19-نوفمبر-2018

رئيس الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان جمال مسلم

تطرّق رئيس الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان جمال مسلم، في الجزء الثاني من حواره لـ"الترا تونس"، إلى الاعتداءات الأمنية المسلّطة ضدّ مواطنين ودور القضاء في الحدّ من هذه الظاهرة. كما ردّ مسلم على الانتقادات الموجهة للرابطة على خلفية ما يعتبره البعض "انخراطها" في العمل السياسي وخفوت دورها بعد الثورة. وفيما يلي نصّ الجزء الثاني من الحوار.

رئيس رابطة الدفاع عن حقوق الإنسان لـ"الترا تونس": مشروع قانون زجر الاعتداءات على الأمنيين خطير جدًا لأنه سيضع شريحة من المجتمع فوق بقية الشرائح

اقرأ/ي أيضًا: جمال مسلم: منع شبان من السفر على خلفية تدوينات.. وللحقوق نقول "توة" (حوار-1/2)

  • هل تعتبر أن السلطة تحاول عبر تمرير قوانين مثل مشروع قانون زجر الاعتداءات على القوات الحاملة للسلاح الحد من الحريات في تونس؟

فيما يتعلّق بالتشريعات التي تحدّ من الحريات لا يوجد مشروع قانون زجر الاعتداءات على الأمنيين فقط بل هناك أيضًا مشروع قانون الجمعيات الذي نعتبره تراجعًا عن منشور عدد 88 لسنة 2011، المنشور كان تقدميًا وأعطى الحرية الفعلية لتشكيل الجمعيات دون ترخيص مسبق مع مجرّد إعلام، لكن ما ينقص هو تفعيل القانون على مستوى الرقابة خاصة أن فكرة مشروع القانون المذكور جاءت بعد قال وزير حقوق الإنسان الأسبق كمال الجندوبي إن هناك 150 جمعية لديها تمويلات مشبوهة ويمكن أن تنخرط في أعمال مخطرة على المجتمع على غرار تسهيل عمليات التسفير لسوريا والعمل من أجل دعم الإرهاب والتطرّف.

نحن نقول إنه لا يمكن المس من منشور 88 لكن على الدولة استعمال آلياتها الرقابية في مجال مراقبة التمويل خاصة أنه وقع الحديث عن مليارات وتحديد مصادرها وإلى أين توجهت.

أما بالنسبة لمشروع قانون زجر الاعتداءات على الأمنيين ماذا سيقع إذا أصبح للأمنيين قانون خاص بهم في علاقة بوضعياتهم وجبر الأضرار للضحايا منهم. هذا القانون خطير جدًا لأنه سيضع شريحة من المجتمع فوق بقية الشرائح ويمكن أن تقع عدة تجاوزات ومشاكل على مستوى العيش المشترك. كما أن ذلك قد يدفع عدة قطاعات للمطالبة بقانون يحميها على غرار الأطباء والقضاة والصحفيين. ورابطة حقوق الإنسان كانت قد أصدرت تقارير خاصة بالاعتداءات الصحفيين وتمّ إحداث مرصد لرصد هذه الاعتداءات من قبل النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين.

صحيح أن الأمنيين بطبيعة عملهم عرضة للاعتداءات وهذا في صميم عمل كلّ أمني في العالم وينبغي أن يقع جبر الضرر حسب قيمة الأضرار التي وقعت خاصة في حالات الوفاة وهذا يجب أن يكون كافيًا. أما اليوم مسألة قانون خاص بالأمنيين الذي يقع طرحه كلّ ما تقع عملية إرهابية يتجدد الحديث عن قانون خاص بفئة هامة جدًا من المجتمع كونها عنصر استقرار باعتبار أن ذلك قد يدفع شرائح أخرى للمطالبة بنفس الأمر وتقسيم المجتمع بين المحمي وغير المحمي.

  • بخصوص اعتداءات أمنيين على مواطنين، هل هناك أرقام حول عدد الشكايات التي تتلقاها الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان؟

لدينا الكثير من ملفات الشكاوى ولكن هل تعكس هذه الملفات العدد الحقيقي؟ قطعًا لا، سواء كانت هذه الاعتداءات داخل الملاعب أو خارجها بصفة عامة في البلاد ككلّ.

