الترا تونس - فريق التحرير
صدر، الأربعاء 22 ديسمبر/كانون الأول 2021، حكم ابتدائي غيابي في حق الرئيس التونسي السابق محمد المنصف المرزوقي، يقضي بسجنه "لمدة أربع سنوات، مع الإذن بالنفاذ العاجل"، وذلك بتهمة "الاعتداء على أمن الدولة الخارجي".
وقد أثار الحكم الصادر عن المحكمة الابتدائية بتونس استياءً واسعًا على منصات التواصل الاجتماعي محليًا وعبرت عديد الشخصيات السياسية والحقوقية والقضاة والمحامين عن مساندتهم وتضامنهم مع الرئيس السابق المنصف المرزوقي.
المرزوقي: حوكمت في عهد بورقيبة وفي عهد بن علي والآن يصدر ضدّي حكم في عهد سعيّد.. رحل بورقيبة وبن علي وانتصرت القضايا التي حوكمت من أجلها، وبنفس الكيفية المهينة سيرحل هذا الدكتاتور فلا بد لليل أن ينجلي
وفي تعليقه على ذلك، قال المرزوقي، في تدوينة نشرها على صفحته الرسمية بموقع التواصل فيسبوك ليلة الأربعاء، إن الحكم "أصدره قاض بائس بأوامر من رئيس غير شرعي"، مضيفًا: "حوكمت أكثر من مرة في عهد بورقيبة، وحوكمت أكثر من مرة في عهد بن علي والآن يصدر ضدّي حكم في عهد قيس سعيّد".
ويستطرد: "رحل بورقيبة وبن علي وانتصرت القضايا التي حوكمت من أجلها، وبنفس الكيفية المهينة سيرحل هذا الدكتاتور المتربّص وستنتصر القضايا التي أحاكم من أجلها ولا بد لليل أن ينجلي"، وفق تعبيره.
ولقي المرزوقي مساندة من طيف واسعٍ من الشخصيات السياسية والحقوقية في تونس على خلفية الحكم الابتدائي الصادر في حقه.
الشواشي: الحكم الصادر ضد المرزوقي فضيحة في حق السلطة القائمة التي تعتمد توظيف القضاء لتصفية حساباتها مع خصومها السياسيين وخطوة جديدة يخطوها رئيس الدولة في اتجاه مزيد من الاعتداء على الحقوق والحريات
ودّون الأمين العام للتيار الديمقراطي غازي الشواشي، على صفحته بفيسبوك: "الحكم على المنصف المرزوقي بأربع سنوات سجن مع النفاذ العاجل من أجل تصريح إعلامي وتعبير عن رأي وتقدير ذلك من قبيل الاعتداء على أمن الدولة الخارجي فضيحة في حق الهيئة القضائية التي أصدرت هذا الحكم المهزلة في وقت قياسي ودون سماع المعني بالأمر".
وأضاف: كما أنه فضيحة أكبر في حق السلطة القائمة التي تعتمد توظيف القضاء لتصفية حساباتها مع خصومها السياسيين وخطوة جديدة يخطوها رئيس الدولة في اتجاه مزيد من الاعتداء على الحقوق والحريات وتهديد للسلم الاجتماعي وتركيز لحكم استبدادي جديد في تونس"، حسب رأيه.
كما عبّر الأمين العام للحزب الجمهوري عصام الشابي، في منشور له على فيسبوك، عن مساندته للرئيس السابق محمد المنصف المرزوقي، مستدلًا ببيتين شعريين يقولان:
"إذا جار الأمير وحاجباه*** وقاضي الأرض أسرف في القضاء
فويل ثم ويل ثم ويل *** لقاضي الأرض من قاضي السماء"
وعبّر الوزير السابق عبد اللطيف المكي، في تدوينة على صفحته الرسمية بفيسبوك، عن "استنكاره للحكم ضد رئيس الجمهورية السابق الدكتور المنصف المرزوقي وعن تضامنه الكامل معه".
وأردف: "هل ترون إلى أين نحن متجهون؟.. أفضل للقضاء التحقيق في الوثائق المسربة في ويكيليكس عربي فهي إن ثبتت قمة في التدخل الأجنبي وفي الخيانة"، حسب تعبيره.
عماد الخميري: محاكمة الدكتور المرزوقي فضيحة بكل المقاييس، محاكمة تحت الطلب، لا تشرف تونس. وهي خطوة إلى الوراء، وعودة إلى عهود سحيقة من استخدام الدولة والأنظمة المتسلطة للقضاء
بدوره، عبّر النائب عن حركة النهضة عماد الخميري عن تضامنه مع المرزوقي، مدوّنًا: "أقول بكل صوت عال محاكمتك دكتور باطلة ظالمة، ولن تزيدنا إلا تشبثًا وتمسكًا بكل مكاسب الثورة ومنتجاتها العظيمة في الحريات الحقوق والحريات".
