06-مايو-2018

تونس تنظم أول انتخابات بلدية بعد الثورة (الترا تونس)

جالس في المقهى غير آبه بمن يمرون من حوله أو من يتناقشون فيما بينهم عن الحدث الذي انتظرته تونس منذ ثورة 17 ديسمبر/14 جانفي 2011، ولا يشغل باله سوى تبادل أطراف الحديث مع جالسيه بعيدًا عن السياسة والمرشحين أو الانتخابات ومشاكلها.

يستغرب سؤالك حين تسأله، هل ستشارك اليوم في الانتخابات أم لا؟ لا يفكر كثيرًا قبل أن يقول لا مواصلًا، "وهذا موقف اتخذته منذ الانتخابات التشريعية الماضية. فلا أمل لي في تغيّر أي شيء أو إصلاح أي شيء".  

مواطنون محبطون يرفضون المشاركة في الانتخابات مقابل آخرين يصرّون على المشاركة من أجل تحسين أداء البلديات

يضيف المواطن محمد زاهي لـ"الترا تونس"، أنّه "لم يهتم بالانتخابات البلدية ولا بالمرشحين ولم يتابع أي شيء عنها ولا يفكر في المشاركة في أي انتخابات أخرى، فلا أمل يرجى من تلك الأحزاب المرشحة ولا حتى من المستقلين"، على حدّ تعبيره.

في طاولة ليست بالبعيدة عنه، يتصفح منير بن خليفة "فيسبوك" بإصبعه الذي حُبّر بحبر الانتخابات للمرة الرابعة في حياته، إذ لم يمارس قبل الثورة حقّه الانتخابي لمعاداته للنظام السابق، لكن بعد الثورة شارك في كل المحطات الانتخابية، لأنّه مازال يؤمن بتغيّر الحال وإصلاح الأمر، كما يقول لنا.

اقرأ/ي أيضًا: البعثة الأوروبية: الانتخابات خطوة تاريخية وجو هادئ لعملية الاقتراع حتى الآن

ويشير منير أنّه يحترم كل من قاطع الانتخابات نظرًا لفقدانه الأمل، لكن هذه أوّل انتخابات بلدية بعد الثورة والمواطن سينتخب أناسًا ستكون له علاقة مباشرة معهم، يبلغهم مشاكله واحتياجات منطقته عكس باقي الانتخابات، وفق تصريحه. ويضيف قائلًا "يجب علينا في هذه الانتخابات أن نكون أكثر حذرًا، ونراقب الأحزاب ونحاسبها على الوعود التي أطلقوها ومدى تطبيقهم لها وتحقيقها على مستوى الواقع، ولا يجب أن نكون سلبيين".

طابور أمام أحد مكاتب الاقتراع في العاصمة اليوم (الترا تونس)

ويشاطره رفيق جلسته كريم مرابط الرأي قائلًا "نحن في فترة حساسة جدًا، وبلدياتنا اليوم لا بد لها أن تعمل وتغير شكل المدن وتحاول إصلاح الموجود، ولا أحب المواقف السلبية بل علينا اختيار مرشحين نأمل أن يعالجوا ولو جزءًا بسيطًا من مشاكلنا، ولكن مع مراقبتهم وفضح أي تخاذل منهم". إذ يقول لـ"الترا تونس" إن العملية لا تقف عند مجرد التصويت "بل ستتبعها عملية مراقبة ومطالبة بحقوقنا خاصة وأنّه ستكون لنا علاقة مباشرة مع المنتخبين عكس باقي المسؤولين".

المواطن كريم مرابط لـ"الترا تونس": لا أحب المواقف السلبية بل علينا اختيار مرشحين نأمل أن يعالجوا ولو جزءً بسيطًا من مشاكلنا

وبين هذا وذاك، تتواصل عملية الانتخابات في انتظار الكشف عن نتائج إقبال التونسيين على الانتخابات البلدية في كلّ دائرة، لكن في جولة بسيطة ببعض الأحياء الشعبية خلال الساعات الأولى للتصويت، تبدو الحركية عادية فالغالبية تظهر منشغلة بقضاء شؤونها اليومية وتكاد تكون هذه الحركية منعدمة في بعض مراكز الاقتراع حيث لا تجد سوى العسكريين والأمنيين، أو المشرفين على العملية الانتخابية.

إحدى المشرفات في مكتب الاقتراع بجهة الزهروني بتونس العاصمة تشير لـ"الترا تونس" أنّ المكتب لم يستقبل إلى حدود منتصف النهار سوى 12 مقترعًا، مضيفة أنّها والمشرفين على العملية الانتخابية في المركز لاحظوا العزوف عن الانتخابات، لاسيما وأنّهم لم يستقبلوا أي ناخب طيلة ساعة بعد فتح مركز الاقتراع، قائلة ربما تتغير المعادلة في المنتصف الثاني من النهار.

المواطنة فائزة لـ"الترا تونس": كل مواطن عليه المشاركة في أول انتخابات بلدية بعد الثورة انتظرناها طويلاً

فيما تلحظ في أحد مراكز الاقتراع الأخرى في العاصمة مواطنين وقد احتموا بجدران إحدى المدارس الابتدائية في انتظار دورهم للدخول للإدلاء بأصواتهم، آملين في اختيار ممثليهم في البلديات. إذ تشير فائزة (48 سنة) لـ"الترا تونس" إلى أنّ هذه الانتخابات هي التي يُرجى منها تغيير حال البلاد من نظافة وطرقات، واليوم كل مواطن عليه المشاركة في أول انتخابات بلدية بعد الثورة انتظرناها طويلاً"، وفق تعبيرها.

سعي لتحقيق نسبة مشاركة محترمة عند غلق مراكز الاقتراع (الترا صوت)

يُذكر أن الهيئة العليا المستقلة للانتخابات قدّرت نسبة المشاركة بنسبة 13.6 في المائة إلى حدود منتصف نهار اليوم وذلك قبل 6 ساعات من غلق مراكز الاقتراع.

ويُشار أنّ نسبة الإقبال في الانتخابات التشريعية سنة 2014 بلغت 61.8 بالمئة أي ما يمثل أكثر بقليل من ثلاثة ملايين ناخب، فيما تخطت نسبة المشاركة في الانتخابات الرئاسية في نفس السنة 64 في المئة، وذلك وفق الأرقام الرسمية للهيئة العليا المستقلة للانتخابات.

وكان قد بلغ المعدّل الوطني للمشاركة في انتخابات المجلس الوطني التأسيسي سنة 2011، وهي أول انتخابات بعد الثورة، نسبة 70 في المائة، بل وفاقت وقتها النسبة 80 في المائة في بعض الدوائر.

 

اقرأ/ي أيضًا:

"أنا يقظ": للجميع إمكانية ملاحظة الانتخابات عبر موقع خاصّ

منظمة عتيد: الإقبال ضعيف صباحًا وتجاوزات في عديد البلديات