08-سبتمبر-2018

بلغ عدد قضايا الاغتصاب التي تم الفصل فيها 101 قضية في السنة القضائية 2015/2016

يكاد لا يمرّ يوم دون أن نسمع حادثة اغتصاب جديدة، هذه الظاهرة التي تعرّت في السنوات الأخيرة وخرجت من دائرة المسكوت عنه رغم أن عديد الحوادث المشابهة بقيت طي الكتمان. وقد بلغ عدد قضايا الاغتصاب التي تم الفصل فيها في تونس في السنة القضائية 2015/2016، 101 قضية، وهو عدد ليس بالهين خاصة وأن بعض العائلات تتستر على مثل هذه الجرائم خوفا من "العار".

استقبلت وحدة إنجاد الطب الشرعي الاستعجالي أكثر من 800 حالة اغتصاب خلال سنة واحدة

اقرأ/ي أيضًا: حملة "وشمولي بالسيف".. رصاصة ناشطة تونسية في قلب التحرش

وكان رئيس قسم الطب الشرعي بمستشفى شارل نيكول منصف حمدون قد أفاد في تصريح العام الفارط لصحيفة الصباح الأسبوعي أن وحدة إنجاد الطب الشرعي الاستعجالي استقبلت أكثر من 800 حالة اغتصاب خلال سنة واحدة.

وفي شهر أوت/ آب الفارط، شهدت بلدة قبلاط من ولاية باجة الواقعة في الشمال الغربي لتونس جريمة اغتصاب فتاة في الخامسة عشر من عمرها من قبل خمسة أشخاص من بينهم رجل أمن، رغم التضارب، الذي برز لاحقًا في تقارير الطب الشرعي. وخلال نفس الشهر تعرضت رضيعة الثلاث سنوات إلى الاغتصاب من قبل أحد أقربائها البالغ من العمر 32 سنة في قفصة الواقعة في الجنوب الغربي التونسي. وفي نفس المدينة، تعرضت امرأة مسنة تبلغ من العمر 91 عامًا إلى الاغتصاب بطريقة وحشية بعد أن حوّل شاب وجهتها إلى أحد الأودية شهر جوان/ حزيران الماضي.

ممدوح عز الدين (باحث في علم الاجتماع) لـ"الترا تونس": قانون الحرارة الإجرامي من أسباب ارتفاع حالات الاغتصاب في فصل الصيف

اقرأ/ي أيضًا: ضحايا الاغتصاب في تونس.. قصص الوجع الدائم

وفي مدينة قلعة الأندلس التابعة لولاية أريانة، تعرضت امرأة مسنة مقعدة إلى الاغتصاب من قبل شاب يبلغ من العمر 19 سنة. وفي نفس الولاية تعرضت مؤخرًا طفلة تبلغ من العمر 9 سنوات إلى الاعتداء الجنسي من قبل طفلين أحدهما يبلغ من العمر 9 سنوات والآخر 11 سنة. وفي سوسة اغتصب شخصان، في مستهل شهر سبتمر/ أيلول الجاري، خطيبة صديقهما الذي وثق فيهما لإيصالها إلى المنزل بعد أن تعطلت دراجته النارية.

وعن أسباب استشراء الاعتداءات الجنسية بشكل لافت في الآونة الأخيرة، يقول الباحث في علم الاجتماع ممدوح عز الدين لـ"الترا تونس"، إن قانون الحرارة الإجرامي من بين أسباب ارتفاع حالات الاغتصاب في فصل الصيف، وفق تقديره. ويضيف عز أن سببين أساسيين آخرين وراء ارتفاع الظاهرة وهما الكبت وهيمنة الثقافة الذكورية، موضحًا أن منسوب الكبت بكل أشكاله مرتفع في تونس وخاصة منه الجنسي وأن التشريعات ورغم تطورها لا تزال غير قادرة على تغيير العقلية والسلوكيات.

ويشير إلى أن قانون تجريم العنف ضد المرأة أقرّ عقوبة سجنية مدى الحياة في بعض حالات الاغتصاب لكن ذلك لم يحد من هذه الظاهرة، وفق قوله. ويُلاحظ أن هذه الظواهر أصبحت متفشية خاصة مع استعمال وسائل التواصل الاجتماعي من أجل استقطاب الأطفال او الفتيات لاغتصابهم، مذكرًا في هذا السياق بجريمة الاعتداء الجنسي على 41 طفلًا تونسيًا من قبل فرنسي.

ممدوح عز الدين (باحث في علم الاجتماع) لـ"الترا تونس":  تونس شهدت في الفترة الأخيرة حالة من الانفلات جعلت نسبة الجريمة تزداد على مستوى الكم والكيف حتى وصلت إلى التوحش والمسرحة والتباهي

ويؤكّد محدّثنا أن ظاهرة الاغتصاب ليست حكرًا على تونس بل منتشرة في البلدان العربية خاصة "المحافظة" منها، مشيرًا إلى تراجع المستوى القيمي الذي يجعل من الجو العام أرضية خصبة للجريمة. ويضيف محدث "الترا تونس" أن تونس شهدت في الفترة الأخيرة حالة من الانفلات جعلت نسبة الجريمة تزداد على مستوى الكم والكيف حتى وصلت إلى التوحش والمسرحة والتباهي، لافتًا إلى أن عامل الخوف انتفى لدى القائم بالجريمة وهو ما يدل على استشراء فكرة الإفلات من العقاب المرتبطة بتراجع هيبة الدولة.

وبالنسبة الحلول التي قد تساهم في الحد من ظاهرة الاغتصاب، يقترح الباحث في علم الاجتماع ممدوح عز الدين إصلاح المنظومة التربوية من خلال إدماج التربية على استعمال مواقع التواصل الاجتماعي والانترنت والتربية الجنسية كشكل من أشكال الوقاية والتثقيف، مبينًا أن الثقافة الجنسية تجعل الأطفال قادرين على حماية أنفسهم من مخاطر التغرير بهم وجرّهم إلى الاغتصاب.

ويتابع بالقول "لا بد من عودة هيبة الدولة، واضطلاع العائلة والمدرسة بأدوارهم كمؤسسات للتنشئة الاجتماعية بعد تراجعها في السنوات الأخيرة فالمدرسة لم تعد عنوان نجاح والعائلة التي تحمي أفرادها من الجريمة أصبحت فضاء لها والإعلام الذي يقوم بالدور التربوي والتثقيفي تخلى عن هذه المهمة لصالح الإثارة".

 

اقرأ/ي أيضًا:

اغتصاب القاصر وتعنيف الأم ومقتل الجدة.. جريمة بشعة في قبلاط تهزّ تونس

طفلة الـ3 سنوات تتعرض للاغتصاب في قفصة.. كل المعطيات عن المتهم