الترا تونس - فريق التحرير
تتسارع الأحداث في تونس في الأيام الأخيرة على وقع سلسلة الإيقافات والتتبعات القضائية التي ترتبط بحرية الرأي والتعبير، آخرها إصدار بطاقة إيداع بالسجن في حق المحامية والإعلامية سنية الدهماني دون سماعها، وتمديد فترة الاحتفاظ بالصحفيين برهان بسيس ومراد الزغيدي.
ويتعلق التتبع القضائي ضد سنية الدهماني بتصريح تلفزي قالت فيه إن "تونس ليس البلد الذي يطيب فيه العيش حتى يستقر به المهاجرون من إفريقيا جنوب الصحراء" نافية أن تكون هناك مؤامرة لتوطين الأفارقة من جنوب الصحراء في تونس، وفق تقديرها، ليتم إثارة تتبع ضدها على معنى المرسوم عدد 54.
تتسارع الأحداث في تونس مؤخرًا على وقع سلسلة الإيقافات والتتبعات القضائية التي ترتبط بحرية الرأي والتعبير، آخرها إصدار بطاقة إيداع بالسجن في حق سنية الدهماني، وتمديد فترة الاحتفاظ ببرهان بسيس ومراد الزغيدي
وكانت الدهماني قد أكدت، الجمعة 10 ماي/ أيار 2024، أنّ حاكم التحقيق رفض مطلب تأجيل الاستماع إليها مع إصداره بطاقة جلب في حقها، وذلك بعد أن تلّقت عشية الخميس 9 ماي/أيار 2024 استدعاءً للمثول أمام القضاء.
وعلى هذا الأساس كانت المحامية قد احتمت بدار المحامي بالعاصمة منذ الجمعة، لتقوم قوات أمنية ليلة السبت باقتحام دار المحامي والاعتداء على محامين متواجدين هناك واقتياد المحامية سنية الدهماني، وفق ما ظهر في مقطع فيديو مباشر نشرته الناشطة الحقوقية أسرار بن جويرة من دار المحامي.
أما بالنسبة للصحفيين برهان بسيس ومراد الزغيدي، فقد قررت النيابة العمومية بالمحكمة الابتدائية بتونس 1، صباح الاثنين، تمديد الاحتفاظ بكل من الصحفيين مراد الزغيدي وبرهان بسيس، لمدة 48 ساعة إضافية، وفق ما أكدته عضو المكتب التنفيذي لنقابة الصحفيين التونسيين أميرة محمد.
وكان الناطق الرسمي باسم المحكمة الابتدائية بتونس محمد زيتونة، قد أكد ظهر الأحد 12 ماي/أيار 2024، أن الاحتفاظ بالصحفييْن مراد الزغيدي وبرهان بسيس، مضيفًا "النيابة العمومية للإدارة الفرعية للقضايا الاجرامية قررت الاحتفاظ لمدة 48 ساعة بهما، من أجل جريمة استعمال أنظمة معلومات لنشر وإشاعة أخبار تتضمن معطيات شخصية ونسبة أمور غير حقيقية بهدف التشهير بالغير وتشويه سمعته"، وفق ما صرحه لوكالة الأنباء التونسية الرسمية.
وقد نددت أحزاب تونسية بهذه التطورات التي وصفتها بـ"الخطيرة" في تونس، معتبرة أن السلطة تمعن في "سياسات القمع والاستبداد" على مختلف الأصعدة.
أحزاب تونسية تندد بالتطورات المتسارعة التي وصفتها بـ"الخطيرة" في تونس، معتبرة أن السلطة تمعن في "سياسات القمع والاستبداد" على مختلف الأصعدة
-
تنسيقية القوى الديمقراطية
وقالت تنسيقية القوى الديمقراطية التقدمية (أحزاب التيار والعمال والقطب والتكتل)، الاثنين 13 ماي/أيار 2024، إنّ تونس "تعيش على مدى يومين على وقع أعتى درجات جنون السلطة وهذيانها"، مضيفة أنّ "أيادي البوليس طالت مجددًا أصواتًا حرة نددت بسياسات القمع والاستبداد لتجد نفسها محل تتبعات عدلية في نفس سياق السجن والاعتقالات الذي تؤسس عليه المنظومة توجهاتها ومشروعيتها الواهية"، وفق توصيفها.
