13-أغسطس-2018

اللجنة تقترح تغييرات جوهرية في عديد أبواب مجلة الأحوال الشخصية (الشاذلي بن ابراهيم/getty)

الترا تونس - فريق التحرير

 

ظلّت مجلّة الأحوال الشخصية الصادرة في 13 أوت/أغسطس 1956، والتي اقترن العيد الوطني للمرأة بتاريخ إصدارها، لعقود عنوان الخيار الإصلاحي التحديثي الذي ذهبت إليه السلطة السياسية في تونس بعد الاستقلال.

ولكن لم تعد المجلة القانونية، التي تتولى تنظيم العلاقات الأسرية، محل رضا عديد الأطراف الحقوقية والنسوية التي تطالب بضرورة تنقيح أحكام المجلة باتجاه تحقيق المساواة التامة بين المرأة والرجل والقضاء على كل أشكال التمييز ضد الزوجة على وجه الخصوص.

 قدمت لجنة الحريات الفردية والمساواة مقترحات لتعديل مضمون 12 مسألة نظمتها مجلة الأحوال الشخصية مع مقترح للتغيير في صياغة بعض أحكامها

من هذا المنطلق، قدمت لجنة الحريات الفردية والمساواة مقترحات لتعديل مضمون 13 مسألة نظمتها مجلة الأحوال الشخصية، وذلك بالإضافة لمقترح تغيير شكلي في صياغة بعض أحكامها، تعرّف على مجمل هذه المقترحات في التقرير:

1/ المهر

قدمت اللجنة مقترحان ينص الأول على إلغاء جميع الأحكام المتعلقة بالمهر في مجلة الأحوال الشخصية أي حذف 3 فصول وتنقيح فصلين إثنين، ولكن اعتبرت اللجنة أن الإلغاء لا يعني منعًا قانونيًا للمهر وإنما يبقى بالإمكان العمل به كتقليد اجتماعي.

أما المقترح الثاني، يتمثل في إلغاء المهر كشرط لصحة الزواج مع الإبقاء على تنظيمه وحذف كل أثاره مع البناء أي إلغاء حق الزوج في جبر الزوجة على البناء إذا دفع المهر، وإلغاء استحقاق الزوجة للمدخول بها للمهر في صورة الزواج الفساد، وأيضًا إلغاء استحقاق المطلقة لنصف المهر قبل الدخول.

اقرأ/ي أيضًا: المهر في تقرير لجنة الحريات الفردية والمساواة (3/1)

2/ العدّة

وردت أحكام العدة فيما لا يقلّ عن 5 فصول في مجلة الأحوال الشخصية، إذ يجب على الزوجة المدخول بها أن تعتد بعد وفاة زوجها أو فقدانه أو انحلال الزواج أو بعد الطلاق، وتبرير العدة هو تفادي اختلاط الأنساب. كما يجب على الزوجة غير المدخول بها العدة في حالة وحيدة وهي حالة وفاة الزواج وتبرير هذا النوع من العدة هو أخلاقي.

لجنة الحريات الفردية والمساواة اقترحت إما إلغاء العدّة تمامًا أو المحافظة عليها مع إعفاء المرأة غير المدخول بها وزوجة المفقود منها

 تعتبر اللجنة أن كلا التبريرين يمكن مناقشتهما، إذ ترى أن تبرير تفادي اختلاط الأنساب فقد جدواه مع التقدم العلمي والقدرة على معرفة نسب الطفل، كما ترى أن التبرير الأخلاقي المتعلق بعدة الزوجة غير المدخول بها والتي توفى زوجها يحمل تمييزًا ضد المرأة باعتبار أن الزوج غير مطالب بالعدة في هذه الصورة أي حين وفاة زوجته.

