04-يونيو-2018

تتجه لجنة الحريات الفردية والمساواة نحو المطالبة بتغيير عديد الفصول من المجلة الجزائية

أنهت لجنة الحريات الفردية والمساواة، التي أنشأها رئيس الجمهورية الباجي قائد السبسي يوم 13 أوت/ آب 2017 ومهمتها إعداد تقرير عن الإصلاحات التشريعية المتعلقة بالحريات الفردية والمساواة، تقريرها في كنف الكثير من التكتم بخصوص مضمونه والنقاط التي قدمت اللجنة توصيات ومقترحات بشأنها والتي من المنتظر أن تثير الكثير من الجدل في الأيام القادمة خاصة أنها ستطال مواضيعًا لطالما اعتبرها المجتمع التونسي، في غالبيته، من المقدسات أو من التابوهات التي لا يجوز المساس بها لأسباب دينية أو أخلاقوية.

صلاح الدين الجورشي لـ"الترا تونس": طالبنا بتنقيح بعض فصول المجلة الجزائية خصوصًا المتعلقة بالفحص الشرجي

ورغم بعض التسريبات التي تصل إلى مسامع الرأي العام أحيانًا، والتي تمّ إنكار صحة بعضها، تصرّ اللجنة على إبقاء ثمرة عملها سرية حتى تقوم بتسليمها إلى رئاسة الجمهورية ليتولى رئيس الدولة تقرير مصير التوصيات التي يتضمنها التقرير وتحويلها إلى مشاريع قوانين إذا ارتأى ذلك.

وفي هذا السياق، يقول عضو لجنة الحريات الفردية والمساواة صلاح الدين الجورشي، في تصريح لـ"الترا تونس"، إن التقرير ركز على مسائل عديدة هامة تشمل كلّ ما يتعلّق بالعلاقات الأسرية والعلاقة بين المرأة والرجل داخل الأسرة.

ويشير الجورشي إلى وجود بعض مظاهر التمييز التي يجب أن يتم تصحيحها وتجاوزها مبينًا أن اللجنة قدمت مقترحات تتعلق بهذا السياق إلى جانب مسائل تهمّ الفرد والمجتمع.

ويبرز أن التقرير يؤكد أن الفرد موجود في المجتمع والمجتمع له أهميته وقوانينه ولكن لا يجب على هذا الأخير أن يسحق الفرد أو يهمله موضحًا أن عديد المسائل المرتبطة بهذه القضية بقيت غامضة وتحتاج إلى ضرورة حماية وتحصين المجال الخاص للفرد.

ويلفت محدثنا إلى أن تقرير اللجنة أكد ضرورة تنقيح بعض فصول المجلة الجزائية خصوصًا المتعلقة بالفحص الشرجي مشددًا على أن هذه العملية تعدّ مسًا بذات الفرد ومهينة ولا يمكن اعتمادها في تونس التي تريد أن تكون ديمقراطية وقائمة على حماية كرامة الإنسان.

وبخصوص إمكانية تعارض الحريات الفردية والمساواة في الميراث مع الشريعة الإسلامية، يوضح صلاح الدين الجورشي أن الشريعة كلمة فضفاضة مضيفًا أن "الشريعة هي المنهاج والسياق العام والشريعة إذا نظرنا إليها بهذا المفهوم الواسع نجد أنها يجب أن تتكامل مع المبادئ الأساسية لحقوق الإنسان".

يتضمن تقرير لجنة الحريات الفردية والمساواة مقترحًا يسمح لصاحب التركة باختيار كيفية توزيع ثروته قبل مماته

ويؤكد في هذا الإطار أن هناك حاجة إلى عمل فيه بعد تجديدي عميق من أجل أن يصبح هذا التوجه الذي يطلق عليه الشريعة، غير متعارض مع مبادئ القانون والوثيقة الدولية لحقوق الإنسان مشيرًا إلى أن هذه المهمة بدأ فيها البعض ولكنها تحتاج إلى عملية استكمال بشكل أكثر جدية وأكثر جرأة وشجاعة.

ويبيّن محدثنا أن هناك خللًا في مستوى الفكر الإسلامي في نقطة الحريات الفردية موضحًا أن الفكر الإسلامي وبالذات الفكر الفقهي في البداية ركز على المسائل العقائدية وتجنب الخوض في المسائل ذات الطابع السياسي نتيجة الاستبداد والأنظمة المستبدة التي هيمنت طيلة التاريخ الإسلامي.

ويضيف أنه بعد ذلك بدأ هذا الفكر يدرك أهمية البعد السياسي فوقع التركيز على مسألة الشورى والديمقراطية مبرزًا أن المشكلة الأساسية المطروحة اليوم في مجتمعاتنا تتعلق بالحريات الفردية خاصة أنه عند العودة إلى الفقة الإسلامي نادرًا ما يتم العثور على إشارات خفيفة لمسألة الحريات الفردية والمساواة.

ويشير إلى أنه في إطار تدارك هذا الخلل وهذه الثغرة من المهم الاهتمام بهذا الجانب لافتًا إلى أن الفرد تعرّض لعملية إخفاء وتحديد مجالاته دون أن يقع تأسيس فكرة الفرد كقيمة وكذات معنوية مهمة. ويشدد الجورشي على ضرورة إعادة الفرد من جديد وتمكينه من حرياته الأساسية.

من جهة أخرى، علمت "الترا تونس" من مصادر مطّلعة أن تقرير اللجنة يتضمن 30 مقترحًا وتوصية وأن هذه المقترحات ستحاول الوصول إلى الحد الأقصى من الحريات والمساواة وإذا لم يكن ذلك ممكنًا سيكون هناك توافق حولها. وفي ما يتعلق بمسألة المساواة في الإرث، سيقترح التقرير في إحدى نقاطه إقرار المساواة مع إضافة تنصّ على أنه لصاحب التركة حرية الاختيار في توزيعها قبل وفاته. أما إذا توفي دون ترك وصية، فسيتمّ اعتماد المساواة في الميراث.

 

اقرأ/ي أيضًا:

بشرى بلحاج حميدة: نحو المساواة بين المرأة والرجل في النفقة والحضانة

إلغاء المهر، حرية اختيار اللقب والمساواة في الميراث في تونس.. جدل يتصاعد