15-ديسمبر-2018

قدم لطفي الحجي شهادته بخصوص محاولات النظام السابق تدجين نقابة الصحفيين (هيئة الحقيقة والكرامة)

الترا تونس - فريق التحرير

 

قدّم الصحفي ورئيس تحرير مجلة حقائق سابقًا ومدير مكتب قناة الجزيرة في تونس حاليًا لطفي الحجي شهادته حول التضييقات على حرية الصحافة زمن الاستبداد خلال جلسة استماع علنية بعنوان "منظومة الدعاية والتضليل الإعلامي"، عقدتها هيئة الحقيقة والكرامة، مساء الجمعة 14 ديسمبر/ كانون الأول 2018، خلال اليوم الأول من مؤتمرها الأخير الذي يستمرّ على مدى يومين.

لطفي الحجي: الصحفيون الذين تجرؤوا على السلطة كان مصيرهم الطرد بصفة آلية

وقال الحجي إن المنظومة القديمة كانت تعمل على السيطرة على الإعلام وفق طريقة منظمة وأساليب محددة انطلقت مع الرئيس الراحل الحبيب بورقيبة الذي كان يعتقد أن الدولة الحامية يجب أن تحجب المعلومة ولا تمكن مواطنيها إلا من المعلومة التي تراها صالحة لهم، مشيرًا إلى أن بورقيبة لم يكن يتردّد في أن يملي الخبر على مراسلي وكالة تونس إفريقيا للأنباء أو التدخل في مسار البرامج الإذاعية لتغيير مجراها.

وأضاف أن الأسلوب الثاني الذي كان قد انطلق في عهد بورقيبة وتدعم في عهد بن علي تمثل في زرع مخبرين للتنكيل بالصحفيين، مبينًا أنه في عهد بن علي كانت هناك قبضة حديدية على القطاع الإعلامي بعد استراحة دامت سنتين من 1987 حتى 1988 وأن هذه القبضة كانت وفق معايير أمنية برع فيها بن علي.

لطفي الحجي: تم شراء ذمم بعض الصحفيين داخليًا وخارجيًا وتجنيدهم من أجل كتابة مقالات إيجابية مقابل المال من قبل الوكالة التونسية للاتصال الخارجي

وأوضح أنه كان هناك نوعان من المخبرين: الأول الصحفي الذي يحولونه إلى مخبر، مشيرًا إلى أن العديد من الصحفيين تعرّضوا لضغوطات منهم من صمد ومنهم من لم يستطع الصمود، ومبرزًا أن الصنف الثاني تمثل في أمنيين وقع زرعهم في القطاع وتحصلوا حتى على بطاقة الصحفي المحترف، وأنه بهذا خلق بن علي نوعًا من الصمت داخل المؤسسات الإعلامية.

وأضاف أن المنع من النشر كان استباقيًا في أحيان كثيرة، مشيرًا إلى أن الصحفيين الذين تجرؤوا على السلطة كان مصيرهم الطرد بصفة آلية، وأن المعاقبة كانت تحصل أحيانًا على النوايا، فضلًا عن شراء ذمم بعض الصحفيين داخليًا وخارجيًا وتجنيدهم من أجل كتابة مقالات إيجابية مقابل المال من قبل الوكالة التونسية للاتصال الخارجي.

وتطرّق لطفي الحجي إلى مسار محاولته بمعيّة صحفيين آخرين تشكيل نقابة للصحفيين والمنع والمضايقات التي جوبهوا بها في مقابل دعم الاتحاد الدولي للصحفيين ومنظمات دولية مدافعة عن حقوق الإنسان لهم، الأمر الذي دفع النظام إلى تحويل جمعية الصحفيين التونسيين إلى نقابة سنة 2008. وبيّن أن مؤتمر النقابة الأول مثّل صفعة للنظام باعتبار أنه وقع انتخاب مكتب مستقلّ أصدر أول تقرير للحريات وكان ذلك سببًا في الانقلاب على النقابة فيما بعد.

سكينة عبد الصمد: ما هو مصير أرشيف البوليس السياسي؟

وفي الإطار ذاته، أكدت عضو المكتب التنفيذي للنقابة الوطنية للصحفيين التونسيين سكينة عبد الصمد في شهادتها أن انتخاب أول مكتب تنفيذي لنقابة الصحفيين والذي كان مستقلًا سنة 2008، مثّل صفعة للنظام لافتة إلى أنه وقعت محاولات لاستقطابهم وإغرائهم لكنها لم تنجح.

