23-مارس-2024
البنك المركزي

البنك المركزي التونسي: المسار المستقبلي للتضخم مازال محفوفًا بالمخاطر (صورة توضيحية/رويترز)

الترا تونس - فريق التحرير

 

قرّر البنك المركزي التونسي الإبقاء على نسبة الفائدة الرئيسية دون تغيير، في حدود 8 بالمائة، واعتبر مجلس إدارة البنك، أنه من الضروري، في الوقت الراهن، الاستمرار في دعم مسار تراجع التضخم وكذلك صلابة سعر صرف الدينار مقابل أهم العملات، حسب البيان الصادر إثر اجتماع المجلس يوم الجمعة 22 مارس/آذار 2024.

  • نسبة التضخم

وأشار البنك المركزي التونسي، على مستوى الأسعار عند الاستهلاك، إلى تواصل التباطؤ التدريجي لنسبة التضخم في شهر فيفري/شباط 2024 حيث بلغ 7.5 بالمائة بحساب الانزلاق السنوي، مقابل 7.8 بالمائة في جانفي/يناير 2024 ونسبة 10.4 بالمائة في فيفري/شباط من سنة 2023، مع بقائها في مستوى أعلى بكثير من معدلها على المدى الطويل.

وفسّر البنك هذا التراجع النسبي، بتباطؤ كل من التضخم الأساسي، دون اعتبار المواد الغذائية الطازجة والمواد ذات الأسعار المؤطرة، وأسعار المواد الغذائية، مقابل ارتفاع تضخم الأسعار المؤطرة في شهر فيفري/شباط 2024.

البنك المركزي التونسي: المسار المستقبلي للتضخم مازال محفوفًا بالمخاطر نتيجة ارتفاع الأسعار العالمية وتفاقم الشح المائي والضغوط على المالية العمومية

وقال مجلس إدارة البنك المركزي، إن التوقعات الخاصّة بالأسعار عند الاستهلاك تشير إلى تواصل التراجع التدريجي للتضخم، حيث من المتوقع أن يبلغ مستوى يقارب 7 بالمائة خلال سنة 2024 مقابل 9.3 بالمائة خلال سنة 2023.

وتابع البيان "بيد أن المسار المستقبلي للتضخم مازال محفوفًا بالمخاطر نتيجة، بالخصوص، لارتفاع الأسعار العالمية وذلك في ظل تصاعد التوترات الجيوسياسية وتفاقم الشحّ المائي واحتداد الضغوط المسلطة على المالية العمومية".

البنك المركزي التونسي: احتواء الضغوط المتأتية من الزيادة المفرطة في الطلب قياسًا بالقدرات الإنتاجية للبلاد، يشكّل شرطًا أساسيًا للحفاظ على المسار التنازلي للتضخم في الفترة المقبلة

ولاحظ المجلس أنه على الرغم من تقلص الآثار الناجمة عن الصدمات الخارجية، فإن التضخم ظل يتطور في مستويات عالية تاريخيًا، وأنه مازال معرّضًا لضغوط متأتية من الداخل، مضيفًا أن احتواء الضغوط المتأتية من الزيادة المفرطة في الطلب قياسًا بالقدرات الإنتاجية للبلاد، يشكّل نتيجة لذلك، شرطًا أساسيًا للحفاظ على المسار التنازلي للتضخم خلال الفترة المقبلة. 

  •  احتياطات الصرف

أما على مستوى احتياطات الصرف، إلى موفى فيفري/ شباط 2024، فقد بلغت مستوى 23.039 مليون دينار أي ما يعادل 105 أيام من التوريد، مسجلةً بذلك تراجعًا قياسيًا مقارنة بمستواها في نهاية ديسمبر/كانون الأول 2023 عندما كانت في مستوى26.408 مليون دينار أو ما يعادل 120 يومًا من التوريد، وذلك جرّاء تسديد القرض الرقاعي المبرم في السوق المالية الدولية بمبلغ قدره 850 مليون أورو.

البنك المركزي التونسي: احتياطات الصرف سجلت تراجعًا قياسيًا، ، وهي تقدّر إلى موفى فيفري 2024، بـ 23.039 مليون دينار أي ما يعادل 105 أيام من التوريد

وأكد المركزي التونسي أن احتياطات تونس من العملة الصعبة بلغت إلى حدود يوم 21 مارس/آذار 2024 حوالي 23.365 مليون دينار أي ما يعادل 106 أيّام من التوريد.

  • العجز الجاري لتونس

وفيما يتعلق بالقطاع الخارجي، أشار مجلس إدارة البنك المركزي التونسي في بيانه إلى أنّ رصيد العمليات الجارية شهد، خلال فيفري/شباط 2024، تحسنًا مقارنة بالفترة ذاتها من سنة 2023.

وتقلّص، تبعًا لذلك، العجز الجاري لتونس إلى مستوى 163 مليون دينار، في موفى الشهرين الأولين من سنة 2024، مقابل عجز بقيمة 797 مليون دينار في سنة 2023.

البنك المركزي التونسي: رصيد العمليات الجارية شهد، خلال شهر فيفري 2024، تحسنًا مقارنة بالفترة ذاتها من سنة 2023 وتقلّص تبعًا لذلك العجز الجاري لتونس إلى مستوى 163 مليون دينار

ويفسّر هذا الأداء الجيّد، خاصّة، بتراجع العجز التجاري الذي بلغ 1.784 مليون دينار مقابل 2.359 مليون دينار في موفى شهر فيفري/شباط 2023.

