17-يونيو-2023

اعتبره نشطاء يكرّس لمزيد التضييق على حرية التعبير والتعتيم على خفايا القضيتين (صورة أرشيفية/ فتحي بلعيد/ أ.ف.ب)

الترا تونس - فريق التحرير

 

عمّت حالة من الاستنكار والاستياء في تونس عقب صدور قرار قضائي يقضي بمنع التداول الإعلامي فيما يعرف بقضيتي "التآمر على أمن الدولة"، والتي بمقتضاها يقبع سياسيون ونشطاء في السجن منذ فيفري/شباط المنقضي دون أيّ محاكمة، ووسط صمت تام من قبل النيابة العمومية والقضاء التونسي

أثار القرار القضائي بمنع التداول في قضيتي "التآمر" استياء واسعًا واعتبره نشطاء يكرّس لمزيد التضييق على حرية التعبير والتعتيم على القضيتين التي ما انفكّ محامون يؤكدون أنهما مبنيتان على ملفات فارغة ودون أي أدلة ملموسة

وكان قاضي التحقيق الأول بالمكتب 36 بالقطب القضائي لمكافحة الإرهاب قد أصدر قرارًا يمنع بمقتضاه التداول الإعلامي فيما يعرف بقضيتيْ "التآمر على أمن الدولة" المتعهد بهما، وفق ما نقلته وكالة تونس إفريقيا للأنباء (الوكالة الرسمية في تونس) في ساعة مبكرة من فجر السبت 17 جوان/يونيو 2023 عن الناطقة الرسمية باسم القطب حنان قداس. 

وقالت قداس إن "هذا الإعلام الموجه لوسائل الإعلام السمعية والبصرية يرمي إلى الحفاظ على حسن سير الأبحاث وسرية التحقيق وحماية المعطيات الشخصية للأطراف موضوع البحث حسب نص القرار".

 

 

قرار أثار استياءً وغضبًا واسعًا، على منصات التواصل الاجتماعي، واعتبره محامون ونشطاء سياسيون وحقوقيون يكرّس لمزيد التضييق على حرية التعبير والتعتيم على خفايا قضيتيْ "التآمر على أمن الدولة" التي ما انفكّ محامون يؤكدون أنهما مبنيتان على ملفات فارغة وواهية دون أي براهين أو أدلة ملموسة، وفقهم.

المحامي كريم المرزوقي: وصلنا الآن للأسلوب المصري في التغطية على الفضائح القضائية والمحاكمات السياسية بمنع التداول بغاية تكميم الأفواه وإخفاء الحقيقة لأنه كلما انكشفت الحقيقة كبرت فضيحتهم

وعلّق المحامي سمير ديلو، في تدوينة له على فيسبوك، قائلًا: "لمن طالبوا القضاء بإنارة الرّأي العامّ حول قضايا التّآمر المزعوم، الجواب: لن نجيب وإذا عدتم للحديث في الموضوع ففي انتظاركم عقوبة بالسّجن لمدَة 15 يومًا"، وفق تعبيره.

ومن جهته، دوّن المحامي كريم المرزوقي، على صفحته بفيسبوك، "قاضي التحقيق المتعهد بملف قضية التآمر يصدر قرارًا يمنع التداول الإعلامي في القضية. وصلنا الآن للأسلوب المصري في التغطية على الفضائح القضائية والمحاكمات السياسية وهو منع التداول بغاية تكميم الأفواه وإخفاء الحقيقة التي باتت واضحة للعيان لأنه كلما انكشفت الحقيقة كبرت فضيحتهم!"، على حد ما جاء في نص تدوينته.

 

صورة

 

صورة

 

فيما ندد الأستاذ الجامعي والإعلامي معز عطية بدوره بالقرار القضائي الذي يمنع التداول الإعلامي في قضيتي "التآمر على أمن الدولة"، متسائلًا كيف يقع إذًا الحديث عن حرية الصحافة والإعلام في تونس.

وأضاف، في تدوينة له على فيسبوك: "يعني يجب أن نستسلم للأمر الواقع ونلتزم صمت السلطات القضائية التي لم تقدم أي معطى لجريمة بهذا الحجم تشمل وزراء سابقين وسياسيين، ويجب أن نسلم لنظرية كل من يبرّئهم فهو شريك لهم".

الإعلامي معز عطية: "بعد المرسوم عدد 54 وبعد منع الصحفيين من تغطية أشغال لجان مجلس نواب الشعب يأتي هذا القرار القضائي، في انتظار قرارات أخرى لدعم المسار"

وتابع عطية: "بعد المرسوم عدد 54 وبعد منع الصحفيين من تغطية أشغال لجان مجلس نواب الشعب يأتي هذا القرار القضائي، في انتظار قرارات أخرى تعزز حرية الصحافة وحرية التعبير لدعم المسار"، وفق ما جاء في تدوينته.

