20-يناير-2019

اتحاد الشغل أكد أنه لن يقف مكتوف الأيدي في انتخابات 2019 (ياسين القايدي/وكالة الأناضول)

 

لايزال الجدل قائمًا بخصوص إجراء الانتخابات التشريعية والرئاسية في تونس المقررة في خريف عام 2019 على ضوء أزمة الهيئة العليا المستقلة للانتخابات وبالخصوص مع عدم انتخاب رئيس لها. لكن هذا الجدل لم يمنع الأحزاب السياسية من بدء الاستعدادات لهذا الموعد، ولم يمنع أيضًا بعض المنظمات الوطنية من إعلان نيتها المشاركة في الانتخابات القادمة.

ومن أهم المنظمات الوطنية التي أعلنت صراحة نية دخول غمار الانتخابات القادمة بقائمات مستقلة هي الاتحاد الوطني المرأة التونسية، فيما أعلن الاتحاد العام التونسي للشغل على لسان قياداته بأنه لن يقف مكتوف الأيدي في الانتخابات القادمة. قراراة ت يقول بعض المتابعين إنها جاءت نتيجة لغياب الحلول وحالة الفراغ التي يعيشها المشهد السياسي وخوفًا من الاستقطاب الأحادي. فهل سيغير قرار المنظمات الوطنية الدخول في الانتخابات الخريطة الحالية للمشهد السياسي؟

الاتحاد العام التونسي للشغل والاتحاد الوطني للمرأة التونسية أعلنا نيتهما المشاركة في الانتخابات التشريعية القادمة

وكانت قد أثارت تصريحات أمين عام الاتحاد العام التونسي للشغل نور الدين الطبوبي حول إمكانية المشاركة في الانتخابات التشريعية المقبلة جدلًا واسعًا حول مشروعية مشاركة المنظمة الشغيلة في الانتخابات بحكم البعد الاجتماعي والنقابي للاتحاد.

وانتقد الطبوبي في تصريح لقناة تلفزية محلية استغراب البعض من قرار الاتحاد خوض غمار الانتخابات، مؤكدًا أن الاتحاد جزء من المشهد التونسي ويحق له المشاركة في الانتخابات المنتظرة العام الجاري.

وحول خلفيات القرار، قال الطبوبي إن الاتحاد لم يعد قادرًا على البقاء مكتوف الأيدي في ظل المشاكل التي تعانيها البلاد وأضاف بالقول: "الاتحاد هو فسيفساء كبيرة، وهذا ما يعطي قوة وزخمًا كبيران. ومؤسسات الاتحاد هي من ستقرر كيفية الدخول في الانتخابات القادمة، لا نملك حتى الآن تصورًا واضحًا ولكن الأكيد أننا معنيون بالانتخابات القادمة".

اقرأ/ي أيضًا: بين السياسي والاجتماعي.. أي دور اليوم للاتحاد العام التونسي للشغل في تونس؟

وحول دور اتحاد الشغل في الحياة السياسية في تونس، ذكّر النائب سالم لبيض في مداخلة تحت قبة البرلمان بتاريخ 16 جانفي/كانون الثاني 2019 بأن الاتحاد كان ممثلًا بـ19 نائبًا في المجلس القومي التأسيسي سنة 1956، كما أنه كان من وقتها وإلى غاية انتخابات 2009 ممثلًا بصفة دائمة في الهيكل التشريعي، وكان ممثلاً أيضًا في الهيئة العليا لتحقيق أهداف الثورة التي تشكلت إبان الثورة، وأشرف على الحوار الوطني سنة 2014، عدا على تولي نقابيين حقائب وزارية.

الاتحاد الوطني للمرأة التونسية أيضًا أعلن نيته صراحة خوض الانتخابات التشريعية القادمة، لا يملك اتحاد المرأة برنامجًا انتخابيًا بعد، ولكنه يقول إنه يملك برنامجًا عامًا يرتكز على المحافظة على نمط المجتمع التونسي ومكتسبات المرأة التونسية إضافة إلى العمل على تغيير العقليات.

تؤكد راضية الجربي، رئيسة الاتحاد الوطني للمرأة التونسية، لـ"ألترا تونس"، أن جذور قرار الدخول في الانتخابات نابعة من دراسة للواقع، قائلة: "أسباب عديدة دفعت باتحاد المرأة لاتخاذ هذا القرار أهمها أن البرلمان لم ينجح في إعطاء صورة إيجابية إضافة إلى حالة العزوف عن العمل الحزبي وحالة الإحباط التي يعيشها التونسي عموماً اليوم. كما أن السياحة الحزبية أعطت صورة سيئة عن الأحزاب، لقد كنا نعطي أصواتنا للأحزاب واليوم قررنا الاحتفاظ بأصواتنا والدخول بها للبرلمان".