ووصفت، في بيان لها، ما اعتبرته "تدنيس دار المحامي واقتحامها لإخراج محامية وإعلامية اعتصمت داخلها"، بـ"السابقة التاريخية"، معقبة أنّ السلطة لم تكتفِ بذلك بل تمادت لحد الاعتداء على المحامين والمناضلين المساندة للاعتصام داخل دار المحامي وتهشيم جهاز التصوير لصحفيين وجرهم للإيقاف دون أيّ موجب"، حسب تقديرها.
تنسيقية الأحزاب الديمقراطية: "أيادي الأمن تطال مجددًا أصواتًا حرة تندد بسياسات القمع والاستبداد لتجد نفسها محل تتبعات عدلية في نفس سياق السجن والاعتقالات الذي تؤسس عليه المنظومة توجهاتها
كما اعتبرت تنسيقية القوى الديمقراطية أنّ "السلطة لا تزال تستهدف الصحفيين ممن لم يخضعوا للترهيب ولمحاولاتها المتكررة في تطويع أجهزة الإعلام لها دون غيرها وترويج خطابها وشيطنة وتخوين كل من يعارض هذه المنظومة".
وعلى هذا الأساس، طالبت الأحزاب الموقعة على نص البيان بـ"إطلاق سراح كل المعتقلين والوقف الفوري لكل التتبعات في حق كل من لاحقتهم هذه المنظومة لآرائهم ومواقفهم"، محذرة من "خطورة ما وصلت إليه الأوضاع وما أقدمت وستقدم هذه السلطة على فعله في تعدٍّ صارخ على حقوق الإنسان وعلى حريات الشعب التونسي".
تنسيقية الأحزاب الديمقراطية تطالب القضاء بـ"تحمل مسؤوليته التاريخية في مواجهة تعليمات السلطة وافتكاك استقلاليته ليكون صمام أمان للعدالة والإنصاف"
كما طالبت "القضاء بتحمل مسؤوليته التاريخية في مواجهة تعليمات السلطة وافتكاك استقلاليته ليكون صمام أمان للعدالة والإنصاف"، داعية "كل القوى الحية إلى مساندة ودعم قطاع المحاماة والتصدي لمحاولات السلطة لضربه والتنكيل به"، وفق ما جاء في نص البيان.
-
الحزب الدستوري
بدوره، ندد الحزب الدستوري الحر، الاثنين، بـ"تعدد محاكمات الرأي واستفحال ظاهرة خرق الإجراءات ومخالفة التشريعات الوطنية والدولية في مجال حقوق الإنسان والحريات وخاصة حريّة الفكر والتعبير"، معبرًا عن تعاطفه مع كافة الإعلاميين والمحامين والنقابيين والسياسيين الملاحقين قضائيًا من أجل أفكارهم وممارسة مهامهم.
وطالب الحزب الدستوري الحر، في بيان له، السلطة بـ"الكفّ عن سياسة تكميم الأفواه وإخراس الأصوات الناقدة".
الحزب الجمهوري يندد بـ"تعدد محاكمات الرأي واستفحال ظاهرة خرق الإجراءات ومخالفة التشريعات الوطنية والدولية في مجال حقوق الإنسان والحريات وخاصة حريّة الفكر والتعبير"
كما عبر عن "رفضه التطاول على رمزيّة مهنة المحاماة العريقة التي لعبت دورًا جوهريًا في قيادة حركة التحرير الوطني وساهمت في بناء الدولة المدنيّة العصريّة"، مندّدًا باقتحام دار المحامي في سابقة خطيرة في تاريخ تونس"، وفق ما جاء في نص البيان.