يذكر أن مكتب البرلمان التونسي كان قد أصدر قرارًا، مساء الخميس 15 جوان/ يونيو 2023، بـ"غلق أشغال اللجان البرلمانية والاكتفاء بتمكين الصحفيين والصحفيات من العمل في الفضاءات المخصصة لهم فقط"، وهو ما نددت به نقابة الصحفيين التونسيين واعتبرته "انحرافًا خطيرًا نحو الحد من حرية العمل الصحفي".

 

صورة

 

بدوره، أوّل الكاتب والناشط السياسي بحري العرفاوي، في تدوينة له على فيسبوك، قرار منع التداول الإعلامي في قضيتي التآمر بأنّ "سلطة الانقلاب خسرت معركتها قانونيًّا وسياسيًا وحقوقيًا وأخلاقيًا ضد ضحاياها"، حسب تقديره.

الكاتب بحري العرفاوي: الغاية من منع التداول الإعلامي في قضيتي "التآمر" هي إيقاف عملية انكشاف سلطة الانقلاب أمام الرأي العام الداخلي والخارجي والبحث عن تسوية بعيدًا عن ضغط الإعلام ومتابعات الرأي العام

وأردف قائلًا: "منع التداول الإعلامي أراه لسببين: إيقاف عملية انكشاف سلطة الانقلاب أمام الرأي العام الداخلي والخارجي (جمهور الفيسبوك وبعض المحطات الإعلامية ربحوا معركة التفاضح)، والبحث عن تسوية (للملف دفعة واحدة، أو مع طرف واحد، أو مع عدد من الأطراف) بعيدًا عن ضغط الإعلام ومتابعات الرأي العام"، على حد تصوره.

 

 

فيما كتب الناشط السياسي أسامة بن سالم، على صفحته بفيسبوك "منع التداول الإعلامي لما يعرف بقضية التآمر، انقلاب وقح وجبان"، وفق تعبيره.

ودوّن الناشط السياسي والقيادي السابق بحزب التيار الديمقراطي شكري الجلاصي على فيسبوك متهكمًا: "منع الإعلام من الخوض في قضية المعتقلين السياسيين ثم ماذا بعد؟ هل مازال لدينا الحق في الأوكسجين أم سيمنعوه عنا أيضًا؟".

 

صورة

 

صورة

 

ومن جهته، تساءل الصحفي سمير جراي، في تدوينة له على فيسبوك، "هل نحن في كوريا الشمالية؟ ألم يكفِه المرسوم عدد 54 سيء الذكر؟"، وفق تعبيره.

الصحفي سمير جراي: نظام قيس سعيّد يواصل سياسة التعتيم والتضييق على العمل الصحفي وكثيرًا ما تستهدف الأنظمة الفاشية والشمولية حرية التعبير والصحافة بقوانين فضفاضة بهدف التضييق ومنع العمل الصحفي نهائيًا

وأردف: "نظام قيس سعيّد يواصل سياسة التعتيم والتضييق على العمل الصحفي"، مضيفًا: "كثيرًا ما تستهدف الأنظمة الفاشية والشمولية حرية التعبير والصحافة بقوانين فضفاضة تحتمل كل التأويلات بهدف التضييق والخنق والحد من الحرية ومنع العمل الصحفي نهائيًا".

وتوقع الصحفي أنه بـ"مصطلح "التداول الإعلامي" الفضفاض سيمنع بموجبه الصحفيون من نقل أي خبر يخص القضيتين وهي سابقة لم تحدث حتى في عهدي بورقيبة وبن علي"، على حد تصوره.

 

صورة

 

يذكر أن التقرير السنوي لحرية الصحافة لمنظمة "مراسلون بلا حدود"، الصادر في 3 ماي/أيار 2023، أظهر أنّ تونس من بين الدول التي تراجعت بشكل لافت في الترتيب الذي تقدمه منذ سنوات والذي يضم 180 دولة.

واحتلت تونس المركز 121 من ضمن 180 دولة في الترتيب السنوي لحرية الصحافة بعد أن كانت في المركز 94 سنة 2022 وفي المركز 73 سنة 2021 وخسرت بذلك الصدارة العربية إلى المركز الخامس عربيًا (بعد جزر القمر، موريتانيا، قطر ولبنان).

وكانت السلطات في تونس قد انطلقت في 11 فيفري/ شباط الماضي في موجة اعتقالات استهدفت بدرجة أولى معارضين للرئيس قيس سعيّد. ومن الموقوفين، سياسيون وصحفيون ونشطاء وقضاة ورجال أعمال، وتوجه لهم تهم مختلفة من أبرزها "التآمر ضد أمن الدولة".

كما فُتحت تحقيقات أخرى في قضية جديدة بـ"شبهة التآمر على أمن الدولة"، وشملت أيضًا شخصيات سياسية بارزة. وفيما يلي تفاصيلها: تشمل شخصيات بارزة.. قضية جديدة بشبهة التآمر على أمن الدولة تٌفتح في تونس

وقد أثارت موجة الاعتقالات والمداهمات تنديدًا واسعًا وانتقادات داخليًا وخارجيًا، لإخلالات في الإجراءات ولما أكده محامون من غياب للأدلة، فيما تلتزم النيابة العمومية والسلطات القضائية الصمت حيال هذه القضايا.