07-مارس-2018

تونسيون يمارسون رياضة البلوغينغ (هندة بناني/ فيسبوك)

شهدت بعض المناطق التونسية في الآونة الأخيرة انتشارًا واسعًا لرياضة جمع القمامة وهي رياضة ذات بعد اجتماعي توعوي ابتكرها ناشطون في مجال حماية البيئة بالسويد. ولتحسين لياقتك البدنيّة ليس عليك سوى الركض والانحناء لالتقاط القمامة بين الفينة والأخرى في صيحة رياضية جديدة تجمع بين الجانب الصحّي والجانب المجتمعي التطوّعي.

وقد لاقت هذه الرياضة رواجًا كبيرًا نظرًا لفاعليتها في الحفاظ على رشاقة الجسم من ناحية والحفاظ على نظافة البيئة من ناحية أخرى، وسمّيت بالـ"بلوغينغ" لأنها تجمع مع مفردتي "jogging" أي الركض و"plocka up" أي الالتقاط باللغة السويدية، وفق ما أوردته صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية.

هذه الرياضة أطلقها نشطاء سويديون مهتمون بالشؤون الصحية والرياضة الجسمانية، وقد انتشرت بشكل كبير في السويد قبل أن تجد رواجًا في بلدان أخرى على غرار تونس حيث انتشرت مؤخرًا على مواقع التواصل الاجتماعي صور لأشخاص يمارسون هذه الرياضة. وقد بادر عدد من المدونين والنشطاء بالترويج لرياضة جمع القمامة من خلال تكوين مجموعات للركض وجمع القمامة الملقاة في الأماكن العامة.

ومن بين الناشطين الأوائل في الـ"بلوغينغ" أعضاء جمعية "rando tour" وهي جمعيّة مقرّها تونس العاصمة ويتمثّل نشاطها في رياضة المشي لمسافات طويلة والتخييم. وفي هذا الصدد، يشير رئيس الجمعية صابر حدّاد إلى أنّه اقترح فكرة ممارسة رياضة جمع القمامة إثر مشاهدته لفيديو يوثّق لهذه الرياضة في السويد لتكون تونس البلد الثاني الذي يمارسها، طبقًا لقوله.

ويقول حداد في حديثه مع "الترا تونس" إن هذا النوع من الأنشطة ليس بالجديد على الجمعية التي تقوم بتنظيف الأماكن التي تشهد أنشطة التخييم من جبال وغابات وشواطئ.

رئيس جمعية "روندو تور": رياضة الـ" بلوغينغ" لا تتطلّب إمكانيات كبيرة وتونس الدولة الثانية في ممارستها بعد السويد

صابر حداد رئيس جمعية "روندو تور" (فيسبوك)

اقرأ/ي أيضًا: دعوة من أجل "ثورة الدراجات" في تونس

ويضيف أنّ قرار الشروع في تنظيم أنشطة لممارسة رياضة جمع القمامة يرجع إلى انتشار الأوساخ في الأحياء السكنية وتهاون بعض المواطنين مع هذه الظاهرة، مشيرًا إلى أنّ السلطات المحلّية وحدها لا تقدر على الحدّ منها. ويشير أيضًا إلى أنّ "حملات جمع الأوساخ في المدن والأحياء السكنيّة مناسبتية وتكاد تكون نادرة" لذلك قررت جمعية "روندو تور" أن تقرن رياضة الجري بجمع القمامة.

ويبرز صابر حدّاد أن رياضة الـ" بلوغينغ" لا تتطلّب إمكانيات كبيرة فممارسوها فقط في حاجة إلى قفّازات لتجنّب الإصابات والمضار الصحّية وأكياس لجمع الفضلات، ملاحظًا أنّ الجمعية هي التي تتولى توفيرها للمشاركين في أنشطتها.

وعن انطلاقة الـ"بلوغينغ" في تونس يقول حدّاد إنّ أوّل نشاط نظمته جمعية "روندو تور"، التي تضم 500 عنصر، كان يوم 3 شباط/ فبراير الماضي في منتزه البلفيدير بتونس العاصمة وتلته ثلاثة أنشطة بمنتزهات أخرى، موضّحًا أنّ اختيار الأماكن العامة لممارسة رياضة جمع القمامة يهدف إلى توعية مرتادي هذه الأماكن بضرورة الحفاظ على نظافة البيئة.

