28-أبريل-2019

يعاني قطاع طب الأسنان في تونس من ارتفاع متصاعد في نسبة البطالة (صورة أرشيفية/ياسين القايدي/وكالة الأناضول)

 

أثارت مؤخرًا قضية إحداث كلّية خاصّة لطب الأسنان جدلًا كبيرًا وحفيظة الهياكل المعنية من عمادة ونقابة وخريجي طب الأسنان رفضًا لمنح ترخيص لهكذا كلية خشية تداعياتها على نسب التشغيل وتكوين أطباء الأسنان، وما قد ينجرّ عنه تباعًا من المسّ من قطاع طب الأسنان وانهيار المنظومة الصحية على المدى البعيد.

نقابة أطباء الأسنان أكدت، في بيان لها، رفضها القطعي لهذا المشروع الذي سيسوّي بين الطالب الذي اجتهد ليحصل على الباكالوريا بمعدل ممتاز، ومن تحصل على معدل بسيط ولكنه يملك المال ليزاحم الطالب المتميز في حظوظ الانتداب بعد التخرّج.

من جهتها، نفت وزارة التعليم العالي والبحث العلمي ما وقع تداوله حول التوجه نحو فتح كلية طب أسنان خاصة لاسيما وأنّ القانون يمنع منح رخص لفتح كليات طب خاصة مهما كان الاختصاص وفق تأكيدها. ولكنّ هذا النفي لا يعني أنّ قطاع طبّ الأسنان لا يشكو من مشاكل خاصة فيما تعلّق ببطالة خريجي كليات طبّ الأسنان في تونس الذي زاد عددهم عن 800 طبيب أسنان عاطلًا عن العمل من بين 4500 مرسمًا في هذا الاختصاص.

أثارت قضية إحداث كلّية خاصّة لطب الأسنان في تونس جدلًا كبيرًا وحفيظة الهياكل المعنية من عمادة ونقابة وخريجي طب الأسنان

اقرأ/ي أيضًا: أطباء تونسيون في المهجر.. ضرورة لا اختيار؟

وفي هذا الجانب، أشار سامي رابح الكاتب العام لنقابة أطباء الأسنان لـ"ألترا تونس" أنّ عدد العاطلين عن العمل مرجّح للارتفاع بسبب تزايد عدد الخريجين سنويًا والذي بلغ 300 خريج كلّ سنة بعد أن كان العدد لا يتجاوز 150 خريجًا.

وقال إنّ أغلب خريجي طبّ الأسنان عاجزون عن تكبد مصاريف فتح عيادات لارتفاع تكاليف الآلات الطبية الخاصة وهو ما يجعلهم يضطرون لتقديم طلبات للحصول على قروض كبيرة. وأوضح أن أغلب هؤلاء الأطباء لا يتمكنون من الحصول على القرض المطلوب لصعوبة الإجراءات وطولها، مبينًا أن البعض الآخر من الخريجين يفضل انتظار فتح باب الانتداب في المستشفيات العمومية مخافة تكبد ديون كبيرة في مشروع العيادة الخاصة.

على صعيد آخر، أشار محدّثنا إلى أنّ النقابة لطالما دعت وزارة التعليم العالي منذ سنوات لمناقشة أزمة قطاع طب الأسنان مع أهل الاختصاص من الإطار التدريسي لكلية طب أسنان ونقابة أطباء الأسنان إلى جانب عمادة أطباء الأسنان وذلك للنظر في مرحلة أولى في إمكانية التخفيض في عدد الموجهين إلى اختصاص طبّ الأسنان حتى لا يرتفع عددهم أكثر وترتفع معه نسبة البطالة، إضافة لتطوير كلية طب الأسنان بالمنستير.

سامي رابح (كاتب عام نقابة أطباء الأسنان): طالبنا وزارة التعليم العالي بالتخفيض في عدد الموجّهين إلى اختصاص طب الأسنان

ودعا الكاتب العام لنقابة أطباء الأسنان، في نفس السياق، وزارة الصحة إلى الترفيع في عدد المنتدبين في المستشفيات العمومية التي تشكو بدورها من نقص اختصاص أطباء الأسنان لاسيما في المناطق الداخلية.

كريم بن محمّد، خريج طبّ أسنان منذ ثلاث سنوات، لم يستطع الحصول على قرض لفتح عيادة، وظل، في المقابل، ينتظر كغيره من عشرات خريجي هذا الاختصاص فتح انتدابات جديدة في المستشفيات العمومية إلاّ أنّ الانتدابات متوقفة منذ سنوات في أغلب القطاعات وفق تأكيده.

اقرأ/ي أيضًا: الصحة العمومية في تونس.. تدهور مستمرّ ودعوة للإنقاذ قبل فوات الأوان

وأضاف بن محمّد في حديثه لـ"ألترا تونس" أنّ العديد من خريجي طبّ الأسنان غير قادرين على فتح عيادات لاسيما في ظل انهيار الدينار التونسي والحال أنّ جلّ الآلات الطبية يقع توريدها ما جعل كلفتها باهظة جدًا مؤكدًا تضاعف سعر بعض هذه الآلات ثلاث مرات في ظرف خمس سنوات فقط.

ويواجه محمّد أمين المصير ذاته، فهو يبحث منذ أربع سنوات عن فرصة للعمل في الخارج لاسيما وأنّه لم يستطع الحصول على قرض لفتح عيادة كما أنّ عمله في بعض العيادات الخاصة لا يوفر له الأجر الكافي وفق قوله. وأشار إلى أنّ مطالب نقابة أطباء الأسنان التخفيض في عدد المتوجهين إلى اختصاص طب الاسنان هي مطالب منطقية خاصة مع ارتفاع عدد الخريجين العاطلين والذي قد يبلغ 900 عاطلًا عن العمل أغلبهم باتوا يبحثون عن فرص للعمل في الخارج نظرًا لتوقف الانتدابات في القطاع العام.

كريم بن محمد (خريج طب أسنان): العديد من خريجي طبّ الأسنان غير قادرين على فتح عيادات لاسيما في ظل انهيار الدينار التونسي والحال أنّ جلّ الآلات الطبية يقع توريدها

ويعرف قطاع طبّ الأسنان في تونس أيضًا مشكل الشهادة الجامعية الممنوحة من المؤسسات الجامعية الأجنبية، على ضوء قرار عمادة الأطباء في جويلية/يوليو 2017 عدم الترسيم الآلي بجدول عمادة أطباء الأسنان بتونس لجميع أطباء الأسنان المتخرجين من كليات أجنبية وأطباء الأسنان الذين تمت إعادة توجيههم من شعب أخرى إلى شعبة طب الأسنان.

وهو قرار جاء وفق العمادة حينها "ضمن جملة من التدابير التي تم اتخاذها بإجماع المجالس الجهوية والمجلس الوطني لعمادة أطباء الأسنان، في ظل تردي أوضاع القطاع جراء العدد الهائل من الطلبة في الداخل والخارج وتأثيره المباشر على تكوين طبيب الأسنان وتفاقم ظاهرة البطالة التي يعيشها أطباء الأسنان".

 

اقرأ/ي أيضًا:

هل يضمن مشروع قانون المسؤولية الطبية حقوق المرضى؟

في مستشفى سليانة.. غياب طب الاختصاص يعمّق أوجاع المرضى