01-مايو-2019

خروقات تشمل جوانب مختلفة في عمل الهيئة (فتحي بلعيد/أ.ف.ب)

الترا تونس - فريق التحرير

 

نشرت دائرة المحاسبات، بتاريخ 30 أفريل/نيسان 2019، تقريرًا حول مهمتها الرقابية لهيئة الحقيقة والكرامة الذي كشف تسجيل خروقات وإخلالات عديدة شملت جوانب مختلفة أهمها إجراءات البحث والتقصي والتحكيم والمصالحة إضافة للجانب المتعلق بتسيير إدارة الهيئة.

فيما يلي أهم 10 إخلالات في عمل هيئة الحقيقة والكرامة:


1- إخلالات في متطلبات نشاط الهيئة

سجلت دائرة المحاسبات عدم إعداد أدلة الإجراءات المتعلقة بلجنة حفظ الذاكرة الوطنية ولجنة الفحص الوظيفي وإصلاح المؤسسات وتم تسجيل تأخير في المصادقة على أدلة إجراءات بقية اللجان تجاوز 14 شهرًا.

وتحدثت الدائرة عن محدودية نشاط لجنة الفحص الوظيفي وإصلاح المؤسسات حيث اقتصر على إنجاز بحثين خلال سنة 2018 حول إصلاح المؤسسة الأمنية والقضائية مع تنظيم ورشات عمل دون وجود ما يفيد استغلال مخرجاتها.

2- لا آجال كافية للطعن في قرارات الهيئة

واجهت فرق الاستماع داخل الهيئة صعوبات في تحديد الانتهاكات أو تكييف أشكال التجاوز نتيجة الخلط في المفاهيم أو لاعتماد وثائق غير ذات مصداقية مما أثر سلبًا على دقة المعطيات وأدى إلى إعادة تصنيف 3449 ملفًا من "ضحية" إلى "يتطلب مزيدًا من التحري" سنة 2016، وفق ما أورده التقرير الرقابي.

في نفس الإطار، ارتفع عدد قرارات التخلي والحفظ والرفض إلى 17496 قرارًا تم إصدارها في فترة وجيزة من 26 إلى 31 ديسمبر /كانون الأول 2018 مما لا يمكّن أصحاب هذه القرارات من آجال كافية للطعن أمام الهيئة.

واجهت فرق الاستماع داخل الهيئة صعوبات في تحديد الانتهاكات أو تكييف أشكال التجاوز نتيجة الخلط في المفاهيم أو لاعتماد وثائق غير ذات مصداقية

3- عدم احترام قانون الأرشيف

لم تتخذ هيئة الحقيقة والكرامة التدابير الكافية لحماية الملفات السمعية والبصرية حيث تم تسجيل حالة تلف لتسجيلات بحجم 4 آلاف جيغابايت في بداية ماي/آيار 2017 تمت استعادتها لاحقًا من وسائط خارج الهيئة.

وفي نفس الإطار، خرقت الهيئة الفصل 27 من قانون الأرشيف الذي نص على ضرورة إعلام مؤسسة الأرشيف الوطني بكل خروج للأرشيف الخاص خارج تونس وذلك بمناسبة طلب الهيئة اقتناء منظومة للحفظ والتخزين الآلي للمعطيات لدى مؤسسة في الخارج.

اقرأ/ي أيضًا: ماهو مآل تقارير هيئات الرقابة المالية والإدارية؟

4- تجاوزات في قرارات العناية الفورية بالضحايا

أصدرت لجنة وقتية لتقديم المساعدات الاجتماعية للضحايا 554 قرارًا بقيمة مالية جملية تساوي 277 ألف دينار منها 469 قرارًا تم اقتراحها من قبل رئيس اللجنة وهو ما يعتبر جمعًا لمهام متنافرة حسب دائرة المحاسبات. وقد صدرت قرارات بالعناية الفورية لأشخاص ليست لهم صفة ضحية أو بناءً على اتفاق مع رئيسة الهيئة سهام بن سدرين.

وبينت دائرة المحاسبات أنه بلغ إلى غاية سبتمبر/أيلول 2017 عدد الملفات التي لا تتوفر فيها صفة ضحية 7 ملفات انتفع أصحابها بمبلغ بقيمة نحو 20 ألف دينار منها 14.5 ألف دينار لـ3 أشخاص صدرت بشأنهم قرارات رفض نهائي لصفة ضحية.