جمال مسلم لـ"الترا تونس":  المسؤولون على الاعتداءات والتعذيب لا يجب أن يفلتوا من العقاب وأن يجدوا الغطاء الذي يتيح لهم مواصلة ممارساتهم

  • كيف تتدخل رابطة الدفاع عن حقوق الإنسان في هذه الحالات؟

الرابطة تراسل بصفة مباشرة وزارة الداخلية في علاقة بمحتوى الشكايات وتطلب من الإدارة والتفقدية العامة بالوزارة فتح بحث وكذلك تعقد جلسات دورية مع المسؤولين في الوزارة. وكان هناك خلية لحقوق الإنسان نتصل بها دوريًا واتفقنا أيضًا على عقد جلسة كلّ شهر نتابع فيها الملفات التي أرسلناها ووزارة الداخلية بدورها تجيبنا كتابيًا لتعلمنا بما توصل إليه البحث الذي قامت به التفقدية.

هذا بالإضافة إلى اللقاءات الدورية واجتماعات مع وزير الداخلية وبعض المسؤولين في الوزارة بخصوص بعض الملفات في هذا الشأن وبعض الاستراتيجيات.

والرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان هي المنظمة الوحيدة التي عقدت اتفاقيات شراكة مع وزارة الداخلية والتي تسمح لأعضاء الرابطة بزيارة مراكز الاحتفاظ في كامل الجمهورية وهو عدد كبير من مراكز الاحتفاظ والرابطة تريد أن تكوّن أعضاء الفروع وأعضاء الهيئة المديرة كي تكون طريقة عملها ممنهجة وعلمية ومرتكزة على معرفة كاملة بالمعايير الدولية المتعلقة بمعايير الاحتفاظ ومعرفة كاملة بالقانون التونسي المتعلق بالاحتفاظ وكيفية صيغة تقارير. وهذه التقارير يجب أن تكون ممنهجة. كما يجب العمل على جانب التكوين والتواصل والاتصال خاصة مع مراكز الأمن التابعة للأمن العمومي أو الحرس الوطني، وذلك بهدف إنجاح زياراتنا وبهدف التخفيض من الاعتداءات التي تقع في أماكن مغلقة.

طبعًا لا يمكن المقارنة بين ما يحصل اليوم وقبل 2011 إذ كان التعذيب آنذاك ممنهجًا وكذلك الاعتداء الجسدي والاعتداء اللفظي على الموقوفين، اليوم تراجع عدد هذه الانتهاكات لكن لا يمكن أن نقول إنه قد انتفى ونحن نريد تكوين آلية من آليات عدم تكرار أو عدم انتشار الاعتداءات الجسدية على الموقوفين قبل ما تثبت الإدانة ونريد الاحترام الكامل للحرمة الجسدية.

رئيس رابطة الدفاع عن حقوق الإنسان لـ"الترا تونس": هناك قوى تريد نسف تاريخ الانتهاكات وتشكّك في الدوائر المتخصصة التي تلقى فيها عديد القضاة تكوينًا خاصًا بالعدالة الانتقالية

  • ولكن اليوم هل تتمّ محاسبة مرتكبي هذه الاعتداءات؟

هناك محور هام نعمل عليه وقلنا يوم إمضاء الاتفاقية في وزارة الداخلية إن الاعتداءات على الحرمة الجسدية والتعذيب متواصلة وإن المسؤولين على الاعتداءات والتعذيب لا يجب أن يفلتوا من العقاب وأن يجدوا الغطاء الذي يتيح لهم مواصلة ممارساتهم لأنه إذا لم تقع إحالة المعتدين على القضاء ومتابعة القضية لن يتمّ الحدّ من هذه الممارسات بل على العكس سترتفع نسبتها لأن كلّ واحد منهم سيشعر أنه محمي وسيقوم بما يريد ويعتدي كما يريد.

وفي هذا الاتجاه عملنا مع القضاة حول ضرورة إحالة ملفات التعذيب. لدينا مئات القضايا التي تقدّمت في علاقة بسوء المعاملة والمعاملة المهينة والتعذيب والتي بقي معظمها على الرفوف ولم تتمّ إحالة إلا البعض منها. هناك "ميكانيزم" كامل يبدأ منذ تقديم الملف لدى مراكز الشرطة حتى تصل للقضاء. ونحنا قلنا إن القضاة لديهم مسؤولية كبيرة في إحالة القضايا وأجرينا معهم لقاءات وبحوث وقمنا بتشريكهم لتصوّر مشروع في هذا الإطار كي يضعوا من وضع تصوّر للآليات الكفيلة بعدم ركود القضايا المتعلّقة بالاعتداءات المهينة والتعذيب في مدارج المحاكم.

