التي تم طردها من الحزب قبل أيام قليلة. وقد صرّحت الشتاوي لوسائل إعلام عن وجود أطراف داخل حزبها متورطة في شبكات تسفير الإرهابيين، وهو ما يعني نشاط أطراف موالية للنظام السابق في تونس لصالح شبكات التسفير.

تصريح رئيسة اللجنة حول تورط أطراف من حزب نداء تونس، الذي سبق واستغل ملف التسفير في صراعه ضد حكومة الترويكا قبل 2014، يكشف عن مدى تقاطعات المصالح في هذا الملف. هو تصريح مفاجئ ولكن المصرّح به ليس مستغربًا.

لا يلقى النظام الأسدي الإرهابي في سوريا دعمًا من النواب القومجيين واليسارجيين فقط في تونس، بل من نواب الممثلين للنظام القديم

فسوريّا، ملفّ الإرهابيين هو ورقة لصالح وليس ضد النظام السوري، وذلك باستغلاله لتشويه الحراك الثوري ولابتزاز المجتمع الدولي. الصورة لا تبعد كثيرًا عن نظام قديم في تونس يدعم نظامًا قائمًا في سوريا، وإن لا يعني ذلك تجاوز إمكانية تورط مجموعات إرهابية كذلك.

كما تضمّن الوفد البرلماني مباركة البراهمي زوجة الشهيد محمد البراهمي الزعيم السابق للتيار الشعبي القومي. وللمفارقة تنشط في سوريا ميليشيا إرهابية باسم "الشهيد محمد البراهمي" تعمل ضمن ما يُسمّى الحرس القومي العربي الذي يضمّ أفرادًا من دول عربية مختلفة تعمل كقوات إسناد لجيش النظام والمليشيات الطائفية. هذه المليشيا القومجية تتلقى غطاء سياسيًا من التيار القومي في تونس، وبما أنها تحارب من أجل "الصمود"، فلا يتم توصيفها كميليشيا إرهابية، لأن إرهاب الشعب السوري هو "تصدٍّ للمؤامرة الكونية". الصورة مشمئزة بالنهاية.

لا يلقى النظام الأسدي الإرهابي في سوريا دعمًا من النواب القومجيين واليسارجيين فقط في تونس، بل من نواب الممثلين للنظام القديم الذين "ناضلوا" طيلة حياتهم من أجل الدفاع عن القومية التونسية القطرية في مواجهة القومية العربية. واليوم هؤلاء النواب هم من أشدّ المدافعين عن النظام الأسدي بل باتوا يتحدثون عن مؤامرة ضد الأمّة العربية، هو بالنهاية تحالف بين أذناب الأنظمة الدكتاتورية العربية الذين توحدوا لمواجهة المد الثوري العربي.

 

  • المقالات المنشورة في هذا القسم تُعبر عن رأي كاتبها فقط ولا تعبّر بالضرورة عن رأي "ألترا صوت"