06-سبتمبر-2018

تشكو عديد المؤسسات التربوية نقائص كبيرة رغم اقتراب موعد العودة المدرسية (صورة أرشيفية/ مارتن بيرو/ أ ف ب)

مع اقتراب الموسم الدراسي، تطفو ككل مرّة مشاكل العودة المدرسية على السطح لتشغل بال الأولياء، سواء تلك المتعلقّة بغلاء أسعار أغلب المواد الضرورية، أو تهديدات الأساتذة بمقاطعة العودة المدرسية، أو تلك المتعلّقة بانهيار وسوء البنية التحتية لبعض المدارس خاصة التي توجد في المناطق الداخلية والأرياف.

اقرأ/ي أيضًا: صيانة المؤسسات التربوية في تونس: انتفاضة المجتمع المدني وجدل التطوع والمصلحة

فقد اقتربت العودة المدرسية والحال أنّ عديد المؤسسات التربوية لا تزال تشكو نقائص كبيرة، وتحتاج إلى صيانة وتدخل عاجل لترميم أسقفها وجدرانها المتداعية للسقوط، وتوفير التجهيزات الضرورية لإنجاح العام الدراسي، إضافة إلى توفير مياه الشرب بها. وهي نقائص أثارت ككل سنة تذمّر المواطنين ونقابات التعليم والمعلمين على حد سواء.

ومنذ قرابة الأسبوعين عمد بعض الأولياء وحتى عدد من الشباب إلى نشر صور مدارس ومعاهد في مختلف الجهات على شبكات التواصل الاجتماعي، منتقدين عدم تدخل الوزارة لترميمها وترميم قاعاتها التي تشققت جدرانها وتصدعت أسقفها وتهدمت أسوارها وتحطمت أبوابها. كما تشكو أغلب تلك المدارس من نقص على مستوى التجهيزات، إلى جانب غياب دورات المياه الخاصة بالتلاميذ والمربين.

مدرسة بليانة بمعتمدية العامرة بولاية صفاقس تشكو عدّة نقائص منذ سنوات. جدرانها متداعية للسقوط في أي وقت، كما تفتقر إلى ساحة مجهزة ودورات مياه

فيما انتقد البعض الآخر انطلاق أشغال تهيئة بعض المدارس والمعاهد الأخرى منذ أيام قليلة فقط، مع صعوبة إنهائها قبل انطلاق الدروس، ليعود من جديد جدل سوء أوضاع المدارس التي يغيب عن بعضها أبسط متطلبات الدراسة.

[[{"fid":"101332","view_mode":"default","fields":{"format":"default","field_file_image_alt_text[und][0][value]":false,"field_file_image_title_text[und][0][value]":false},"type":"media","field_deltas":{"1":{"format":"default","field_file_image_alt_text[und][0][value]":false,"field_file_image_title_text[und][0][value]":false}},"link_text":null,"attributes":{"height":666,"width":500,"class":"media-element file-default","data-delta":"1"}}]]

جدران مدرسة بليانة بصفاقس آيلة للسقوط في أي وقت 

مدرسة بليانة بمعتمدية العامرة بولاية صفاقس تشكو عدّة نقائص منذ سنوات. جدرانها آيلة للسقوط في أي وقت، كما تفتقر إلى ساحة مجهزة ودورات مياه. مشهد يجعلك لوهلة تشعر أنّها خرابة. لا شيء فيها يوحي كونها مدرسة ستؤمن سير دروس مئات التلاميذ. وقد اشتكى أغلب الأهالي للمندوبية الجهوية وما من مجيب وفق ما يؤكده عبد الرؤوف (41 سنة)، والد أحد التلاميذ، لـ"الترا تونس".

ويصيف أنّه والعديد من أولياء التلاميذ يهددون بمقاطعة الدروس وعدم إلحاق أبنائهم بالمدرسة إلا بعد تدخل السلطات المعنية لإصلاح المدرسة والقاعات.

من جهتها، ذكرت الجامعة العامة للتعليم الأساسي، عبر صفحتها الرسمية بفيسبوك، أنّ هذه المدرسة تستقبل حوالي 400 تلميذ وأصبحت فضاء يمثل تهديدًا حقيقيًا لسلامة الأطفال، إذ تحتوي على خمسة أقسام آيلة للسقوط وساحة غير مهيأة. وقد أذنت سابقًا وزارة التجهيز بإخلائها، ومع ذلك تتناسى وزارة التربية حق كل طفل في الدراسة في مدرسة لائقة، حسب تعبيرها.

خصصت وزارة التربية اعتمادات مالية بقيمة 116 مليون دينار منذ سنة 2015 لتعهد وصيانة 634 مدرسة ابتدائية ذات أولوية

اقرأ/ي أيضًا: آخر مستجدات العودة المدرسية 2018 - 2019 في تونس

مدرسة العكارمة بمعتمدية السعيدة بولاية سيدي بوزيد لا تختلف هي الأخرى عن بعض المدارس الأخرى المهمشة والتي تبدو في شكل خرابة، ذات جدران متصدعة وتفتقر إلى ساحة أو سور يحمي التلاميذ، إلى جانب افتقارها لعدّة تجهيزات أخرى، ليستنكر الأهالي تواصل تجاهل السلط المعنية لتلك المدرسة، وما تحتاجه من تدخل عاجل. فيما انطلقت بعض الأشغال في إحدى المدارس بمنطقة الملاسين بالعاصمة منذ أيام. ويستغرب الأهالي أيضًا من انطلاق أعمال الترميم قبل أيام فقط من انطلاق الموسم الدراسي.

