15-مايو-2023
مجسم تستور

​​​​​​​أستاذ جامعي في اختصاص النحت: كان من الممكن على الأقل، توزيع العناصر في 3 أماكن مختلفة

الترا تونس - فريق التحرير

 

بعد الانتهاء من تركيز مجسّم جديد في مفترق مدينة تستور، وهي إحدى معتمديات الجمهورية التونسية، التابعة لولاية باجة، تصاعد الجدل على منصات التواصل الاجتماعي، بخصوص هذا المجسّم الذي تعرّض لجملة من الانتقادات ودفع بالمختصّين وغيرهم إلى الإدلاء بدلوهم في هذا الموضوع.

اعتبر مختصّون في فن النحت أنّه كان من الأفضل الاقتصار على عنصر واحد في هذا المجسّم وعدم الجمع بين الرمّان والمشموم والآلة الموسيقية

"الترا تونس" رصد عديد التفاعلات على السوشال ميديا، بخصوص هذا المجسّم، والذي حاول جمع عدّة رمزيات تشتهر بها المنطقة، مثل الرمان والمشموم وآلة الربابة (أصل المالوف).. وغيرها.

دوّن الباحث سامي الجلّولي، فكتب إنّ هذه المنحوتة "جميلة بشعة"، فمن الجميل وفق رأيه، أن تكون تستور أندلسية تونسية، وجميل أن ننحت ونشيد الرموز في ساحاتها العامة، لكن الفن ذوق قبل كل شيء، وكان يمكن تخصيص منحوتة واحدة لفضاء أو تمثال واحد، فتستور تتمتع بالتأكيد بعدة ساحات، فلماذا لم يقع تقسيم هذا العمل على عدة ساحات، فيكون نصب للرمانة في فضاء وآلة الموسيقى في مكان آخر.." وفق قوله.

الباحث سامي الجلّولي: يجب أن يقع عرض أي منحوتة مستقبلًا قبل وضعها في فضاء عام على لجنة متخصصة في الفن والتاريخ والهندسة والبيئة والأمن وحتى القانون

وتابع الباحث بقوله: "لماذا وقع تجميعهم كلهم وبصورة بشعة في منحوتة واحدة؟ لماذا هذا الضيق؟ ألا نملك فضاءات أخرى؟ عقلية الزحمة ثقافة بشعة، وعنيفة ومترسخة حتى في عقول الفنانين والمبدعين.. المنحوتات الثلاثة منفردين غاية في الجمال.. لكن مجتمعين قمة في القبح وانعدام الذوق" على حد وصفه.

ودعا الجلولي إلى ضرورة أن يقع عرض أي منحوتة مستقبلًا قبل وضعها في فضاء عام على لجنة متخصصة في الفن والتاريخ والهندسة والبيئة والأمن وحتى القانون" وفق تعبيره.

 

 

وكتب الصحفي بسام بونني من جانبه، أنّه "من عشاق تستور وهي متحف مفتوح، جميلة ببساطتها، رغم الإرث الثقيل الذي تحتضنه.. هادئة بأهلها وناسها الطيبين، وهي لا تستحق هذا التشويه البشري" على حد وصفه.

 

 

 

النحّات عبد الله أبو العباس، كتب من جانبه، تدوينة مطوّلة تحت عنوان "تمثال تستور.. الاعتراف الصّامت لفنّ النّحت وواقعه الرّاهن"، عرّج فيها على أنّ "التعليقات حول التمثال بدت في مجملها من صنف الهلع والاستهجان الذي يصل إلى مستوى الإدانة، ومردّ هذا، تراكم طبيعي لإسهامات الدخلاء أساسًا بعد أن تنفّذوا بقطاع الفنون التشكيلية واجتاحوا مفاصله وركائزه من نقاد وإطارات إشراف أو تدريس وكذلك برامج التكوين والمتابعة المتّصلة بفنّ النّحت".

