20-يونيو-2018

يواجه المجتمع المدني والصحفيون صعوبة في الحصول على المعلومة

بعد سنتين من المصادقة على قانون حق النفاذ إلى المعلومة، ما تزال عديد الجهات الرسمية لا تطبق القانون، وتعمل بمناشير وأوامر وقوانين تتناقض مع حق النفاذ إلى المعلومة، بتعلّة تعارض قانون النفاذ إلى المعلومة مع التكتم المهني وواجب التحفظ، لتظل ثقافة التعتيم وحجب المعلومة هي السائدة خاصة من الجهات الحكومية، وفق ما تؤكّده جمعيات ومنظمات سعت إلى الحصول على معلومات من عدّة هياكل وأجهزة رسمية على غرار الأجهزة القضائية.

ووفق الفصل التاسع من القانون يمكن لكل شخص طبيعي أو معنوي أن يقدّم مطلبًا كتابيًا في النفاذ إلى المعلومة. ويتم إيداع مطلب النفاذ إما مباشرة لدى الهيكل المعني مقابل وصل يسلم وجوبًا في الغرض أو عن طريق البريد أو الفاكس. فيما ينصّ الفصل 11 على أنّه لا يلزم طالب النفاذ بذكر الأسباب أو المصلحة من الحصول على المعلومة ضمن مطلب النفاذ.

اقرأ/ي أيضًا: إجراءات تطبيق قانون حق النّفاذ إلى المعلومة

إذا كان المجتمع المدني قد لعب دورًا هامًا لتقنين حق النفاذ إلى المعلومة في تونس ثم في نشر الوعي عن كيفية ممارسة وتفعيل هذا الحق فإنه يجد صعوبات في التطبيق

وتتنوع طرق الحصول على المعلومة وفق الفصل 12 عند إعداد المطلب. إذ يجب تحديد كيفية النفاذ إلى المعلومة وفق الاطلاع على المعلومة على عين المكان ما لم يكن في ذلك إضرار بها، أو الحصول على نسخة ورقية من المعلومة، أو الحصول على نسخة إلكترونية من المعلومة، عند الإمكان. فيما يتعين على الهيكل المعني توفير المعلومة في الصيغة المطلوبة. وفي صورة عدم توفرها في الصيغة المطلوبة، يتعيّن على الهيكل المعني توفير المعلومة في الصيغة المتاحة. وعلى الهيكل المعني الرد على كل مطلب نفاذ في أجل أقصاه 20 يومًا من تاريخ توصله بالمطلب أو من تاريخ تصحيحه. وإذا كان الرد بالرفض، فيجب أن يكون قرار الرفض كتابيًا ومعلّلًا مع التنصيص على آجال وطرق الطعن والهياكل المختصة بالنظر فيه.

وإذا كان المجتمع المدني قد لعب دورًا هامًا لتقنين حق النفاذ إلى المعلومة في مرحلة أولى، ثم في نشر الوعي عن كيفية ممارسة وتفعيل هذا الحق، إلاّ أنّه واجه على غرار الصحفيين صعوبة الحصول على المعلومة أو حتى عدم الرد بالإيجاب أو السلب أو تبرير رفض تقديم المعلومات المطلوبة.

وقد ذكر مركز يقظ لدعم وإرشاد ضحايا الفساد في تقرير أصدره سنة 2017 أنّ 22 وزارة إلى جانب رئاسة الحكومة لم تحترم قانون النفاذ إلى المعلومة. كما ذكر التقرير أنّ الهياكل القضائية من أكثر الجهات حجبًا للمعلومة.

من جهتها، توجهت منظمة أنا يقظ في جانفي/ كانون الثاني الماضي إلى المحكمة الإدارية لرفع دعوى قضائية ضد المجلس الأعلى للقضاء بسبب خرق قانون حق النفاذ إلى المعلومة. وقد سبق وأن راسلت "أنا يقظ" المجلس الأعلى للقضاء في 25 سبتمبر/ أيلول 2017 للحصول على معطيات عن الأسباب الأساسية لنقلة عدد من القضاة، بعد الشك في وجود شبهة محاباة خلف هذه النقلة التي تمت في الحركة القضائية الأخيرة. وقد انقضت آجال مطلبي النفاذ إلى المعلومة والتظلم دوم أن تتلقى أنا يقظ أي إجابة تفسر الأمر.

وعن هذه المسألة، بيّنت المستشارة القانونية لـ"أنا يقظ" انتصار العرفاوي لـ"الترا تونس" أنّ المنظمة تقدّمت أيضًا بقضية ضدّ المحكمة الإدارية لدى المحكمة الإدارية وذلك لرفضها تمكين المنظمة من نسخ ورقية من التقارير السنوية للمحكمة من سنة 2010 إلى سنة 2014.

