08-مايو-2018

صورة تجمع الشهيدين أحمد العمري وعدنان سعيد الذين قُتلا خلال هذه الأحداث

الترا تونس - فريق التحرير

 

تحيي الجامعة التونسية في مثل هذا اليوم من كلّ سنة ذكرى أحداث 8 ماي/آيار 1991، وهي الأحداث الطلابية الأكثر دموية في تاريخها، وذلك حينما مارس نظام الاستبداد أشدّ ممارساته القمعية تجاه الحركة الطلابية باستعمال الرصاص الحيّ ما أدى يومها إلى مقتل طالبين من الاتحاد العام التونسي للطلبة هما عدنان سعيد وأحمد العمري وإصابة واعتقال آخرين.

 أحداث 8 ماي/آيار 1991 هي الأحداث الطلابية الأكثر دموية في تاريخ الجامعة التونسية إذ أدت لمقتل طالبين وإصابة واعتقال آخرين

بذلك بات ذلك التاريخ المشؤوم في الساحة الطلابية حدثًا مفصليًا في تاريخ الجامعة التونسية بصفة عامة وللاتحاد العام التونسي للطلبة بصفة خاصة، وقد بات يتم إحياء هذه الذكرى سنويّا بعد الثورة مع استمرار الدعوات لمحاسبة المسؤولين وردّ الاعتبار للضحايا.

معاداة النظام للحركة الطلابية

جاءت أحداث 8 ماي/آيار 1991 في مناخ إطلاق نظام الاستبداد لأجهزته القمعية لإخماد صوت الطلبة في تونس، وذلك بالتوازي مع ممارسة أشنع انتهاكات حقوق الإنسان بحق المعارضين السياسيين والحقوقيين، وذلك بعد نقض نظام بن علي لوعوده واتجاهه للاستفراد بالسلطة بالحديد والنار.

اقرأ/ي أيضًا: فيصل بركات... قتلوه تعذيبًا ثم قالوا "حادث مرور"!

كانت بذلك السنة الجامعية 1990/1991 سنة ساخنة عمد خلالها نظام الاستبداد على مواجهة أي تحركات طلابية بعنف هستيري يعكس خشية هذا النظام من امتداد هذه التحركات لخارج أسوار الجامعة، وفي الوقت الذي كانت أجهزة البوليس تقتل وتعذّب وتنكلّ بالتونسيين المنتمين لمختلف التيارات السياسية والأيديولوجية، والذين عملوا على التصدّي لتوجهات السلطة وقتها لإغلاق الفضاء العام وإسكات أي صوت معارض.

تمظهر حينها الخيار الدموي للسلطة في مواجهة أي تحرك طلابي باستعمال الرصاص الحيّ تجاه المظاهرات الطلابية المؤيدة للعراق في حرب الخليج، وهو ما أدى لاستشهاد الطالب صلاح الدين باباي برصاص الشرطة يوم 15 جانفي/يناير 1991 في جامعة صفاقس، وكذا استشهاد الطالب مبروك الزمزمي متأثرا بجراحه يوم 12 فيفري/فبراير 1991 إثر إصابته في المنستير.

قام نظام بن علي بمواجهة التحركات الطلابية بداية التسعينيات بالحديد والنار عبر استعمال الرصاص الحيّ ما أدى لمقتل عديد الطلبة

ثم أعلنت السلطة في مارس/آذار 1991 استعادتها للحرس الجامعي، كما أصدرت في شهر أفريل/نيسان الموالي قرارًا بتجميد الاتحاد العام التونسي للطلبة ليقع حلّه لاحقًا. في خضم هذه الأجواء، نظم الطلبة في 2 ماي/آيار تحركات في المركب الجامعي وكلية 9 أفريل وكلية الآداب، وقد واجهها الأمن كعادته بالعنف ما أدى لإصابة الطالب عادل العماري برصاصة في رجله، ليقرّر الطلبة لاحقّا القيام بتحركات يوم الأربعاء 8 ماي/آيار.

ماذا حدث يوم 8 ماي/آيار 1991؟

تجمع في اليوم الموعود الطلبة بكلية العلوم وبالمدرسة الوطنية للمهندسين وبكلية الحقوق والعلوم السياسية، فيما تجندت قوات الأمن في مختلف أنحاء الكلية، وتذكر شهادات أنه تم الاستعانة حينها لأول مرة بطلائع الشرطة، لتحتدم المواجهات بين الطلبة وقوات الأمن التي سارعت لاستعمال لفتح النار بشكل مباشر على الطلبة.

اقرأ/ي أيضًا: قلع أظافر ورصاصة في الرأس.. عن قصة مقتل نبيل بركاتي

إذ أصيب الطالب بوبكر القلالي برصاصة في عينه، ويذكر المصاب في شهادة في برنامج "العدسة" الذي مُرر في قناة "تي أن أن منذ فترة "أنه سمع وقتها أحد الأمنيين يقول لزميله "هل رأيت كيف أصبته كعصفور؟". وقد حاولت وقتها قوات الأمن سحب القلالي وهو مضجر بدمائه إلى مركز الأمن ولكن تقدّم أصحابه لإنقاذه، ولكن أطلق الأمنيون الرصاص بشكل عشوائي.

وقد أصابت إحدى الرصاصات الطالب عدنان سعيد فسقط أرضًا، وفي خضم التدافع تعثر أحد أعوان الأمن في جسد عدنان ليقوم بإطلاق النار عليه مباشرة ويردي الطالب العشريني قتيلًا.

أدت أحداث 8 ماي 1991 إلى مقتل الطالبين عدنان سعيد وأحمد العمري برصاص قوات الأمن

كما أدت هذه الأحداث الدموية لمقتل أحمد العمري، الكاتب العام للهيئة المؤسسة للاتحاد العام التونسي للطلبة بالمدرسة القومية للمهندسين، وذلك برصاصة قاتلة مباشرة، فيما أًصيب عديد الطلبة بإصابات متفاوتة. كما شنت قوات الأمن حملة اعتقالات في صفوف الطلبة وقامت بمداهمات للأحياء الجامعية، وتعرض المعتقلون لأبشع أساليب التعذيب مع عرضهم على محاكمات غير عادلة.

ذكرى خالدة

لا يزال في الأثناء ملفّ أحداث 8 ماي/آيار 1991 صفحة لم تُطو بعد في كتاب الجامعة التونسية، وذكرى خالدة في الأوساط الطلابية لليوم وخاصة لدى الاتحاد العام التونسي للطلبة، وذلك وسط دعوات لتحديد المسؤوليات ومحاسبة المتورطين في مقتل الشهيدين عدنان سعيد وأحمد العمري، وأيضًا في تعذيب ومحاكمة عشرات الطلبة الذين وقفوا صدًا منيعًا في مواجهة سلطة الاستبداد.

 

اقرأ/ي أكثر:

انتهاكات تونس.. المقاومة مستمرّة لكشف الحقيقة ومنع الإفلات من العقاب

33 متّهمًا أمام القضاء في قضية مقتله.. تعرف على قصة مقتل رشيد الشماخي