وأضاف: "محاكمة الدكتور المرزوقي فضيحة بكل المقاييس، محاكمة تحت الطلب، لا تشرف تونس. وهي خطوة إلى الوراء، وعودة إلى عهود سحيقة من استخدام الدولة والأنظمة المتسلطة للقضاء"، حسب رأيه.
وتابع: "سياسيون ومثقفون ونخب وأحزاب ومكونات في المجتمع المدني يسقطون في امتحان المبادئ، من نفخوا رؤوسنا طويلًا في الحديث عن الديمقراطية وحقوق الإنسان والمساواة والعدالة يركنون اليوم للظلم وتوظيف القضاء في الخصومات السياسية"، وفق ما ورد في تدوينته.
وعلّق القاضي عفيف الجعيدي على الحكم الصادر ضد المرزوقي، في تدوينة له على فيسبوك، قائلًا: "والقضاء بريء من بعض القضاء".
وأضاف في تدوينة ثانية: "لذا كانت استقلالية القضاء مهمة وأساسية... كما كانت محاولات احتوائه بالتهديد والترذيل والاستحواذ نذيرًا لمخططات سيئة"، معقّبًا: "حكم يسيء لكنه ينبه إلى ضرورة حماية وتدعيم القضاء المستقل"، حسب رأيه.
القاضي عفيف الجعيدي: القضاء بريء من بعض القضاء.. حكم يسيء لكنه ينبه إلى ضرورة حماية وتدعيم القضاء المستقل
وأردف القاضي في تدوينة ثالثة: "لما كان منصف المرزوقي رئيسًا لتونس. وصلتني دعوة لحضور ندوة بالقصر الرئاسي حول المحكمة الدستورية الدولية... يومها تحدث الرئيس بداية عن مشروعه ثم تدخل خبير دولي سانده فكرته، ليفتح لاحقًا النقاش..هنا تدخلت أنا وقلت إن الفكرة لا تستقيم وإن مشروع الرئيس لم يخرج عن رد فعل معارض سياسي.. وانتقدت بشدة المقترح وزدت على ذلك أن قلت إن مشروع الكونفدرالية السويسرية لبعث محكمة حقوق إنسان دولية هو الأفضل ويجب على تونس تطوير موقفها في اتجاه تبنيه".
واستطرد الجعيدي: "استمع لي الرئيس ولم ينهرني أو يقاطعني.. يومها عدت لمنزلي وحياتي. ولم يسألني أحد عما قلت ولم اتّهَم بالخيانة ولا التآمر ولم تكتب صفحات صفراء عني حكايات تشوهني.. قصة ذكرني بها واقع مر ومخجل".
كما دوّن القاضي حمادي الرحماني بدوره على صفحته بفيسبوك: "مرحبا بكم في قضاء الرئيس! خبر في غاية الغرابة ولا يكاد يُصدّق... في سرعة إصدار الحكم وقسوته واستجابته التامة لمُطلق رغبة رئيس الجمهورية المنقولة مباشرة وإعلاميًا لوزيرة العدل في تتبع المرزوقي عدليًا من أجل آرائه الحرة ومواقفه المعارضة".
واستطرد: "صحة الخبر وحيثيات صدور الحكم لا تزال بحاجة لتأكيد وتفصيل عسانا نكتشف خطأ ما نُكذّب به هذه المهزلة.. وإلا نكون قد دخلنا ببركة الانقلاب بأسرع من البرق في عهد "قضاء الرئيس" أو "القضاء السعيد"!!"، مؤكدًا: "هذا القضاء نحن أبرياء منه"، وفق تعبيره.
وكتبت المحامية والناشطة الحقوقية بشرى بلحاج حميدة "إن كان الخبر صحيحًا فهو فضيحة"، مضيفة: "مهما نقدناه وعارضناه (في إشارة إلى المرزوقي)، فهو لم يسرق لم يخطف ولم يقتل ولم يعذب ولم يدخل عائلته الحياة السياسية ولم يرتكب جريمة ضد أمن الدولة".
بشرى بلحاج حميدة: إن كان الخبر صحيحًا فهو فضيحة.. مهما نقدناه وعارضناه، فهو لم يسرق لم يخطف ولم يقتل ولم يعذب ولم يدخل عائلته الحياة السياسية ولم يرتكب جريمة ضد أمن الدولة
وختمت تدوينتها التي نشرتها على صفحتها بموقع التواصل فيسبوك: "سمعة تونس في القاع"، على حد توصيفها.