بذلك، تقدم اللجنة مقترحين يقضي الأول بإلغاء أحكام العدة تمامًا "باعتبارها شرطًا تمييزيًا يقيّد حرية المرأة في الزواج"، أما المقترح الثاني يتضمن المحافظة على العدة مع إعفاء المرأة غير المدخول بها من العدة تحقيقًا للمساواة مع الرجل، ومع إلغاء عدة الفقدان لانعدام معناها باعتبار أقصى مدة للعدة هي سنة وهو نفس أجل الحكم بالفقدان غالبًا.

3/العرف والعادة في الواجبات الزوجية

يتضمن الفصل 23 من مجلة الأحوال الشخصية على أنه يقوم الزوجان بالواجبات الزوجية "حسبما يقتضيه العرف والعادة". تعتبر اللجنة أن الإحالة للعرف والعادة "يتضمن ممارسات تمييزية فيها حيف ضد المرأة أو تقييد في حريتها" على غرار تحميلها القيام بالواجبات المنزلية ومنعها من الخروج دون مرافقة. ولذلك تقترح اللجنة حذف هذه الإحالة تمامًا.

4/ رئاسة العائلة

"الزوج هو رئيس العائلة" وفق الفصل 23 من المجلة وهو ما تقترح اللجنة إلغاءه.

كانت تنص مجلة الأحوال الشخصية حين إصدارها على واجب طاعة الزوجة لزوجها ولكن تم التخلي عن هذا الواجب سنة 1993 مقابل إبقاء رئاسة العائلة للزوج والتي تعني، وفق تصور اللجنة، أنه في حالة الاختلاف بين المرأة والرجل في المسائل المشتركة على غرار تحديد مقر السكنى، يعود القرار الأخير للزوج.

ترى لجنة الحريات الفردية بوجوب حذف مفهوم رئاسة العائلة للزوج في مجلة الأحوال الشخصية

تعتبر اللجنة أن اعتبار الزوج رئيسًا للعائلة يعني أن رأي الرجل أصوب من زوجته وتلك قرينة أن المصلحة فيما يقرره الزوج، "أما الزوجة فليس لها إلا الانصياع وإلا فهي تتحمل عبء اثبات التعسف في قرار الزوج" أي اللجوء إلى القضاء.

لذلك، ترى اللجنة أنه يجب حذف مفهوم رئاسة العائلة تمامًا والإبقاء على ما ورد في الفصل 23 وتحديدًا واجب التعاون بين الزوجين في تسيير شؤون الأسرة.

5/ اختلاف الدين

ينص الفصل 5 من مجلة الأحوال الشخصية أنه "يجب على كل من الزوجين أن يكون خلوًا من الموانع الشرعية". وقذ ذهبت عديد المحاكم التونسية، تبنيًا لفريق من شراح القانون، أن لفظ "الشرعية" يحيل إلى الموانع الواردة في التشريع الإسلامي، وبالتالي تعتبر المحاكم أن هذا الفصل يمنع زواج التونسية بالأجنبي غير المسلم. في نفس الإطار، ينص الفصل 88 من المجلة أن "القتل العمد من موانع الإرث" دون النصيص على مدى اعتبار اختلاف الدين بين المورّث والوارث من موانع الإرث أو لا. وقد ذهبت عديد المحاكم، أمام سكوت القانون، للتأكيد بأنه لا يمكن لغير المسلم أن يرث المسلم باعتبار أن القانون تحدث عن سبب واحد وهو القتل العمد وذلك ضمن أسباب أخرى.

اللجنة تقترح حذف مانع الدين سواء لزواج التونسية المسلمة بغير المسلم أو لانتقال الإرث 

تعتبر اللجنة بذلك أن الفصلين 5 و88 من المجلة ينصّان على "قيود دينية على الزواج والميراث". تقترح أولًا تنقيح الفصل 5 بحذف لفظ "الموانع الشرعية" وتعويضها بـ"الموانع الواردة في المجلة" ولذلك لعدم إمكانية العودة للتشريع الإسلامي ومنع زواج التونسية المسلمة بغير المسلم. أما بخصوص الفصل 88، تقترح اللجنة أن يصبح بصياغة "لا يرث القاتل عمدًا.." وذلك باعتبار القتل العمد هو المانع الوحيد للإرث دون إمكانية تأويل النص لاستنباط مانع اختلاف الدين.

6/ ابن الزنا

حدد الفصل 68 من مجلة الأحوال الشخصية وسائل إثبات النسب وهي الفراش أي الزواج أو إقرار الأب أو شهادة الشهود، ودأبت المحاكم التونسية على إثبات نسب الابن المولود في علاقة شرعية فقط دون الابن المولود في إطار علاقة خنائية. ونصت المجلة على أن إبن الزنا لا يرث إلا أمه. صدر في الأثناء قانون 1998 الذي أتاح إثبات بنوّة ابن الزنا مع تحديد حقوقه ومنها لقب والده والنفقة دون التنصيص على حقه في الإرث.

تعتبر اللجنة مجمل هذه الأحكام تحمل تمييزًا بين الأبناء الشرعيين والطبيعيين خاصة بحرمان ابن الزنا من إرث والده، لتقدم جملة من المقترحات.

بخصوص الفصل 68، عرضت اللجنة مقترحين ينص الأول على التنصيص على إضافة فقرة مضمونها "يُمنع التمييز في إثبات النسب بحسب طبيعة علاقة الوالدين". أما المقترح الثاني يقضي بالتنصيص على معيار المصلحة الفضلى للطفل وذلك بهدف "يحول دون تأويل الفصل تأويلًا تمييزيًا بين الأطفال إن كانوا شرعيين أو طبيعيين".

المساواة في الحقوق بين الإبن الشرعي وابن الزنا بما في ذلك الحق في الإرث هي من أبرز مقترحات لجنة الحريات الفردية والمساواة

في نقطة متصلة، تقترح اللجنة إلغاء الفصل 152 من مجلة الأحوال الشخصية المتعلق بميراث ابن الزنا و"ذلك لتحقيق الانسجام مع الفصل 68 الذي لا يميز بحسب طبيعة النسب" كما تقترح اللجنة، بالتوازي، تنقيح قانون 1998 بمنح ابن الزنا نفس حقوق الابن الشرعي أي تمتيعه أيضًا بحقه في إرث والده البيولوجي.

7/ الحضانة

تقترح لجنة الحريات الفردية والمساواة إلغاء 7 فصول متعلقة بالحضانة في مجلة الأحوال الشخصية.

تقترح اللجنة تحديدًا إلغاء الفصلين 55 و58 لأنهما يشيران بأن "الحضانة هي أساسًا شأن أنثوي نسوي" ولتعارضهما مع معيار المصلحة الفضلى للطفل، وكذلك الفصل 59 الذي ينص على أن الحضانة لا تصح على الحاضنة إن كانت من غير دين الأب مع استثناء الأم باعتبار تضمن هذا الفصل لـ"قيود دينية على حضانة المرأة". وتشمل الفصول المقترح إلغاءها الفصلين 61 و62 لتضمنهما "قيود جغرافية على حضانة المرأة". يُشار أن الفصل 61 ينص على سقوط حضانة المرأة في صورة سفرها مع المحضون سفر نقلة بشكل يعسر على الولي القيام بواجباته. كما تقترح اللجنة أيضًا إلغاء الفصل 60 والفصل 63 المتعلق بموافقة الولي على سكن الحاضنة الثانية مع الحاضنة الأولى.

تعتبر اللجنة إجمالًا أن كل هذه الفصول "تكرّس نظرة نمطية تمييزية للحضانة على أساس أنها شأن نسوي". وترى أنه يجب الاكتفاء بقيام القاضي عند البتّ في الحضانة بمراعاة معيار مصلحة المحضون فقط.

اقرأ/ي أيضًا: في الذكرى 62 لإصدار مجلة الأحوال الشخصية.. دعوة لإرساء مجلة الحريات الفردية

8/ الولاية على القاصر

الولاية هي السلطة التي تمارس على القاصر أي الطفل دون 18 سنة غير القادر على إدارة شؤونه الخاصة بحكم صغر سنه، وغير القادر على القيام بتصرفات قانونية مثل ابرام عقد بيع وغيره.

ينص الفصل 154 من مجلة الأحوال الشخصية على أن وليّ القاصر هو الأب. وفي صورة وفاة الأب أو فقده للأهلية، تصبح الأم وليًا عن ابنهما. ويتضمن مبدأ عدم ولاية الأم في حياة الأب استثنائين إثنين يتعلق الأول بإمكانية منح القاضي للأم الحاضنة بعد الطلاق مشمولات الولاية في صورة تعسف أو تهاون الأب في القيام بها، ويتعلق الاستثناء الثاني بإمكانية استخراج الأم لوثائق سفر ابنها.

لجنة الحريات الفردية تقترح تعويض الولاية المنفردة للأب على ابنه القاصر بولاية مشتركة بين الأب والأم مع تدخل القاضي للحسم في التنازع في ممارسة الولاية

ترى اللجنة النظام الحالي للولاية يحمل تمييزًا ضد المرأة، ولذلك تقترح تعويض الولاية المنفردة للأب في حياته بالولاية المشتركة بين الأبوين سواء عند قيام العلاقة الزوجية أو عند الطلاق، مع تدخل القاضي للحسم في التنازع في ممارسة الولاية.

9/ ولاية الزواج للقاصر

تنص مجلة الأحوال الشخصية على أن زواج القاصر يتوقف على موافقة الولي والأم، والولي هو بالضرورة ذكر ووجوبًا هو الأب أو من ينيبه. اعتبرت اللجنة أن هذه الأحكام تحمل تمييزًا ضد المرأة، لذلك اقترح التقرير التخلي عن مفهوم الولاية فالزواج وذلك بتنقيح الفصل 6 من المجلة ليتوقف زواج القاصر على موافقة والديه أو أحدهما إذا توفي الآخر أو فقد أهليته، بمعنى في حالة وفاة الأب تكفي موافقة الأم لوحدها دون الحاجة لموافقة الوليّ أي الجدّ أو العمّ مثلًا كما هو الحال عليه الآن.

10/ نفقة الزوج

يجب على الزوج أن ينفق على زوجته المدخول بها، هذا ما ينص عليه الفصل 38 من مجلة الأحوال الشخصية. تعتبر اللجنة أن واجب الزوج في الانفاق يتأسس على "علوية دوره في الأسرة والمجتمع"، وأشارت بأن هذا الحل "يقع استعماله لتبرير عدم المساواة في الإرث" باعتبار أن الرجل يحتاج لنصيب أكثر من المرأة لأنه يتحمل واجب النفقة على الأسرة على خلاف المرأة.

تواصل اللجنة تبني الخيار التشريعي الحالي بخصوص تحمّل الأب واجب النفقة على أسرته ولكن تقترح إلغاء هذا الواجب إن كان للزوجة دخل يغنيها عن الحاجة إلى النفقة 

لم تقترح اللجنة إلغاء واجب النفقة على الزوج أو جعل النفقة واجبًا مشتركًا على الزوجين، بل واصلت الزوجة تبني واجب الزوج في النفقة على أسرته ولكنها تقترح إلغاء هذا الواجب في صورة إن كانت الزوجة "لها دخل يغنيها عن الحاجة إلى النفقة".

11/ نفقة الأم

الأب وحده هو المحمول عليه واجب النفقة على أسرته كما أشرنا في الفقرة السابقة وفق الفصل 23 من مجلة الأحوال الشخصية. ولكن توجد فقرة أخيرة في هذا الفصل نصها "على الزوجة أن تساهم في الإنفاق على الأسرة إن كان لها مال" وهو "واجب مخفّف" بتعبير اللجنة وقد تمت إضافته سنة 1993.