النحّات عبد الله أبو العباس: الجهات الرّاعية للمنجز تفتقر غالبًا لتلك القدرة على إبداء الحكم الجمالي والتّصور القبلي لتمثال الأشغال الكبرى والساحات

وأبدى أبو العباس وجهة نظره كنحات، فقال: "كان عيب صاحبه مكونات عدة في العمل وكان يمكن أن يكتفي بعنصر واحد مثل الرّبابة وهذه مشكلة أخرى تعكس مكانة النّحات مع الجهات الرّاعية للمنجز والتي غالبًا ما تفتقر تلك القدرة على إبداء الحكم الجمالي والتّصور القبلي لتمثال الأشغال الكبرى والساحات فهي تتعامل من منطق تجسيم يسرد أكثر ما يمكن من ميزات الجهة  دفعة واحدة إذا تعلق الأمر بموضوع كموضوع تستور (تثمين خصائص المدينة أو الجهة) و لا تعرف أنّ النّحت هو بالأساس  اختزال وأنّ منطق الحشو والتكديس لا يفضي إلا إلى حال كما هي عليه حال  التمثال".

وتطرّق النحّات إلى "إشكال آخر يمسّ النحت ويتمثّل في الآليات التي تدار بها المشاريع والنصب التذكارية أو المنشآت النحتية العملاقة وهذه مسألة قانونية ونتاج لمخططات تنموية تمس الهياكل والتنظيم  المرتبط بالعمران والمعمار وحال مدننا وكذلك التجهيز والإنماء".

النحّات عبد الله أبو العباس: تمثال تستور هو حقيقة فعليّة لما آل إليه  فنّ النّحت في تونس دون إمكانية التدارك، نتيجة المناهج التي انصرفت إلى ترذيل الاختصاص ومحاربته

وقال عبد الله أبو العباس، إنّ "تمثال تستور هو بوح صامت وحقيقة  فعليّة لما آل  إليه  فنّ النّحت في تونس دون إمكانية التدارك والتغطية، وهو انفلاق الحقيقة التي حجبتها النّدوات والجرائم الفنّية.. بين نخبة مازالت تأبى الاعتراف بما اقترفت وتُواصل إغراق القطاع وإبادة التّخصّص".

وقال النحّات إن "السبب الرئيس لما نتج هو حال المعاهد العليا وورشات النّحت وما آلت إليه نتيجة المناهج التي انصرفت إلى ترذيل الاختصاص ومحاربته رغم ما يظهر من حين لآخر من ندوات وتظاهرات كبرى لا فائدة منها غير  الإجهاز على الاختصاص" وفق وصفه.

 

 

وتفاعل النحات والمدرّس لاختصاص النحت بالجامعة والباحث في علاقة الفن بالفضاء العام وخاصة فن النحت، كما قدّم نفسه، الصادق بن تركية، مع هذا العمل فقال إنّه مثّل له "صدمة ووصمة عار.. لست أدري كيف قُبلت فكرة المجسّم من أوّله؟ من وافق عليها يتحمل مسؤولياته، ليس صاحب العمل فقط يحاسب.. لأنّه من الممكن ومع كل أسف أن يكون صاحب السلطة السياسية قد فرض فكرته بتلك الصورة" وفقه.

أستاذ جامعي في اختصاص النحت: تمثال تستور صدمة ووصمة عار، والمدينة تستحق عملًا أرقى من هذه التنصيبة البشعة التي خلفت اشمئزازًا وفتحت باب إيحاءات لا تليق بتستور

وتبنّى بن تركية، وشارك كلّ من انتقد هذا العمل، وتساءل: "أين سلطان الفن لأنّ كلمته أصدق؟ أنا مشكلتي التوليفة أو كما يقولون التنصيبة، والله كان من الممكن على الأقل، توزيع العناصر الثلاثة هذه (حبتي الرمان، الآلة الموسيقية، المشموم) في ثلاثة أماكن مختلفة (مفترق طرقات، حديقة عمومية..) كلٍّ على حدة، وقال: "تستور تستحق عملًا أرقى من هذه التنصيبة البشعة التي خلفت اشمئزازًا وفتحت باب إيحاءات لا تليق بتستور"، وفقه.

 

 

 

وأكد الكاتب العام لبلدية تستور من جانبه، علي الغربي في تصريحه لإذاعة "موزاييك أف أم" (محلية)، أنّ هذا المجسّم جاء بعد طلب عروض، وتم الذهاب في اختيار الأقل تكلفة ، باعتبار أنّ الفارق بين الأسعار كان كبيرًا وتجاوز الـ30 ألف دينار، وفق قوله، متابعًا: "الصورة تختلف عن الواقع، وأهالي تستور فرحون بهذا التمثال" وفقه.