24-نوفمبر-2018

قدم يوسف الشاهد أولويات حكومته خلال المرحلة القادمة (ياسين القايدي/ الأناضول)

الترا تونس - فريق التحرير

 

استهلّ رئيس الحكومة يوسف الشاهد، كلمته التي ألقاها السبت 24 نوفمبر/ تشرين الثاني 2018، أمام مجلس نواب الشعب خلال الجلسة العامة المخصصة لبدء مناقشة مشروع ميزانية الدولة ومشروع قانون المالية لسنة 2019 والميزان الاقتصادي، بالاستشهاد بالآية القرآنية " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَن تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَىٰ مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ"، وكان من الواضح أنه رد غير مباشر على ما صرّح به الأمين العام لحركة نداء تونس سليم الرياحي بخصوص تقدمه بشكاية لدى المحكمة العسكرية ضدّ الشاهد وسياسيين بتهمة الشروع في تنفيذ انقلاب.

يوسف الشاهد: الحكومات المنبثقة عن شرعية واضحة لا تسعى للقيام بانقلاب

وشدد الشاهد على التزام الحكومة باتخاذ كلّ الإجراءات الضرورية من أجل إنجاح كلّ المحطات الانتخابية القادمة من خلال مزيد دعم الهيئة العليا المستقلة للانتخابات والمساهمة في تركيز المحكمة الدستورية مؤكدًا تمسك الحكومة بالمسار الانتخابي وقائلًا إن "كلام البعض الذين يرون في الشرعية الدستورية انقلابًا ويرون في كلّ خطوة في محاربة الفساد وتطبيق الدستور انقلابًا لن يؤثر فينا".

وأضاف "الحكومات المنبثقة عن شرعية واضحة لا تسعى للقيام بانقلاب وأن الحكومة التي تتمتع بأوسع صلاحيات الدستور لا تفكر في الانقلاب.. هذه مهزلة"، مشددًا على أن حكومته متمسكة بالشرعية الدستورية والعودة إلى الشعب في نهاية الفترة الحالية كي يختار من يمثله. وأشار إلى أن تونس تجاوزت أزمة سياسية كان من الممكن أن تقود البلاد نحو المجهول وذلك عبر احترام الدستور، مبرزًا أن "البعض لا يزال غير مقتنع بنهاية هذه الأزمة".

واتهمهم بمراهنتهم على فرضية العنف والفوضى خلال الإضراب العام لأعوان الوظيفة العمومية، معتبرًا أنهم حاولوا الركوب على الإضراب من خلال ما وصفه بـ"التوظيف السياسي المفضوح". وتوجه بالتحية للاتحاد العام التونسي للشغل على حسن سير الإضراب وتأطيره" موضحًا أن تونس بلد ديمقراطي ويمكن فيه ممارسة الإضراب والتظاهر دون الوقوع في الفوضى والعنف.

رئيس الحكومة: هناك عديد الإجراءات التي تهم حماية المقدرة الشرائية والتي ستكون أولوية في المرحلة القادمة

من جهة أخرى، أكد يوسف الشاهد حرص الحكومة على مناخ اجتماعي سليم قوامه الحوار والوصول إلى تفاهمات واقعية، مشيرًا إلى أن كلّ الإجراءات الاجتماعية في مشروع قانون المالية لسنة 2019 تؤكد التوجه الاجتماعي للسياسة الحكومية. وبيّن أن أولويات الحكومة خلال الفترة القادمة تتمثل في معالجة مشكل تدني المقدرة الشرائية وتدني خدمات المرفق العمومي المتعلقة بالتعليم والصحة وتوفير دخل محترم للعائلات المعوزة والحد من البطالة المزمنة.

وأضاف أن مشروع قانون المالية يقترح العديد من الحلول مذكرًا أن الإجراءات التي تم اتخاذها في مشروعي قانوني المالية لسنتي 2017 و2018 كان لها تأثير على التضخم والمقدرة الشرائية الأمر الذي دفع الحكومة إلى اتخاذ إجراءات عاجلة لفائدة العائلات المعوزة، ومؤكدًا أن الحكومة ستواصل العمل بهذه الإجراءات.

