أعاد المنشور الحكومي، الذي أصدره رئيس الحكومة يوسف الشاهد، الجمعة المنقضي، الجدل الدائم حول ارتداء النقاب إلى الواجهة، ذلك أنّه يمنع دخول كل من لم يظهر وجهه إلى الإدارات والمنشآت العمومية.
وجاء في المنشور أنّه "في إطار الحفاظ على الأمن العام وحسن سير المرافق العمومية وضمان التطبيق الأمثل لمتطلبات السلامة يتعيّن اتخاذ الإجراءات الضروريّة قصد منع أيّ شخص غير مكشوف الوجه من دخول مقرات الهياكل العمومية".
عبّر ممثلو أغلب الكتل البرلمانية لـ"ألترا تونس" على دعم للمنشور الحكومي القاضي بمنع المنقبات من دخول المؤسسات العمومية
ويأتي هذا المنشور، أيّامًا قليلة، بعد التفجيرين الإرهابيين الذين شهدتهما العاصمة، ووسط حديث عن ورود معلومات استخباراتية عن تخفي بعض العناصر الإرهابية بالنقاب درءًا للملاحقات الأمنية.
وفي هذا الصدد، استطلع "ألترا تونس" آراء أعضاء في مجلس نواب الشعب عن مختلف الكتل البرلمانية، النهضة والنداء والحرة والائتلاف الوطني والجبهة الشعبية والكتلة الديمقراطية، وكانت أغلب المواقف مناصرة لهذا القرار الذي يأتي في ظرف وصفه المتدخلون بالحساس.
حسونة الناصفي (كتلة الحرة): خطوة إيجابية
أعرب النائب عن حركة مشروع تونس وأمينها العام حسونة الناصفي عن تأييد الحكومة في إصدار المنشور الحكومي، مشيرًا إلى أنّ هذه الخطوة تعدّ إيجابية في ظل الوضع الخاص الذي تعيشه تونس والحرب المعلنة على الإرهاب إلى جانب التمديد في حالة الطوارئ.
اقرأ/ي أيضًا: "تفجير" حي الانطلاقة: ليس من رأى كمن سمع (شهادة)
وأكّد الناصفي ضرورة أن يتحوّل المنشور إلى قانون يصادق عليه مجلس نواب الشعب ويضبط العقوبات اللازمة في حال الإخلال بمقتضياته.
وفي سياق متصل، دعا لجنة التشريع العام إلى إعطاء الأولوية لمشروع القانون المتعلّق بمنع تغطية الوجه في الفضاء العام الذي تقدّمت به كتلة الحرة سنة 2016، ولكنه لم يغادر إلى اليوم رفوف مكتب اللجنة، على حدّ تعبيره.
ابتسام الجبابلي (كتلة الائتلاف الوطني): لا مساس من الحريات الفردية
من جهتها، اعتبرت عضو كتلة الائتلاف الوطني ابتسام الجبابلي أن المنشور الذي أصدره رئيس الحكومة لا يمس مطلقًا من الحريات الفردية ولا يعدّ انتهاكًا لها، مشيرة إلى أنّ حرية الضمير وحرية اللباس تبقى مكفولة إلا في حالة اقتضى الأمن العام تحديدها.
ابتسام الجبابلي (الائتلاف الوطني): المنشور الحكومي لا يمس مطلقًا من الحريات الفردية ولا يعدّ انتهاكًا لها
وأضافت الجبابلي "لابد أن تكون هوية كل مواطن يتعامل مع مؤسسة أو هيكل عمومي معلومة ومكشوفة والتونسيات بمظاهرهن المختلفة هن سواء أمام القانون لا تمييز بينهن، وفيما عدا ذلك كل مواطن حرّ في مظهره ولباسه".
وتابعت بالقول "حماية الأمن العام ومتطلبات السلامة في الهياكل العمومية هما جوهر المنشور الصادر عن رئيس الحكومة، ذلك أنّ التحديات المطروحة علينا لضمان الأمن العام في ظل ما تعيشه بلادنا من تهديدات إرهابية وما شهدناه من الجهود الأمنية الكبيرة لمقاومتها تقتضي فعليًا تأكيد مساندتها بقرارات سياسية".
زهير المغزاوي (الكتلة الديمقراطية): قرار صائب
ولئن اعتبر عضو الكتلة الديمقراطية وأمين حركة "الشعب" زهير المغزاوي أن إصدار رئيس الحكومة منشورًا يتعلّق بكشف الوجه في الأماكن العامة قرارًا صائبًا، فهو دعا في حديثه لـ"ألترا تونس" إلى عدم توظيف هذا المنشور سياسيًا، مشيرًا إلى أنّ مسألة النقاب معقدّة على اعتبار أنها من بين المسائل التي يتشابك فيها الأمني والعقائدي والحريات الشخصية.
