الترا تونس - فريق التحرير
قدّم أستاذ القانون الدستوري قيس سعيّد كلمة مؤثرة بمناسبة إحالته للتقاعد بعد أكثر من 30 سنة قضاها أستاذّا ومربيًا لعديد من الأجيال في كليات الحقوق بتونس، وتحدث سعيد في هذه الكلمة في إطار حفل اختتام السنة الدراسية بكلية العلوم القانونية والسياسية والاجتماعية بتونس السبت الماضي 5 جويلية/يوليو 2018، عن محطات من مسيرته الجامعية، وعن مساواته بين الطلبة وحرصه الشديد على عدم تفويت ساعات تدريسه.
أستاذ القانون الدستوري قيس سعيد يغادر مقاعد التدريس الجامعي بعد أكثر من 30 سنة قضاها أستاذّا ومربيًا لعديد من الأجيال في كليات الحقوق بتونس
وقال سعيّد إنه كتب ورقة بعد إصلاحه لآخر ورقة امتحان هذه السنة قال فيها "أعلم أن نصف نقطة قد تحدد مصير طالب بل عائلة، كنت حريصًا على المساواة بين الجميع وأرجو أن أكون قد وفقت، وليشهد الله أنني لم أظلم أحدًا ولو مثقال حبة من خردل، وأنا أضع في الحسبان أنني سأقف بين يديه سبحانه وتعالى يوم لا ينفع فيه مال ولا بنون".
وتحدث عن مشاهد طيلة سنوات تدريسه ظلّت بمثابة عبرة له، واستذكر بالخصوص حادثة رؤيته لوليّ ينفث التراب فوق رأسه أمام كلية الحقوق بسوسة قبل عقود وذلك حزنًا على رسوب ابنه وابنته، وقال سعيّد إن هذا المشهد ظلّ لا يفارقه حين إسناده الأعداد للطلبة.
وفي حادثة أخرى، قال إنه قد جاءه في إحدى السنوات طالب مريض يطلب إعادة امتحان لأنه سيقوم بعملية جراحية، فطلب منه أن يجري العملية وسينظر لاحقًا مع الإدارة بخصوص طلبه. وقال سعيّد إنه جاءه بعد أيام والد الطالب ليعلمه بأنه توفيّ أثناء إجراء العملية، وقد تحدث سعيّد عن هذه الحادثة بكثير من التأثر كاشفًا أنه ظلّ يحتفظ بشهادة وفاة الطالب لديه لسنوات طويلة، مردّدًا "الطالب أمانة.. الطالب أمانة.. الطالب أمانة يحملها الأستاذ في كل لحظة".
قيس سعيّد في كلمة بمناسبة تقاعده: تركت والداي على فراش الموت وذهبت لطلبتي فالطالب أمانة
كما استذكر حادثة وفاة والده سنة 1999، حيث قال قيس سعيد إنه ترك والده وقتها في سكرات الموت وذهب للتدريس في الكلية، وقال إنه لم يتغيّب لأن الطالب أمانة لديه، وأضاف بأنه ألقى محاضرته يومها ثم عاد للمنزل ليفارق والده الحياة بعد ساعة. وذكر، في نفس السياق، أنه رغم وجود والدته بغرفة الإنعاش في إحدى أيام الدراسة سنة 2015، أصرّ على الحضور لتدريس طلبته وأشار أن والدته توفيّت بعد ساعات من نفس ذلك اليوم.
قيس سعيّد في كلمة بمناسبة تقاعده: أشكر جميع من درّسني والأساتذة الذين درّست معهم وإن كانت هناك بعض الإساءات في بعض الأحيان ولكن الأخلاق تأبى ردّ الإساءة بالإساءة
ووجه قيس سعيد في كلمته الشكر لجميع الأستاذة الذين درّسوه، وللأساتذة الذين درّس معهم طيلة 30 سنة منها 20 سنة بكلية العلوم القانونية، وأكد أنه يشكر جميع الأساتذة زملاءه دون استثناء "وإن كانت هناك بعض الإساءات في بعض الأحيان ولكن الأخلاق تأبى ردّ الإساءة بالإساءة" كما قال.
وشدد قيس سعيد طيلة كلمته على أهمية الطلبة متوجهًا إليهم" أنتم درع المستقبل، أنتم سيف الدولة المسلول"، وقال "من يحتاج لأي خدمة سأكون معه باستمرار".
اقرأ/ي أيضًا:
قيس سعيد: من يذهبون لقبر بورقيبة يبحثون عن مشروعية في رفاة الموتى
تهمته الاحتجاج.. تفاصيل الإيداع بالسجن في حق جريح الثورة مسلم قصد الله