وأوضح الشاهد أن هناك أيضًا عديد الإجراءات التي تهم حماية المقدرة الشرائية والتي ستكون أولوية في المرحلة القادمة، مبينًا أن تحسين المقدرة الشرائية يمرّ أساسًا عبر محاربة التضخم ومفيدًا أنه سيتمّ تفعيل اللجنة الوطنية للتحكم في الأسعار التي ستعمل تحت إشراف رئاسة الحكومة، بالإضافة إلى تعزيز عمل فرق المراقبة الاقتصادية يوميًا والحرص على متابعة أنشطتها.

ولفت إلى أنه تمّ تكليف وزارة الفلاحة بوضع خطة استراتيجية للترفيع في مستوى إنتاج المواد الفلاحية الحساسة وتحيين خارطة الإنتاج الفلاحي لتواكب الحاجيات الأساسية للسوق، إلى جانب تكليف وزارة التجارة بمزيد ضبط برنامج تكوين المخزونات التعديلية بصفة دورية من المنتجات الحساسة، فضلًا على توفير الآليات والمستلزمات الضرورية لتفعيل إجراءات الحجز لردع المخالفين مع مزيد الصرامة في تطبيق القانون وتعامل النيابة العمومية مع حالات التهريب.

وأشار يوسف الشاهد إلى ضرورة التشجيع على استهلاك المنتوجات التونسية باعتبار أنها ستساهم في الحدّ من التوريد وفي تطوير المؤسسات التونسية وخلق الثروة ومواطن الشغل والحفاظ على العملة الصعبة موضحًا أنه سيتمّ إطلاق حملة كبيرة للتشجيع على استهلاك المنتوجات التونسية.

وبخصوص تحسين الخدمات التي يقدمها المرفق العمومي، ذكر الشاهد بقرار صيغة جديدة تهم المدرسين النواب رغم الوضعية الصعبة للمالية العمومية لافتًا إلى أن قطاع الصحة يعاني بدوره من نفس المشاكل الناتجة عن تراكمات السنوات الماضية خصوصًا على مستوى نقص الموارد البشرية سواء كانت الإطار الطبي أو الإطار شبه الطبي أو العملة.

وبيّن في هذا الإطار أن هناك 22 وحدة جاهزة في مختلف الجهات لكنها مغلقة لعدم توفر الموارد البشرية مفيدًا أنه تقرّر في مشروع قانون الميزانية توفير الاعتمادات اللازمة لتأمين الموارد البشرية كي تفتح هذه الوحدات أبوابها انطلاقًا من الثلاثي الأول لسنة 2019 وإلى حدود آخر السنة المقبلة.

كما أبرز الشاهد أنه تمّ رصد اعتمادات بقيمة 100 مليون دينار لتركيز بنك الجهات مضيفًا أنه تمّت مضاعفة الاعتمادات المخصصة لبرنامج التنمية الجهوية.

وأفاد أنه تمّ الترفيع في الاعتمادات المخصصة لصندوق التشغيل بـ150 مليون دينار مشيرًا إلى أن محاربة البطالة تمرّ عبر التشجيع على المبادرة الخاصة وبعث المشاريع وموضحًا أن الدولة ستخصص مبلغ 50 مليون دينار لتوفير التمويل الذاتي للشباب الراغب في بعث المشاريع.

يوسف الشاهد: قانون المالية لسنة 2019 لا يتضمن ضرائب جديدة على الأفراد والمؤسسات

وقال الشاهد إن الحكومة أعطت أهمية قصوى لعملها الاجتماعي مبينًا أن ميزانية 2019 شهدت ترفيعًا بـ1000 مليون دينار إضافية مقارنة بميزانية 2018. وشدد في الآن ذاته على أن تمويل الجوانب الاجتماعية لا يجب أن يكون قائمًا على توسيع التداين والعجز المالي لافتًا إلى أن الحلّ يتمثل في إنعاش الاقتصاد وخلق الثروة.

