03-أبريل-2019

يخضع الآلاف لإجراء "اس 17" الحدودي (صورة أرشيفية/ فتحي بلعيد/ أ ف ب)

الترا تونس - فريق التحرير

 

نشرت المنظمة التونسية لمناهضة التعذيب، خلال الأسبوع الماضي، الملخص التنفيذي لتقريرها الذي يتناول التدابير الاستثنائية لتقييد الحريات خلال مكافحة الإرهاب وحالة الطوارئ. وذكرت المنظمة أن "السلطات باشرت منذ 2013 منعًا ممنهجًا للسفر ضد آلاف الشبان الذين تتخوف من أنهم قد يتوجهون إلى بؤر التوتر، مبرزة أن التدابير الأمنية شملت كذلك وضع بضع مئات من الأفراد تحت نظام الإقامة الجبرية خاصة بعد الاعتداء الإرهابي على حافلة الأمن الرئاسي في شهر نوفمبر/ تشرين الثاني 2015، وأن التنفيذ تراوح بين المنع من مغادرة محلّ السكنى إلى السماح بذلك مع إقرار تدابير مراقبة بديلة".

المنظمة التونسية لمناهضة التعذيب: المعنيون بتصنيفات أمنية يعانون من مخلّفات نفسية واجتماعية واقتصادية نتيجة التدابير المطبّقة ضدّهم

وأضافت أنه يوجد أشخاص آخرون محلّ رقابة أمنية أو من الخاضعين لموجبات التفتيش الدقيق في المعابر إلى غير ذلك من التدابير، مشيرة إلى أن المعنيين بهذه التدابير والمحامين والمنظمات المعنية بالدفاع عن حقوق الإنسان تعتقد في وجود تصنيف تعتمده السلطات لإدراج أفراد وكيانات بقائمات أمنية تطبّق ضدّ كلّ منهم تدابير خاصة.

وبيّنت أن المعنيين بتلك التصنيفات يقولون إن التدابير المتخذة ضدّهم ذات صبغة إدارية وأمنية ولم تصدر عن القضاء وإن عددًا منهم ليس محلّ أي تتبعات قضائية طبق قانون مكافحة الإرهاب في حين قُضي لعدد آخر منهم لفائدتهم إما بحفظ التهمة أو بعدم سماع الدعوى الجزائية.

ولفتت إلى أن المعنيين يعانون من مخلّفات نفسية واجتماعية واقتصادية نتيجة التدابير المطبّقة ضدّهم وتتأثر حياتهم وحياة أسرهم في اتجاه التدهور ومزيد المعاناة وهي تأثيرات تتفاقم مع الوقت وليس هناك مدى منظور لتوقفها، مضيفة أن بعض المدرجين يقدمون مطالب مراجعة للإدارة قصد إلغاء التدابير بشأنهم وعندما لا يصلون إلى نتائج يرفع بعضهم قضايا امام المحكمة الإدارية لإصدار أحكام لا تجد طريقها إلى التنفيذ أو تنفذ بطريقة جزئية.

كما يشتكي المعنيون بالتدابير، من خلال الحالات التي وثقها التقرير والشهادات التي تلقتها المنظمة، من تعسف مبالغ فيه في تطبيقها من خلال عدم الإعلام بها والمراوحة بين التشديد والتخفيف في تنفيذها مع غياب أي ضوابط لذلك.

وأفادت المنظمة التونسية للمناهضة التعذيب أن عدد الأشخاص المعنيين بالإجراء الحدودي "S17"، حسب إحصائيات تقريبية، بلغ 30 ألفًا في حين أن عدد الخاضعين لإجراء الإقامة الجبرية يتراوح بين 350 و500 شخصًا وربما يزيد قليلًا، مشيرة إلى أنه بفعل التصنيف "S17" حُرم الآلاف من الأفراد من السفر والتنقل وهو ما أدى إلى تعطيل مصالحهم وأعمالهم رغم حصول بعضهم على أحكام قضائية ظلوا عاجزين عن تنفيذها.

وأكدت المنظمة إدانتها أعمال الإرهاب التي تستهدف أعوان الدولة والمدنيين على حد السواء، معربة عن اعتقادها أنه يمكن للدولة مكافحة الإرهاب مع الالتزام بحقوق الإنسان والعدالة ودولة القانون، وأن التدابير التعسفية التي لا تستند إلى أية أدلة تمثل مناخًا ملائمًا لتنامي العنف والأفكار الرافضة للدولة والمجتمع.

