26-فبراير-2019

يهدف الائتلاف الجديد إلى تقنين إنتاج وتوزيع واستهلاك مادة القنب الهندي في تونس (صورة تقريبية/ ستيف روسل/ Toronto Star)

 

طفا جدل "تحرير" القنب الهندي أو ما يعرف بـ"الزطلة" على السطح من جديد، مع الإعلان عن تكوين "الائتلاف من أجل تقنين استهلاك القنب الهندي" مؤخرًأ. ويضمّ الائتلاف 30 عضوًا ينشطون في المجتمع المدني، ويهدف إلى تقنين إنتاج وتوزيع واستهلاك مادة القنب الهندي في تونس، من خلال سنّ مشروع قانون يتم بموجبه إرساء مؤسسة عمومية تتحكم في توزيعها.

اقرأ/ي أيضًا: القنب/ الزطلة.. زووم على قانون 52 في تونس

تفاصيل عن المبادرة

في هذا السياق، يقول عضو الائتلاف كريم شعير إنّ فكرة المبادرة انبثقت عن دراسات مقارنة مع عدد من البلدان التي قننت استهلاك "الزطلة" على غرار كندا والأورغواي، مشيرًا إلى أنّ استهلاكها في هذه البلدان لم يرتفع وفي المقابل انخفض استهلاك الكحول والمخدّرات "الثقيلة".

ويضيف شعير، في تصريح لـ"ألترا تونس"، أنّ المقاربة الأمنية لم تكن ناجعة وفي المقابل أثبتت تجارب تقنين استهلاك القنب الهندي نجاعتها، مبيّنًا أن لهذه الخطوة انعكاسات على الاقتصاد الوطني حيث ستوفر للدولة عائدات مالية ضخمة.

ويقترح محدّثنا أن تودع عائدات القنب الهندي في ميزانية وزارتي الصحة والشباب والرياضة وتخصص لتهيئة الملاعب وتهيئة مراكز لعلاج الإدمان، مبرزًا أن الائتلاف بصدد تنظيم ورشات عمل مع مكونات المجتمع المدني ونواب من البرلمان وممثلي الأحزاب الحاكمة في تونس.

كريم شعير (عضو الائتلاف من أجل تقنين استهلاك القنب الهندي) لـ"ألترا تونس": تقنين استهلاك "الزطلة" يمكّن الدولة من ضرب السوق السوداء وسيوفر مداخيل مهمة

ويعتبر أن تقنين استهلاك "الزطلة" يمكّن الدولة من ضرب السوق السوداء ويقطع مع المعالجة الأمنية مما يوفر مجهودات وزارتي الداخلية والعدل، مشددًا على أنّ الهدف من المبادرة التي أطلقها الائتلاف إيجاد حلول للاقتصاد الوطني وحماية الشباب من خطر السجن.

وفي سياق متّصل، يؤكّد شعير أنّ مشروع القانون الذي يسعون إلى تقديمه للحكومة ومجلس نواب الشعب سيلقى معارضة سياسية كبيرة لكنّ الائتلاف يعوّل على مساندة الرأي العام، وفق تعبيره.

دوافع تقنين استهلاك القنب الهندي

من جهتها، تقول الناشطة في جمعية المفكرين الأحرار وعضو الائتلاف هالة ساسي إنّ تقنين استهلاك مادة القنب الهندي سيسهم في تحسين الاقتصاد الوطني والسياحة، مشددة في سياق متّصل على أن الائتلاف من أجل تقنين استهلاك القنب الهندي لا يشجّع الشباب على الإدمان بل على العكس يسعى إلى الحد منه، لافتة إلى أن القنب الهندي مادة طبيعية لا انعكاسات جانبية لها.

وتوضح ساسي، في تصريح لـ"ألترا تونس"، أنّ أشكال الإدمان تطورت في صفوف الشباب لتشمل الكوكايين والسوبيتاكس وغيرها من المواد التي تشكل خطورة على الصحة في ظل غياب مراكز للعلاج، مشيرة إلى أنّه في حال أشرفت مؤسسة عمومية على توزيع القنب الهندي فإنهم سيحصلون على مادة طبيعية دون أية إضافات مضرّة، على حدّ تعبيرها.

هالة ساسي (ناشطة في جمعية المفكرين الأحرار) لـ"ألترا تونس": ليس هناك جهة سياسية تقف وراء الإعلان عن الائتلاف من أجل تقنين استهلاك القنب الهندي

وتلفت إلى أنّ المؤسسة العمومية التي ستشرف عليها الدولة ستوزع القنب الهندي بكميات محدودة، مبيّنة أن مشروع القانون الذي يسعى الائتلاف لعرضه على الحكومة ومجلس نواب الشعب سيقترح أيضًا تصدير القنب الهندي على اعتبار أن زراعته في تونس ممكنة، حسب قولها.

