جريمة الاغتصاب التي ارتكبها أربعة أطفال أعمارهم 17 سنة و15 سنة و14 سنة و11 سنة، والضحية طفلة سنها 15 عامًا، هزت مواقع التواصل الاجتماعي والتونسيين، خاصة وأن هؤلاء الجانحين قاموا بتصوير العملية كاشفين عن وجوههم بل أنهم نشروا الفيديو دون أدنى خوف أو ريبة، وهو ما زاد في حالة الصدمة والارتباك لدى كل العائلات، فالجريمة بكافة أركانها مرتكبوها أطفال وضحيتها طفلة وتمت في وضح النهار في جبل بجهة السرس من ولاية الكاف (شمال غربي تونس).
وقد أكد رئيس الجمعية التونسية للأمن الجمهوري والمواطن والناطق الرسمي باسم النقابة الجهوية لقوات الأمن الداخلي بالكاف مراد الورغي لـ"ألترا تونس" أن قوات الأمن تمكنت، الخميس 6 فيفري/ شباط 2020، من القبض على العنصر الثالث المشارك في الجريمة بالعاصمة تونس فيما يظل الرابع في حالة فرار وسط أنباء من تمكنه الهروب نحو الجزائر، علمًا وأنه تم قبل ذلك إيقاف عنصرين اثنين.
مراد الورغي (النقابة الجهوية لقوات الأمن الداخلي بالكاف) لـ"ألترا تونس": هؤلاء أطفال فكيف يمكن لمن في أعمارهم أن يحصل على أقراص مخدرة؟
وبيّن الورغي أن "المورطين كافة هم أطفال قصر وأنهم استدرجوا الطفلة أكثر من مرة تحت التهديد وقاموا بتصوير مقطع الفيديو حتى يتم ابتزازها به والضغط عليها كلما رفضت الانصياع لهم"، موضحًا أنهم كانوا يناولونها أقراصًا مخدرة.
وكشف مراد الورغي أن والد الفتاة توجه لمركز الحرس الوطني بالجهة وتولت فرقة مقاومة جرائم العنف ضد المرأة والطفل الموضوع، ليتم إيقاف 3 منهم، فيما تعهدت مندوبة حماية الطفولة بالطفلة وعائلتها، مشددًا على أن الأبحاث لا تزال متواصلة لكشف خفايا العملية. وقال" هؤلاء أطفال فكيف يمكن لمن في أعمارهم أن يحصل على أقراص مخدرة؟".
ونفى الناطق الرسمي باسم النقابة الجهوية لقوات الأمن الداخلي ما تم تداوله على مواقع التواصل الاجتماعي من أن هؤلاء الأطفال مارسوا فعلتهم في دار الثقافة أو دار الشباب بالجهة، مؤكدًا أن العملية تمت في جبل بالجهة. ومن جانبها، أكدت مندوبة حماية الطفولة بالكاف هدى عبودة لـ"ألترا تونس" أن أول خطوة تم القيام بها هي توفير الرعاية النفسية للطفلة التي كانت في حالة صدمة وكذلك أخواتها، كما أن والديها في انهيار نفسي تام.
اقرأ/ي أيضًا: حراس المدارس.. أمناء على التلاميذ أم مغتصبون؟!
وبيّنت مندوبة حماية الطفولة أنها اقترحت على العائلة إبعاد الفتاة بصفة مؤقتة من المنطقة التي تقطنها بعد أن شاهد كل محيطها مقطع الفيديو، مضيفة أنه "لم يتم التعاطف معها بل على العكس وُجّهت الانتقادات وتعاطفوا مع مرتكبي الجريمة أكثر منها"، وفق تقديرها.
هدى عبودة (مندوبة حماية الطفولة بالكاف) لـ"ألترا تونس": تم توفير حماية قضائية لضحية جريمة الاغتصاب
وأضافت "وهو ما استدعى منا الاجتماع بأعمام الفتاة وعائلتها الموسعة الذين كانوا رافضين ومتبرئين من الطفلة وشرحنا لهم أنها هي ضحية ابتزاز وحاولنا التوضيح للجميع"، على حد تعبيرها، مبينة أنه "أمام رفض الطفلة مغادرة محيطها وإصرارها على البقاء في منزل عائلتها ومواصلة مزاولة تعليمها بمرافقة المختصة النفسية، تقررت مساعدتها على مواجهة المجتمع وهو ما يتطلب دعمًا كبيرًا لها".
وأفادت هدى عبودة أنه تم توفير حماية قضائية لها وتم تنظيم لقاء في معتمدية السرس بحضور الطفلة والإطار التربوي والشؤون الاجتماعية وأخصائيي علم اجتماع وتحدثت الطفلة عن رغبتها في إكمال دراستها، موضحة أن السلط الجهوية وعدت بتقديم مساعدات اجتماعية للعائلة، كما تعهدت السلطات الأمنية بتوفير الحماية لها، فيما تعهدت الأطراف التربوية في معهدها بمساعدتها على مواصلة السنة الدراسية دون أي مضايقات وتأطير كافة زملائها في المعهد.
ودعت مندوبة حماية الطفولة بالكاف كل الأولياء إلى تحمل مسؤولياتهم ولعب دورهم في مرافقة أبنائهم وتوفير الرعاية والأمان لهم حتى لا يقعوا ضحايا عمليات ابتزاز متكررة على هذه الشاكلة. كما طالبتهم بمتابعة ما يفعله أبناؤهم في الفضاء الافتراضي وما يشاهدونه وما يحملونه على هواتفهم المحمولة، مشيرة إلى أن "العائلة التونسية استقالت من مهمتها بالتخلي عن أولادها في غرف مغلقة لكن داخل عالم مفتوح كله مخاطر"، وفق تعبيرها.
كما نبهت في حديثها لـ"ألترا تونس" إلى أن مرتكبي هذه الجريمة هم أيضًا أطفال يتحمل الجميع مسؤولية ما اقترفوه ووصلوا إليه، بدءًا من العائلة إلى المعهد وصولًا الى الشارع، مبينة أن المؤسسة التربوية حتى وإن لم تنجح في تكوين الطفل علميًا فلابد أن تنجح في تكوينه أخلاقيًا.
اقرأ/ي أيضًا:
فيروس "كورونا".. خطط وقائية في تونس لمواجهة "الغول" القادم من الصين
السيجارة الإلكترونيّة.. ملاذ الباحثين عن حلّ لعادة استنزفتهم