05-يوليو-2024
عمادة المهندسين التونسيين

دراسة: ظاهرة ما فتئت تتضاعف خلال السنوات الأخيرة (صورة أرشيفية/ ياسين القايدي/ الأناضول)

الترا تونس - فريق التحرير

(نشر بتاريخ 2024/07/4 على الساعة 21.40)

 

نشر المعهد التونسي للدراسات الاستراتيجية، دراسة بخصوص هجرة المهندسين التونسيين، أشار فيها إلى أنّ هجرة المهندسين من تونس تهدّد تنمية البلاد الاقتصادية والاجتماعية وقدرتها على إنجاح تحوّلاتها البيئية والرقميّة، مؤكدة أن هذه الظاهرة ما فتئت تتضاعف خلال السنوات الأخيرة.

دراسة للمعهد التونسي للدراسات الاستراتيجية: هجرة المهندسين من تونس تهدّد تنمية البلاد الاقتصادية والاجتماعية وقدرتها على إنجاح تحوّلاتها البيئية والرقميّة

وأشارت الدراسة إلى أنه "بناءً على التصنيف الذي أجرته الأمم المتحدة في مجال تطوير المهارات سنة 2022، تحتل تونس المرتبة 119 من بين 141 دولة من حيث قدرتها على استقطاب الكفاءات، والمرتبة 111 من حيث استبقاء كفاءاتها. وذلك بالرغم من أنّ تونس تحتل بالمقابل، المرتبة 67 عالميًا من حيث عدد الكفاءات في المجال الرقمي بالنسبة إلى سكانها، ويؤشر ذلك إلى أن البلاد تنفر الكفاءات الأكثر خبرة وتعجز على استقطاب الكفاءات الأجنبية".

ووفق الدراسة نفسه، فقد شهدت تونس زيادة كبيرة في عدد المهندسين الذين يغادرون إلى بلدان أجنبية، إذ "لوحظ التسارع الأول في العقد الأول من القرن الحادي والعشرينِ عندما انتقلنا من 972 فردًا (سنة 2000) إلى 1936 فردًا (سنة 2010). وحدث التسارع الثاني بعد ثورة 2011، وخاصة منذ 2014، ليرتفع هذا الرقم إلى 3000 مهندس سنويًا في المتوسط". 

دراسة للمعهد التونسي للدراسات الاستراتيجية: وفق تصنيف أجرته الأمم المتحدة فإن تونس تحتل المرتبة 111 من حيث استبقاء كفاءاتها

ووفق الدراسات التي أجرتها عمادة المهندسين التونسيين، فقد لوحظ تسارع ثالث بعد جائحة كورونا، بتسجيل ذروة بلغت 6500 مهندس في سنة 2022.

ولفتت الدراسة إلى أنّ "التباين في مستوى التأجير بين ما يتقاضاه المهندسون في الخارج (بين 2500 و3000 يورو في المتوسط) وما يتقاضونه في السوق المحلية (1000 و1200 دينار في بداية حياتهم المهنية) يدفعهم لمغادرة البلاد. 

دراسة: شهدت تونس زيادة كبيرة في عدد المهندسين الذين يغادرون إلى بلدان أجنبية، والذروة كانت في سنة 2022 بعد هجرة 6500 مهندس

وتكشف الدراسة أنّ التحليل المعمّق لدوافع هجرة المهندسين التونسيين، يُظهر سبعة أسباب رئيسية، وهي: 

  1. ظروف العمل غير الملائمة
  2. مستويات الأجور
  3. تدهور البيئة المعيشية
  4. هشاشة مناخ الأعمال
  5. التأخر التكنولوجي ونقص التكوين
  6. الآفاق غير الواعدة للشباب.

آثار هجرة المهندسين المحتملة على الاقتصاد التونسي

كما يشكّل هروب المهندسين الجماعي، وفق الدراسة نفسها، "خطرًا كبيرًا على استقرار البلاد الاقتصادي والاجتماعي وتهديدًا هامًا لمنوالها التنموي وقدرتها التنافسية، وذلك لأنهم الركيزة الأساسيّة لتحقيق التحولات الرقميّة والطاقيّة والبيئيّة". 

ولا تقتصر تأثيرات هذه الهجرة على الجيل الحاليّ، ولكنّها يمكن أن تقلص الفرص المستقبلية (انتقال التأثيرات بين الأجيال)، وتتمثل هذه التأثيرات في:

1. تراجع الخبرة والتجديد في تونس: 

إنّ رحيل المهندسين الجماعي يضرّ بزاد البلاد من الخبرة والابتكار، ويؤثر على الإنتاجية الصناعية والقدرة التنافسية في الأسواق العالمية والاستثمارات في البحث والتطوير. وهذا يخلق حلقة مفرغة إذ يؤدي الافتقار إلى الابتكار إلى تثبيط الاستثمار في رأس المال البشري والتكنولوجيا.

2. اتساع الفجوات بين البلدان الصناعية والنامية: 

تؤدي هجرة المهندسين إلى تفاقم عدم المساواة بين البلدان، مما يؤدي إلى تآكل قاعدة الكفاءات اللازمة للتدريس والبحث العلمي، وإعاقة مبادرات البحث والتطوير والحدّ من قدرة البلاد على الاستجابة إلى تحدِّياتها الداخليّة.