وأوضح أن هناك تحديين أساسيين الأول يتمثل في التحكم في عجز الميزانية ومبرزًا أن الحكومة تسعى إلى مزيد التخفيض في العجز ليصل إلى 3,9 في المائة خلال 2019 و3 في المائة عام 2020، وذلك بعد أن نجحت في النزول به من 7,4 في المائة سنة 2016 إلى حدود 4,9 في المائة في 2018، وذلك رغم الارتفاع في سعر برميل النفط والذي كلّف ميزانية الدولة 2400 مليون دينار.

أما التحدي الثاني فيتمثل في دفع النمو بحسب رئيس الحكومة الذي ذكر أن نسبة النمو بلغت في الثلاثي الثاني من سنة 2018، 2,8 في المائة مشيرًا إلى أنه كان من الممكن تحقيق نسبة نمو أفضل في ظلّ استقرار سياسي.

كما بيّن أن قانون المالية لسنة 2019 لا يتضمن ضرائب جديدة على الأفراد والمؤسسات لافتًا إلى أن هذا القانون سيواصل التشجيع على إحداث المؤسسات وخلق مواطن الشغل بمواصلة الإعفاء من الضريبة على المؤسسات المحدثة في 2018 و2019 و2020 لمدة أربع سنوات. كما يتضمن القانون مراجعة لنسب الضريبة على الشركات بهدف تعزيز القدرة التنافسية والحفاظ على تونس كوجهة جاذبة للاستثمار.

وأشار الشاهد إلى الإجراءات التي تمّ اتخاذها لدعم القطاع السياسي وأبرزها إعادة الهيكلة المالية للنزل السياحية، علاوة على إجراءات تهم القطاعين الفلاحي والصناعي.

يوسف الشاهد: تونس لها كل مقومات النجاح إذا توفرت الإرادة المشتركة

وأكد يوسف الشاهد ضرورة تطوير صيغ الاستثمار العمومي موضحًا أنه تم الترفيع بـ407 مليون دينار في الباب الثاني من الميزانية مقارنة بالسنة الفارطة ومضيفًا أنه تقرّر تفعيل مشاريع الشراكة بين القطاعين العام والخاص. وذكر في هذا الإطار بالندوة الدولية للشراكة التي انعقدت في سبتمبر/ أيلول الفارط.

وقال إنه تمت المصادقة على استثمارات بـ2500 مليون دينار لمشاريع الطاقات المتجددة بهدف تقليص العجز الاقتصادي.

كما تحدث عن الإجراءات المتعلقة بمكافحة التهرب الجبائي والاقتصاد والتجارة الموازية التي اعتبر أنها مرتبطة بالحرب ضد الفساد "التي مازالت متواصلة وستتواصل"، وفق قوله، مبينًا أن مشروع قانون المالية تضمن 11 إجراء في هذا الإطار من بينها واجب التصريح بأرقام الحسابات البنكية والبريدية وآلية لتقفي الأثر بالنسبة لبعض المواد والمنتجات، بالإضافة إلى ترشيد عملية تداول الأموال نقدًا وتوسيع التعامل بالفوترة الالكترونية.

وأكد ضرورة أن تشمل الرقمنة الإدارة التونسية، مشيرًا إلى اتخاذ إجراءات تتعلق باعتماد الوصل الالكتروني وتمكين كافة المتدخلين من جواز اعتماد فواتير التصفية اللامادية. وختم الشاهد بالقول إن البلاد لها كل مقومات النجاح إذا توفرت الإرادة المشتركة.

 

اقرأ/ي أيضًا:

ميزانية تونس لـ2019 في حدود 40.6 مليار دينار.. وسعي لنسبة نمو 3.1 %

المنصري: تخفيض ميزانية الهيئة يمثل خطرًا على استقلالية الانتخابات!