تقترح اللجنة الارتقاء بواجب الأم في الإنفاق إلى مرتبة "الالتزام الكامل" في صورة إن كان لها دخل قارّ. ينصّ الفصل المقترح بذلك أنه "على الأم التي لها دخل قار الإنفاق على الأبناء".

12/ إنفاق الأبناء على الأصول

يجب على الأبناء الإنفاق على أبويهما وأصول الأب دون تحديد أي الجد وجد الجدّ وهكذا، لكن واجب الإنفاق على أصول الأم محدد في الطبقة الأولى فقط أي الجدان فقط. يعكس هذا التنظيم، وفق اللجنة، تغليب الانتماء إلى العائلة الأبوية على حساب عائلة الأم. لذلك تقترح اللجنة حذف سقف الإنفاق ليشمل الأصول من جهة الأب أو الأم بغير تحديد ودون استثناء.

اقرأ/ي أيضًا: هل تساند المساواة في الميراث بين الجنسين في تونس؟

13/ المواريث

هي المسألة الأكثر إثارة للجدل، فمسألة المساواة التامة في الميراث هي العنوان الأبرز كلما جاء الحديث عن لجنة الحريات الفردية والمساواة. وقد استأثرت مسألة المواريث بنصيب وافر من تقرير اللجنة التي تضمن 3 مقترحات دفعة واحدة لتعديل نظام المواريث الحالي كما ورد في مجلة الأحوال الشخصية.

ينص المقترح الأول على "إلغاء التمييز في الحالات الغالبة وضمان المساواة فيها قانونًا"، والصور الغالبة هي الأبناء والأبوين والزوجين والإخوة. فالبنت في حالة وجود ابن يتقاسمان التركة بالمساواة بدل قاعدة "للذكر مثل حظ الأنثيين"، وكذا تأخذ الأخت بالتساوي مع أخيها بدل القاعدة المذكورة. كما تقترح اللجنة أن تحصل الأم على نفس نصيب الأب، وكذلك إلغاء التمييز بين الزوج والزوجة باعتبار أن حاليًا مناب الزوج هو النصف عند انعدام الفرع الوارث والربع عند وجوده، مقابل مناب الزوجة هو الربع عن انعدام الفرع الوارث والثمن عند وجوده. وتقترح اللجنة أيضًا أن يبقى القرين في محل السكنى على قيد الحياة بمعنى عدم تصفية محل الزوجية ولو أراد الورثة ذلك، وصورة ذلك أن تبقى الأرملة في بيت زوجها ولكن بشروط منها وجود أبناء ومرور 4 سنوات من استمرار الزواج بزوجها المتوفى مع عدم التزوج من جديد بعده.

لجنة الحريات الفردية تقدم مقترحًا بفرض المساواة في الإرث في الحالات الغالبة مع مقترحين يكرسان النظام المزدوج أحدهما يكون بترك تحديد نظام التوزيع بيد المورّث والآخر يكون بتركه بيد المرأة الوارثة

أما بخصوص الأحفاد، تقترح اللجنة تنزيلهم نفس منزلة أصلهم المباشر في حالة وفاته قبل سلفه أي عمليًا نفس مرتبة الأب الذي يموت قبل الجدّ، مع اعتماد التساوي بين الأحفاد الذكور والإناث. يذكر أن القانون الحالي يحدد نصيب الأحفاد وفق قاعدة الوصية الواجبة التي لا يجب أن تتجاوز ثلث التركة فقط.

وتعتبر اللجنة أن هذا المقترح الأول يضمن المساواة وبالخصوص يغطي الحالات الأكثر شيوعًا في الواقع.

أما المقترح الثاني الذي تقدمه، فهو نفس المقترح الأول لكن بإضافة حق المورّث في الاعتراض على المساواة. يتضمن هذا المقترح مبدأ المساواة في الميراث ولكن يمنح للمورّث أي الأب أن يوصي في حياته باعتماد قاعدة "للذكر مثل حظ الأنثيين" أي اعتماد النظام المزدوج. تقول اللجنة إن إيجابيات هذا المقترح تتمثل في مراعاة قناعة المورّث في قسمة تركته، وتحقيق التدرج في تطوير التشريع بتهيئة العقليات لقبول المساواة كما تقول. وهذا المقترح الثاني هو الذي تبناه رئيس الجمهورية الباجي قايد السبسي في خطابه السنوي في عيد المرأة في 13 أوت/أغسطس 2018.

يأتي، في الأثناء، المقترح الثالث بعكس المقترح الثاني أي بجعل المساواة باختيار الوارثة فهو يضمن المساواة لمن أرادتها. مثلًا إن ترك الأب ابنا وبنتًا فلهذه البنت القرار إن شاءت أن تتحصل كما نصيب شقيقها وفق قاعدة المساواة أو أن تتحصل على نصف نصيبه فقط وفق قاعدة "للذكر مثل حظ الأنثيين". ترى اللجنة أن ميزة هذا الحل هو ضمان انتقال سلس من المساواة الممنوعة إلى المساواة الممكنة.

لجنة الحريات الفردية والمساواة توصي بالتخلي عن التنظيم الحالي للمواريث برمّته ووضع نظام جديد يقوم على توزيع الإرث حسب ترتيب الورثة وفق درجة القرب من المتوفى

وبعد عرض هذه المقترحات الثلاثة، تقدم اللجنة توصية بإلغاء التمييز في المواريث إلغاءً تامًا وذلك بحذف نظام العصبة الذي يمنح امتيازًا للأقارب من الذكور على حساب الأقارب من الإناث مع وضع فلسفة جديدة قوامها ترتيب الورثة حسب القرب من المتوفى فيرث أولًا القرين والفروع ثم الأبوان والإخوة ثم الأجداد ثم الحواشي أي الأعمام والأخوال بحيث كل طبقة سابقة تتمتع بالأولوية فتمنع لاحقتها من الإرث. ولذلك، تقول اللجنة أنه لتجسيم هذه التوصية يجب التخلي عن التنظيم الحالي للمواريث برمّته ووضع نظام جديد، وعليه أوصت، كما ورد في التقرير، بـ"البناء على هذه المبادرة والإذن بالشروع بإعادة صياغة الكتاب التاسع من مجلة الأحوال الشخصية".

14/ تغييرات شكلية

تضمن تقرير اللجنة مقترحات لتغييرات شكلية في صياغة بعض فصول مجلة الأحوال الشخصية دون المساس بالمضمون، وهي تحديدًا تغييرات في الصياغة باستعمال ألفاظ لا تحمل على التمييز بين المرأة والرجل كما يشير التقرير.

في هذا الجانب مثلًا بخصوص تحجير الزواج بعد الطلاق الثالث، ينص الفصل 19 من المجلة أن "يحجّر على الرجل أن يتزوّج مطلّقته ثلاثًا"، فتقترح اللجنة أن يصبح الفصل بالصياغة التالية "يحجّر الزواج على الزوجين بعد طلاقهما الثالث". نفس الأمر بخصوص الفصلين 15 و16 المتعلقين بتحريم الزواج للقرابة أو للمصاهرة على التوالي. كما يشمل هذا الصنف من التغيير الفصل 31 المتعلق بالطلاق إنشاء، وهو كما أشرنا تغيير في الألفاظ لا يستتبع أي آثار قانونية.

 

اقرأ/ي أيضًا:

كيف علّق النواب على تقرير لجنة الحريات الفردية؟

من أجل حوار وطني حول المساواة والحريات الفردية