28-نوفمبر-2018

أكثر من 300 بلاغ عن اعتداءات جنسية بحق أطفال في عام 2014

على الرّغم من ترسانة القوانين التي تحمي الأطفال في تونس، والمواثيق الدولية التي صادقت عليها وانضمت إليها، تؤكد المؤشرات الرسمية ودراسات المجتمع المدني ارتفاع ظاهرة استغلال الأطفال في عدّة أوساط سواء العائلية أو المدرسية. إذ أكدت مندوبية حماية الطفولة ارتفاع نسب اغتصاب الأطفال، مع تلقّي أكثر من 300 بلاغ عن اعتداءات جنسية بحق أطفال في عام 2014 في مقابل 56 بلاغًا فقط خلال عام 2010.

فيما بيّنت آخر الإحصاءات الصادرة عن وحدة الطب الشرعي الاستعجالي في مستشفى "شارل نيكول"، تسجيل 800 حالة اغتصاب سنويًا، 65 في المائة من الضحايا أطفال لم يتجاوزوا 18 عامًا و80 في المائة منهم إناث.

بيّنت آخر الإحصاءات الصادرة عن وحدة الطب الشرعي الاستعجالي في مستشفى "شارل نيكول" تسجيل 800 حالة اغتصاب سنويًا

اقرأ/ي أيضًا:  من بينها قانون الحرارة: باحث في علم الاجتماع يكشف عن أسباب تفشي ظاهرة الاغتصاب

وقد تعدّدت حالات الاغتصاب التي تمت في الوسط المدرسي، سواء من قبل أحد الأطر التربوية أو من قبل بعض التلاميذ فيما بينهم. لكن في حالات عديدة كان مقترفو عمليات الاعتداء تلك حراس مدارس. إذ تكررت الأخبار التي يعلن فيها أنّ المعتدي هو حارس المدرسة، وكان قد قام بالاعتداء على تلميذ أو تلميذة.

فقد تقدّمت خلال الأيام الماضية والدة تلميذة بمدرسة بإحدى المناطق في محافظة جندوبة قرب الحدود الجزائرية بشكاية لدى أعوان الحرس الوطني، بسبب تعرّض ابنتها إلى اعتداء جنسي من قبل حارس المدرسة. وقد أشارت والدة التلميذة إلى أنّ المعتدي قد وثّق الحادثة بالصور والفيديو وتولى بيعها إلى صديق له على الفيسبوك مقابل 120 دينارًا. وقد أذنت النيابة العمومية بالاحتفاظ بحارس المدرسة واتخاذ الإجراءات القانونية في شأنه.

تلك ليست بالحادثة الأولى التي تتطرّق إلى قضية اغتصاب يكون المعتدي فيها حارس مدرسة. إذ أكد الهادي طرشون، المندوب الجهوي للتربية بالمهدية في تصريح إعلامي سنة 2019، تعرّض تلميذ يبلغ من العمر 7 سنوات يدرس بالسنة الثانية اساسي بالمهدية إلى عملية اغتصاب في عدة مناسبات. وقد أثبت تقرير الطب الشرعي عملية الاعتداء. وبيّن طرشون أنّ التحقيقات انحصرت بين المدير وحارس المدرسة بعد تصريحات التلميذ.

كما أشار إلى أن الإدارة الجهوية للتربية قامت بكافة الإجراءات الادارية التحفظية في انتظار استكمال التحقيقات، وإحالة الملف الى سلطة الاشراف.

أصدرت مندوبية حماية الطفولة في مارس 2017 تقريرًا بيّنت فيه تلقيها 16158 إشعارًا يتعلّق بالاعتداء على الأطفال

حادثة تحرّش أخرى جدّت في جانفي/كانون الثاني 2017 بالقيروان، إذ أصدر قاضي التحقيق بالمحكمة الابتدائية بطاقة إيداع بالسجن في حق حارس المدرسة الابتدائية أولاد فرحان بتهمة التحرش جنسيًا بتلميذ بالغ من العمر 7 سنوات.

فيمّا تعرّض تلميذ آخر بصفاقس في فيفري/ شباط 2017  عمره 8 سنوات بمدرسة ابتدائية بمعتمدية عقارب إلى الاعتداء بفعل الفاحشة من قبل حارس المؤسسة التربوية البالغ من العمر 23 سنة، بعد أن تعمد جرّه من ثيابه بالقوة وإدخاله إلى أحد الأقسام والاعتداء عليه بالفاحشة. وقد تمكن أعوان الحرس من إلقاء القبض عليه وإحالته على القضاء.

كما تولى أعوان الأمن بأحد المراكز بجهة الشمال الغربي في مارس/آذار من نفس السنة إيقاف حارس مدرسة ابتدائية يبلغ من العمر 51 سنة بتهمة اغتصاب تلميذة سنها دون الثماني سنوات،  داخل مرحاض المدرسة.

وفي أفريل/ نيسان 2018 الماضي عمد حارس مدرسة ابتدائية بولاية القيروان يبلغ من العمر 54 سنة، إلى التحرش ومحاولة اغتصاب تلميذة بالغة من العمر 10 سنوات. وقد تقدّمت عائلة المتضررة بشكاية ضد المتهم.