زهير المغزاوي (الكتلة الديمقراطية): لا نريد في هذه المرحلة الحساسة التي تعيشها البلاد ونقبل فيها على انتخابات أن يتم توظيف هذه القضايا المتعلقة بالهوية في حملات انتخابية
وقال المغزاوي "بالنسبة لنا لا نضع مسألة النقاب في إطار ديني ويمكن أن ندرجه في إطار الحرية الشخصية ولكن أمام المخاطر الإرهابية التي تهدد الأمن الوطني لتونس لا نرى أي إشكال في تطبيق المنشور الحكومي في إطار حماية أمن البلاد".
وأضاف "لا نريد في هذه المرحلة الحساسة التي تعيشها البلاد ونقبل فيها على انتخابات أن يتم توظيف هذه القضايا المتعلقة بالهوية في حملات انتخابية، ويقدم طرف نفسه على أنه مدافع عن الهوية وآخر على أنه مدافع عن الحداثة".
منجي الحرباوي (كتلة نداء تونس): منشور نوعي
ومن جهته، عتبر عضو كتلة حركة نداء تونس المنجي الحرباوي أن المنشور الحكومي يندرج في إطار التوقي من الإرهاب، معتبرا أنّه "إجراء نوعي".
منجي الحرباوي (نداء تونس): يجب منع النقاب أيضًا في الفضاءات العامة
وأشار الحرباوي، إلى أنّه وبعيدًا عن الحديث عن كون هذا المنشور صدر متأخرًا، إلا أنّه حسم مسألة خلافية تتعلق بلباس دخيل على المجتمع التونسي ولا علاقة له بالدين ولا بالثقافة التونسية، على حدّ قوله.
وأضاف " هذا المنشور، وإن كان مهما بصيغته الحالية، فهو يستحق المراجعة بالنظر إلى أنه لم يمنع النقاب في الفضاءات العامة على غرار الفضاءات التجارية والثقافية من قبيل المهرجانات، مؤكّدًا ضرورة سحب إجراء المنع على هذه الفضاءات.
اقرأ/ي أيضًا: صلاحيات واسعة لوزير الداخلية: تعرف على تفاصيل مشروع قانون الطوارئ
ليلى الوسلاتي بوصلاح (كتلة حركة النهضة): تحفظات سياسية وتشريعية
أعربت النائب عن كتلة حركة النهضة ليلى الوسلاتي بوصلاح عن تفهّمها لحساسية الظرف الأمني الذي تمر به تونس إلا أنّها لا تخفي تحفّظها على المنشور الحكومي المتعلق بمنع النقاب في الإدارات والمنشآت العمومية.
ليلى الوسلاتي (حركة النهضة): كان من المفترض أن يتم تحديد آجال العمل بهذا المنشور وهو من شأنه إعادة البلاد إلى مربّع التجاذبات الهووية
وأوضحت الوسلاتي في حديثها لـ"ألترا تونس" أن لها تحفظات سياسية وأخرى تشريعية على المنشور، ذلك أنه لم يتم التشاور مع الأطراف الشريكة في الحكم من ناحية ولم يمر النقاش بمجلس نواب الشعب، مشيرة إلى أنه من شأنه أن يعيد البلاد إلى مربّع التجاذبات الهووية ويؤدي إلى خلق فئة مفروزة ومقصية من الممكن أن تكون عرضة للاستقطاب وغسل الأدمغة.
وأضافت "كان من المفترض أن يتم تحديد آجال العمل بهذا المنشور كي لا يكون شبيها بالمنشور 108، وأن يفسّر رئيس الحكومة دواعي هذا القرار وكونه إجراءً استثنائيًا في ظرف أمني حساس لا يمس من حق المنقبات في ممارسة مواطنتهن".
عبد المومن بلعانس ( كتلة الجبهة الشعبية): قرار متأخر
وفي المقابل، اعتبر عضو كتلة الجبهة الشعبية عبد المومن بلعانس أن رئيس الحكزمة قد تأخر في إصدار هذا المنشور، في ظل التهديدات الإرهابية التي تشهدها تونس في السنوات الأخيرة.
وقال بلعانس، إنّ الأوضاع الأمنية التي تعيشها على وضعها تونس في الفترة الأخيرة تتطلب بعض الاجراءات على غرار كشف الوجه في الأماكن العامة، خاصة في ظل التمديد في حالة الطوارئ.
وأشار إلى أنّ دخول أشخاص بوجوه مغطّاة الى الإدارات دون أن تكون هوياتهم معروفة من شأنه أن يشكّل خطرًا على الأمن العام، محذرًا من استغلال منع ارتداء النقاب في هذا التوقيت بالذات في إطار الحملات الانتخابية، وفق تعبيره.
اقرأ/ي أيضًا:
مع بورقيبة وبن علي والطرابلسية...هل فقد "السفساري" هويّته الأصلية؟