من جهة أخرى، نفت محدّثتنا وقوف جهة سياسية وراء الإعلان عن الائتلاف أو اقتراح مشروع قانون تقنين استهلاك القنب الهندي، مؤكّدة على أن تمويل الائتلاف ذاتي.

ولأن الائتلاف بصدد تنظيم ورشات عمل مع أعضاء في مجلس نواب الشعب، حاول "ألترا تونس" الاتصال ببعض النواب ولم نتلق ردًّا إلا من نائبين اثنين هما النائب عن كتلة حركة النهضة ناجي الجمل والنائب عن كتلة الائتلاف الوطني ابتسام الجبابلي.

اقرأ/ي أيضًا: "أنا أسكر.. إذًا أنا موجود": من الدوام إلى الحانة

إنها مزحة!

في تصريحه لـ"ألترا تونس"، يقول ناجي الجمل، النائب عن كتلة حركة النهضة، إنّه حينما قرأ بعض الأخبار تزامنًا مع الإعلان عن الائتلاف من أجل تقنين استهلاك الزطلة اعتقد أن الأمر لا يعدو أن يكون مزحة، وفق تعبيره.

ويضيف الجمل" وكأن تونس اليوم ينقصها تصنيفات جديدة على قائمات سوداء لتصبح مصدّرًا لمادة "الزطلة" "، وذلك في تعليقه على الدعوة إلى إرساء مؤسسة عمومية تتولى توزيع مادة الزطلة على شاكلة الوكالة الوطنية للتبغ والوقيد.

ناجي الجمل لـ"ألترا تونس": الحديث عن تقنين استهلاك "الزطلة" زوبعة في فنجان ومن الممكن أن يكون مندرجًا في إطار حملة انتخابية لجهة ما

ويستطرد محدّثنا "أنا وزملائي طالما لم نتلق نسخة مكتوبة من مشروع القانون الذي يتحدّث عنه الائتلاف من أجل تقنين استهلاك القنب الهندي وبالتالي لا يمكننا التعليق على مجرّد حديث، وطالما لا يوجد مشروع قانون فالأمر مجرّد مزحة وهذه المبادرة لا تعني إلا أصحابها"، وفق تصريحاته.

ويتابع قائلًا "الحديث عن تقنين استهلاك "الزطلة" زوبعة في فنجان ومن الممكن أن يكون مندرجًا في إطار حملة انتخابية لجهة ما، وفي كل الأحوال نحن في غنى عن هذا الجدل".

ويعتبر أن وقت نواب الشعب أثمن من هدره في مناقشة الترهات، مشيرًا إلى أنّه ليس مستعدًا للمشاركة في ورشات العمل التي يعكف الائتلاف على إعدادها مع أعضاء مجلس نواب الشعب، على حدّ تعبيره.

مشكلة البحث عن الذات

من جهتها، تعتبر النائب عن كتلة الائتلاف الوطني ابتسام الجبابلي (الكتلة البرلمانية الداعمة لرئيس الحكومة)، في حديثها مع "ألترا تونس"، أن الإعلان عن ائتلاف من أجل تقنين "الزطلة" يدلّ على تخبّط الشباب التونسي في مشاكل اجتماعية كبيرة منها مشكلة البحث عن الذات، مضيفة أن الإعلان عن هذا الائتلاف يؤكّد أن المعالجة الحقيقية لآفة استهلاك المخدرات لم تتم لأن التنقيح الأخير وإن كان بادرة إيجابية جدًا لكنه يبقى محدود الأثر، حسب قولها.

ابتسام الجبابلي لـ"ألترا تونس": عدم وجود مراكز معالجة من الإدمان ومتابعة نفسية بعدد ومستوى لائق قادر على مجابهة ظاهرة المخدرات وانتشارها

وتشير إلى أن "التعاطي التشريعي مع استهلاك وترويج المواد المخدرة لم يساير نسق تطور وتعقيد هذه الظاهرة بوجود أنواع مكونات جديدة غير منصوص عليها في الجداول القانونية".

وتلفت محدّثتنا إلى عدم وجود مراكز معالجة من الإدمان ومتابعة نفسية بعدد ومستوى لائق قادر على مجابهة الظاهرة وانتشارها في صفوف الشباب وحتى الكهول نساء ورجالًا، مشدّدة على أنّ المخدرات لم تعد حكرًا على الشباب بل طالت الأطفال أيضًا وهو ما يستدعي إيجاد حلول لهذه الظاهرة.

خلّف الإعلان عن الائتلاف من أجل تقنين استهلاك القنب الهندي جدلًا واسعًا وأثار ردود أفعال متباينة بين مدافع عن الفكرة ومناهض لها، ولكن تظل صياغة الفكرة في مشروع قانون رهينة طرحها في مبادرة حكومية أو تشريعية.

 

اقرأ/ي أيضًا:

التدخين في تونس: من السّبسي إلى الشيشة الإلكترونية

تونسيون أدمنوا "العالم الأزرق" ثم غادروه دون رجعة