30-أبريل-2018

(صورة تقريبية/ فتحي بلعيد/ أ ف ب) انتخابات دون اهتمام واسع في سيدي بوزيد، مهد الثورة التونسية

من هنا، من سيدي بوزيد مهد الثورة وكل ما رافقها وما جلبته من ديمقراطية وتشاركية وحكم محلي، لا أثر للانتخابات البلدية في أذهان الناخبين إلا النزر القليل. تجول "الترا تونس" في شوارع سيدي بوزيد بحثًا عن ناخب متحمس لأداء واجبه الانتخابي والتصويت في اليوم المرتقب، السادس من ماي/ أيار 2018 ولم يكن الحظ حليفنا، فقد كنا كالباحث عن إبرة في كومة قش. مع العلم أن في سيدي بوزيد، تتنافس 122 قائمة مترشحة على 17 مجلس بلدي.

اقرأ/ي أيضًا: ذوو الاحتياجات الخاصة في الانتخابات البلدية.. حطب بلا دخان

ومن اللافت للنظر، أن نصف القائمات المترشحة في سيدي بوزيد ليست إلا قائمات مستقلة، دون احتساب القائمات "المنتحلة" لهذه الصفة وهي تلك التي تقف وراءها أحزاب في حقيقة الأمر. واعتمد فيها المترشحون المستقلون على "العروشية" أساسًا في تحديد قواعدهم الانتخابية، أي أن عامل الانتخاب سيكون بالأساس انتماء المترشح أو رئيس القائمة للعرش (القبيلة) الأكثر تمثيلًا وانتشارًا في تلك المنطقة.

ومن البارز أيضًا، أن عددًا واسعًا من اللاعبين الأساسيين في هذه اللعبة غير واعين تمامًا بحدود اختصاصاتهم إذا ما وفقوا في الحصول على مقاعد في المجلس البلدي، فممثل قائمة مستقلة يؤكد اعتزامه بناء مسبح كبير سينسي سيدي بوزيد حرمانها الجغرافي من عدم وجود شاطئ. ومترشح مستقل آخر يعد بمنطقة صناعية ومطار ومستشفى جامعي. ويجتمع أغلب المستقلين على فكرة واحدة تبرر دوافع الترشح لديهم، وهي قلب قواعد اللعبة على الأحزاب خاصة الحاكمة منها، وإيصال صوت يعبر عن فقدان الثقة فيها وإعطاء الفرصة لأشخاص غير متحزبين، كما حدثوا "الترا تونس".  

يعتمد المترشحون المستقلون في سيدي بوزيد على "العروشية" أساسًا في تحديد قواعدهم الانتخابية

أما الأحزاب الكبيرة فقد توزع مرشحوها بين من يكتفي بالتذكير بحجم حزبه وخبرته في الحكم، واعدًا بأن تصبح الجهة جنة على الأرض إذا ما كان من يحكم مركزيًا هو من يحكم محليًا، وبين من يعوّل أكثر على العمل الميداني ويتفادى تقديم الوعود والإطناب في ذلك حتى لا يساءل في مستقبل الأيام عنها. ولا ينفي ذلك وجود عقلاء، مستعدين للرهان والتحدي، وقد اطلعوا بما يكفي على النصوص المنظمة للحكم المحلي وعلى مجلة الجماعات المحلية التي صادق عليها البرلمان مؤخرًا.

ويرى سامي ع، إطار بشركة، أنه لا داعي ليهتم بالانتخابات البلدية وبرامج القائمات، فالأمر محسوم مسبقًا بالنسبة إليه إذ أن قريبه يرأس قائمة للانتخابات البلدية وسيتجه وبقية العائلة الموسعة لانتخابه في السادس من ماي. ويضيف سامي لـ"الترا تونس"، أن أغلب القائمات في جهته (أولاد حفوز) تمثل العائلات الكبيرة. وقد كان تفكير أحد الأحزاب الحاكمة يصب في ذات الاتجاه إذ اختار كهلًا من أكبر العائلات عددًا هناك بالرغم من عدم انتمائه المسبق له ليكون رئيسًا لقائمته.

"لا ثقة لنا فيهم"، تقول منجية، ربة بيت شابة من معتمدية سوق الجديد، لـ"الترا تونس" ويعود بذلك ضمير الغائب لكل من تقدموا إلى الانتخابات منذ الثورة. فجميعهم، وفقها، "خذلوا ناخبيهم وانكبوا على خدمة مصالحهم الشخصية ونسيوا مطالب الجهة الحقيقة". وتبيّن محدثتنا "وإن كانت الانتخابات منذ المجلس التأسيسي إلى الرئاسية والتشريعية لم تقدم شيئًا للجهة غير التسويف والمماطلة، فإن البلديات أيضًا لن تغير شيئًا وسيواصل الشباب احتلال مقاعد المقاهي دون عمل او كرامة وستبقى الجريمة مرتفعة وسيظل أبناء الجهة مقهورين وشاعرين باللا عدالة"، وفق محدثتنا.

عبير (ناشطة بالمجتمع المدني) لـ"الترا تونس": تركيز مجالس بلدية في بلديات مفلسة أمر عدمي

اقرأ/ي أيضًا: النساء في الانتخابات البلدية.. "ما هي إلا امرأة"؟

وفيما أكد كثر لـ"الترا تونس" أنهم غير مهتمين بالتصويت والاقتراع في البلديات معتبرين أنها إفساد للوقت والمال معًا، فإن آخرين كان لديهم رأي مغاير يرى في المقاطعة فعلًا واعيًا وعن قناعة. وتبرز عبير، ناشطة بالمجتمع المدني بالرقاب، لـ"الترا تونس"، أنها قررت أن لا تشارك في هذا الحفل البهيج، مشيرة إلى أن تركيز مجالس بلدية منتخبة في بلديات مفلسة ومنعدمة أمر عدمي تمامًا.

وتوضح أنه في غياب الموارد المالية لا يمكن للمنتخبين تحسين الأوضاع في إطار ما يدخل في اختصاصاتهم وسيظلون مرتبطين بالمركز سيما بالنسبة لبعض المعتمديات التي تعد الأكثر فقرًا في الجمهورية كلها. وتلفت محدثتنا إلى خلط في المفاهيم لدى طيف واسع من المترشحين سيما في علاقتهم بالمركز وهو ما سيصعب عليهم الامر لاحقًا.

وتقول عبير: "لو كانت غاية الأحزاب الكبيرة فعلًا تنزيل الباب السابع من الدستور المتعلق بالحكم التشاركي لهيّأت الأرضية القانونية والمادية واللوجستية لذلك ولما انتظرت كل هذا الوقت لإجراء الانتخابات البلدية، غير أن الأمر لا يتعدى بالنسبة إليها أن يكون مقياسًا لتوجهات الناخبين وتوازنات الساحة السياسية ليس أكثر، ولن أكون جزءًا من هذا الاستبيان المقنع".

 

اقرأ/ي أيضًا:

هيئة الانتخابات: 12 % نسبة مشاركة الأمنيين والعسكريين في الانتخابات البلدية

أهمها خطأ في ورقة الاقتراع.. تسجيل إخلالات في يوم انتخاب حاملي السلاح