أجرى رئيس الجمهورية الباجي قائد السبسي، مساء الاثنين 24 سبتمبر/ أيلول 2018، حوارًا تلفزيًا على إحدى القنوات الخاصة التونسية، تحدّث فيه عن الاستحقاقات الانتخابية المقبلة وعن الخلافات داخل حركة نداء تونس وسياسة التوافق مع حركة النهضة المنتهجة منذ الانتخابات السابقة وموقفه من رئيس الحكومة يوسف الشاهد وابنه حافظ قائد السبسي المدير التنفيذي لحزب نداء تونس، إلى جانب الأزمة السياسية والاقتصادية التي تشهدها البلاد.
وتفاعلًا مع خطاب رئيس الجمهورية، حاول "الترا تونس" أن يستطلع آراء عدد من السياسيين بخصوصه وقراءتهم لبعض النقاط الواردة فيه.
اقرأ/ي أيضًا: السبسي: انقطعت العلاقة مع النهضة وعلى الشاهد التوجه للبرلمان
وفي هذا السياق، قال القيادي في التيار الديمقراطي محمّد عبو لـ"الترا تونس"، إنّه إذا ما تواصل الوضع على ما هو عليه فإنّ الأمر سيكون في غاية الخطورة ذلك أنّ الوزراء لا يتخذون القرارات على اعتبار أنّ إمكانية مغادرتهم الوزارات واردة، مضيفًا "المشهد غامض فحتى شركاء تونس غير متأكدين من أن محاورهم سيبقى رئيس الحكومة الحالي".
وأشار عبو إلى أنّ "الأزمة متشعبة وأنّ الأسلم هو التوجّه إلى مجلس نواب الشعب خاصة وأنّه حسابيًا يمكن أن تُكوّن النهضة وكتلة الائتلاف الوطني أغلبية"، متسائلًا "إذا كان رئيس الحكومة يوسف الشاهد ضامنًا لتصويت حركة النهضة لصالح حكومته، مع أن النهضة لا تؤتمن لكن لا خيار آخر لديها في الحقيقة، فلما لا يتوجه للبرلمان؟". وتابع: "المحيّر أكثر بعد خطاب الرئيس هو الرئيس نفسه. لماذا لا يمارس صلاحيته الدستورية في طرح ثقة الحكومة على مجلس النواب على اعتبار أن البلاد تعيش أزمة سياسية ومن صلاحياته التدخّل في الأزمات؟"، مؤكّدًا أن وضعية الشكّ في بقاء الحكومة من عدمه أضعفت الحكومة داخليًا وخارجيًا.
محمد عبو (قيادي في التيار الديمقراطي) لـ"الترا تونس": وضعية الشكّ في بقاء الحكومة من عدمه أضعفت الحكومة داخليًا وخارجيًا
وأعرب عبو عن استغرابه من ما اعتبره "عدم وعي الطبقة السياسية الحاكمة وعلى رأسها رئيس الجمهورية الباجي قائد السبسي ورئيس الحكومة يوسف الشاهد بمخاطر بقاء الوضع كما هو عليه"، مشدّدًا على ضرورة أن يبادر أحدهما بالتوجه إلى البرلمان لطلب تجديد الثقة في الحكومة.
من جهته اعتبر القيادي في الجبهة الشعبية محسن النابتي، في تصريح لـ"الترا تونس"، أن من بين النقاط التي تستحق الذكر في حوار رئيس الجمهورية الذي وصفه بـ"الخطير"، القطيعة مع حركة النهضة. ولفت النابتي إلى أنّ هذه القطيعة ستنعكس على حزب نداء تونس الذي أصبح خارج السلطة التي باتت بيد النهضة فقط، مؤكّدًا وصول الأزمة السياسية إلى مستوى خطير في البلاد.
وأضاف أن "المنظومة اليوم تكاد تكون متفكّكة"، موضحًا "فرئيس الجمهورية معزول في قصر قرطاج ورئيس الحكومة يقوم بتحويل وجهة الحكومة من حكومة نداء تونس إلى حكومة حركة النهضة. لا أحد يعرف من أين يستمد رئيس الحكومة كل هذه القوة وهذه الشرعية. وفي خطاب الرئيس هناك تلميحات حول دور خارجي في ترتيب المشهد السياسي في البلاد".
