ببادرة من جمعية 1864 واتحاد أصحاب الشهائد المعطلين عن العمل، تمّ تأسيس "الجامعة الشعبية"، يوم 13 شباط/فبرايرالجاري، بمنطقة سيدي حسين السيجومي، أحد أكبر الأحياء الشعبية المتاخمة للعاصمة والأشدّ فقرًا وتهميشًا، والتي تتميز بارتفاع نسب البطالة والانحراف والانقطاع الدراسي. الدراسة في الجامعة مفتوحة، انطلاقًا من شهر آذار/مارس الجاري، لكل راغب في ذلك سواء كان عاملًا أو منقطعًا عن الدراسة، وكل آمل في تحسين مستواه الدراسي والمعرفي. التسجيل في "الجامعة الشعبية" مجاني والأساتذة سيقدمون محاضراتهم دون مقابل مادي، وسيقع الاتصال بالوزارات المعنية لتصبح الشهادات المقدمة معتمدة من طرف الدولة التونسية.
تهدف "الجامعة الشعبية" في تونس إلى تكوين الشباب المنقطع عن الدراسة مجانًا في شتى الاختصاصات عن طريق أساتذة تطوعوا من أجل ذلك
تهدف "الجامعة الشعبية" إلى تكوين الشباب المنقطع عن الدراسة مجانًا في شتى الاختصاصات من الفلسفة وصولاً إلى المسرح والسينما عن طريق أساتذة تطوعوا من أجل تحقيق أحد شعارات حركة 5 فبراير 1972 الطلابية، حسب تعبيرهم.
اقرأ/ي أيضًا: تونس.. المفروزون أمنيًا على الطاولة!
وكانت "حركة 5 فبراير المجيدة"، كما يسميها أبناء الحركة الطلابية إلى اليوم، من أهم المحطات النضالية من أجل استقلالية المنظمات الطلابية عن السلطة الحاكمة آنذاك كما مثلت إحدى أهم مراحل الصراع بين الحركة الطلابية المتعطشة للحرية والديمقراطية وبين الحكم البورقيبي الذي كان يعارض التعددية والرأي المخالف عن سياسته القائمة آنذاك، وحملت حركة 5 فبراير 1972 شعارات "جامعة شعبية وتعليم ديمقراطي"، "الحركة الطلابية جزء من الحركة الشعبية" وغيرها من الشعارات.
ويضمّ المشروع الجديد على الساحة الثقافية التونسية، مشروع "الجامعة الشعبية"، وجوهًا مثقفة، محسوبة على اليسار التونسي، ومنها المخرج نصر الدين السهيلي، والمسرحي أحمد أمين بن سعد والأستاذ كمال الزغباني والفنان ياسر جرادي وغيرهم من الناشطين في مجالات الفكر والفنون. وتحمل "الجامعة الشعبية" اسم محمد علي الحامي، النقابي العصامي والذي أسس جامعة عموم العملة التونسيين سنة 1924، وهي أوّل منظمة نقابية بالبلاد التونسية وقد درس الحامي في جامعة شعبية في ألمانيا.
حول مشروع "الجامعة الشعبية" "محمد علي الحامي"، يقول الأستاذ كمال الزغباني لـ"الترا صوت": "إن أول من بادر بالمشروع "اتّحاد أصحاب الشهائد المعطّلين عن العمل" وجمعيّة 1864، وتفاعل معهما عدد من الجامعيين والفنّانين والفاعلين في مجالات الفكر والثقافة والفنون". ويضيف: "اخترنا الانغماس أساسًا في الأحياء الشعبية، في مرحلة أولى على الأقلّ، لأنّنا نطمح إلى أن تنتشر الجامعة الشعبية في كافّة أنحاء البلاد، لا سيما في المناطق الداخلية والجهات المستبعدة من الأنشطة المعرفية والثقافية والفنّية".
اقرأ/ي أيضًا: أي علاقة بين اختيار المسار التعليمي والبطالة؟
ينشد مؤسسو هذا المشروع تكوين "مجتمع تتوفر فيه جميع الحقوق لكل الناس ويتمكّن من خلاله جموع الناس من المضيّ أكثر نحو مجتمع العدالة الاجتماعية والكرامة الإنسانية"، حسب الزغباني. وتأتي الجامعة الشعبية في إطار مشروع مواطني لتوفير فرص حقيقية للشباب الذين يعانون الإقصاء والتهميش للانخراط في الدورة الاقتصادية.
تعتبر الجامعة الشعبية أول المشاريع الطموحة لمحاربة الجهل والإرهاب في الأحياء الشعبية، التي تعتبر أحد أهمّ الجيوب لتفريخ الإرهاب، واليوم يحاول جزء من النخب التونسية الاستثمار في العقل التونسي بعيدًا عن الإرهاب والتسويف الحكومي حول وعود التشغيل لبناء وعي تونسي ربما يقدر مستقبلًا على التغيير والتقدّم بالبلد نحو آفاق أفضل. فهل تنجح التجربة في الأحياء الشعبية التونسية ليكون شبابها صمام الأمان عوضًا عن خزّان الإرهاب كما يصفه البعض؟
اقرأ/ي أيضًا: