25-أغسطس-2018

ارتفع منسوب المياه إلى أكثر من نصف متر في بعض شوارع وأحياء بنزرت (مواقع التواصل)

امرأة تصرخ وتستغيث، تبكي بحرقة، تندب حظها العاثر الذي جعل من منزلها وأثاثها فريسة لمياه الأمطار، نعم مياه الأمطار تلك النعمة التي يمكن أن تتحول إلى "نقمة" إذا ما كانت البنية التحتية مهترئة. لا أحد يمكن أن يشعر بما شعرت به امرأة غمرت المياه ذكرياتها، امرأة بلغ الماء خصرها، واختلطت دموعها بقطرات المطر التي نزلت بكميات غير مسبوقة في مناطق مختلفة من ولاية بنزرت.

فيديو المرأة "المنكوبة" غزا صفحات الفيسبوك وتناقله رواده الذين أبدوا تعاطفًا مع المرأة وسخطًا على دولة، يتحسر وزراؤها على شح السدود وإذا المطر نزلت أغرقت شوارع وتجمعات سكنية مثلما هو الحال في ولاية بنزرت.

والي بنزرت لـ"الترا تونس": الولاية سخّرت الإمكانيات اللوجستية والبشرية للتعامل مع الفيضانات الأخيرة والوضع تحت السيطرة في بنزرت حاليًا

هذا الفيديو ليس الوحيد الذي يصور الوضع الكارثي في ولاية بنزرت التي شهدت الجمعة تهاطل كميات غير مسبوقة من الأمطار مصحوبة بزوابع رعدية، وقد غمرت المياه عدة أحياء سكينة ومتاجر ومؤسسات عمومية وأغرقت طرقات وشوارع، الأمر الذي تسبب في حالة شلل تام في الولاية.

اقرأ/ي أيضًا: الأنبوب هو الحلّ... "الأنابيب" هي المشكل

وفي هذا السياق، قال والي بنزرت محمّد قويدر في تصريح لـ"الترا تونس"، السبت 25 أوت/ أغسطس 2018، إنّه أدّى زيارة إلى أصحاب المساكن الـ31 المتضرّرة ومدّها بأغطية وحواشي، مؤكدًا أنّه تم تكوين لجنة لتقييم الأضرار الناجمة عن الأمطار الأخيرة والتي شملت الأثاث والتجهيزات ولم تخلّف تصدّعات على مستوى البنايات، على حدّ تعبيره.

وأضاف قويدر أنّ الولاية سخّرت الإمكانيات اللوجستية والبشرية للتعامل مع الفيضانات في مختلف الجهات، مشيرًا إلى أن بعض المقاولين من القطاع الخاص سخّروا جرافاتهم للتدخل ورفع الخطر الآني في بعض المناطق. وأكد أن الوضع في ولاية بنزرت تحت السيطرة وطبيعي، لافتًا إلى أن اللجنة الجهوية لمجابهة الكوارث ببنزرت أشرفت على عمليات شفط المياه من الأحياء السكنية والشوارع.

وشدد في سياق متصل على أنه لم يتم تسجيل أي أضرار بشرية أو مادية باستثناء تعطّل حركة المرور وصعوبة سير بعض السيارات التي علقت في التجمّعات المائية. وأشار إلى أنّ فرق البلدية وديوان التطهير انطلقوا في رفع الأتربة من وسط المدينة وبعض الطرقات الرئيسية وأنّ التدخلات جارية لجهر الأودية في بعض الأرياف التابعة لولاية بنزرت.

اقرأ/ي أيضًا: تونس.. هل تتحقق انتفاضة العطشى؟

تتعامل لجنة مجابهة الكوارث مع وضع استثنائي في بنزرت إذ ارتفع منسوب المياه إلى أكثر من نصف متر في بعض الشوارع والأحياء، الأمر الذي أدى إلى بعض الأضرار بالبنية التحتية المترهلة في الأصل

صعوبة الوضع في بنزرت دفعت الجيش التونسي إلى التدخل، إذ أجلت الوحدات العسكرية أمس الجمعة، 43 مواطنًا من منازل غمرتها مياه الأمطار. وجاء في بيان صادر عن وزارة الدفاع الوطني أنّ الأمطار الكثيفة، المستمرة منذ فجر الجمعة 24 أوت/ أغسطس 2018، تسببت بتعطيل حركة المرور في بنزرت، وتسرّب المياه إلى منازل ومحال تجارية، مما دفع الجيش إلى التدخل لإجلاء متضررين عالقين.