كما أضافت محدّثتنا أنه "تمّ مؤخرًا رفض إيداع نسخة من مطلب النفاذ لدى المحكمة الابتدائية في تونس وسنقوم خلال هذا الأسبوع برفع تظلم لدى هيئة النفاذ إلى المعلومة على رفض أخذ نسخة من مطلب النفاذ"، مشيرة إلى أنّ "المنظمة رفعت أكثر من 80 قضية لدى المحكمة الإدارية. ولكن القضية الأخيرة رفعت ضد المحكمة الادارية في حدّ ذاتها، وهو ما يخلق تضاربًا للمصالح إذا ما تعلّق الأمر بنزاع معها".

واجهت رابطة حقوق الإنسان مشكلًا في الحصول على المعلومة من المحاكم خلال إعدادها تقرير "القضاة التونسيون منخرطون في مناهضة الإفلات من العقاب"

اقرأ/ي أيضًا: النفاذ إلى المعلومة: حق دستوري لم تهضمه الإدارة التونسية

الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان واجهت نفس المشكل خلال إعدادها تقريرًا بعنوان "القضاة التونسيين منخرطون في مناهضة الإفلات من العقاب". وقد تضمن التقرير جزءًا يتعلّق بصعوبات إنجاز التقرير تمثّلت في صعوبات إجراء المحادثات مع القضاة وأخرى متعلّقة بالنفاذ إلى المعلومة. إذ تعذّر الاتصال بـ11 قاضيًا من بين الموافقين على إجراء المقابلات.

كما سعت الرابطة خلال إعداد التقرير إلى الحصول على أكبر عدد ممكن من الإحصائيات حول الشكايات والملفات المنشورة في المحاكم ووزارة العدل. وقد تمّ تقديم طلب كتابي لمصالح وزارة العدل للحصول على عدد الشكايات المنشورة بالمحاكم والأحكام الصادرة في قضايا التعذيب والقضايا المنشورة أمام الدوائر القضائية طبقًا لأحكام قانون النفاذ إلى المعلومة. وقد تم إيداع 7 مطالب نفاذ للمعلومة بالمحاكم المشمولة بالمحادثة.

وقد أجابت وزارة العدل أنّ عدد الشكايات المحفوظة سنتي 2015/2016 بلغ 112 ألف شكاية. ولم تجب المراسلة على المطلب المحدد وهو عدد الشكايات المتعلّقة بالتعذيب وسوء المعاملة. فيما أجابت المحكمة الابتدائية بالكاف بعدم وجود قضايا منشورة لديها تتعلق بالتعذيب والحال أنّ للرابطة معلومات حول وجود قضية تعذيب. فيما لم تجب المحكمة الابتدائية بنابل على الرابطة رغم أنّها عبّرت عن موافقتها المبدئية والعمل على حصر عدد الشكايات المتعلّقة بالتعذيب.

رئيس هيئة النفاذ إلى المعلومة لـ"الترا تونس": لم نتلق أي شكوى بخصوص رفض جهاز قضائي طلب النفاذ إلى المعلومة

في المقابل، بيّن رئيس هيئة النفاذ إلى المعلومة عماد الحزقي لـ"الترا تونس" أنّ الهيئة تلقت 60 عريضة شكوى ضد إدارات عمومية رفضت تمتيع الشاكين بحقهم في الاطلاع على الوثائق الإدارية، لكن فيما تعلّق بالأجهزة القضائية فإنّ الهيئة لم تتلق أي شكوى تتعلق برفض جهاز قضائي طلب النفاذ إلى المعلومة.

يشار إلى أنّ القانون ينصّ على أنّه يمكن لطالب النفاذ إلى المعلومة في حالة رفض مطلب التظلّم من قبل رئيس الهيكل أو عند عدم رده خلال أجل عشرة أيام من تاريخ توصله بالمطلب، أن يطعن في هذا القرار لدى هيئة النفاذ إلى المعلومة. وتبتّ الهيئة في الدعوى في أقرب الآجال الممكنة. كما يمكن لطالب النفاذ أو للهيكل المعني الطعن في قرار هيئة النفاذ إلى المعلومة استئنافيًا أمام المحكمة الإدارية.

لكن في المقابل قد تكون المحكمة الإدارية الخصم والحكم في نفس الوقت مثلما حصل مع منظمة أنا يقظ التي رفعت شكوى لدى المحكمة الإدارية بالمحكمة الإدارية التي رفضت تقديمها تقاريرها السنوية إلى جانب مطالب أخرى تتعلّق بمناظرة انتداب مستشارين مساعدين بالمحكمة. ورغم أنّ المحكمة الادارية، الهيكل الرئيسي المفترض اللجوء اليه للتظلم عند عدم استجابة أي هيكل آخر معني بضمان حق النفاذ إلى المعلومة، امتنعت هذه الهيئة القضائية عن تطبيق أحكام قانون النفاذ إلى المعلومة.

 

اقرأ/ي أيضًا:

تقارير الهيئات الرقابية في تونس.. أي مصير؟

هيئة النفاذ إلى المعلومة تتحفّظ على مشروع قانون حماية المعطيات الشخصية