04-أكتوبر-2018

أكد كمال بن مسعود عدم دستورية حالة الطوارئ

الترا تونس - فريق التحرير

 

قال أستاذ القانون الإداري كمال بن مسعود، خلال ندوة صحفية نظمها مرصد الحقوق والحريات بعنوان "ويتواصل خرق الدستور.. حالة الطوارئ مثالًا"، الخميس 4 أكتوبر/ تشرين الأول 2018، إن الخوض في دستورية حالة الطوارئ يعني الخوض في مدى احترام سند هذه الحالة وإعمالها موضحًا أن سند حالة الطوارئ هو الأمر عدد 50 لسنة 1978 أما إعمالها فيتمّ بأوامر فردية يصدرها رئيس الجهورية في ظلّ دستور 1 جوان/ حزيران 1959 ورئيس الجمهورية الحالي في ظلّ دستور 27 جانفي/ كانون الثاني 2014.

كمال بن مسعود: الأمر المنظم لحالة الطوارئ كان مخالفًا لدستور 1959 ولكنه ظلّ قائمًا إلى الآن

وبيّن بن مسعود أنه في القانون المقارن تتمثل حالة الطوارئ في الحالة التي يكون فيها البلد مهددًا بخطر كبير يتهدد الأمن العام أو بكارثة طبيعية التي تفضي إلى ضرورة أن يقع التعامل مع هذه الكارثة أو التهديد بتنظيم خاص للأنشطة وبوجه خاص الحريات الخاصة.

وأكد أن حالة الطوارئ هي "علة تقييد الحريات" وهي السبب الموجب لتقييد الحريات بشكل مختلف عن القيود التي تنصب في الحالات العادية مضيفًا أنه في البلاد التونسية حالة الطوارئ والتمديد فيها يتمّ تنظيمها عبر أمر يعود جانفي/ كانون الثاني 1978 عندما أعلن الاتحاد العام التونسي للشغل عن إضراب عام آنذاك.

وأبرز أستاذ القانون الإداري أن هذا الأمر كان مخالفًا لدستور 1959 لكنه ظلّ قائمًا إلى اليوم ويستند إليه في إعلان حالة الطوارئ ومازالت آثاره سارية بين الناس وتحكم الأنشطة الخاصة.

وأشار إلى أن عدم دستورية هذا الأمر في الوقت الراهن معطى يقرّ به الجميع إما علنًا او سرًا بدليل أن عددًا من النواب في مجلس نواب الشعب تقدموا منذ ديسمبر/ كانون الأول 2016 بمقترح قانون أساسي لتنظيم حالة الطوارئ مما يعني أن النص الحالي غير دستوري، حسب تعبيره، مبينًا أنه في وثيقة شرح الأسباب لمقترح القانون تمّت الإشارة أولًا إلى وضع حدّ لمخالفة الدستور أي أن نواب الشعب وعلى الأقل الـ 15 أو 16 نائبًا الذين وقعوا على مقترح سن قانون ينظم حالة الطوارئ يقرّون أن الوضع الراهن مخالف للدستور.

كمال بن مسعود: عدم دستورية أمر قانون الطوارئ في الوقت الراهن معطى يقرّ به الجميع إما علنًا او سرًا 

وأوضح كمال بن مسعود أن مخالفة الدستور تتجلى في أنه حالة الطوارئ لا يمكن مبدئيًا أن تنظم اليوم ومنذ 27 جانفي/ كانون الثاني 2014 إلا بقانون أساسي لافتًا إلى أن الفرق بين القانون الأساسي والقانون العادي يتمثل في كون الأول يحتاج إلى أغلبية أعضاء مجلس نواب الشعب (أي 109 نائب) والثاني إلى أغلبية النواب الحاضرين على أن لا تقلّ عن 73 نائبًا أي ثلث نواب الشعب.

وشدّد على أن الأمر المنظم لحالة الطوارئ والأوامر التي يتمّ الإعلان بها عن هذه الحالة غير دستورية باعتبار أنها تنظم تحديدًا للحريات بشكل ينال من جوهرها في حين أن الفصل 49 من الدستور الحالي ينصّ على أن تنظيم الحريات جائز عندما تقتضي الحاجة ذلك لكن لا يجب أن ينقلب ذلك إلى إنكار ومساس بجوهر الحق والحرية بشكل يمنعها كليًا.

وأضاف بن مسعود أنه لا يتم الحد من الحرية إلا عند الضرورة وطبيعة الحدّ الذي تقتضيه تلك الضرورة موضحًا أنها يجب أن تكون ضرورة واحدة وهي حماية النظام العام في حين أن حماية مصالح أخرى لا تستعمل فيها صلاحيات الضبط الإداري والحد من الحريات.

كمال بن مسعود: وضع أشخاص تحت الإقامة الجبرية يمثل احتجازًا غير قانوني

وأكد أن تبرير الحدّ من الحريات لا يمكن أن يوجد إلا في النظام العام المتكون من 3 عناصر وهي الأمن العام والسكينة العامة والصحة العامة مشيرًا إلى أن حالة الطوارئ لا يمكن أن تكون مبرّرة بالنظام العام وإنما إذا وجد تهديد خطير يتمّ وضع عبارة الأمن العام لا النظام العام.

وبيّن أنه من الناحية السياسية كان من المفترض أن يتمّ إلغاء أمر 26 جانفي/ كانون الثاني 1978 لأنه يجسد فترة تاريخية سوداء من تاريخ البلاد التونسية وكان ينبغي أن يقبر ويعوّض بقانون أساسي مضيفًا أنه من الناحية الدستورية لا يليق بدولة وضعت دستورًا بعد صورة أن تستبقي على نصّ يتعارض بشكل صريح مع عديد فصول الدستور.

وأشار كمال بن مسعود إلى تطبيق حالة الطوارئ مذكرًا بقائمة الأسماء المشتبه في تورطها في ملفات فساد والتي وقع وضعها تحت الإقامة الجبرية ومن ثم تكوين ملفات ضدهم وبعدها أحيلوا على القضاء في ظلّ ما أشهره رئيس الحكومة من حملة ضد الفساد والفاسدين، على حدّ قوله. وأكد بن مسعود أنه لا يمكن وضع شخص تحت الإقامة الجبرية إلا إذا كان يشكل خطرًا على الأمن العام وأنه يمثل احتجازًا غير قانوني لأشخاص وهي جريمة ترتكبها السلطة، وفق تقديره.

أنور أولاد علي:  هناك قرابة 600 شخص رهن الإقامة الجبرية في تونس

من جهته، أفاد رئيس مرصد الحقوق والحريات المحامي أنور أولاد علي أن هناك قرابة 600 شخص رهن الإقامة الجبرية مبينًا أنه تمّ إدراج قرابة 100 شخص ضمن الإجراء الحدودي المعروف بالـS17 وهو استشارة المصالح المختصة بوزارة الداخلية قبل السماح بمرور أي شخص إلى خارج أو داخل البلاد التونسية.

وشدد أنور أولاد علي، في تصريح إعلامي على هامش الندوة الصحفية، على أن حالة الطوارئ المُعلنة من 2015 إلى الآن هي غير دستورية وتحرم الأفراد من حرياتهم. وأشار إلى أن حالة الطوارئ لها قانون أساسي ينظمها ويدسترها، إلا أنه يقبع في رفوف البرلمان منذ قرابة سنتين وفق قوله.

 

اقرأ/ي أيضًا:

في تونس.. حرب ضد الفساد أو حرب مصالح بوصلتها انتخابات 2019؟

هل يقود يوسف الشاهد حربًا كاذبة ضد الفاسدين في تونس؟