02-سبتمبر-2015

تعتبر وزارة التربية أن مطالب المعلمين قد تحققت في جزء كبير منها (فتحي بلعيد/أ.ف.ب)

على أبواب العودة المدرسية، تعود إلى أذهان التونسيّين مشاكل السنة الدراسية المنقضية، خاصة مع التهديد بإضرابات متواصلة وتوقف للدروس مستهل السنة الدراسية الجديدة. وشهدت البلاد إضرابات واحتجاجات قادتها نقابات مدرّسي التعليم الابتدائيّ والثانوي وشارك فيها ألاف المعلّمين/ مدرّسو الابتدائيّ، والأساتذة/ مدرّسو الثانوي، ولقيت مساندة من عدّة قطاعات ونقابات أخرى فيما كان جزء من المواطنين وخاصّة من أولياء التلاميذ ضد تلك الاحتجاجات.

منتصف السنة الدراسية المنقضية، انطلقت التحرّكات النقابية بإضرابات دعت إليها نقابة التعليم الثانوي التابعة للاتّحاد العام التونسيّ للشغل. كان أول التحركات بتاريخ 21 و22 من شهر كانون الثاني/يناير والثّاني بتاريخ 17 و18 شباط/فبراير من العام الجاري. لم يحصل اتفاق بين وزارة التربية والممثّلين النّقابيّين فكانت مقاطعة امتحانات نهاية الثّلاثي الثّاني وتهديدات بمقاطعة امتحانات نهاية السنة.

في سابقة بعد الثورة التونسية، قامت وزارة التربية والتعليم بخصم جزء من أجور المعلمين مقابل أيام الإضراب

أما قطاع المعلّمين فقد انطلق في تحرّكاته بإضراب في الـ15 نيسان/أبريل وإضرابين في شهر آيار/مايو من نفس السنة، ولمدّة خمسة أيّام تلتها مقاطعة الامتحانات النّهائيّة، ثم واصل المعلّمون خلال أشهر الصيف المنقضية احتجاجاتهم بتجمّعات أمام الوزارة وفروعها الجهوية.

ويضرب المعلمون من أجل عدة مطالب وردت ببيانات النقابة العامة، وهي بالأساس توفير منح/علاوات مادية جديدة كمنحة "مشقة المهنة" ومنحة "نهاية الخدمة" ومنحة "العمل الدوري" وتخفيض ساعات العمل وتفعيل الترقيات إذ لم يتمتع بعض المعلمين بها رغم إمضاء اتفاق في الأمر. كما طالب الطرف النقابي بتحسين ظروف العمل وذلك بحماية المعلم من الاعتداءات عليه داخل المدرسة وبإصلاح البنية التحتية للمدارس.

في المقابل، تعتبر وزارة التربية أن مطالب المعلمين قد تحققت في جزء كبير منها ولم يبق منها إلا البعض الذي سيُفعّل لاحقًا عندما تتوفر الأموال الكافية لتغطيتها وأن النقابة قد خرجت بمطالب جديدة لم تكن في الاتفاق السابق. وربما فسر ذلك عملية الخصم من الأجور الشهرية التي قامت بها الوزارة مقابل ساعات الإضراب، في سابقة بعد الثورة، إذ كانت كل الإضرابات في القطاع العام وبعد هروب بن علي غير خاضعة للخصم.

تختلف الآراء حول إضرابات قطاع التعليم بين مؤيّد ورافض، المؤيدون يرون أنّ المعلّم في حاجة إلى تحسين دخله وأطر عمله القانونيّة والإداريّة فدخل المعلّم التونسي الصافي سنويًا يقارب سنويًا ستّة آلاف دولار وهو من أقل المرتبات في القطاع العمومي.

يقول المعلم والنّاشط النّقابي إدريس السويلمي لـ"الترا صوت"، "تعنّت وزارة التربية ورفضها تحقيق جزء بسيط من المطالب جعل الوضع يتطور إلى هذا الحدّ"، في إشارة إلى نهاية السنة الدراسية بقرار وزاري يقضي بنجاح جميع الأطفال بالمدارس الحكومية في سابقة لم تعرفها تونس من قبل وكرد من الوزارة على رفض المعلمين إجراء امتحانات نهاية السنة.

رفض المعلمين إجراء امتحانات نهاية السنة دفع الوزارة إلى إنجاح كل التلاميذ بالمدارس الحكومية تلقائيًا

من جهة أخرى، يرفض أولياء التلاميذ وبعض المدرسين مواصلة الإضراب ويبدون رغبة في إنهاء ما أسموه "صراعًا بين الوزارة والنقابات". في هذا الإطار تتحدث سعاد هلال، أم لتلميذين، لـ"ألترا صوت"، "أبناؤنا أضاعوا الكثير من دروسهم خلال السنة الدراسية الماضية بسبب الإضرابات ومن الضروري حل هذا الخلاف بأي طريقة قبل مستهل السنة الدراسية القادمة".

ولم تعد المدرسة الحكومية وجهة محبذة للتعليم في تونس، حسب عدد من الأولياء الذين استطاع بعضهم تسجيل أبنائه بمدارس خاصة، إذ يرون أنها تعاني من نسب غيابات مرتفعة ومن تعطيل متكرر للدروس، كما أن نوعية التّعليم، خاصة في مجال اللغات الأجنبية، لا يضاهي مثيلتها في التعليم الخاص.

ويتحدث الشارع التونسي بقلق عن صورة المعلم التي تدهورت إلى حد كبير، ويرجح الكثيرون أن مكانته اهتزت اجتماعيًا وقد أصبح محل تندر وسخرية من قبل التلاميذ والأولياء. ويتخوف البعض من حدوث تصادم في بداية السنة الدراسية القادمة منتصف شهر أيلول/سبتمبر الجاري بين المعلمين والمواطنين بعد أن ساهم جزء من الإعلام وتعدد الإضرابات في إظهار المعلمين في ثوب اللاهث وراء المال دون اعتبار مصلحة المتعلمين، ويخشى المختصون أن يؤدي ذلك إلى زيادة نسب العنف الموجهة ضد المدرّسين.