محسن النابتي (قيادي في الجبهة الشعبية) لـ"الترا تونس": الأزمة السياسية وصلت إلى مستوى خطير في البلاد
وفيما يتعلّق بالوضع الاقتصادي، قال النابتي "رئيس الجمهورية نقل ما قاله الخبراء عن كون تونس تنزف والوضع الاقتصادي يكاد يكون في المنطقة الحمراء، وعندما يتحدّث عن اقتراض أموال لتسديد الديون لا لتحقيق التنمية فإن الوضع خطير والبلاد على أبواب الإفلاس". وأشار أن رئيس الجمهورية يستشعر أن يكون مآله هو مصير الرئيس الراحل الحبيب بورقيبة وذلك من خلال حديثه عن تجريد بورقيبة من كل الثقاة المحيطين به، وفق تعبيره.
اقرأ/ي أيضًا: السبسي قد يطبّقه.. ماذا تعرف عن الفصل 99 من الدستور؟
في المقابل، أكّد النائب عن حركة النهضة ناجي الجمل، لـ"الترا تونس"، أن رئيس الجمهورية الباجي قائد السبسي قدّم معطيات لا علم له بها في إشارة إلى إنهاء حركة النهضة لسياسة التوافق مع الرئيس. وأضاف الجمل: "لا نزال مصرين على سياسة التوافق ونرى أنها ضرورة للمرحلة كل ما في الأمر أنّ النهضة اختلفت مع رئيس الجمهورية حول تقدير أن مصلحة البلاد تتطلب استبعاد رئيس الحكومة يوسف الشاهد أو إبقائه ونحن مصرّون على أن تغييره سنة قبل الانتخابات لن يفيد البلاد في شيء ورئيس الجمهورية يرى عكس ذلك ونحن نحترم قراءته".
وتابع بالقول "اليوم ليس هناك حل إلا مواصلة الحكومة عملها والشخصيات والأحزاب الراغبة في الترشح للاستحقاقات الانتخابية لسنة 2019 عليها أن تنطلق في الاستعداد"، مضيفًا "لست مع تقديم الانتخابات أو تأجيلها مع أن الظرف السياسي الحالي يحتّم تقديمها ورئيس الجمهورية أكد أنها ستجرى في موعدها وهذا أمر جيد وأحسب أن جل الأحزاب تساند ذلك".
ناجي الجمل (نائب عن حركة النهضة) لـ"الترا تونس": لا نزال مصرين على سياسة التوافق ونرى أنها ضرورة للمرحلة الراهنة
من جهته، قال النائب عن حركة نداء تونس محمد رمزي خميس، لـ"الترا تونس"، إن خطاب رئيس الجمهورية الباجي قائد السبسي كان واضحًا وصريحًا، مشيرًا إلى أنّه تضمّن رسائل تفيد بضرورة توجه رئيس الحكومة يوسف الشاهد إلى مجلس نواب الشعب لتجديد الثقة في حكومته. وأضاف خميس أنّ خطاب رئيس الجمهورية بيّن أن لا مشكلة شخصية له مع رئيس الحكومة بل على العكس هو يتمنى له نيل الثقة وأنّ لا نية له في اللجوء إلى الفصل 99 من الدستور.
وفي علاقة بالخلافات داخل نداء تونس، أشار محدّثنا إلى أنّ رئيس الجمهورية أكد في أكثر من مناسبة أنه لم يُعيّن ابنه مديرًا تنفيذيًا وبالتالي يتوجب على قيادة الحزب أن تقوم بالإجراءات القانونية لإزاحته إن أرادت.
محمدّ رمزي خميس (نائب عن حركة نداء تونس) لـ"الترا تونس": يتوجب على قيادة نداء تونس أن تقوم بالإجراءات القانونية لإزاحته إن أرادت
ولفت إلى أنّ رئيس الجمهورية أكّد في خطابه أن الاتحاد العام التونسي للشغل قلعة للنضال وأن النهضة وفية لمبادئها وتنقلب دائمًا على من تحالف معها، وفق قوله.
اقرأ/ي أيضًا:
انقضاء مهلة تقييم نشاط الوزارات: التحوير ورقة الشاهد في "لعبته" مع نداء تونس