وعن كيفية تنظيم الأنشطة يشير إلى أنّه يتم الإعلان عنها على صفحة الجمعية على موقع فيسبوك في تدوينة تضم مكان النشاط وتاريخه. ويقول رئيس جمعية "روندو تور" إنّ النتائج بدأت في الظهور من خلال تكثيف أنشطة الـ"بلوغينغ" خارج العاصمة التونسية إذ شملت محافظات المنستير وبنزرت ونابل ومن المنتظر أن تشمل محافظتي صفاقس وسوسة قريبًا.

العديد من التطبيقات المختصة بالرياضة وحساب نسب حرق السعرات الحرارية صنفت الـ"البلوغينغ" رياضة فعليّة

وبخصوص التنسيق مع السلطات المحلّية، يقول حدّاد إنّ الجمعية خيرت أن تطلق هذا النوع الجديد من الرياضة دون طلب الإذن من السلط المحلّية لأن ذلك من شأنه أن يخلّف تأخيرًا في الانطلاقة، مضيفًا أنه من الوارد أن يكون هناك تعاون مع السلطات المحلية في مرحلة لاحقة.

وقد صنّفت العديد من التطبيقات المختصة بالرياضة وحساب نسب حرق السعرات الحرارية، الـ"البلوغينغ" رياضة فعليّة. وفى الولايات المتحدة بدأت الرياضة بالظهور وسط تشجيع المؤسسات البيئية على ممارستها. وأوضح تطبيق "Lifesum" السويدي، أن الـ"بلوغينغ" تحرق 288 سعرًا حراريًا فى 30 دقيقة، فيما يحرق الركض العادي 235 سعرًا حراريًا، على اعتبار أنّ حركات الانحناء والاستقامة مجددًا لجمع القمامة خلال الجري تبدو أكثر فعالية لزيادة ضربات القلب التي تؤدي إلى نتائج أفضل لحرق السعرات الحرارية.

تونسيون يمارسون البلوغينغ (هندة بناني/ فيسبوك)

ويدعو صابر حدّاد إلى تكثيف التغطية الإعلامية لرياضة جمع القمامة بهدف تشكيل وعي اجتماعي بضرورة الحفاظ على نظافة البيئة من ناحية وعلى اللياقة البدنية للأفراد من ناحية أخرى. ويلاحظ أنّ بعض الممارسات تنتقل بين الأفراد بفعل العدوى ولذلك فإن تكثيف أنشطة ممارسة الـ"بلوغينغ" ستجعل الأفراد يقلدون بعضهم البعض وستصبح رياضة الجري مرتبطة بالتقاط الأوساخ من الأرض. ويتابع: "حينما تنتشر رياضة جمع القمامة سينخرط فيها المواطن التونسي بطريقة عفوية وسيقلع عن رمي القمامة في الشارع وسيلتزم بالتقاطها إذا وجدها في الفضاء العام"، مشيرًا إلى أن انتشار الأوساخ في الأماكن العامة أصبح مقلقًا ويشكّل خطرًا على البيئة وعلى صحّة الأفراد.

ولئن لاقت هذه الرياضة المستحدثة صدًى طيبًا في صفوف رواد مواقع التواصل الاجتماعي، إلا أنها لا تزال بحاجة إلى مزيد من الوقت كي تترسخ في ثقافة التونسي، الذي لم يدرك بعد أهمية الرياضة في حياته ولم يتعود، في غالبيته، على المشاركة في نشاطات تطوعية تهدف إلى حماية البيئة. وقد تكون هذه الرياضة في يوم من الأيام عاملًا مساهمًا في تغيير نظرة المواطن التونسي لمحيطه ونفسه.

تونسيون أثناء ممارسة البلوغينغ

 

اقرأ/ي أيضًا:

الشرطة البيئية أخيرًا في تونس.. الأمر بالنظافة والنهي عن التلوث!

تستور.. قطب واعد للسياحة الجبلية في تونس