5- تضارب مصالح وعدم شفافية لجنة التحكيم والمصالحة

لم تتجاوز عدد الملفات التي درستها لجنة التحكيم والمصالحة إلى غاية شهر أوت/أغسطس 2018، 12 في المائة من جملة الملفات الواردة على الهيئة أي 25998 ملفًا. ولم يتم إلى غاية أكتوبر/تشرين الأول 2018 إصدار سوى 9 قرارات تحكيمية نهائية أي ما نسبته 0.3 في المائة من جملة الملفات المدروسة.

لم تحرص هيئة الحقيقة والكرامة على التحري بالقدر الكافي في وضعيات تضارب المصالح التي شابت أعمال لجنة التحكيم والمصالحة 

ولم تحرص هيئة الحقيقة والكرامة، وفق دائرة المحاسبات، على التحري بالقدر الكافي في وضعيات تضارب المصالح التي شابت أعمال لجنة التحكيم والمصالحة حيث تبين أنها لم تبت في مطلبي تجريح تم تقديمهما من قبل رئيس لجنة التحكيم والمصالحة بتاريخ 3 نوفمبر/تشرين الثاني 2016 و26 ماي/آيار 2017 تعلقا على التوالي بالتخلي عن أحد الملفات وكافة ملفات الفساد المالي والاعتداء على المال العام التي يكون فيها المكلف العام بنزاعات الدولة طرفًا في غضون أسبوع وذلك خلافًا للفصل 62 من قانون العدالة الانتقالية إذ تمّت المصادقة على هذين المطلبين في 28 ماي/آيار 2018 أي بتأخير فاق على التوالي 18 شهرًا و12 شهرًا.

وقد قدم رئيس لجنة التحكيم والمصالحة خالد الكريشي طلب استقالة من اللجنة بتاريخ 13 جانفي/كانون الثاني 2017 نظرًا لعلاقته السابقة بوزير أملاك الدولة والشؤون العقارية مبروك كورشيد (شريك في مكتب محاماة)، غير أنه تم رفض هذا المطلب بتاريخ 12 أفريل/نيسان 2018.

وبينت دائرة المحاسبات أن الكريشي واصل في الأثناء مباشرة مهامه والتداول في جميع ملفات التحكيم والمصالحة بما فيها ملفين موضوع تجريح وتقديم مقترحات بشأنها والمصادقة على القرارات التحكيمية دون إمضائها، علمًا وأن لجنة التحكيم والمصالحة قررت في جلستها بتاريخ 8 ماي/آيار 2018 تكليف رئيس اللجنة أي الكريشي بملفات فساد كبرى وهو ما من شأنه الحد من شفافية أعمال اللجنة وحياد أعضائها وفق الدائرة.

6- عدم تنفيذ قرارات المحكمة الإدارية وتمييز بين الأعضاء

لم تنفذ هيئة الحقيقة والكرامة قرارات المحكمة الإدارية بخصوص توقيف تنفيذ قرارات إعفاء أعضاء، وقد بررت الهيئة هذا الخرق لعدم دستورية قرارات المحكمة الإدارية لعدم احترام مبدأ التقاضي على درجتين.

 قدم رئيس لجنة التحكيم والمصالحة خالد الكريشي طلب استقالة من اللجنة نظرًا لعلاقته السابقة بكاتب الدولة لأملاك الدولة والشؤون العقارية مبروك كورشيد ولكن واصل النظر في الملفات بما فيهما ملفين موضوع تجريح ضدّه

وبالرجوع إلى أسباب الإعفاء، تبيّن أن الهيئة لم تتعاط بنفس الكيفية إزاء أعضاء المجلس حيث تم إعفاء عضوين من أجل التغيب دون عذر 3 مرات متتالية و6 مرات متقطعة عن جلسات الهيئة في كل سنة في حين لم يتم اتخاذ أي إجراء تأديبي تجاه عضو تغيب 8 مرات دون عذر شرعي عن جلسات الهيئة سنة 2017 وفق ما أورده التقرير الرقابي.

7- إخلالات في التصرف في الأعوان

انتداب 59 عونًا دون احترام الإجراءات وخاصة اللجوء إلى التناظر، وقامت رئيسة الهيئة إلى غاية عام 2017 بتسمية 19 عونًا من جملة 53 في خطط وظيفية دون مصادقة مجلس الهيئة.

وبالرغم من التنصيص على إلغاء تسميات في الخطط الوظيفية، لم يتم استرجاع الامتيازات التي انتفع بها 19 عونًا بعنوان التسميات المذكورة والبالغ قيمتها نحو 70 ألف دينار. كما تم صرف مبالغ بقيمة نحو 16 ألف دينار بعنوان امتيازات وظيفية دون وجه حق.