تلك بعض الحالات التي يعلن عنها، أو بعض الحالات التي ترفع فيها عائلات الضحايا قضايا يصل صداها إلى الجهات الرسمية والإعلامية. لكن يبدو أنّ حالات الاغتصاب قد تكون أضعاف ما يعلن عنه بسبب تكتم وتستر عائلات الضحايا وعدم الإبلاغ عنها خوفًا من الفضيحة.

وقد أصدرت مندوبية حماية الطفولة في مارس/ آذار 2017 تقريرًا بيّنت فيه تلقيها 16158 إشعارًا يتعلّق بالاعتداء على الأطفال.

ورغم أنّ المشرّع التونسي جرّم كل أنواع الاعتداءات على الأطفال بما في ذلك الاعتداء الجنسي، إلا أنّ نسب الاعتداءات في ارتفاع وفق احصائيات ودراسات العديد من منظمات المجتمع المدني التي تعنى بالطفل، خاصة منها تلك الاعتداءات التي وقعت في الوسط المدرسي وكان مرتكبوها حراس مدارس. وهو ما يطرح تساؤلات عن كيفية انتداب حراس المدارس، والشروط المعتمدة لاختيارهم، أم أنّ الأمر يتمّ دون قواعد أو شروط مطلوبة طالما أنّ المستوى التعليمي ليس شرطا في مثل هذه المهن.

اقرأ/ي أيضًا: العودة المدرسية: مدارس منهارة.. ووزارة التربية تخيّر الصمت

أحد مديري المدارس لـ"الترا تونس": أغلب حراس المدارس يتمّ انتدابهم من عمال الحضائر

حاولنا معرفة كيفية انتداب حراس المدارس وكيفية اختيارهم، لكن مثل كلّ مرة لم نتلق أي إجابات رسمية، إلاّ أنّ أحد مديري المدارس قال لـ"الترا تونس" إنّ أغلب حراس المدارس يتمّ انتدابهم من عمال الحضائر كما هو معمول به في العديد من المؤسسات الحكومية الأخرى وعادة ما يكون صاحب مستوى تعليمي محدود يعمل لفترة معيّنة.

كما في كلّ مرّة عبثًا نبحث عن إحصائيات دقيقة حول مرتكبي عمليات الاغتصاب في الوسط المدرسي، وتصنيفهم بالعدد. وهو ما يطرح عدّة تساؤلات أخرى وسط غياب الدراسات والأبحاث الدقيقة. هل الجهات الرسمية  خاصة منها وزارة التربية ووزارة المرأة على علم بتكرر حالات الاغتصاب في الوسط المدرسي التي كان المغتصبون فيها حرّاس مدارس؟

قد تكون الحالات قليلة لا ترقى إلى أن تكون ظاهرة، ولكن هل تكرر حالات اغتصاب بعض حراس المدارس للتلاميذ في عدّة جهات غير كاف كي تهتم الجهات الرسمية بمسألة انتداب حراس المدارس ووضع شروط دقيقة لاختيار أمناء على التلاميذ؟

انطلقت في بعض المدارس بعض الحملات التوعوية للتلاميذ حول موضوع التربية الجنسية

يذكر أنّ القانون التونسي حدد العقوبات المتعلقة بالاغتصاب من الفصل 227 إلى الفصل 229 من المجلة الجزائية. وقد نص على أنه يعاقب بالسجن مدّة 6 أعوام كل من واقع أنثى دون عنف سنها دون 15 سنة، وإن كان سن المجني عليها فوق 15 ودون العشرين سنة كاملة فالعقاب يكون بالسجن مدة 5 سنوات.

كما يعاقب بالسجن مدة 6 سنوات كل من اعتدى بفعل الفاحشة على شخص ذكرًا كان أو أنثى دون رضاها. ويرفع العقاب إلى اثني عشر عامًا إذا كان المجني عليه دون 15 عامًا، كما يعاقب الاعتداء بفعل الفاحشة دون قوة على صبي أو صبية لم يبلغا من العمر 15 عامًا بالسجن مدة 5 أعوام، ويكون العقاب ضعف المقدار المستوجب إذا كان المرتكبون للجرائم التي تم ذكرها من أصول المجني عليه أوالمجني عليها من أية طبقة أو كانت لهم السلطة عليه.

وقد دعت عديد المنظمات والجمعيات المهتمة بالطفل إلى ضرورة إدراج التربية الجنسية في المدارس وحتى إدراجها في المناهج التعليمية لتوعية الأطفال وحمايتهم من خطر الاعتداءات الجنسية.  وقد انطلقت في بعض المدارس بعض الحملات التوعوية للتلاميذ حول موضوع التربية الجنسية.

 

اقرأ/ي أيضًا:

التلقيح الإجباري ضد التهاب الكبد الفيروسي "أ".. تلاميذ تونس ينتظرون!

ضحايا الاغتصاب في تونس.. قصص الوجع الدائم