كما استنكر الحزب الاعتداءات المتكرّرة على حرّية الصحافة والإعلام وعرقلة وتعنيف الصحفيين أثناء أداء مهنتهم، مُدينًا مخالفة القوانين الداخلية والاتفاقيات الدولية المنظمة لمهنة الصحافة، وداعيًا إلى "وقف نزيف هذه الانتهاكات المضرّة بصورة تونس".
وأهاب الحزب بكافة القوى الحيّة في المجتمع "للتمسك بالوحدة الوطنية ونبذ سياسات التقسيم والتباغض وبذل الجهود للدفاع عن مكتسبات الشعب التونسي والذود عن حوزة الوطن"، وفق البيان ذاته.
-
آفاق تونس
ومن جانبه، ندد حزب "آفاق تونس"، في بيان له، بـ"اقتحام دار المحامي والاعتقال التعسفي لسنية الدهماني وما رافق ذلك من اعتداء على المحامين وانتهاك حرمة المكان، إلى جانب إيقاف كل من الإعلامييّن مرادالزغيدي وبرهان بسيّس".
آفاق تونس: ندين هذه الممارسات التعسفية التي تؤكد الانحرافات المتسارعة لمنظومة الحكم نحو التسلّط وانتهاك الحقوق والحرّيات
وأدان الحزب، في بيان له، "هذه الممارسات التعسفية التي تؤكد الانحرافات المتسارعة لمنظومة الحكم نحو التسلّط وانتهاك الحقوق والحرّيات"، معربًا عن تضامنه المطلق مع المحامية سنية الدهماني ومع كلّ من مراد الزغيدي وبرهان بسّيس، ومؤكدًا وقوفه المبدئي إلى جانب كل الإعلاميين في الدفاع عن حرية الرأي والتعبير والصحافة كما ينص عليه الدستور.
كما أكد، في ذات الصدد، ضرورة التزام أجهزة الدولة بمبادئ استقلالية القضاء وقيم الأمن الجمهوري، مطالبًا بإطلاق سراح كل المعتقلين في قضايا الرأي، ومحذرًا من خطورة استعمال المرسوم 54 لمصادرة الفكر النقدي.
-
الحزب الجمهوري
ومن جهته، ندد الحزب الجمهوري بـ"الانتهاكات الخطيرة بحق حرية النشاط الإعلامي باعتقال المحامية سنية الدهماني إثر مداهمة أمنية اعتدت فيها قوات الأمن على حرمة دار المحامي وعنفت عددًا من المحامين والصحفيين، إلى جانب ايقاف الإعلاميين مراد الزغيدي وبرهان بسيس".
الحزب الجمهوري: هذه التطورات تمثل تصعيدًا جديدًا من قبل النظام وعاملًا يغذي أسباب التوتر ويعمق الأزمة السياسية بدل السعي لتهدئة الأوضاع وتحقيق الانفراج الذي تحتاجه تونس
واعتبر الحزب، في بيان له، أنّ هذه التطورات تمثل "تصعيدًا جديدًا من قبل النظام وعاملًا يغذي أسباب التوتر ويعمق الأزمة السياسية بدل السعي لتهدئة الأوضاع وتحقيق الانفراج الذي تحتاجه تونس للتفرغ لمعالجة التحديات الحقيقية".
وأكد أنّ ما حدث يمثل "خطوة جديدة في مسار التضييق على حرية التعبير، وذلك باستعمال الفصل 24 من المرسوم الزجري عدد 54 بغاية تكميم الأفواه والتهديد التعسفي لكل من يتعامل مع الشأن العام".
كما نبه الحزب الجمهوري إلى أنّ "مبدأ علوية القانون وتساوي الجميع أمامه بات مجرد شعار استهلاكي لا مصداقية له في التطبيق على أرض الواقع حيث تتجند عناصر موالية للنظام في عدة مؤسسات إعلامية بغرض التهجم على المعارضة وأصحاب الرأي المستقل وكيل التهم وشن حملات التشويه، مما هو أحق وأجدر بأن يزجره القانون، وبما يكشف مجددًا الازدواجية المفضوحة في التعامل مع هذه المسألة"، وفق ما جاء في نص البيان.