02-أغسطس-2019

حملة تطوعية تشهد انتشارًا في مختلف الجهات

 

كسبت حملة على موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك لجمع الأغطية البلاستيكية الرّهان بتوفير خمسة كراسي متحركة لفائدة قاصرين عن الحركة العضوية خلال شهر جويلية /يوليو 2019، بالإضافة إلى كرسيين من عائدات الكميات المجمّعة فعلياً والتي تجاوزت 1200 كغ بدلاً عن 345 720 غطاء بلاستيكيًا كانت ملقاة في الطبيعة.

في مجموعة "مع بعضنا نلمو les bouchons d’amour" (نجمع معًا أغطية الحب)، يتداخل الافتراضي بالواقعي والإنساني بالبيئي، والهدف واحد هو "تونس واحدة بغضّ النظر عن الأحزاب والجهات" كما تقول صاحبة المبادرة التي تضم متطوعين من مختلف الجهات. هي مبادرة يُمنع فيها التسويق السياسي أو التجاري أو نشر شعارات وعلامات تجارية أو حزبية، لقطع الطريق أمام كل محاولة لتوجيه الحملة عن جانبيها الإنساني والبيئي.

تنظم مجموعة "مع بعضنا نلمو les bouchons d’amour" (نجمع معًا أغطية الحب) على فيسبوك حملة لجمع الأغطية البلاستيكية لاقتناء كراسي متحركة لفائدة القاصرين عن الحركة العضوية

وجمع الأغطية البلاستيكية هي هواية وفاء الورغمي قبل التفكير في إطلاق الحملة، وهي هواية عدد من التونسيين أيضًا ممن يجمعونها دون الاستفادة منها، لتمثل الحملة لاحقًا فرصة لرسكلة الأغطية وتوظيف عائداتها لشراء الكراسي المتحركة.

لكن هذا التحدي تحقق منذ إعلانه بإرسال مواطنين لكراسي متحركة قبل حتى تحصيل عائدات الأغطية المجمّعة، لتبلغ عدد الكراسي المجمّعة خمسة كراسي وذلك قبل نهاية التحدي بيوم واحد، وسيتفق المشرفون على الحملة على كيفية توزيعها.

اقرأ/ي أيضًا: فاروق العيشاوي.. شاب قارع البطالة بالعجلات المطّاطية

حملة عالمية بنكهة تونسية

لم يخطر ببال وفاء الورغمي، صاحبة المبادرة، أن تدوينة لها على موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، يوم 28 جوان /يونيو 2019 ستتحول إلى حملة واسعة جابت البلاد شرقها وغربها، مواطنون يتبادلون تجاربهم في مجموعة خاصة تضم حوالي 20 ألف عضو خلال شهر، أغلبهم ينشطون في جمع أغطية القوارير البلاستيكية.

وتتمثل الفكرة في جمع أكبر عدد ممكن من الأغطية البلاستيكية لقوارير الماء، أو المشروبات الغازية أو الزيت أو غيرها يتم جمعها وبيعها إلى مصانع الرسكلة، وإعلان تحدّ كل شهر بدءًا بتحد لاقتناء كرسي متحرك وهو ما قرره أعضاء المجموعة نسجًا على منوال ما هو معمول به في تجارب عالمية.

تُجمع القوارير البلاستيكية لتُباع لمراكز الرسكلة 

ففي فرنسا على سبيل المثال، تمكنت جمعية ناشطة في هذا المجال من رسكلة 13395 طن أي ما يعادل 3 مليار و667 غطاء بلاستيكيًا منذ تأسيسها في ماي/آيار 2005، تخصص عائداتها لاقتناء تجهيزات لذوي الحاجيات الخصوصية.

الآلاف من المتطوعين التونسين شاركوا قصصهم مع جمع الأغطية البلاستيكية حيث ما حلّوا، في الأفراح، وعلى الشواطئ، وفي مراكز عملهم، وفي ذهابهم وإيابهم الى المساجد، وفي المقاهي وحتى في الفضاءات التجارية الكبرى، وذلك عندما يتوجهون إلى الجناح الخاص بقوارير المشروبات الغازية أو العصائر يتحسّرون على تفويت الغنيمة.

لم يخطر ببال وفاء الورغمي، صاحبة المبادرة الخيرية، أن تدوينة لها على فيسبوك ستتحول إلى حملة واسعة جابت البلاد شرقها وغربها 

الأعراس هي الأخرى والحفلات في المهرجانات، مقاصد لم يفوّتها جامعو الأغطية البلاستيكية يتباهون بما حصّلوه أوّل بأول في المجموعة على الفضاء الأزرق، في سباق مع الزّمن من أجل بلوغ الهدف بتحصيل 370ألف غطاء بقيمة 500 من أجل شراء كرسي متحرك.

وتجرى أيضًا حملات ميدانية جماعية منظمة للجمع في مختلف الجهات، يتشارك فيها متطوّعون من مختلف الأعمار، ويساهمون بدورهم في التوعية والتحسيس ونشر الحملة، وقد بلغت منذ يوم 18 جويلية/يوليو 6 حملات ميدانية أغلبها في تونس العاصمة.