المنظمة التونسية لمناهضة التعذيب: على السلطات اعتماد مبدأ الشفافية والإعلام بالتدابير المزمع اتخاذها والمعايير المعتمدة في تصنيف الأشخاص

كما اعتبرت أن الملاءمة بين حق المواطن في الأمن وبين احترام حقوق الإنسان ليست بالأمر الصعب أو المستحيل، مضيفة أن الدولة التونسية محمول عليها احترام الحق في التنقل وحماية حرمة المسكن واختيار مكان الإقامة، ومؤكدة أن تقييد تلك الحقوق والحريات يجب أن يكون بموجب القانون وأن يكون ضروريًا ومحدودًا في الزمان وقابلًا للمراجعة والطعن في مهلة معقولة.

ورأت أنه على السلطات اعتماد مبدأ الشفافية والإعلام بالتدابير المزمع اتخاذها والمعايير المعتمدة في تصنيف الأشخاص، مبرزة أنه على المشرّع التدخل لتقنين القيود على الحريات بما في ذلك حالة الطوارئ بما يراعي مبادئ الدستور والمعايير الدولية والاتفاقيات والصكوك التي صادقت عليها تونس.

تطبق السلطات التونسية خلال مكافحة الارهاب وسريان حالة الطوارئ جملة من التدابير والإجراءات الواردة بأوامر تعود الى سبعينات القرن الماضي مثل الأمر المنظم لوزارة الداخلية 342 الذي يعود إلى سنة 1975 والأمر 50 المنظم لحالة الطوارئ والذي يعود تاريخ صدوره الى 26 جانفي 1978 وهي نصوص إدارية وليست تشريعات قانونية علاوة على أنها غير متطابقة مع دستور 2014.

وأوضحت المنظمة التونسية لمناهضة التعذيب أن التدابير شملت آلاف الأشخاص وليس من المؤكد أنهم كلّهم مورطون في أنشطة على علاقة بالإرهاب، معتبرة أن ذلك يدعو إلى الاعتقاد أن السلطات تحشر ضمن تصنيفاتها أفرادًا بناء على شبهات أو مظهر ديني أو تطبيق التعاليم الدينية وفق طقوس مختلفة.

وأعربت عن اعتقادها أن مفهوم "الخطورة" الذي تعتمده السلطات فضفاض وواسع جدًا وهو ما يؤدي في الغالب إلى تقسيمات تقديرية هي أقرب إلى التعسف وقد تكون ذات نتائج عكسية على المدى الطويل، حسب تعبيرها، مؤكدة أن التدابير يجب أن تكون مقننة وأن يكون تنفيذها مراعيًا لمبادئ الضرورة والتناسب والرقابة القضائية الفعالة.

أوصت المنظمة التونسية لمناهضة التعذيب بإصدار قانون جديد ينظم حالة الطوارئ ويكون متطابقًا مع الدستور والاتفاقيات والمعايير الدولية

وتقدمت المنظمة التونسية لمناهضة التعذيب بجملة من التوصيات إلى السلطات المعنية والمتمثلة في:

- إصدار قانون جديد ينظم حالة الطوارئ ويكون متطابقًا مع الدستور والاتفاقيات والمعايير الدولية.

- الكشف عن قواعد تصنيف الأشخاص والمعايير المعتمدة بالنسبة إلى كلّ قائمة.

- إعلام الأشخاص كتابيًا بإدراجهم ضمن قواعد التصنيف مع التعليل حتى تكون طلبات المراجعة أو الطعون القضائية مجدية وتكون الأحكام صائبة.

- عدم إدراج الأشخاص وتصنيفهم إلا طبق أدلة ثابتة

- التزام الإدارة بالرد على الدعاوى القضائية التي يرفعها الأفراد والذوات المعنوية.

- تنفيذ الأحكام القضائية الصادرة عن المحكمة الإدارية.

- وضع منظومة إدارية متكاملة بخصوص فحص الشكاوى وطلبات مراجعة التصنيفات الأمنية.

- المراجعة الآلية والدورية لتصنيف الأشخاص والذوات المعنوية بناء على المعطيات التي تتوفر للإدارة.

- التعويض للأشخاص الذين تمّ تصنيفهم وتنفيذ تدابير مقيّدة لحقوقهم وحرياتهم ثم ثبت بعد المراجعة أو الطعن أن تلك التدابير كانت تعسفية في حقهم.

- عدم التعرض للأشخاص الذين تنفذ ضدّهم تدابير مقيّدة لحرياتهم وعدم المساس بكرامتهم أو بحرمتهم الجسدية خلال تنفيذ تلك التدابير.

- إعداد تقييمات دورية من قبل الإدارة الأمنية لجدوى التدابير المطبقة.

- مراقبة عمل وزارة الداخلية من قبل البرلمان في علاقة بتنفيذ تدابير مكافحة الإرهاب.

 

اقرأ/ي أيضًا:

مسّت 30 ألف تونسي: منظمة العفو الدولية تصدر تقريرًا حول قيود السفر التعسفية

800 قضية منشورة حول إجراء "اس 17".. وهذه تفاصيل الحكم فيها