23-أغسطس-2018

القانون يهمّ 5 هيئات دستورية (فتحي بلعيد/أ.ف.ب)

الترا تونس - فريق التحرير

 

صدر في الرائد الرسمي بتاريخ 17 أوت/أغسطس 2018 القانون الأساسي المتعلق بالأحكام المشتركة للهيئات الدستورية، وذلك بعد أكثر من سنة منذ المصادقة على القانون برمّته وتحديدًا في جويلية/يوليو 2017 قبل أن تسقطه لاحقًا الهيئة الوقتية لمراقبة دستورية مشاريع القوانين في مناسبتين الأولى في أوت/أغسطس 2017 والثانية في نوفمبر/تشرين الثاني من نفس السنة، وذلك بسبب الفصول 11 و24 و33 التي رأت الهيئة الوقتية أنها تمسّ من مبدأ الاستقلالية.

صدر القانون المتعلق بالأحكام المشتركة للهيئات الدستورية بعد إسقاطه مرّتين من طرف الهيئة الوقتية لمراقبة دستورية مشاريع القوانين

وقد كانت تنص الفصول المذكورة على شروط وإجراءات قيام أعضاء مجلس نواب الشعب لسحب الثقة من أعضاء الهيئات الدستورية المستقلة، وهو ما تمّ تعديله لتنتهي النسخة الأخيرة للقانون بالإمكانية المبدئية لسحب الثقة ولكن مع ترك الإجراءات والشروط حسب القانون الخاص بكل هيئة.

يُذكر أن الدستور نص على إحداث 5 هيئات دستورية وهي الهيئة العليا المستقلة للانتخابات وهي موجودة، وهيئة مكافحة الفساد والحوكمة الرشيدة وقد تمت المصادقة على قانونها فيما لم يتم بعد انتخاب أعضائها، فيما لم يقع بعد المصادقة على قوانين الهيئات الثلاث المتبقية وهي هيئة الاتصال السمعي البصري وهيئة حقوق الإنسان وهيئة التنمية المستدامة وحقوق الأجيال القادمة.

اقرأ/ي أيضًا: عقوبات زجرية ورادعة في قانون التصريح بالمكاسب والمصالح: هل تحقق المأمول؟

لنتعرف في الأثناء على أهم محاور قانون الأحكام المشتركة لهذه الهيئات الدستورية:

تأكيد استقلالية الهيئات الدستورية

نص الفصل الأول من القانون أن هذه الهيئات تعمل على دعم الديمقراطية وتخضع لمبادئ دولة القانون والحوكمة الرشيدة والشفافية والنجاعة والنزاهة وحسن التصرف في المال العمومي والمساءلة. وأكد على واجب كافة مؤسسات الدولة في تسيير أعمالها، وبأنها مسؤولة أمام مجلس نواب الشعب.

وتتمتع الهيئات باستقلالية إدارية ومالية ولا تخضع في ممارسة مهامها لأي سلطة رئاسية أو سلطة إشراف ولا تتلقى أي تعليمات، ويحجّر كل تدخل من أي جهة كانت في سير أعمالها وفق الفصل 4 من القانون.

تعيين وواجبات أعضاء الهيئات الدستورية

تتكون الهيئات من مجلس هيئة وجهاز إداري، وقد مكّن القانون كل هيئة من إحداث الهياكل اللازمة لممارستها لمهامها وفق خصوصياتها. ويتكون مجلس كل هيئة من أعضاء متفرّغين يتم انتخابهم لفترة واحدة مدّتها ست سنوات، بأغلبية ثلثي أعضاء مجلس نواب الشعب. ويقع الالتزام بمبدأ التّناصف بين المرأة والرّجل في تركيبة مجالس الهيئات.

يقع انتخاب أعضاء الهيئات الدستورية لمدة واحدة مدّتها 6 سنوات بأغلبية ثلثي أعضاء مجلس نواب الشعب مع الالتزام بمبدأ التناصف بين الجنسين 

يتقاضى رئيس الهيئة وأعضاء مجلسها عن مهامهم أجورًا وامتيازات تٌصرف لهم من ميزانية الهيئة طبق نظام تأجير خاص يضبط بأمر حكومي، ويخضع الأعضاء لجملة من الواجبات أهمها التحفظ والنزاهة وكذلك واجب التصريح بالمكتسبات.

ويتمتع أعضاء الهيئات بالحصانة القضائية إذ لا يمكن تتبع أو إيقاف أو محاكمة أعضاء المجلس لأجل أراء أبدوها أو أعمال قاموا بها تتعلق بممارسة مهامهم بالهيئة. ولا يمكن سحب الحصانة إلا بموافقة أغلبية أعضاء مجلس نواب الشعب.

