15-أكتوبر-2018

تلوث عديد الشواطئ بسبب مخلفات المصانع (أ.ف.ب)

19 شاطئًا غير صالح للسباحة وفق بلاغ صادر عن وزارة الصحة في شهر جوان/يونيو الماضي، تتوزّع على ستة جهات، وهي بن عروس (5 شواطئ) وبنزرت وقابس (4 شواطئ) وسوسة (3 شواطئ) وأريانة (شاطئان) ونابل (شاطئ وحيد)، وذلك بعد صدور نتائج المراقبة الصحية لمياه البحر في كافة الجمهورية خلال سنة 2018، وذلك مقابل 21 شاطئًا غير صالح للسباحة سنة 2017.

ويتمّ عادة وكلّ سنة قبل بداية الموسم الصيفي الإعلان عن قائمة الشواطئ الصالحة للسباحة، أو قائمة الشواطئ التي يمنع السباحة فيها بسبب ارتفاع درجة تلوثها. وتتغير عمليات تقييم نوعية مياه الشواطئ التونسية من سنة إلى أخرى، وتتغيّر معها قائمة الشواطئ الممنوعة من السباحة بسبب التلوث، والأخرى ذات النوعية الحسنة أو الحسنة جدًا، بعد القيام بالتحاليل اللازمة على عينة من المياه إما بإعادة تصنيف بعضها لتصبح خطرة أو غير قابلة للسباحة، أو بإضافة بعض الشواطئ إلى قائمة الشواطئ النظيفة.

تصدر كل سنة قائمة في الشواطئ غير الصالحة للسباحة في تونس وفق نتائج المراقبة الصحية لمياه البحر في كافة شواطئ البلاد

ويفاجأ المواطن أحيانًا ببعض اللافتات التي تحذّره من السباحة لرداءة مياه أحد الشواطئ بسبب التلوث بعد أن تعوّد السباحة فيه. إذ يزعج هذا الإجراء بعض المصطافين أو سكان بعض المناطق الساحلية الذين يتذمرون من تلوث شواطئهم ومنع السباحة بها مما يهدد مهنهم الموسمية الصيفية على تلك الشواطئ، لكنّه يبقى إجراءً محمودًا.

اقرأ/ي أيضًا: أطنان من النفايات الخطرة في مياه تونس.. ما قبل الكارثة!

بحر حلق الواد، الذي يعتبر من أكثر الشواطئ التي يقصدها سكان العاصمة، نظرًا لقربه ولتوفر وسائل النقل إليه على عكس بعض الشواطئ الأخرى، تتسرب إليه مياه الصرف الصحي عبر أنبوبين إلى البحر. فما من مار هناك إلا ويلاحظ تغيّر لون البحر وانبعاث روائح كريهة منه، ولكن مع ذلك لم يصنّف ضمن الشواطئ التي يمنع فيها السباحة.

بحر الهوارية أيضًا الذي يعتبر من أجمل شواطئ نابل، لم يسلم من تسرب مياه الصرف الصحي ومياه بعض مصانع الطماطم المتمركزة بالمنطقة، إذ يشير عدنان غرس الأحمر، رئيس لجنة الصحة والنظافة ببلدية الهوارية لـ"الترا تونس" أنّ افتقار بعض المناطق لا سيما منها دار علوش لشبكات الصرف الصحي دفع ببعض المصانع بالمنطقة إلى تسريب مياهها ومياه الصرف الصحي في بعض الأودية التي تصب بدورها في البحر. وقد تداول نشطاء مواقع التواصل الاجتماعي من سكان المنطقة عديد مقاطع الفيديو التي توثق تسرّب مياه الأودية إلى بعض الشواطئ. 

[[{"fid":"101888","view_mode":"default","fields":{"format":"default","field_file_image_alt_text[und][0][value]":false,"field_file_image_title_text[und][0][value]":false},"type":"media","field_deltas":{"1":{"format":"default","field_file_image_alt_text[und][0][value]":false,"field_file_image_title_text[und][0][value]":false}},"link_text":null,"attributes":{"height":383,"width":600,"class":"media-element file-default","data-delta":"1"}}]]

تلوث شط السلام في قابس بسبب ملوثات المجمع الكيميائي (أ.ف.ب)

وقد أكد غرس الأحمر أنّ الأهالي عمدوا إلى غلق مجرى الوادي لتفادي تلوث المناطق المجاورة لمساكنهم وتفادي وصول مياه ذلك الواد إلى البحر، ولكن على ما يبدو لا تزال بعض الجهات في المنطقة مصرّة على إعادة فتح الواد من جديد، وفق تأكيده.

وكان قد صرح مؤخرًا وزير الشؤون المحلية والبيئة رياض الموخر، أن 40 في المائة من المياه المستعملة والمعالجة في تونس لا تستجيب إلى المعايير والمواصفات الصحية اللازمة، كاشفًا أن 1500 طن من فضلات البلاستيك تُلقى سنويًا بالشواطئ التونسية. 

