الإعاقة هي أن يرضى المرء بوضعية أو حالة معينة، الإعاقة هي أن يستسلم لنقص ولد به كأن يكون فاقدًا للبصر أو السمع أو النطق أو الحركة، الإعاقة هي كل تلك المكبلات والحواجز التي يشيّدها المحيطون بذوي الإعاقة.
والشابة ياسمين القرمازي التي تشكو من "إعاقة" في السمع تحدّت النقص الذي تعاني منه وصنعت منه عامل قوة، لتحرز رفقة مجموعة من تسعة مخترعين شبان، المرتبة الثانية في مسابقة "إيفل" الدولية الكبرى لمعرض باريس للاختراع والتجديد، الذي جرت فعالياته بالعاصمة الفرنسية باريس من 29 نوفمبر/تشرين الثاني إلى 1 ديسمبر/كانون الأول 2018.
ياسمين القرمازي اخترعت تطبيقة لمساعدة ذوي الإعاقة على مستوى السمع والنطق
الڨرمازي شابة تونسية تدرس بالمرحلة الثالثة من التعليم العالي في المعهد العالي للفنون والحرف بمحافظة صفاقس، تمكنت من ابتكار تطبيقة جديدة للهواتف الذكية تساعد ذوي الإعاقة تحديدًا من يعانون مشاكل في السمع والنطق على تعلم الحروف والكلمات والاستماع إلى الموسيقى وغيرها من المؤثرات الصوتية، وفق حديثها لـ"الترا تونس".
اقرأ/ي أيضًا: بطولة شاب قهر مرضه النّادر بـ"كمال الأجسام"
وتشمل التطبيقة الذي أطلقت عليه اسم "L’orthophonie contemporaine" الأطفال ابتداءً من سن الـ 4 سنوات الى ما فوق، وهو وليد تجربة شخصية عاشتها القرمازي في طفولتها.
هي شابة استبطنت في ذاكرتها عدم قدرتها على السماع والنطق في الطفولة والمجهود الذي بذله والديها لمساعدتها على تجاوز هذا "النقص"، فابتكرت تطبيقة يمكن تحميلها مجانًا لمساعدة من يعانون نفس المشكلة التي صادفتها على المضي قدمًا في مسيرتهم والاندماج في المجتمع.
اخترعت ياسمين القرمازي تطبيقة على الهواتف الذكية تساعد الأطفال على السماع والنطق بطريقة طبيعية
وفي حديثها عن فكرة التطبيق، تحدثنا ياسمين القرمازي: "ابتكرت هذه التطبيقة لأنني ولدت بمشكلة في السمع ورغم أنني أشكو من إعاقة سمعية اندمجت في المجتمع وارتدتٌ روضة أطفال ومدرسة ومعهدًا غير خاصين بذوي الإعاقة وهو ما جعلني قادرة على تكييف وضعيتي مع المجتمع."
وتشير القرمازي إلى أن والديها لم يتقبلا فكرة أن تتحدث ابنتهما بلغة الإشارة، ولذلك عملا على إدماجها في المجتمع وأصرّا على علاج مشكلة السمع والنطق لديها من خلال المواظبة على حصص تقويم النطق وارتداء آلة السمع. وتؤكّد المخترعة الشابة، بخصوص التطبيقة المخترعة، أنها موجهة لكل من يعاني من مشاكل في السمع والنطق في العالم، وتوفر فضاءً يتيح للأولياء أن يتواصلوا مع بعضهم واقتراح بعض الحلول التي قد تساعد أطفالهم على تجاوز الإعاقة.
وتسعى القرمازي من خلال هذه التطبيقة إلى مساعدة الأطفال الذين تقاسمهم نفس الإحساس بعدم القدرة على السماع والنطق بطريقة طبيعية بإتاحة الفرصة لهم الاندماج في المجتمع عبر محاولة تعلم الحروف والكلمات والاستماع إلى الموسيقى وعدم الاكتفاء بلغة الإشارات، خاصة وأن نسبة استعمال الأطفال للهواتف الذكية في ارتفاع.
التطبيقة موجهة لكل الأطفال الذين يعانون مشاكل في السمع والنطق في العالم
اقرأ/ي أيضًا: عن "فدوى" التي آمنت أن العضلات المفتولة ليست حكرًا على الرجال..
وتؤكد المخترعة في حديثها لـ"الترا تونس" أنها تسعى كي تمرر تجربتها إلى كل الأطفال الذين يعانون من نفس مشكلتها، من خلال منح الأمهات اللاتي يعملن ولا يجدن الوقت الكافي لتعليم أطفالهم النطق فرصة فعل ذلك من خلال تطبيقة على الهواتف الذكية.
وهي تحكي عن اختراعها البكر، استحضرت محدّثتنا سنوات الطفولة وجلوسها في الطاولة الأولى في القسم واستيعاب المدرسين وللمدرسات لوضعيتها وتقديم العون لها من خلال تكرار الكلمات او التحدث بصوت أكثر ارتفاع.
الشابة ياسمين الڨرمازي تجاوزت إعاقتها وجعلت منها حافزًا لنجاحها من خلال تكريمها في باريس ودعوتها رسميًا لتمثيل تونس في بلجيكيا في مجال الاختراع، وهي تريد اليوم أن تساعد من لا إمكانيات لهم ليتجاوزوا الإعاقة ولا يكتفوا بلغة الإشارات، وهي الآن تسعى إلى البحث عن داعمين ومساهمين لتتمكن من توفير آلات السمع الطبية وحصص تقويم النطق للعائلات الفقيرة.
ترى ياسمين القرمازي في اختراعها إثباتًا أن العزيمة والإرادة هما مفتاح النجاح
وعن طريقة استخدام التطبيق، تقول الڨرمازي إن الولوج إليه يكون عبر البريد الالكتروني للولي، وهو يوفر فضاء للتواصل بين أولياء الأطفال الذين يعانون من مشاكل في السمع والنطق.
وقد حاز هذا الاختراع التونسي على الجائزة الثانية بعد فرنسا وقبل ألمانيا وروسيا، في مسابقة "إيفل" الدولية الكبرى لمعرض باريس للاختراع والتجديد الذي شاركت فيه 40 دولة بمائتي اختراع، وهي تنوي تطويره ليشمل لغات أخرى إلى جانب الفرنسية وتطمح لتسويقها محليًا وعالميًا بهدف تمثيل تونس ومد يد العون للأطفال الذين يشكون من مشاكل في السمع والنطق. وقد لاقى التطبيق استحسان من استخدموه، وفق قول الڨرمازي، التي لم تنس أن تحيي المختص في تقويم النطق الذي ساهم في تحسن حالتها.
وتوكد المخترعة الشابة، في ختام حديثها معنا، على دور المحيط من عائلة ومدرسة في مساعدة ذوي الإعاقة على تجاوزها، وترى في اختراعها إثباتًا أن العزيمة والإرادة هما مفتاح النجاح وأن الرغبة في النجاح تكسر حاجز أي إعاقة.
اقرأ/ي أيضًا:
بحثًا عن لعب لابنه: تونسي يخترع ألعابًا تساعد أطفال التوحد
حينما ننتصر إرادة التحدي.. قصة شاب يعاني "الديسلكسيا" يجتاز الباكالوريا بنجاح