راضية الجربي لـ"الترا تونس": كنا نعطي أصواتنا للأحزاب واليوم قررنا الاحتفاظ بأصواتنا والدخول بها للبرلمان

تؤكد راضية الجربي أن اتحاد المرأة ليس حزبًا سياسيًا ولن يكون كذلك غير أن مسؤولية المنظمات التونسية في هذه الفترة تحتم عليها الدخول في الانتخابات. وإجابة على سؤال "ألترا تونس" حول مدى قدرة هذا القرار تغيير المشهد السياسي، تجيبنا الجربي بالقول: "نحن مؤمنون بقدرتنا على تغيير المشهد السياسي في تونس، نحن قريبون من المواطن التونسي ومنتشرون في كامل الجمهورية ونصغي جيدًا لمطالب منخرطينا".

يرى مراقبون، في جانب آخر، أنه في حال قرر الاتحاد العام التونسي للشغل خوض غمار الانتخابات، فسيواجه إشكالًا إجرائيًا وهيكليًا في تحديد القائمات بالنظر إلى تركيبة القطاعات داخله، كما يتساءل البعض حول كيفية تغير شخصية النقابي من لعب دور الضاغط والمقترح إلى دور صاحب القرار وربما الحاكم.

اقرأ/ي أيضًا: اتحاد الشغل في تونس.. خلفيات النفوذ ورهان البقاء "فوق الجميع"

توجهنا إلى المؤرخ عبد اللطيف الحناشي، حول مسألة مشاركة المنظمات الوطنية في الانتخابات، الذي أكد لنا بداية أن الدستور لا يمنع ذلك، غير أنه أكد على وجود "نقطة استفهام كبيرة" في حالة تقدم الاتحاد العام التونسي للشغل بقائمات خاصة. ويوضح قائلًا: "اتحاد الشغل هو فسيفساء كبيرة تجمع جميع الأحزاب والحساسيات، وفي حالة تقدم الاتحاد بقوائم هل سيترك النقابيون أحزابهم وينتخبون قوائم الاتحاد أم سيفضلون أحزابهم؟".

وبخصوص قدرة المنظمات الوطنية على تغيير المشهد السياسي الحالي، يرى محدثنا أنه لا يمكن الإجابة على هذا السؤال في الوقت الراهن لأنه لا يوجد قرار رسمي بالدخول في الانتخابات، كما يجب معرفة كيف سيدخل هؤلاء إلى الانتخابات "هل سيطرحون قوائم مستقلة أم سيدخلون في تحالفات، وهل سينجحون بالنهاية؟".

عبد اللطيف الحناشي لـ"الترا تونس": في حالة تقدم اتحاد الشغل بقوائم هل سيترك النقابيون أحزابهم وينتخبون قوائم الاتحاد أم سيفضلون أحزابهم؟

يرى المؤرخ عبد اللطيف الحناشي أن قرار المنظمتين، الاتحاد العام التونسي للشغل والاتحاد الوطني للمرأة التونسية، بالدخول في الانتخابات التشريعية القادمة جاء نتيجة العجز الذي تعيشه الأحزاب السياسية. ويقدّر أن "اتحاد الشغل دُفع دفعًا إلى الحياة السياسية في أكثر من مناسبة، وهذا الدفع جاء نتيجة لضعف الأحزاب، وهذه المحاولات المتكررة دفعت بالاتحاد إلى التفكير بالتواجد الفعلي داخل البرلمان. أما فيما يتعلق باتحاد المرأة، فالتوظيف المتكرر لورقة المرأة في الانتخابات دفعته أيضًا إلى الدخول في المعركة الانتخابية".

يُشار إلى أن الدستور التونسي لا يمنع للمنظمات الوطنية من الترشح للانتخابات، حيث جاء في الفصل 21 من الدستور "المواطنون والمواطنات متساوون في الحقوق والواجبات"، وأضاف الفصل 34 أن "حقوق الانتخاب والاقتراع والترشح مضمونة طبق ما يضبطه القانون". لكن في الوقت الذي يحذر فيه مراقبون من تداعيات هذا القرار على العمل النقابي تحديدًا بالنسبة لاتحاد الشغل، يؤكد آخرون على أهمية هذه الخطوة في مقاومة العزوف على التصويت من خلال قدرة المنظمات الوطنية للتحشيد على المشاركة في الانتخابات.

 

اقرأ/ي أيضًا:

سنة 2019.. ماذا تخبئ لتونس؟

في علاقة الشيخين بالشاهد.. توافقات هشة في كل الاتجاهات