  • العجز الطاقي

وأعرب مجلس إدارة البنك المركزي التونسي، عن قلقه إزاء اتساع العجز الطاقي الذي بلغ 1.823 مليون دينار في نهاية شهر فيفري/شباط 2024 مقابل 1.693 مليون دينار في العام السابق، وذلك نتيجة تدهور طاقات الإنتاج والتأخير الكبير المسجل في تنفيذ المشاريع المتعلقة بالتحوّل الطاقي.

مجلس إدارة البنك المركزي التونسي يعبّر عن قلقه إزاء اتساع العجز الطاقي الذي بلغ 1.823 مليون دينار في نهاية شهر فيفري 2024 مقابل 1.693 مليون دينار في العام السابق

واعتبر المجلس أنّ من شأن هذا الوضع أن يؤثر على حسن أداء القطاع الخارجي، في ظل سياق جيوسياسي متوتر ويتسم بعودة الضغوط المسلطة على الأسعار العالمية للطاقة.

  • آخر المؤشرات الاقتصادية

وأشار، البنك المركزي من جهة أخرى، إلى أنّ آخر المؤشرات الاقتصادية المتاحة أظهرت تحسنًا نسبيًا لنمو إجمالي الناتج المحلي خلال الثلاثي الأوّل من سنة 2024، وقد استفاد النشاط الاقتصادي بشكل خاص من الانتعاشة التدريجية للحركية المسجلة على مستوى القطاع الفلاحي بعد انكماش تاريخي، بنسبة 11 بالمائة خلال سنة 2023، ممّا أدّى إلى تقلّص النمو الاقتصادي السنوي للبلاد بمقدار نقطة مئوية.

البنك المركزي التونسي: آخر المؤشرات الاقتصادية المتاحة أظهرت تحسنًا نسبيًا لنمو إجمالي الناتج المحلي خلال الثلاثي الأوّل من سنة 2024

وعلاوة على ذلك، فإن الحركية على مستوى تصدير السلع والتوافد السياحي، خلال الشهرين الأولين من سنة 2024، من شأنها أن تؤدي إلى تحفيز النمو، ومن جانبها، عرفت واردات مواد التجهيز ارتفاعًا بالمقارنة مع 2023.

وعلى الصعيد الدولي، بيّن المجلس في بيانه، تواصل تراجع التضخم، بشكل تدريجي وشبه معمم، ولكن رغم ذلك ظلّ المسار الرامي إلى عودة التضخم بسرعة نحو المستويات المستهدفة من البنوك المركزية يواجه عوائق بسبب استمرار المستوى المرتفع للتضخم الأساسي، كمقياس للمنحى الأساسي للأسعار عند الاستهلاك، وأيضًا جراء تضاؤل الأثر القاعدي بسبب الانخفاضات السابقة في أسعار الطاقة.

البنك المركزي التونسي: من المتوقع أن يؤثر كل من متانة الطلب العالمي والارتفاع التدريجي للأسعار العالمية للمواد الأساسية على مسار التضخم خلال الفترة المقبلة على الصعيد الدولي

وأفاد بأنّه من المتوقع أن يؤثر، كل من متانة الطلب العالمي والارتفاع التدريجي للأسعار العالمية للمواد الأساسية على مسار التضخم خلال الفترة المقبلة، وعلى هذا الأساس، اعتبرت البنوك المركزية للاقتصاديات الكبرى، خلال الاجتماعات الأخيرة، أن شروط مراجعة توجه السياسة النقدية لم تتحقق بعدُ وتظل معتمدة بشكل كبير على توجه التضخم، لا سيما مكونته الأساسية، نحو أهدافها وذلك بصفة مستدامة، حسب نص البيان.

سبق أن توقع مختصون في الاقتصاد أن يتوجه البنك المركزي للتونسي للتخفيض في نسبة الفائدة المديرية تبعًا للمنحى التنازلي في نسبة التضخم في تونس للشهر السادس على التوالي 

ويذكر أن عديد المختصين في الشأن الاقتصادي توقعوا أن يتوجه البنك المركزي التونسي نحو التخفيض في نسبة الفائدة، حيث رجّح معز حديدان المختص في الاقتصاد والأسواق المالية، في تصريح خاص لـ "الترا تونس"، بتاريخ 6 مارس/آذار 2024، أن يتوجه البنك المركزي التونسي إلى التخفيض في نسبة الفائدة بـ 50 نقطة أساسية على الأقل، فيما أكد أستاذ الاقتصاد بالجامعة التونسية رضا الشكندالي، أنه لا يوجد أي سبب يدفع بالبنك المركزي التونسي للإبقاء على نسبة الفائدة كما هي أو الترفيع فيها، وتوقّع أن يتخذ محافظ البنك المركزي الجديد فتحي النوري قرارًا بالتخفيض فيها، لدفع النمو الاقتصادي والاستثمار الخاص.

وكانت الرئاسة التونسية، قد أعلنت بتاريخ 15 فيفري/شباط 2024، تعيين فتحي زهير النوري محافظًا جديدًا للبنك المركزي التونسي، خلفًا لسلفه مروان العباسي.