وأضافت عبد الصمد أنه عند فشل محاولات احتواء أعضاء المكتب التنفيذي آنذاك بدأت محاولات الانقلاب على المكتب ووقعت محاولة جمع 500 إمضاء لحلّه لكنها باءت بالفشل، موضحة أن الندوة الصحفية للإعلان عن تقرير الحريات أول محاولة للركوب على النقابة والانقلاب عليها إذ تمّ تحويل الندوة الصحفية إلى تلاسن ومحاولة اعتداء نقيب الصحفيين.

ولفتت إلى المؤتمر الاستثنائي الانقلابي الذي قالت إنه مثل خرقًا للقانون مذكرة بمحاصرة البوليس السياسي لمقرّ النقابة عندما كانت النقيبة الراحلة نجيبة الحمروني والصحفي زياد الهاني داخله ومضيفة أنه بعد إصرار عدد من الصحفيين على السماح لهما بالخروج تمّ ذلك وواصل أعضاء المكتب العمل وعقد اجتماعات في الفضاءات العامة والمقاهي.

سكينة عبد الصمد: بعض الوجوه التي كانت سابقًا تكتب التقارير ضد زملائها ترتع اليوم على رأس بعض المؤسسات والإدارات وحتى في رئاسة الحكومة

وبيّنت سكينة عبد الصمد أنه بعد الثورة استعاد المكتب التنفيذي الشرعي مقرّه مشيرة إلى أن التضييقات على الصحفيين استمرّت بعد الثورة سواء في فترة الترويكا عبر حملات الشيطنة والتكفير ومحاولات التدخل في الخط الإعلامي لبعض مؤسسات الإعلام العمومي أو بعد انتخابات 2014.

وأوضحت أن ما يحزّ في نفسها هو أن الإعلام العمومي اليوم بصدد التراجع ويشكو فقرًا على مستوى البرامج وغيرها إلى جانب التعيينات الفوقية التي تتوالى وتدفع إلى الاحتقان داخل المؤسسات الإعلامية العمومية، مؤكدة أن هناك إسنادًا لخطط وظيفية وفق المحسوبية والولاءات ومعتبرة أن ذلك سيعود بناء إلى الوراء.

وشددت على الحاجة إلى "وقفة قوية"، وفق تعبيرها، كي لا يعود الإعلام العمومي حكوميًا، مشيرة إلى أن بعض الوجوه التي كانت سابقًا تكتب التقارير ضد زملائها ترتع اليوم على رأس بعض المؤسسات والإدارات وحتى في رئاسة الحكومة، إلى جانب مصير المؤسسات الإعلامية المصادرة الذي مازال مجهولًا.

وأشارت عبد الصمد إلى أن مؤسسات الإعلام الخاصة اليوم يتمّ إغداق أموال عليها وهي تتخذ اليوم مسارات اصطفاف سواء وراء حركة النهضة أو رئيس الحكومة يوسف الشاهد أو رئيس الجمهورية الباجي قائد السبسي، كما تلجأ إلى الإثارة بما في ذلك من إخلالات وتجاوزات لأخلاقيات المهنة.

وأبرزت أن وسائل الإعلام الخاصة مؤثرة خاصة أمام تراجع الإعلام العمومي قائلة "المؤسسات الخاصة تقوم بعمل قذر جدًا.. هناك رداءة وعودة نحو إرجاع بعض الأبواق الدعائية القذرة التي لا نحتاجها في تونس"، حسب تعبيرها. وتساءلت عن مصير أرشيف وكالة الاتصال الخارجي وأرشيف البوليس السياسي، مضيفة أن هناك قائمة سوداء يجب أن تصدر ولكن النقابة لم تتمكن من الحصول عليها ومعربة عن أملها في أن يقع تمكين هيئة الحقيقة والكرامة منها.

 

اقرأ/ي أيضًا:

في شهادة محمد بنور.. قصص تدجين الإعلام زمن بورقيبة وبن علي

المؤتمر الختامي لهيئة الحقيقة والكرامة.. تعرف على تفاصيله