إذ يقول وليد (38 سنة)، والد إحدى التلميذات لـ"الترا تونس"، إن "المدرسة  شبه مخربة وبعض الأقسام فيها تحتاج إلى ترميم وإصلاحات عاجلة. وحسب ما يمكن معاينته فإنّه يصعب إنهاء أعمال الترميم قبل انطلاق الدروس".

[[{"fid":"101333","view_mode":"default","fields":{"format":"default","field_file_image_alt_text[und][0][value]":false,"field_file_image_title_text[und][0][value]":false},"type":"media","field_deltas":{"2":{"format":"default","field_file_image_alt_text[und][0][value]":false,"field_file_image_title_text[und][0][value]":false}},"link_text":null,"attributes":{"height":666,"width":500,"class":"media-element file-default","data-delta":"2"}}]]

تصدعت أسقف عديد المدارس خاصة في المناطق الداخلية

ويضيف محدّثنا أنّ أشغال الترميم لن تكون نهائية ولن يتم إصلاح المدرسة بصفة نهائية بل تعوّد الأهالي على ترميم أجزاء من المدرسة فقط مع انطلاق كلّ موسم دراسي.

مشكل المدارس وبنيتها التحتية ليس بالموضوع المستجد. إذ استقبلت وزارة التربية إرثًا من المشاكل المتعلّقة بالمدارس والمعاهد، لاسيما على مستوى بنيتها التحتية وحاجتها لميزانية كبيرة لترميم عدد منها. وقد خصصت وزارة التربية اعتمادات مالية بقيمة 116 مليون دينار منذ سنة 2015 لتعهد وصيانة 634 مدرسة ابتدائية ذات أولوية في إطار برنامجها الاستعجالي لتهيئة وتعهد وصيانة المؤسسات التربوية، وخاصة منها المدارس الابتدائية في المناطق الريفية والحدودية النائية. ورصدت اعتمادات بـ 39 مليون دينار لتعهد وصيانة المدارس الإعدادية والمعاهد والمبيتات. فيما أعلنت الوزارة أنّها تعمل على تعبئة الموارد المالية الضرورية مع القيام بإبرام اتفاقية مع الاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية ومع بعض الجمعيات للقيام بهذه الأشغال.

لم يتلق "الترا تونس" أي رد من وزارة التربية عن الاعتمادات التي تم تخصيصها خلال السنة الدراسية الحالية لترميم وإصلاح المدارس والمعاهد أو إجابات عن استعدادات الوزارة وبرنامجها الوقائي وتأمين مياه صالحة للشرب للتلاميذ

كما تم وفق الوزارة برمجة دعم وتعويض التجهيزات العادية بالمؤسسات التربوية وخاصة بالمدارس الابتدائية الريفية الحدودية النائية، من مقاعد وخزائن بقيمة مالية قدرها 10 مليون دينار. وانطلقت الوزارة في إعداد دراسة شاملة لتزويد 705 مؤسسة تربوية وخاصة المدارس الابتدائية بالماء الصالح للشراب وتسييج 1137 مؤسسة ابتدائية بشكل كلي لضمان حمايتها من الاعتداءات المتكررة، بكلفة جملية تقدر بـ 50 مليون دينار، على أن تنتهي كل الأشغال المبرمجة مع بداية السنة الدراسية 2016/2017.

مع ذلك يُطرح تساءل كبير عن مدى تنفيذ كل تلك الأشغال التي أعلنت عنها وزارة التربية خلال الموسم الدراسي 2015/2016. فيما يطرح تساؤل آخر عن برمجة مشاريع أخرى تشمل باقي المدارس خلال السنوات الدراسية 2017/2018 و2018/2019 والاعتمادات التي خصصت لها.

كل تلك الأسئلة توجهنا بها إلى وزارة التربية إلى جانب أسئلة أخرى تتعلّق باستعدادات الوزارة على مستوى تأمين المال الصالح للشرب، والحال أنّ وزارة الصحة تحذّر من استهلاك المياه مجهولة المصدر تحسبًا لانتشار وباء الكوليرا، لاسيما وأنّه تمّ خلال السنوات الماضية تسجيل عشرات الإصابات بالتهاب الكبد الفيروسي في صفوف تلاميذ الجهات الداخلية بالأساس جراء تلوث مياه الشرب. مع ذلك لم نتلق أي رد من الوزارة عن الاعتمادات التي تم تخصيصها خلال السنة الدراسية الحالية لترميم وإصلاح المدارس والمعاهد أو إجابات عن استعدادات الوزارة وبرنامجها الوقائي وتأمين مياه صالحة للشرب لتلاميذ المدارس والمعاهد، خصوصًا تلك التي لا تزال غير مزودة بمياه الشرب.

 

اقرأ/ي أيضًا:

خريطة النجاح في تونس تفضح عقود التهميش والإقصاء

أساتذة مع وقف التنفيذ في تونس..