الترا تونس - فريق التحرير
حين الحديث عن الانتخابات في تونس، لا تجد حديثًا لدى الطبقة السياسية إلا عن الانتخابات البلدية التي جرت في بداية ماي/آيار الماضي، أو عن الانتخابات التشريعية والرئاسية المرتقبة في خريف 2019، بينما تغيب الانتخابات الجهوية عن الأجندة السياسية. أما لدى التونسيين، فعلى الأرجح أن أغلبيتهم العظمى لا يعلمون أنهم سينتخبون أعضاء المجالس الجهوية، كما انتخبوا قبل أسابيع أعضاء المجالس البلدية.
إذ تتجسد اللامركزية، وفق دستور 2014، في جماعات محلية تتكون من بلديات وجهات وأقاليم. وينص الفصل 133 من الدستور أنه تُنتخب المجالس البلدية والجهوية انتخابًا عامًا ومباشًرا، فيما يقع انتخاب مجالس الأقاليم من قبل أعضاء المجالس البلدية والمحلية.
لا يوجد حديث داخل الطبقة السياسية حول الانتخابات الجهوية رغم ضرورتها في إطار إرساء منظومة الحكم المحلي
وإن تمّ حاليًا انتخاب أعضاء البلديات، لم يقع بعد انتخاب المجالس الجهوية، وعددها 24 إذ تُعتبر كل ولاية هي جهة، وهو ما يعطّل إرساء منظومة الحكم المحلي اللامركزي على النحو المكرس دستوريّا وكذا على النحو الذي نظمته مجلة الجماعات المحلية. فدون انتخاب أعضاء المجالس الجهوية، لا يمكن إرساء مجالس الأقاليم، ولا يمكن كذلك تركيز المجلس الأعلى للجماعات المحلية.
اقرأ/ي أيضًا: هل تتلاعب مؤسسات سبر الآراء بالرأي العام التونسي؟
كما أن هذه المجالس الجهوية تتمتع بصلاحيات هامة منها الذاتية على غرار وضع مخططات لدفع التنمية بالجهة وتنظيم النقل غير الحضري داخل الجهة، إضافة لعديد الصلاحيات المشتركة مع السلطة المركزية منها انجاز المناطق الصناعية والتجارية والسياحية، ووضع مخططات التهيئة الترابية والمحافظة على المناطق الطبيعية والأثرية. ويمكن للسلطة المركزية أن تنقل بعض صلاحياتها للمجلس الجهوي منها بالخصوص في مجال صيانة البنية الأساسية والمباني العمومية.
وقد نص القانون الانتخابي على عدد مقاعد كل مجلس جهوي بحسب عدد السكان، إذ تتراوح بين 36 مقعدًا على الأقل للجهات التي بها أقل من 150 ألف ساكن والحديث عن جهتي تطاوين وتوزر، و62 مقعدًا على الأكثر للجهات التي بها أكثر من 900 ألف ساكن والحديث عن جهتي تونس وصفاقس. وتبلغ عدد مقاعد بقية الجهات 42، و46، و50، و54، و58 مقعدًا على التوالي بحسب جدول تفصيلي أورده القانون الانتخابي.
سينتخب التونسيون في الانتخابات الجهوية 1160 مستشارًا جهويًا في 24 جهة تغطي مختلف مناطق الجمهورية التونسية
وظلّ السؤال في الأثناء، متى يتم تنظيم الانتخابات الجهوية؟
هو سؤال لا تطرحه الطبقة السياسية في تونس، وكان مطروحًا في وقت سابق تنظيم الانتخابات البلدية والجهوية في يوم واحد تحت مسمى الانتخابات المحلية غير أن هذا الخيار لم تدعمه الأحزاب السياسية. وكان قد أعلن بدوره الرئيس السابق للهيئة العليا المستقلة للانتخابات شفيق صرصار، في أفريل/نيسان 2016 في خضم النقاشات وقتها لتحديد موعد الانتخابات المحلية، أن الهيئة تفضل الفصل بين المحليات والجهويات باعتبار أن الانتخابات البلدية معقدة ولا يجب التشويش على ذهن الناخب بعملية اقتراع معقدة وفق تصريحه حينها.
واليوم بعد تنظيم الانتخابات البلدية بانتخاب 7212 مستشارًا بلديًا في 350 بلدية، يستلزم استكمال عملية إرساء وحدات الحكم المحلي بانتخاب 1160 مستشارًا جهويًا في 24 جهة. بيد أنه لا توجد الحماسة لتنظيمها على المدى القريب والمتوسط، إذ يوجد إجماع خفي غير معلن داخل الطبقة السياسية على تأجيل تنظيمها لما بعد الانتخابات الرئاسية والتشريعية سنة 2019، أي تنظيمها سنة 2020. كما زاد مؤخرًا طلب أغلبية أعضاء الهيئة العليا المستقلة للانتخابات لإعفاء رئيسها محمد التليلي المنصري في تأزيم الوضع.
يوجد توافق ضمني بين الفاعلين السياسيين على تأجيل الانتخابات الجهوية إلى ما بعد الانتخابات الرئاسية والبرلمانية سنة 2019
ويدافع إجمالًا أصحاب التروّي في تنظيم الانتخابات الجهوية بضرورة إرساء اللامركزية بطريقة متأنية، وبترك المجال للمجالس البلدية للنشاط بما يسمح للمواطن من استيعاب العمل المحلي، وكذلك بضرورة عدم إرهاق الناخب التونسي بالعودة لصناديق الاقتراع بسرعة خاصة وأن نسبة الإقبال في البلديات كانت دون مأمول. في المقابل، يأتي التأكيد بضرورة عدم التراخي في استكمال إرساء منظومة الحكم المحلي وذلك بإيلاء العناية المطلقة لتنظيم الانتخابات الجهوية بما يسمح بتكوين مجالس أقاليم وإرساء المجلس الأعلى للجماعات المحلية، وبالتالي تفعيل الباب السابع من الدستور المتعلق بـ"السلطة المحلية".
اقرأ/ي أيضًا:
تقدير موقف: الانتخابات البلدية في تونس.. حراك محلي ورهانات كبرى
"بدون تونس".. محرومون من المشاركة في الانتخابات