اقرأ/ي أيضًا: سليم شيبوب.. "سمسار" وعمولات بملايين الدينارات وفق تقرير "الحقيقة والكرامة"

8- عقود إسداء خدمات بالجملة دون شفافية

تم إبرام عقود إسداء خدمات تضمنت إخلالات ومن ذلك إبرام عقود بمفعول رجعي بلغت أحيانًا سنة كاملة ونصت على صيغة تأجير بحساب ساعات العمل الفعلي مما نتج عنه صرف مبالغ إضافية بعنوان فارق التأجير بين العقد الأول والثاني بلغت نحو 120 ألف دينار، مع إمضاء عقود على سبيل التسوية.

كما تم إبرام عقود إسداء خدمات مع مسديي الخدمات بهدف التعريف بمهام الهيئة تضمنت خروقات ومنها أن أحد مسدي الخدمات المذكور تعلقت به شبهة استغلال صفته للانتفاع بنسبة 5 في المائة من قيمة التدخل العاجل للضحايا. كما انتفع مسدي خدمات بعقد إسداء خدمات باسمه وآخر باسم جمعية يترأسها بمبلغ جملي يتجاوز 35 ألف دينار.

9- مصاريف ضخمة غير مبررة في تنظيم جلسات الاستماع العلنية

أكدت دائرة المحاسبات تسجيل خروقات عديدة في تنظيم جلسات الاستماع العلنية. ففي علاقة بالحملة الدعائية لهذه الجلسات، ورد على الهيئة عرض وحيد من قبل نفس المزوّد الذي تولى لاحقًا تنظيم الجلسات، وتبيّن أن العقد المبرم في الغرض بتاريخ 24 أكتوبر/تشرين الأول 2016 قد نص على انتفاع المزوّد بنسبة 4 في المائة من ميزانية شراء الفضاءات الإشهارية دون ضبط حد أقصى لهذه الميزانية. وانتفع المزود بمبلغ قدره أكثر من 109 ألف دينار، واعتبرت الدائرة أن هذا التصرف هو إخلال بمبدأ الشفافية ومن شأنه أن يؤدي إلى تضخيم قيمة الخدمات المنجزة.

سجلت دائرة المحاسبات اختلافات ضخمة بين كلفة جلسات الاستماع العلنية من 556 ألف دينار في أول جلستين عام 2016 إلى نحو 100 ألف دينار للجلسة الواحدة عام 2017 مع تسجيل غياب المنافسة في تنظيم هذه الجلسات

وبخصوص كلفة جلسات الاستماع العلمية، بلغت قيمة الجلستين الأولى والثانية في نوفمبر/تشرين الثاني 2016 أكثر من 556 ألف دينار، في حين انخفضت التكلفة في الجلستين الثالثة والرابعة في ديسمبر/كانون الأول من نفس الشهر إلى 253 ألف دينار، ثم تواصل انخفاض الجلسة الواحدة إلى مبلغ 100 ألف دينار، وهو ما يكشف عن تباينات ضخمة جدًا في الكلفة.

كما قامت الهيئة بإبرام ملاحق تجاوزت قيمة العقد الأصلي بنسبة هامة دون إعادة تفعيل المنافسة حيث وصلت قيمة الملحق باستشارة اقتناء آلة تصوير إلى 83 ألف دينار أي ما يمثل 181 في المائة من مبلغ الاستشارة الأصلي.

كما تضمنت الشروط الخاصة بالاتفاقية الإطارية لتنظيم جلسات الاستماع العلنية تنصيصًا على علامات تجارية وهو ما يُعتبر توجيهًا لطلب العروض لفائدة جهة معيّنة ومسًا من المنافسة.

10- إخلالات في الميزانية

سجلت دائرة المحاسبات إخلالًا بمبدأ الشفافية في مسار إعداد ومناقشة ميزانية هيئة الحقيقة والكرامة ومن ذلك عدم اتخاذ التدابير الكافية لإحكام التصرف في الميزانية حيث لم تتول وضع إجراءات مكتوبة تتعلق بإعداد الميزانية ومتابعة تنفيذها مع غياب تحديد دقيق للحاجيات ما أدى لتجاوز بعض بنود الميزانية فيما يتعلق بالمعدات الإعلامية حوالي 321 في المائة. كما تولت الهيئة توظيف جزء من فائض السيولة لدى مؤسسة بنكية واحدة دون تفعيل مبدأ المنافسة.

 

اقرأ/ي أيضًا:

تقرير دائرة المحاسبات: 10 خروقات خطيرة في مستشفى عزيزة عثمانة

10 حقائق وتجاوزات في التصرف في أسطول "الخطوط التونسية"