نحن نقول إنه لكي تنتفي الاعتداءات والتعذيب غير الموجود ولكنه غير الممنهج سواء في مراكز الشرطة أو السجون ونريد إن تحال الملفات إلى القضاء وأن يقدم القضاء أحكامه ويقع تنفيذ الحكم لردع المعتدين وخاصة لإعطاء رسالة للآخرين كي يحترموا القانون التونسي والمعايير الدولية في علاقة بهذا الموضوع.

اقرأ/ي أيضًا: حوارـ غازي الشواشي: الشاهد وظّف "أساليب غير ديمقراطية" لتكوين كتلته البرلمانية

  • كيف تقيّمون مسار العدالة الانتقالية اليوم؟

الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان تتابع بكلّ اهتمام مسألة العدالة الانتقالية وفي اعتقادنا أن بناء مجتمع بعد ثورة على أنقاض مجتمع آخر وقعت فيه انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان سواء كانت فردية أو جماعية وكذلك على مستوى تمييز كبير بين الجهات وانتهاك لجهات أخرى كانت منكوبة بدورها إلخ.. إرساء المجتمع الجديد وبناؤه وبناء مؤسساته يكون على أنقاض المجتمع القديم ولا يمكن العمل بمبدإ "طاح الكف على ظله وبالسلامة وإخوة".

لا بدّ أن يأخذ مسار العدالة الانتقالية مجراه فالعدالة الانتقالية كالطفل الصغير تخاف عليه من الحصبة فتقوم بلقاحه، بالنسبة إلينا العدالة الانتقالية لقاح للمجتمع من أجل التوقي والتصدي لكلّ محاولة للتراجع عن حقوق الإنسان وحقوق الجهات والمجموعات إذًا هذا المسار يجب أن يصل للحقيقة توقيًا من عودة الاستبداد والديكتاتورية والتعذيب.

كيف ذلك؟ هناك تجارب عالمية تمت مؤخرًا وفي النهاية من الممكن أن يتصالحوا، ولكن المرحلة الأولى تستوجب معرفة ماذا حصل ولماذا اختفى أناس قسرًا ولماذا ماتوا تحت التعذيب ولماذا حوكم آخرون عشرات السنين بالسجن؟ نريد أن نفهم ماذا حدث بالضبط ونريد أن يمثل المورطون في الانتهاكات الجسيمة أمام دوائر متخصصة للعدالة الانتقالية وبعد أن نفهم ما يحصل من الممكن أن تقع حينها أن تقع المصالحة. حتى أن عائلات الضحايا والضحايا أنفسهم لا يطلبون التشفي بل يطالبون بمحاكمة عادلة وبالنسبة إلينا يجب أن تقع هذه المحاكمات العادلة ويجب أن تكون جميع ظروفها متوفرة. كذلك يجب أن يقع جبر الضرر للضحايا. وهذا ما سيخلق وقاية حقيقية ضدّ عودة الاستبداد والانتهاكات وسنّ قوانين محدّة للحريات إلخ.

جمال مسلم لـ"الترا تونس": من الممكن أن تلتقي رابطة الدفاع عن حقوق الإنسان في مواقف مع أحزاب تشبهها ويمكن أن تختلف مع أخرى لكنها لا تكون احتياطي أي حزب سياسي

لهذا نحن ننشط ضمن ائتلاف بالمجتمع المدني لدعم مسار العدالة الانتقالية لاستكماله. وهذا الائتلاف لا يعني دعمًا أعمى لهيئة الحقيقة والكرامة فقد اعتبرنا أن الهيئة تجاوزت القانون في بعض النقاط وقد عبّرنا عن هذا الموقف يوم 17 أفريل/ نيسان 2018. لكن هناك قوى تريد نسف تاريخ الانتهاكات وتشكّك في الدوائر المتخصصة التي تلقى فيها عديد القضاة تكوينًا خاصًا بالعدالة الانتقالية وخاصة لكشف الحقيقة.

من الممكن أن لا يهم هذه الأطراف جبر الأضرار للضحايا ولكن ما يهمهم هو عدم المثول أمام دوائر العدالة الانتقالية بغطاء من أطراف أخرى. نحن مع كشف ما وقع ومثول المتهمين في الانتهاكات أمام محكمة تضمن جميع حقوقهم في الدفاع. وقد عقدنا ندوة صحفية منذ حوالي الأسبوعين مكنا خلالها ممثلي عائلات الضحايا من الحديث لأن جدلًا وقع مؤخرًا إثر تمكين عدة قنوات إعلامية خاصة تلفزية متهمين من الدفاع عن أنفسهم ودفاع هؤلاء المتهمين شككوا في بعض الأمور وأولوا بعض الفصول تأويلًا خاصًا في اتجاه مصالح منوبيهم لكن نحن أيضًا مكنا الضحايا من الحديث ونقول إن القانون يتطلّب مواصلة المحاكمات كي يتمكن الشعب التونسي من معرفة حقيقة ما حدث وبالتالي معرفة كيفية التوقي من تكرار حصوله.

  • ماهو موقفكم من تعاطي السلطات مع ما كشفته معطيات هيئة الدفاع عن الشهيدين بلعيد والبراهمي؟

أصدرنا بيانًا فور علمنا بالجهاز السري والغرفة السوداء وقضية مصطفى خذر، دعينا فيه رئيس الجمهورية الذي ارتكز جزء من حملته الانتخابية على كشف الحقيقة في علاقة بملف الشهيدين إلى تحمل مسؤوليته في إنجاز وعده من خلال استعمال الصلاحيات التي يمكن أن يستعملها. كذلك دعينا رئيس الحكومة إلى تحمل مسؤولياته والسلطة القضائية كي تتحمل مسؤولياتها أيضًا.

قلت إن تونس تعيش اضطرابات وإننا لسنا مستقرين سياسيًا ومن الوارد أن تكون قد وقعت اختراقات في فترة من الفترات. القضاء الذي نثق فيه يجب أن نوفر له جميع المعطيات التي يحتاج إليها وأن لا يقع إخفاء أي معطى أو وثيقة. اليوم هناك حديث عن 13 علبة كرتونية لم يصل منها إلا 4 للقضاء الي يجب أن يتحمل مسؤوليته لكي نعرف كيف وقعت الاغتيالات السياسية التي تمثل جرحًا مدملًا وعميقًا إلى حدّ الآن ولا يمكن أن يلتئم إذا لم نعرف حقيقة ما حصل ومن الذي نفذ ومن الذي وفر الإمكانيات واللوجستيك ومن موّل ومن أعطى الأوامر. لا بدّ أن نفهم كي يقع التوقي من تكرار مثل هذه الاغتيالات. صحيح أن شكري بلعيد ومحمد البراهمي لن يعودا ولكن معرفة الحقيقة ستخلق وقاية والشعب بأفراده ومنظماته يجب أن يعرف ماذا وقع والحقيقة كاملة يجب أن تخرج للشعب التونسي.

  • الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان لطالما كانت حصنًا منيعًا للدفاع عن الحقوق والحريات منذ عهد الاستبداد، ولكن هناك من يقول إنه بعد الثورة انخرطت الرابطة في العمل السياسي، كيف تردون على ذلك؟

ماذا يعني الانخراط في العمل السياسي؟ أن تعطي رأيك حول قانون المالية أو رأيك من وضع الحريات أو رأيك من الانتهاكات أو حرية الصحافة؟ هذه أمور سياسية لكن رابطة الدفاع عن حقوق الإنسان لم تكن يومًا طرفًا سياسيًا ولم ترتبط يومًا بأحزاب سياسية. الرابطة مستقلة في مسارها وقراراتها تتخذها بصفة ديمقراطية وبالأغلبية.

من الممكن أن تلتقي رابطة الدفاع عن حقوق الإنسان في مواقف مع أحزاب تشبهها ويمكن أن تختلف مع أخرى لكنها لا تكون احتياطي أي حزب سياسي في البلاد ونحن نحاول أن نحافظ على خطنا. لكن تاريخ الرابطة من حيث تركيبة هيئاتها كان يتضمن توازنات سياسية وتقع اتفاقات على ترتيبات خاصة للهيئة المديرة بين مختلف الأطراف السياسية.

جمال مسلم لـ"الترا تونس": الحضور الإعلامي لرابطة الدفاع عن حقوق الإنسان لا يعكس حجمها الحقيقي وتاريخها ونضالها

ذلك كان في وقت الاستبداد والديكتاتورية ولكن اليوم هناك انتخابات ديمقراطية وحرة ونريد أن نسير في اتجاه أن يتم اختيار الأشخاص الذين لهم كفاءة أكبر في مجال الدفاع عن حقوق الإنسان كي يكونوا حاضرين في الهيئات، ربما مازال هناك دفع في اتجاه الانتماءات السياسية لكن توجهنا في الرابطة هو وجود عدد كبير من المناضلين المؤمنين بحقوق الإنسان ومسألة انتماءاتهم السياسية لا تعنينا. وقد غيّرنا في النظام الداخلي كي لا يكون عضوًا في هياكل رابطة الدفاع عن حقوق الإنسان وهو يمارس مسؤولية مركزية في حزب ما.

