يطالب عدول الإشهاد في تونس منذ سنوات بقانون جديد ينظم عملهم وفقًا للمعايير الدولية، ولم تكن المبادرة بهذا الطلب لاحقة للثورة، إذ قدّموا منذ أفريل/نيسان 2010 لائحة إلى وزارة العدل تتضمن الإصلاحات المطلوب تضمينها صلب القانون الجديد، وذلك في أول تحرك لهم لإعادة تنظيم المهنة وسنّ قانون يراعي التطورات التي عاشتها عدالة الإشهاد، وذلك بدل القانون الحالي المنظم للمهنة، وهو القانون عدد 64 لسنة 1994 المؤرخ في 23 ماي 1994.
عدول الإشهاد في تونس يحتجون على إحالة وزارة العدل للنسخة النهائية من مشروع قانون المهنة إلى رئاسة الحكومة دون إطلاعهم عليه
ولكن بعد مفاوضات طويلة مع وزارة العدل طيلة 7 سنوات كاملة، واجتماعات شملت عدول الإشهاد والقضاة وممثلين عن وزارة العدل، تمّ مؤخرًا إرسال نسخة من مشروع القانون الجديد إلى رئاسة الحكومة، وذلك دون أن يطلع عدول الإشهاد على هذه النسخة النهائية وهو ما أثار حفيظة غالبيتهم، معلنين رفضتهم التصويت على القانون دون اطلاعهم عليه.
ويطالب عدول الإشهاد وفق ما يشير إليه عدل الإشهاد كريم الرياحي لـ"ألترا تونس" بضرورة تطوير قطاع عدالة الإشهاد التونسية وذلك طبقًا للمعايير الدولية، إلى جانب خصّ عدل الاشهاد دون غيره بتحرير عقود الرهن في العقارات غير المسجلة، وعقود القروض، إلى جانب التواكيل المتعلقة بجميع التصرفات القانونية في العقارات.
اقرأ/ي أيضًا: إلغاء منشور يمنع زواج التونسية بغير المسلم.. هل انتهى الجدل فعلًا؟
كما دعا محدّثنا أنّ يتضمّن القانون الجديد عدة شروط لعلّ أهمها على الإطلاق، إكساء محررات عدل الإشهاد بالقوة التنفيذية، قائلًا "دون هذه الإضافات، لن يقبل عدول الإشهاد أي مشروع قانون جديد مهما كلفهم الأمر".
وأكد الرياحي ما وصفها بأهمية القوة التنفيذية وتأثيرها على القضاء من خلال تخفيف الضغط على القضاء والقضاة وتمكنهم من التفرغ للفصل في القضايا الخطيرة والكبيرة عوض الاهتمام بقضايا عادية تستمر لسنوات، وفق تصريحه. كما أضاف أن القوة التنفيذية "ستساهم في تقليص عدد القضايا المتعلقة بنزاعات عديدة تشمل جميع أنواع الالتزامات بما فيها الكمبيالات والشيكات التي تعد بمئات الآلاف". وفي ذات الإطار، أشار كريم الرياحي لـ"الترا تونس" إلى وجود عديد القوانين المقارنة التي تتضمّن إكساء محرّرات عدل الإشهاد بالقوة التنفيذية.
يطالب عدول الإشهاد بإكساء محررات عدل الإشهاد بالقوة التنفيذية ويؤكدون أنها ستساهم في تخفيف الضغط على القضاة وستساهم في تقليص عدد القضايا
ويقول عدول الإشهاد إنه رغم الانتهاء من النسخة الأولية لمشروع القانون إلاّ أنّهم لا يزالون ينتظرون من رئاسة الحكومة أن تمدهم بنسخة من المشروع، مهدّدين في صورة عدم اطلاعهم على فحواه في غضون الأسبوع المقبل، بخوض جملة من الاحتجاجات قد تصل إلى حد الإضراب القطاعي.
ويشير، في هذا السياق، رئيس الجمعية الوطنية لغرف عدول الإشهاد قيس قبادة لـ"ألترا تونس"، أن وزارة العدل أحالت مشروع القانون المنظم لمهنة عدول الإشهاد إلى رئاسة الحكومة دون استشارة هياكل المهنة، مؤكدًا ما وصفه بحقّ عدول الإشهاد في الاطلاع على مشروع القانون المنظم لمهنتهم قبل المصادقة عليه.
ويضيف رئيس الجمعية أن أبرز نقطة خلافية في مشروع القانون هي "إفراغه من النقطة الجوهرية المتمثلة في القوة التنفيذية للحجة الرسمية" مضيفًا "إن عدم التنصيص على مبدأ القوة التنفيذية أو تعليقه يشكل إخلالًا بتوازن المشروع ويفرغه من أي محتوى ويمس من الحقوق والواجبات المحمولة على عدل الإشهاد".
اقرأ/ي أيضًا: تعرف على أهم 10 مجلات قانونية في تونس
وكانت قد أكدت الجمعية في بلاغ سابق لها أن المشروع "لم يحظ بقبول عموم عدول الاشهاد لأنّه لم يتضمن مطلبهم الأساسي المتمثل في إقرار القوة التنفيذية للحجة العادلة والاختصاصات الحصرية وفقًا للمعايير الدنيا المتعارف عليها دوليًا".
وأضاف البلاغ أنّ عدول الاشهاد"لا يطالبون بمطالب مادية لهم بل بتطوير مهنتهم كما في كل دول العالم لما في ذلك من تطوير لدورهم ولمساهمتهم في الحياة الاقتصادية ومن دعم للنمو الاقتصادي وللاستثمار ومن محاربة لتبييض الأموال كما يفعل زملاؤهم في كافة دول العالم".
عدول الإشهاد يهدّدون بالإضراب في صورة عدم إقرار القوة التنفيذية للحجة العادلة ويطالبون بالتنصيص على اختصاصات حصرية للمهنيين
وفي ذات السياق، أشار محمد ملاحي أحد عدول الاشهاد لـ"ألترا تونس" إلى أنّ "تمرير القانون إلى رئاسة الحكومة دون اطلاع عدول الاشهاد عليه، يعدّ خرقًا للاتفاق الحاصل مع وزارة العدل الذي يقر بضرورة موافقتنا على فحوى القانون قبل تمريره والمصادقة عليه"، مضيفًا "نحن أدرى بمتطلبات مهنتها وبالإصلاحات اللازمة للقانون المنظم لعملنا".
من جهته، أكد رئيس الجمعية الوطنية لغرف عدول الإشهاد قيس قبادة في ختام حديثنا معه أنّ إسقاط القوة التنفيذية هي "مسألة في غاية الخطورة لما فيها من إثقال لكاهل القضاء بقضايا تكون فيها الديون ثابتة بحجة عادلة"، وشدد أن هذه القوة "تُعتبر سندًا تنفيذيًا يخفض من العدد المهول للقضايا المرفوعة أمام القضاء وتختزل إجراءات التقاضي، كما أنّها توفر أمنًا قانونيًا يشجع المستثمرين على الاستثمار في البلدان الأكثر تنافسية من حيث الضمانات القانونية".
اقرأ/ي أيضًا: