الترا تونس - فريق التحرير
صدر بالرائد الرسمي للجمهورية التونسية (المجلة الرسمية)، في عدده المنشور الجمعة 16 سبتمبر/أيلول 2022، مرسوم رئاسي يتعلق بمكافحة الجرائم المتصلة بأنظمة المعلومات والاتصال، وأثار جدلًا واسعًا على منصات التواصل الاجتماعي لاسيما وقد اعتبره نشطاء أداة جديدة لمزيد التضييق على حرية التعبير في تونس.
صدور مرسوم ينص على أنه "يعاقب بالسجن لـ5 أعوام وبخطية بـ50 ألف دينار كل من يستعمل شبكات الاتصال لنشر أخبار أو بيانات أو إشاعات كاذبة بهدف الإضرار بالأمن العام أو الدفاع الوطني أو بث الرعب بين السكان"
وينص المرسوم، في الباب المتعلق بالجرائم المتّصلة بأنظمة المعلومات والاتصال والعقوبات المستوجبة في قسم الإشاعة والأخبار الزائفة، على أنه:
"يعاقب بالسجن مدة 5 أعوام وبخطية قدرها 50 ألف دينار كل من يتعمد استعمال شبكات وأنظمة معلومات واتّصال لإنتاج أو ترويج أو نشر أو إرسال أو إعداد أخبار أو بيانات أو إشاعات كاذبة أو وثائق مصطنعة أو مزورة أو منسوبة كذبًا للغير بهدف الاعتداء على حقوق الغير أو الإضرار بالأمن العام أو الدفاع الوطني أو بث الرعب بين السكان.
ويعاقب بنفس العقوبات المقررة بالفقرة الأولى كل من يتعمد استعمال أنظمة معلومات لنشر أو إشاعة أخبار أو وثائق مصطنعة أو مزورة أو بيانات تتضمن معطيات شخصية أو نسبة أمور غير حقيقية بهدف التشهير بالغير أو تشويه سمعته أو الإضرار به ماديًا أو معنويًا أو التحريض على الاعتداء عليه أو الحث على خطاب الكراهية.
وتضاعف العقوبات المقررة إذا كان الشخص المستهدف موظفًا عموميًا أو شبهه".
وقد استنكر حقوقيون ونشطاء، على منصات التواصل الاجتماعي، ما تضمنه المرسوم، معتبرين أن الغاية منه "تكميم الأفواه ونسف حرية التعبير".
نائبة رئيس نقابة الصحفيين: هذا المرسوم "ينسف حرية التعبير خاصة وقد تضمن عبارات فضفاضة وظفها من قبل بن علي ليكمم الأفواه ويسجن المعارضين ويعتدي على حرية الصحافة
وقالت نائبة رئيس النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين أميرة محمد، في تدوينة نشرتها على صفحتها بموقع التواصل فيسبوك، إن هذا المرسوم "ينسف حرية التعبير خاصة وقد تضمن عبارات فضفاضة وظفها من قبل بن علي ليكمم الأفواه ويسجن المعارضين ويعتدي على حرية الصحافة والنشر ومن العبارات الموجودة "الإضرار بالأمن العام أو الدفاع الوطني" و"بث الرعب بين السكان" و"الحث على الكراهية" وغيرها من العبارات"، وفقها.
ومن جهته، دوّن الأمين العام للتيار الديمقراطي غازي الشواشي، على صفحته بفيسبوك: "كل منظومة استبدادية تسعى للبقاء في الحكم والمحافظة عليه أطول مدة ممكنة تلجأ بالضرورة لقمع الأصوات المعارضة والتنكيل بهم وحرمانهم من أبسط حقوقهم ومحاصرتهم للتقليل من تأثيرهم".
غازي الشواشي: تونس تدخل رسميًا ضمن الدولة التي تقمع حرية التعبير والتفكير والنشر بموجب مرسوم غير دستوري تحت عنوان معاقبة الإشاعة والأخبار الزائفة
وتابع في ذات الصدد: "رسميًا تدخل تونس اليوم ضمن الدولة التي تقمع حرية التعبير والتفكير والنشر بموجب مرسوم غير دستوري تحت عنوان معاقبة الإشاعة والأخبار الزائفة"، وفق ما ورد في تدوينته.
بدوره، اعتبر المحامي عبد الوهاب اليحياوي أن المرسوم "هو إغلاق للمجال العام باستعمال التهديد بالسجن"، مؤكدًا أنه كان يعتبر أن عودة تونس إلى الاستبداد أمر مستحيل باعتبار أن "الفضاء العام قد تحرر بواسطة وسائل التواصل الاجتماعي والإعلام الخاص بعكس تجارب الاستبداد السابق حيث كان يمكن لصاحب السلطة أن يحكم بلده باستعمال قناة تلفزية"، وفق تعبيره.
عبد الوهاب اليحياوي (محامٍ): السلطة التي ستكون الخصم والحكم بإمكانها الآن اتهام أي شخص بنشر أخبار زائفة والإساءة للغير دون ضمانات قانونية
ويرى المحامي، في تدوينة له على صفحته بفيسبوك، أن "السلطة ستتهم كل من يعارضها بالتهم الواردة في المرسوم أمام عدم وضوح أركانها القانونية وصعوبة الإثبات فيها، إذ ولو كنت شاهد عيان لن تستطيع التعبير عن الحقيقة ما دمت لا تملك الدليل الموضوعي عنها"، حسب تصوره.
وتابع: "السلطة التي ستكون الخصم والحكم بإمكانها الآن اتهام أي شخص بنشر أخبار زائفة والإساءة للغير دون ضمانات قانونية لأن المسألة ستكون في إطار تأويل ما تكتب والسلطة ستفرض تأويلها منذ الآن على جميع النصوص التي ستكتبها وتدخلك السجن مهما كان مقصدك من ذلك النص"، معقّبًا: "الآن لم يبق سوى بعث شرطة للمعنى تكون مسؤولة عن مراقبة وتأويل ما تكتب وإحالتك على القضاء تبعاً لذلك الفهم"، وفق ما ورد في نص التدوينة.
ومن جانبه، اعتبر الصحفي ثامر المكي أن المرسوم المذكور يمثل "كارثة وطنية حقيقية"، حسب توصيفه.
وأضاف، في تدوينة له على فيسبوك، أن "هذا المرسوم الذي من المفترض أن يدعم مكافحة الجرائم الإلكترونية، يمثل سيفًا مسلطًا على الحريات الرقمية وحرية التعبير"، حسب تصوره.
وبدورها، انتقدت الصحفية عفاف الغربي مضمون المرسوم، معلقة في تغريدة لها على تويتر: المرسوم في ظاهرة "جميل" وفي باطنة تكميم أفواه، وفق تعبيرها.
وعلقت الغربي على مسألة تضاعف العقوبة في حال تعلق الأمر بموظف حكومة، قائلة: "لا يكفي أن الحكومة صامتة ولا تتواصل مع الإعلام ولا مع الشعب إلا عبر منشورات فيسبوكية قليلة، زد على ذلك لا يجب أن نزعجها ونتحدث عنها"، حسب ما ورد في نص التغريدة.