وتتعامل لجنة مجابهة الكوارث مع وضع استثنائي في بنزرت إذ ارتفع منسوب المياه إلى أكثر من نصف متر في بعض الشوارع والأحياء، الأمر الذي أدى إلى بعض الأضرار بالبنية التحتية المترهلة في الأصل.

وقد تدخلت الحماية المدنية حينيًا في أكثر من فضاء على غرار مركز التوليد بالمستشفى الجامعي الحبيب بوقطفة وأيضًا منطقة وسط مدينة بنزرت التي سجلت نزول 78مم وفق حصيلة وقتية، من أجل إعادة حركة سير العربات والمترجلين بعد تعطلها نتيجة ارتفاع منسوب المياه، وفق ما أفاد به المدير الجهوي للحماية المدنية العقيد خميس بن علي في تصريح لوكالة الأنباء التونسية.

ولئن أعربت المندوبة الجهوية للتنمية الفلاحية إنجي الدقي، في تصريح لوكالة تونس أفريقيا للأنباء (الوكالة الرسمية)، عن ارتياح الفلاحين خاصة للأمطار الأخيرة التي ستزيد من تعبئة الموارد المائية وتوفير نمو أفضل للزراعات والغراسات من أشجار وغطاء نباتي وري للأرض عمومًا بعد سنوات أربع عجاف سابقة، فإنّ الأمطار الطوفانية التي شهدتها بنزرت الجمعة أجّجت مخاوفًا من تفشي وباء الكوليرا بعد انتشارها في الجزائر.

الأمطار الطوفانية التي شهدتها بنزرت الجمعة أجّجت مخاوفًا من تفشي وباء الكوليرا بعد انتشارها في الجزائر

في المقابل، أكدت وزارة الصحة في هذا الإطار أنّ مصالحها المختصة بصدد تكثيف أنشطتها الوقائية خاصة تلك المتعلّقة بالمراقبة الصحية لمياه الشراب والأغذية والمياه المستعملة والمحيط عامة بغرض الوقوف على مدى توفر السلامة الصحية لمياه الشراب والأغذية وضبط الإجراءات التصحيحية المطلوبة ووضعها حيز التطبيق بالتعاون مع السلط والمصالح المعنية حماية للصحة العامة.

وبيّنت الوزارة في بلاغ أصدرته الجمعة 24 أوت/ أغسطس 2018، أنّ أنشطة التقصي الوبائي المنجزة من طرف مصالحها لم تسفر عن تسجيل أي إصابة ببكتيريا الكوليرا بالبلاد التونسية، وذلك في نطاق الوقاية من المخاطر الصحية المرتبطة بتدهور عوامل المحيط وإمكانية تفاقم هذه المخاطر في صورة حدوث فيضانات واعتبارًا للمعطيات الوبائية الحديثة المتمثلة في ظهور حالات من الكوليرا ببعض المناطق بالجزائر خلال الفترة الأخيرة.

يشار إلى أن الشوارع والطرقات والأنهج في بنزرت الكبرى ومدن أخرى قد شهد فيها منسوب المياه ارتفاعًا غير مسبوق مما ادّى إلى تسرّبها إلى بكميات كبيرة إلى المنازل والمحلات. وجدير بالذكر أنّ شهر أوت/ أغسطس الجاري قد شهد تقلبات جوّية غير معهودة بالبلاد، شملت مناطق مختلفة وتسبّبت في أضرار للبنية التحتية وبعض المحاصيل الفلاحية.

 

اقرأ/ي أيضًا:

وزارة الصحة: لم يتم تسجيل أي إصابة بالكوليرا في تونس

أزمة المياه.. هل باتت تونس مهددة بالعطش؟