3. أخطار التبعيّة التكنولوجية بالنسبة إلى تونس: 

إن استنزاف الكفاءات من المهندسين ينمّي تبعية تكنولوجية تهدّد قدرة البلاد على تطوير حلولها الذاتيّة لتلبية احتياجاتها الطاقيّة والبيئيّة والصناعيّة.

4. تنفير الاستثمارات المباشرة الأجنبيّة: 

تؤثر هجرة المهندسين على جاذبية تونس وقدرتها على جلب الاستثمارات المباشرة الأجنبية، ممًا يثبط عزيمة المستثمرين المحتملين ويقلّص فرص تمويل البحث والتطوير.

5. تباطؤ النموّ وتسقيف التنمية: 

إنّ فقدان المهندسين يعيق التنمية الاقتصادية في القطاعات الحيوية مثل الطاقة والبيئة والصناعات المعمليّة، مما يؤدي إلى التبعيّة التكنولوجيّة ويحدّ من قدرة البلاد على الابتكار والاستثمار، وبالتالي إعاقة القدرة التنافسية والتنويع الاقتصادي.

دراسة للمعهد التونسي للدراسات الاستراتيجية: التباين في مستوى التأجير بين ما يتقاضاه المهندسون في الخارج وما يتقاضونه في السوق المحلية يدفعهم لمغادرة البلاد

الإجراءات ذات الأولوية لاستبقاء المهندسين وتفادي هجرة الكفاءات من تونس

  • تحسين ظروف العمل: يتضمّن ذلك تبسيط إجراءات العمل عن بعد على المدى القريب
  • تعزيز المسار المهني والتكويني
  • ملاءمة نظام التعليم لتلبية احتياجات سوق الشغل، مع توفير برامج تدريبية متخصصة في المجالات الناشئة. ويجب مراجعة المناهج التعليميّة في الهندسة دوریًا.
  • تعزيز الاستقرار السياسي والاقتصادي
  • تحسين البنية التحتية 
  • تبسيط الإجراءات الإدارية لبعث المؤسّسات عبر الشباك الموحّد وإحداث صناديق استثماريّة للمؤسّسات الناشئة في مجال التكنولوجيا. 
  • يتوجّب زيادة الدعم المخصّص للبحث والتطوير ووضع برامج تحفيزيّة تدعم التنافسية وتعزّز الاستثمار الخاص على المدى القريب. 
  • إنشاء أنظمة ضريبية تفاضليّة للمهندسين وسياسات ضريبية تحفيزية لشركات التكنولوجيا.
  • في إطار تطوير التصرّف، ينبغي اتخاذ إجراءات فورية مثل تنفيذ برامج الإرشاد والتوجيه المهني وتبسيط الإجراءات الإدارية. 
  • يتطلب تطوير الشراكات والتعاون اتخاذ إجراءات فورية مثل الشروع في تكوين خصوصيّ بالتعاون مع المؤسسات العالمية والتشجيع على دمج المهندسين التونسيين المغتربين في المشاريع المحليّة. 

دراسة للمعهد التونسي للدراسات الاستراتيجية: يجب ملاءمة نظام التعليم لتلبية احتياجات سوق الشغل، مع مراجعة المناهج التعليميّة في الهندسة دوریًا

استراتيجيّة تثمين الكفاءات من المهندسين وإعادة توطينهم

ترتكز الإستراتيجية المقترحة لتثمين الكفاءات التونسيّة من المهندسين وإعادتهم إلى أرض الوطن على سبعة محاور رئيسية، وفق ما بيّنته الدراسة، وهي:

  1. تحسين الحوافز المالية والضريبية
  2. تعزيز التطوّر المهني عبر تكييف برامج التكوين لمواكبة التطوّرات القطاعيّة الحديثة.
  3. تطوير برامج استقبال المهندسين المغتربين وإدماجهم.
  4. تحسين الظروف المعيشية والاجتماعية على غرار تعزيز الشفافية ومكافحة الفساد لخلق مناخ من الثقة. وإعطاء الأولوية لتأمين تعليم الأطفال وإنشاء أماكن ترفيهية وثقافية على كافة تراب الوطن.
  5. تعزيز البنية التحتية وخلق فرص العمل: على غرار تحديث المختبرات ومراكز الأبحاث القائمة لتوفير بيئة تنافسية للمهندسين.
  6. تحفيز ريادة الأعمال: على سبيل المثال إنشاء برامج وفعاليّات التشبيك لتعزيز التطوّر السّريع للشركات الناشئة والتفاعل بين رواد الأعمال والمستثمرين كما سيكون من الضروريّ الإسراع في تنقيح مجلة الصَّرف.
  7. تعزيز الشراكات الاستراتيجية والتعاون الدولي.

وكانت بيانات المرصد الوطني للهجرة في سنة 2021 قد أبرزت أنّ مهندسي قطاع الإعلاميّة يختارون في أغلب الأحيان الهجرة إلى فرنسا، في حين يفضّل المتخصّصون في الهندسة المدنية أو الميكانيكيّة ألمانيا.