الترا تونس - فريق التحرير
أثار قرار هيئة الانتخابات بشأن الإعلان عن القائمة النهائية للمترشحين المقبولين للانتخابات الرئاسية المقررة يوم 6 أكتوبر/تشرين الأول 2024، تفاعلاً واسعًا في تونس.
وتصاعدت موجة التفاعلات على السوشيال ميديا في تونس، فور إعلان رئيس هيئة الانتخابات فاروق بوعسكر "استحالة" تنفيذ القرارات الصادرة مؤخرًا عن المحكمة الإدارية والتي تعيد 3 مترشحين للسباق الرئاسي، ليعتبر مجلس الهيئة أن القائمة الأولية للمترشحين التي تضم كلاً من قيس سعيّد وزهير المغزاوي والعياشي زمال، قائمة نهائية.
تفاعلات واسعة في تونس إثر إعلان هيئة الانتخابات "استحالة" تنفيذ قرارات المحكمة الإدارية القاضية بإعادة 3 مترشحين للسباق الرئاسي
وتتمثّل قرارات المحكمة الإدارية في الطور الثاني من التقاضي في نزاع الترشحات للانتخابات الرئاسية في تونس، في قبول طعن كلّ من عبد اللطيف المكي، ومنذر الزنايدي، وعماد الدائمي، وقبول ملفات ترشحهم للانتخابات الرئاسية، لتقضي المحكمة بعودتهم إلى السباق الانتخابي.
وعلّق محامون وقضاة وسياسيون، على القرار الصادر عن مجلس هيئة الانتخابات يوم الاثنين 2 سبتمبر/أيلول 2024، واعتبروه "مخالفًا للقانون" ووصفوه بالـ "فضيحة" وفقهم.
فقالت القاضية التونسية ورئيسة اتحاد القضاة الإداريين، رفقة المباركي، إن "تلاعب الهيئة بفصول الدستور والقانون للوصول إلى غاية معروفة والانقلاب على أحكام القضاء الباتة في مغالطة مكشوفة للرأي العام. فضيحة بأتم معنى الكلمة".
رئيسة اتحاد القضاة الإداريين رفقة المباركي: تلاعب هيئة الانتخابات بفصول الدستور والقانون والانقلاب على أحكام القضاء الباتة فضيحة بأتم معنى الكلمة
وتساءلت في تدوينة نشرتها على صفحتها بموقع فيسبوك: "عن أي استحالة تتحدث؟ المحكمة الإدارية بلغتكم بمنطوق الأحكام وهذا كاف في حد ذاته بصريح الفصل 47 من القانون الانتخابي (تأذن المحكمة بالتنفيذ على المسودة)"، وفقها.
أما الناشط الحقوقي والمحامي العياشي الهمامي، فقد اعتبر أن "رفض هيئة الانتخابات تنفيذ أحكام المحكمة الإدارية هو قانونيًا جريمة يعاقب عليها القانون الجزائي بالسجن والخطية وكذلك قانون الإبلاغ عن الفساد" وفقه.
المحامي العياشي الهمامي: رفض هيئة الانتخابات تنفيذ أحكام المحكمة الإدارية هو قانونيًا جريمة يعاقب عليها بالسجن والخطية وعلى المرشحين إيداع شكايات جزائية
وأضاف في تدوينته أنه "إلى جانب المعركة السياسية على المرشحين المعنيين إيداع شكايات جزائية ضد الهيئة في شخص رئيسها طبق الفصل 315 من المجلة الجزائية والفصل2 من القانون المتعلق بالإبلاغ عن الفساد لسنة 2017".
وبدوره قال المحامي عماد بن حليمة، إن "قرار هيئة الانتخابات رفض إدراج 3 مترشحين في القائمة النهائية، قابل للطعن أمام المحكمة الإدارية نظريًا، وقابل لإيقاف تنفيذه".
واعتبر في تصريح لإذاعة اكسبراس أف أم (محلية) أن قرار "استحالة التنفيذ" الصادر عن هيئة الانتخابات "لا يناقش قانونيًا وليس له أي وجاهة أو قيمة قانونية"، حسب تعبيره.
المحامي عماد بن حليمة: قرار هيئة الانتخابات رفض إدراج 3 مترشحين في القائمة النهائية، قابل للطعن أمام المحكمة الإدارية نظريًا، وقابل لإيقاف تنفيذه
وأضاف: "سندخل في فوضى قانونية، طلب إيقاف التنفيذ والطعن في قرار الهيئة في ظل أجندة انتخابية يحيل إلى إمكانية تواصل النزاع وإجراء الانتخابات، ثم في حال قضت المحكمة بإبطال قرار الهيئة نصبح إزاء انتخابات رئاسية باطلة"، وفق قوله.