إعفاء أعضاء الهيئات الدستورية

يمنح القانون في نسخته الأخيرة إمكانية إعفاء عضو بالهيئات الدستورية بقرار من ثلثي أعضاء مجلس نواب الشعب بناء على طلب معلّل من ثلث أعضاء مجلس الهيئة ولكن طبق الأسباب والشروط والإجراءات المنصوص عليها ضمن القانون الخاص بكل هيئة.

وقد كانت الفصول 11 و24 و33 تمنح هذه الإمكانية بتحديد هذه الأسباب والإجراءات وهو ما اعتبرته الهيئة الوقتية لمراقبة دستورية مشاريع القوانين غير دستوري لمساسه من مبدأ الاستقلالية، لينتهي أعضاء مجلس نواب الشعب بالتنصيص على مبدأ الإعفاء ولكن دون تحديد لكيفيته ليظلّ الحسم في قانون كل هيئة وليس في قانون الأحكام المشتركة.

مثلت مسألة إعفاء أعضاء الهيئات الدستورية من طرف أعضاء مجلس نواب الشعب نقطة الخلاف الجوهرية بين الحكومة والمعارضة وهي التي أدت لسقوط مشروع القانون مرتين لعدم الدستورية

لكن نص القانون على حالة وحيدة لإمكانية إعفاء رئيس الهيئة أو عضوها الممثل في لجنة الصفقات الداخلية وذلك في صورة ثبوت سوء تصرف إداري أو مالي.

اقرأ/ي أيضًا: 8 هيئات دستورية تتفق على تنظيم حملة لإدراج بند خاصّ بها في قانون الميزانية

قواعد خاصة للميزانية

أثبت واقع الهيئات الدستورية الحالية أو الهيئات المؤقتة تعرضها لمصاعب كل سنة حول ميزانياتها حيث غالبًا ما تتهم الحكومة بتقليص الميزانية المطلوبة. لحل هذا المشكل، نص القانون أن لكل هيئة في إطار ميزانية الدولة ميزانية مستقلة، وعلى كل هيئة أن ترسل مشروع ميزانيتها للحكومة قبل شهر ماي/آيار من كل سنة ثم تبدي الحكومة رأيها للهيئة وللبرلمان في غضون شهر ليقع في مرحلة ثالثة مناقشة مشروع الميزانية أمام اللجنة المختصة بالبرلمان أجل أقصاه موفّى شهر جويلية من كل سنة لإدراجه بميزانية الدولة.

وتعدّ كل هيئة تقريرًا ماليًا سنويًا وتعرضه في أجل أقصاه 30 جوان/يونيو من السنة التالية مرفقًا بمحاضر جلسات التداول بشأن التقرير المالي والمصادقة عليه وبالقوائم المالية وتقرير مراقب أو مراقبي الحسابات. ويصادق البرلمان على التقرير بأغلبية أعضائه الحاضرين على أن لا تقلّ عن الثلث.

وفي صورة عدم تقديم الهيئة لتقاريرها السنوية الوجوبية في الآجال القانونية دون مبرّر أو رفض البرلمان المصادقة عليها، تحدث لجنة تحقيق وتختار اللجنة قاضيين وخبيرين محاسبين ومراقب من هيئات الرقابة العامة قصد إعداد وتقديم تقرير في الغرض إلى اللجنة.

يقع إحداث لجنة تحقيق في صورة عدم تقرير الهيئة الدستورية لتقاريرها السنوية في الآجال القانونية أو في صورة رفض البرلمان المصادقة عليها

تعرض لجنة التحقيق تقريرها على الجلسة البرلمانية العامة لمناقشته. وفي حال تضمّن عمل الهيئة سوء تصرّف إداري فإنّه يمكن لثلثي أعضاء البرلمان إنهاء عضويّة رئيس الهيئة المسؤول. وفي صورة تضمّن عمل الهيئة سوء تصرّف مالي يتمّ إنهاء عضويّة آمر صرف الهيئة المسؤول وعضو الهيئة في اللجنة الداخلية للصفقات.

تعفى نفقات الهيئة من الرقابة المسبقة للمصاريف العمومية لكنها تخضع للرقابة اللاحقة من محكمة المحاسبات. وتخضع صفقات الهيئات إلى الإجراءات المنظمة للصفقات العمومية إلا إذا اقتضت ضرورة تحقيق مهمة الهيئة إعفاءها من تلك الإجراءات. ولذلك تُحدث في كل هيئة لجنة داخلية للصفقات يكون رأيها مطابقا بمناسبة الصفقات التي اقتضتها ضرورة تحقيق المهمة.

 

اقرأ/ي أيضًا:

ماذا تعرف عن المحكمة الدستورية في تونس؟

جمعيات تطالب بإلغاء وزارة العلاقة مع الهيئات الدستورية والمجتمع المدني