  • هل خفت دور رابطة الدفاع عن حقوق الإنسان بعد الثورة؟

طبعّا. قبل الثورة كنا لوحدنا وكان هناك 5 أو 6 جمعيات مستقلة. اليوم عدد الجمعيات بالآلاف والجانب الذي كانت فيه رابطة الدفاع عن حقوق الإنسان الوحيدة المتخصصة فيه والوحيدة القادرة على التنديد وإصدار البيانات، أصبح هناك اليوم عدد كبير من المنظمات التي تنشط في هذا الإطار.

ولكن هذا لا يعني أن تختفي الرابطة لأنه في عهد الاستبداد منشغلين أساسًا بجانب واحد من الحقوق وهي الحقوق المدنية والسياسية لأن الانتهاكات كانت واضحة وجسيمة، ولكن مجال الحقوق هام جدًا. يجب أن يكون لدينا متابعة وتدخل في الحقوق المدنية والسياسية وهذا نقوم به عبر موقفنا ومقترحاتنا والمشاركة في نقاش مشاريع القوانين ومتابعة تنفيذ القوانين المتعلقة بالحريات السياسية والمدنية، ولكننا كذلك نساند ونعمل لترسيخ الحقوق الاقتصادية والاجتماعية.

ولكن ماذا تعني الحقوق الاجتماعية؟ هي كلمة عامة وتعني مجمل الحقوق التي تهم المجتمع وأفراده في علاقة بالمرافق العامة الموجودة في البلاد على غرار الصحة العمومية والتعليم العمومي والنقل العمومي، وحتى العمران من خلال التصور المستقبلي، فالجوانب الاجتماعية متعددة.

فيما يتعلق بالحق في الصحة، شكلنا ائتلافًا للتعمق والتقدم بمقترحات عملية بخصوص الدفاع عن المرفق العمومي للصحة الذي بدأ يتلاشى اليوم.

والجانب الاجتماعي أيضًا يتعلّق بالتعليم وبحقوق الطفل وهو مجال فيه العديد من الخصوصيات لأن هناك شرائح مختلفة والطفل يشكل ثلث المجتمع. انكببنا كذلك على حقوق الطفل وقمنا بتكوين 260 ناشطًا من رابطة الدفاع عن حقوق الإنسان في مجال حقوق الطفل كي نعمل على مستوى الجهات لرصد الانتهاكات المتعلقة بالطفل وكذلك لتقديم مقترحات وصياغة تقارير من أجل تحسين وضع الأطفال والرابطة تتجه نحو العمل أكثر لتطوير آلياتها كي تضع بصمتها وتساهم في تحسين حقوق الطفل.

كذلك لدينا حقوق المرأة وهو يمثل مجالًا كبيرًا وقديمًا بالنسبة للرابطة وذلك قبل إرساء الجمعيات المختصة التي نشكّل اليوم معها ائتلافًا وتحالفًا مدنيًا للدفاع عن حقوق المرأة في جميع المستويات سواء المساواة والعنف وغيرها.

وبالنسبة للطفولة هناك عدة شرائح هشة ومهددة مثل الأطفال فاقدي السند العائلي والأطفال أصحاب الاحتياجات الخاصة دون سند وأصحاب الاحتياجات الخاصة ونحن نعمل على أساس تصورات وطروحات وضغوط من أجل إحداث مراكز عمومية مختصة تهتم بخصوصيات هذه الشريحة. كما نعمل على مسألة الهجرة وغيرها.

  • هل تعتبر أن الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان مغيبة إعلاميًا؟

الحضور الإعلامي لا يعكس الحجم الحقيقي للرابطة وتاريخها ونضالها، لا نعرف لماذا؟ أنا مثلًا كرئيس رابطة الدفاع عن حقوق الإنسان لا أطلب من وسائل الإعلام استضافتي. لكن حجم العمل الذي نقوم به كرابطة كبير جدًا خاصة أننا نريد بناء مؤسسة تعمل بآليات حديثة ونحاول أن "نعصرن" هذه المؤسسة وهذا العمل ليس سهلًا باعتبار أنه يتطلّب إمكانيات. حتى مقراتنا يجب تحسينها.

 

اقرأ/ي أيضًا:

جنان الإمام: منابر دينية وإعلامية توظّف للحشد ضدّ الحق في الإجهاض (حوار)

فوزية باشا: 673 مليون دولار ديون الشركات الأجنبية النفطية لصالح تونس (حوار)