وشدّد المحامي عماد بن حليمة، في تدوينة على صفحته بموقع فيسبوك، على أن "القرار القضائي المكسو بصيغة التنفيذ على المسودة ينفذ منطوقه حالاً دون انتظار جاهزية لائحة القرار"، ووصف ما يحدث بـ "العبث".
من جهتها عبّرت حملة الناشط السياسي عبد اللطيف المكي، عن "استنكارها الشديد" لما أعلنته هيئة الانتخابات، واعتبرت أن فيه "إصرارًا على نفس أسلوب الإقصاء وتجاوز القانون بشكل صارخ، في مناخ يعمّه الضغط والترهيب ضد المرشحين".
حملة الناشط السياسي عبد اللطيف المكي: دعوة كل المرشحين إلى التنسيق واتخاذ كافة الإجراءات القانونية والنضالية اللازمة لمواجهة هذه التجاوزات
ودعت كل "المرشحين إلى التنسيق واتخاذ كافة الإجراءات القانونية والنضالية اللازمة لمواجهة هذه التجاوزات"، وفقها.
كما علّق نشطاء سياسيون من مختلف العائلات السياسية في تونس على القرار الأخير الصادر عن مجلس هيئة الانتخابات، وما ورد على لسان رئيسها فاروق بوعسكر خلال نقطة إعلامية يوم الاثنين 2 سبتمبر/أيلول 2024.
وقال الناطق الرسمي باسم حركة النهضة عماد الخميري إن "من تجرأ على الدستور لن تعجزه أحكام المحكمة الإدارية"، مضيفًا في تدوينته "تونس إلى الأمام نحو شرعية التغلب والحكم القهري".
أما القيادي في حزب التيار الديمقراطي هشام العجبوني، فقد اعتبر أن التطورات الأخيرة تمثّل "انقلابًا على قرارات المحكمة الإداريّة، وانقلابًا على مؤسسات الدولة، وانقلابًا على إرادة النّاخبين".
ومن جهته أكد الناشط السياسي نور الدين بن نتيشة أنه "بعد قرار هيئة الانتخابات إسقاط ترشح ثلاث مترشحين للانتخابات الرئاسية بمخالفة صريحة لقرارات المحكمة الإدارية الباتة، يمكن القول إننا دخلنا إلى مرحلة العبث بالقانون وبالدولة ومرتكزاتها في إرادة واضحة لاختطاف إرادة الشعب صاحب السيادة الوحيد".
واعتبر بن نتيشة أن "هيئة الانتخابات وضعت البلاد في وضع هش على جميع الأصعدة"، حسب تقديره.
يشار إلى أنّ مجموعة من المنظمات والنشطاء في تونس، قد أبدت يوم الجمعة 30 أوت/أغسطس 2024، تخوّفها من عدم تنفيذ قرارات الجلسة العامة للمحكمة الإدارية خاصة بعد تصريح رئيس هيئة الانتخابات فاروق بوعسكر الذي قال فيه إن مجلس الهيئة سيطّلع على الأحكام الصادرة عن المحكمة الإدارية والقضاء العدلي، ويتخذ قراراته بخصوص القائمة النهائية للمترشحين للانتخابات الرئاسية.
ونبهت مجموعة المنظمات والنشطاء، في بيان مشترك، إلى أنّ القانون الانتخابي أسندَ لقضاء النزاعات الانتخابية ممثلًا في الدوائر الاستئنافية للمحكمة الإدارية كمحاكم ابتدائية وللجلسة العامة القضائية للمحكمة الإدارية كمحاكم استئنافية وحدها صلاحية النظر في نزاعات الترشح للانتخابات الرئاسية، ونَصَّ صراحة على كون الأحكام التي تُصدرها الجلسة العامة واجبة النفاذ ولا تقبل الطعن بأي وسيلة كانت وتُنفّذ على المسودة، وفقها.
وكانت الجلسة العامة للمحكمة الإدارية، قد رفضت مطلب تجريح قدمته هيئة الانتخابات في عدد القضاة، بمناسبة نظر المحكمة في نزاع الترشحات للانتخابات الرئاسية في طورها النهائي، وفق ما أكده القاضي وليد الهلالي الرئيس الشرفي لاتحاد القضاة الإداريين في تونس، مشيرًا إلى أن هذا المطلب "ورد بعد جلسة المرافعة".
وسبق أن أكدت المحكمة الإدارية مرارًا أن القرارات الصادرة عن الجلسة العامة القضائية للمحكمة الإدارية هي باتة وغير قابلة لأي وجه من أوجه الطعن ولو بالتعقيب طبقًا لمقتضيات القانون الانتخابي.