08-نوفمبر-2017

القلعة المنسية في الشمال التونسي هل يعاد لها مجدها؟ (الأناضول)

موقع تاريخي متفرّد بطبيعته، فهو مائدة صخرية تتوسّط مجموعة من الهضاب الجبلية، تبلغ مساحتها 80 هكتارًا ويزيد ارتفاعها عن 200 مترًا، لتظهر كقطعة طبيعية فريدة مرتبطة بالتاريخ التونسي القديم، إنها مائدة يوغرطة الواقعة في محافظة الكاف (160 كم شمال غربي العاصمة تونس)، والتي أدرجتها منظمة اليونسكو مؤخرًا في اللائحة التمهيدية للتّراث العالمي بموجب طلب قدّمته الحكومة التونسية.

في مختلف العصور، كانت مائدة يوغرطة تُعتمد كحصن طبيعي زمن الحروب وهي مائدة صخرية فريدة يزيد ارتفاعها عن 200 مترًا

ويعود تسمية هذه القطعة الطبيعية المطلّة على الحدود الجزائرية إلى يوغرطة وهو أحد أشهر قادة حروب نوميديا ضد روما في القرن الثاني قبل الميلاد، حيث اتخذ القائد النوميدي من المائدة قلعة محصنة له ولأتباعه من البربر، وقد ارتبطت لاحقًا بالفتح الإسلامي حينما احتمى البربر بهذه المائدة، كما اتخذها حسين باي، أول بايات تونس في القرن السابع عشر مركزًا لحصنه ضد خصومه المراديين، كما اعتمد عليها الحلفاء كموقع استراتيجي في حملة تونس في الحرب العالمية الثانية، وهو ما يكشف ما تمثله المائدة كحصن طبيعي زمن الحروب، وهي التي لا يمكن الصعود إليها إلا عبر سلّم حجري منحوت في شكل درجات على طول الكتلة الصخرية.

اقرأ/ي أيضًا: من منسيات تونس.. قبر الجندي المجهول

مائدة يوغرطة

وتزداد مائدة يوغرطة فرادة بوجود مسبح مائي طبيعي تنمو حوله النباتات، كما تحتوي المائدة على مئات الفوهات التي قيل في كتب التاريخ إن النوميديين حفروها لتخزين المؤونة في الصّخر ولاستغلالها للتكييف الطبيعي.

وتوجد عديد المرويات الشعبية حول مائدة يوغرطة منها أنه يوجد عليها حافرا حصان وضربة سيف تعود للقائد عبد الله بن جعفر في بداية الفتح الإسلامي لتونس، وبأن سكان المنطقة احتموا فيها إحدى المرات من صالح باي القادم من الجزائر الذي حاصرهم في المائدة، وبأنه بعد مرور أشهر على هذا الحصار أخذوا "كلبة سمينة" ورموا بها إليه للإيهام بعدم تأثير الحصار عليهم، وهو ما جعل الباي ينصرف عنهم فعلاً.

سعيًا للتعريف بمائدة يوغرطة، الفريد جغرافيًا والاستراتيجي تاريخيًا، حرصت الحكومة التونسية على إدراجه ضمن قائمة التراث العالمي

اقرأ/ي أيضًا: ساقية سيدي يوسف.. تاريخ نضالي آخره مأساة

وسعيًا لاستغلال هذا الموقع الأثري الفريد جغرافيًا والاستراتيجي تاريخيًا لمائدة يوغرطة، عملت الحكومة التونسية على جعله مزارًا سياحيًا بإدماجه في المسلك الصّحي والثقافي في محافظة الكاف، غير أن المكان لا يزال مجهولًا من عديد التونسيين، وسط سعي لتعزيز مكانة المائدة على المستوى الدّولي بطلب إدراجها في قائمة التراث العالمي.

يذكر أن تونس أدرجت 12 موقعًا على القائمة التمهيدية لليونسكو إلّا أنّها لم تسجّل منذ ما يزيد على عشرين عامًا أي موقع على القائمة النهائية للتراث العالمي، غير أنه وفي ظلّ خصوصية مائدة يوغرطة جيولوجيًا وتاريخيًا، فمن المرجّح أن ينضمّ هذا الموقع لثمانية مواقع تونسية توجد في القائمة النهائية منها موقع قرطاج الأثري، ومدرج الجمّ الروماني، ومدينة تونس العتيقة، ومدينة دقة الأثرية والتي كانت آخر المواقع التونسية المُدرجة بالقائمة قبل عشرين سنة.

وإضافة لمائدة يوغرطة، توجد مواقع تونسية أخرى ضمن القائمة الأوليّة أهمّها جزيرة جربة، وهي أكبر جزيرة في منطقة شمال إفريقيا، وشطّ الجريد وهو شط يقع في الصحراء التونسية تتفجر منه المياه في الشتاء وتكسوه طبقة من الملح في الصيف.

مائدة يوغرطة

 

اقرأ/ي أيضًا:

أبواب تونس العتيقة.. حكايات التاريخ والحضارة

تونس العتيقة.. محط الرحال في شهر رمضان