رئيس لجنة الصحة والنظافة ببلدية الهوارية: افتقار بعض المناطق لا سيما دار علوش لشبكات الصرف الصحي دفع ببعض المصانع إلى تسريب مياهها ومياه الصرف الصحي في بعض الأودية التي تصب بدورها في البحر

من جهتها، حذّرت جمعية "أس أو أس بيئة" من الكارثة البيئية التي تهدد أغلب الشواطئ في تونس بسبب المصانع ومياه الصرف الصحي. فقد أكدت أغلب التحاليل التي قامت بها الجمعية سنة 2016 لقياس درجات تلوث مياه الشواطئ أنّ مياه خليج تونس والضاحية الجنوبية أصبحت ملوثة بدرجة كبيرة. وتحتوي مياهها على نسبة عالية من الملوثات السامة بسبب عدم تعهد السلطات بإزالة التلوث بشواطئ المنطقة أو معالجة أسبابه، والتي تعود أساسًا إلى المياه غير المعالجة التي تصب في البحر، والمياه المعالجة غير المطابقة للمواصفات وفضلات المصانع التي يعمد جلها إلى التخلص من فضلاتها الصناعية في البحر مباشرة.

اقرأ/ي أيضًا: كارثة بيئية في "سيدي مذكور" بالهوارية بسبب مصانع الطماطم

وقد نشرت الجمعية في جويلية/يوليو 2017 صورًا تكشف وجود مياه الصرف الصحي في شاطئ شط مريم في مدينة سوسة رغم أنّه مصنّف ضمن الشواطئ النظيفة التي يسمح فيها بالسباحة. وقد ندد سكان منطقة شط مريم بتعمد أحد المركبات السكنية الكبرى تصريف مياه الصرف الصحي والمياه المستعملة في البحر عبر قنوات تم تركيزها تحت الماء.

[[{"fid":"101903","view_mode":"default","fields":{"format":"default","field_file_image_alt_text[und][0][value]":"وجود مياه الصرف الصحي في شاطئ شط مريم في مدينة سوسة","field_file_image_title_text[und][0][value]":"وجود مياه الصرف الصحي في شاطئ شط مريم في مدينة سوسة"},"type":"media","field_deltas":{"2":{"format":"default","field_file_image_alt_text[und][0][value]":"وجود مياه الصرف الصحي في شاطئ شط مريم في مدينة سوسة","field_file_image_title_text[und][0][value]":"وجود مياه الصرف الصحي في شاطئ شط مريم في مدينة سوسة"}},"link_text":null,"attributes":{"alt":"وجود مياه الصرف الصحي في شاطئ شط مريم في مدينة سوسة","title":"وجود مياه الصرف الصحي في شاطئ شط مريم في مدينة سوسة","height":333,"width":500,"class":"media-element file-default","data-delta":"2"}}]]

وجود مياه الصرف الصحي في شاطئ شط مريم في مدينة سوسة

وأكد رئيس الجمعية مرشد قربوج في حديثه لـ"الترا تونس" أنّ نسبة التلوث ارتفعت بدرجة كبيرة في ذلك الشاطئ على غرار العديد من الشواطئ الأخرى، مشيرًا أنّ الجمعية تقوم بصفة دورية وسنوية بتحاليل لمراقبة جودة ونظافة مياه البحر خصوصًا في الشواطئ القريبة من المجمعات السكنية، والبحث عمّا إذا كانت توجد قنوات للصرف الصحي مقامة بطريقة قانونية. كما أشار أن الجمعية تقوم بمراسلة الجهات المعنية سواء وزارة الصحة أو وزارة البيئة لإعلامها بنتائج التحاليل في بعض الجهات.

مرشد قربوج (رئيس جمعية "أس أو أس بيئة"):  أكدت أغلب التحاليل التي قامت بها الجمعية سنة 2016 لقياس درجات تلوث مياه الشواطئ أنّ مياه خليج تونس والضاحية الجنوبية أصبحت ملوثة بدرجة كبيرة

على صعيد آخر، أكد محدّثنا أنّ جمعية "أس أو أس بيئة" أكدت أكثر من مرّة ضرورة بعث مرصد مستقل خاص بمراقبة مياه البحر ونظافته، لاسيما مع تواتر الأنباء في كلّ مرةّ عن بعض التسربات النفطية ببعض الشواطئ، وما يتطلّبه ذلك من تحليل لمياه تلك الشواطئ لمعرفة تأثيرات تلك التسربات على التربة وعلى البحر والمحيط هناك بصفة عامة على المدى القصير وحتى على المدى البعيد خاصة وأنّ العديد من مصادر التلوث تبقى تأثيراتها عديد السنوات.

يذكر أنّ بنزرت عرفت مؤخرًا كارثة بيئية بسبب تسرّب النفط من ثقب بأحد الخزانات الضخمة للشركة التونسية لصناعات التكرير "ستير" الموجودة بالرصيف البترولي جرزونة، ليمتدّ التسرّب إلى باقي الشواطئ المجاورة لاسيما شاطئ سيدي سالم.

 

اقرأ/ي أيضًا:

الشرطة البيئية أخيرًا في تونس.. الأمر بالنظافة والنهي عن التلوث!

تونس تخسر 5 مراتب في تصنيف مؤشر الأداء البيئي لسنة 2018