وكتبت المحامية إيناس حراث: "لا أعرف عن قضاة الدوائر الجزائية غير ما يمكن لمحام معرفته انطلاقًا من معاينة طريقتهم في إدارة الجلسات والتعامل مع الملفات ومع الدفاع والنيابة... ليس لي بينهم أصدقاء أو أقارب ومع ذلك حين استنتجت (انطلاقًا من صدور الحكم في حق المنصف المرزوقي خلال جلسة الأربعاء وكونه حكمًا جناحيًا) أي دائرة أصدرته، صدمت كوني لا أعرف عن رئيسها إلا كل خير أو بصورة أوضح لم ألحظ في الجلسات القليلة التي حضرتها وترأسها خروجًا عن الحياد أو استهدافًا للدفاع أو لمست عزوفًا عن التركيز مع المرافعة يخبر عن وجود أحكام جاهزة سلفًا.. كنت أحترم جدًا طريقته في العمل والتعامل. فصدمت و تأزمت".
واستدركت قائلة: "ثم تبين أن رئيس الدائرة غاب عن الجلسة ووقع تعويضه. وغيره أصدر الحكم الفضيحة. وبالتالي شكرًا للقاضي الذي لم يجلس.. رُب جلسة لا وقوف للمرء بعدها"، وفق تعبيرها.
ووصف الناشط السياسي عبد اللطيف دربالة، على صفحته بموقع التواصل فيسبوك، الحكم الصادر بـ"وصمة عار لسعيّد ووسام شرف للمرزوقي"، مضيفًا: "سيذكر التاريخ بسخرية ودلالة أنّ الدكتور المنصف المرزوقي تعرّض لأحكام بالسجن من أجل آرائه ونضاله السياسي في عهدي بن علي وقيس سعيّد معًا!".
وتابع: "مجرّد نشاط سياسي وتصريح صحفي كلامي لرئيس أسبق غادر السلطة منذ سبع سنوات كاملة أربك رئيس جمهوريّة يمسك اليوم وحده بكلّ السلطات.. فأمر قيس سعيّد بتقديم شكاية في التآمر على أمن الدولة ضدّ الدكتور المنصف المرزوقي..!!
بسرعة خارقة وقياسيّة.. مرّت الشكاية من الرئاسة إلى أجهزة الدولة.. ووصلت إلى النيابة العمومية.. ومنها إلى البحث والتحقيق.. وتمّ استدعاء "المتّهم".. ولم يحضر لكونه في الخارج.. فأحيلت القضيّة على المحكمة.. وتمّ استدعاء المتّهم مرّة أخرى طبق الإجراءات المفترضة قانونًا.. ولم يحضر لكونه في الخارج.. وسرعان ما أصدرت المحكمة فورًا حكمها الغيابيّ بالسجن أربع سنوات.. وبالنفاذ العاجل أيضًا!".
واستطرد: "كلّ ذلك خلال شهرين فقط لا غير! فلماذا يشتكي قيس سعيّد دائمًا وبإلحاح من بطء القضاء؟ هل يوجد أسرع من ذلك؟! هل هذا حقّا هو النموذج الذي يريده قيس سعيّد في القضاء "الوطني" الذي يدعو إليه كلّ يوم: "الزعيم" يأمر اليوم بمحاكمة خصومه ومعارضيه ومنافسيه.. والقضاء يحكم فورًا بالإدانة خلال أسابيع؟!"، على حد ما جاء في تدوينته.
يذكر أن المحكمة الابتدائية بتونس كانت قد أصدرت، الأربعاء 22 ديسمبر/كانون الأول 2021، حكمًا ابتدائيًا غيابيًا في حق الرئيس التونسي السابق محمد المنصف المرزوقي، يقضي بسجنه "لمدة أربع سنوات، مع الإذن بالنفاذ العاجل"، وذلك بتهمة "الاعتداء على أمن الدولة الخارجي".
وجاء في بلاغ لمكتب الاتصال بالمحكمة الابتدائية بتونس تحصلت وكالة تونس إفريقيا للأنباء (الوكالة الرسمية) على نسخة منه، أن القضية التحقيقيّة المتعلقة بالمرزوقي "من أجل الاعتداء على أمن الدولة الخارجي، بتعمد تونسي ربط اتصالات مع أعوان دولة أجنبية الغرض منها، أو كانت نتائجها، الإضرار بحالة البلاد التونسية من الناحية الديبلوماسية"، انتهت بإحالته على الدائرة الجناحية بالمحكمة الابتدائية بتونس من أجل نفس التهم.
وتابع نص البلاغ: "صدر الحكم في القضية بتاريخ 22 ديسمبر/كانون الأول 2021 وهو يقضي ابتدائيًا غيابيًا بسجن المتهم مدّة أربع سنوات، مع الإذن بالنفاذ العاجل".
اقرأ/ي أيضًا:
حكم ابتدائي غيابي ضد المرزوقي بالسجن لـ4 سنوات مع النفاذ العاجل
إصدار بطاقة جلب دولية في حق الرئيس السابق المنصف المرزوقي
محكمة الاستئناف: فتح بحث تحقيقي بخصوص تصريحات الرئيس السابق منصف المرزوقي