تجاوز الصعوبات بإرادة قوية

محمد تيسير النهدي، أحد أبرز المشرفين على المبادرة على فيسبوك ومنظم الحملات الميدانية، يتحدث لـ"ألترا تونس" قائلًا: "رغم أن هذا التحدي هو أول اختبار للمجموعة والناشطين فيها ورغم أن البدايات دائمًا ما تكون صعبة، إلا أننا تغلبنا على الصعوبات بإرادة قوية وطاقة إيجابية كبيرة نستمدها كلما عجزنا من الأعضاء الذين أبهرونا بتعاونهم اللوجستي سواء بتوفير سيارات للتنقل أو مساحات في بيوتهم لتخزين الكميات الكبيرة من الأغطية".

محمد تيسير النهدي (منظم الحملات الميدانية): تغلبنا على الصعوبات بإرادة قوية وطاقة إيجابية كبيرة نستمدها كلما عجزنا من الأعضاء الذين أبهرونا بتعاونهم اللوجستي

اقرأ/ي أيضًا: عندما ينبض الفنّ من رفراف...

ويضيف محدثنا، الناشط سابقًا في جمعية بيئية، أنه سعيد بالتفاعل الواسع من مختلف شرائح المجتمع التونسي ودعمهم المتواصل للحملة. وفي الأسرة بين الأصدقاء وفي العمل، صارت أغطية القوارير غنيمة تُهدى، توشّح صدور البيت ويصنع منها لوحات فنية للتحيّة.

وأكد محمد تيسير أن الهدف كان الوصول إلى أكبر عدد ممكن من التونسيين وتشريكهم في فكرة جمع الأغطية البلاستيكية وتحسيسهم بعدم إلقائها في الطبيعة، وأن يكونوا يدا واحدة في مجابهة الكوارث الطبيعية جراء النفايات وإنقاذ ما يمكن إنقاذه وفق تعبيره.

وأفاد أن 10 في المائة من التونسيين يحافظون على البيئة مقابل 90 في المائة لا يعون بمسؤولياتهم في الحفاظ عليها ويهملون دورهم في توعية أبنائهم بالخطر القادم على الطبيعة. ويعود ذلك بالأساس، بحسب محدّثنا، إلى النظام التربوي الذي يفتقر إلى مواد بيئية تدرس في المدارس والمعاهد والى غياب مواد تطبيقية تحدّ من الاستعمال المفرط للمواد البلاستيكية.

توصيات ومشاريع جديدة.. الحملة مستمرّة

يزن الغطاء البلاستيكي حوالي 10 غرامات، ولعل انخفاض وزنه يفسر إحجام جامعي القوارير البلاستيكية عن جمعها، وكثيرًا ما يضطرّون إلى إزالتها لإفراغ الهواء من القوارير وربح مساحة إضافية للحفظ، إذ لا يخلو محيط حاوية للفضلات من أعداد كبيرة من الأغطية البلاستيكية. 

حملة جمع الأغطية البلاستيكية تجمع بين الغايات الإنسانية والبيئية في نفس الوقت

وعلى المجموعة في فيسبوك، منشورات بين الحين والآخر تدعو الأعضاء إلى ضرورة جمع القوارير في كيس بالقرب من حاوية الفضلات كي لا يهدر جامعها وقتًا إضافيًا، وتوصيهم بضرورة جمع الفضلات أيضًا للمحافظة على نظافة المحيط، خاصة وأن النفايات البلاستيكية تصل إلى 500 عام لتتحلّل.  

وبحلول نهاية الشهر ومع نفاذ مهلة التحدي الأول، بدأت أكياس وصناديق الأغطية المجمعة تتوافد من الجهات، يرسلها منسقون محليون عبر سيارات الأجرة والحافلات وغيرها من الوسائل. وفي منزله بمنطقة المروج في تونس العاصمة، تطوع أحد الأعضاء لاستقبالها في محطّتها الأخيرة في انتظار وصول كميات جديدة من مراكز التجميع، قبل تحويلها إلى مصنع للرسكلة. 

تستقطب حملة جمع الأغطية البلاستيكية أعضاء جددًا بشكل مستمر وسط تنافس لتحطيم الأرقام القياسية من أجل الأعمال الخيرية

 داخل المجموعة، ما تزال المنافسات على أشدّها بين أعضاء يريدون تحطيم أرقام قياسية من أجل تحدّ جديد يتم تحديده بعد إعلان النتيجة النهائية للشهر الماضي، قد تذهب عائداتها إلى صيانة مؤسسات تربوية أو توفير مستلزمات مدرسية للمحتاجين، لتكون نموذجًا للعطاء المزدوج للطبيعة وللآخر تكون وسائل التواصل الاجتماعي سببًا في انتشارها وتوطّدها، خاصة وان الحملة تستقطب أعضاء جددًا بشكل مستمر، منها انضمام فوج الكشافة التونسية بمسجد عيسى بالمنستير.

 

اقرأ/ي أيضًا:

ماهي انعكاسات حريق مصب برج شاكير على الإنسان والبيئة؟

ناصر غريرة.. عن إبداع تحويل مخلّفات النخيل إلى تحف وأثاث