30-أبريل-2018

لم تتجاوز نسبة اقتراع الأمنيين والعسكريين 12 في المائة (صورة أرشيفية/ ياسين القايدي/ الأناضول)

فتحت مكاتب الاقتراع بالجمهورية التونسية، الأحد 29 أفريل/ نيسان 2018، أبوابها أمام الأمنيين والعسكريين للمشاركة في الانتخابات البلدية، وذلك في سابقة في تاريخ البلاد التي لم تشهد في تاريخها مشاركة المؤسستين الأمنية والعسكرية في استحقاق انتخابي. وعلى الرغم من أهمية هذا الحدث الذي يعتبره الكثيرون مفصليًا في مسار الانتقال الديمقراطي الذي تعيش على وقعه تونس، إلا أن نتائجه كانت مخيبة للآمال بالنسبة للبعض، نظرًا للإقبال الضعيف للأمنيين والعسكريين على التصويت.

ففي نهاية يوم الاقتراع المخصص للأمنيين والعسكريين، أعلنت الهيئة العليا المستقلة للانتخابات أن نسبة المشاركة بلغت 12 في المائة فقط. ولم يتجاوز عدد المقترعين 4492 من بين 36495 مسجلًا في كامل الجمهورية التونسية. ولم تسجل 11 بلدية أي إقبال أي أن عدد المقترعين بها كان صفرًا. هذا وقد سجّلت ولاية المنستير أعلى نسبة مشاركة بـ23 في المائة في حين كان النصيب الأضعف من المشاركة لولاية جندوبة التي لم تتجاوز نسبة الإقبال على التصويت فيها 5 في المائة.

سامي بن سلامة (المجتمع المدني التونسي) لـ"الترا تونس": الاقتراع ليس من تقاليد الأمنيين والعسكريين كما أثرت دعوات المقاطعة التي دعت إليها بعض النقابات الأمنية

الإقبال الضعيف للأمنيين والعسكريين على الاقتراع أثار مخاوف الكثيرين الذين اعتبروا أنه قد يكون مؤشرًا لما سيكون عليه الوضع عند توجه المدنيين للانتخاب يوم 6 ماي/ أيار 2018. وقد اختلفت التحليلات والتبريرات لهذه النسبة الضئيلة بين من أوعزها إلى طبيعة عمل الأمنيين والعسكريين ومن رأى أن الاقتراع ليس من تقاليد المؤسستين الأمنية والعسكرية. في حين ذهب البعض الآخر إلى تحميل دعوات المقاطعة التي قامت بها بعض النقابات الأمنية مسؤولية ابتعاد الأمنيين والعسكريين عن صناديق الاقتراع.

اقرأ/ي أيضًا: تصويت الأمنيين والعسكريين.. سابقة عربية تونسية بعد جدل حادّ

وفي هذا السياق، قال منسق عام منظمة 10-23 لدعم مسار الانتقال الديمقراطي سامي بن سلامة، في تصريح لـ"الترا تونس"، إنه في تاريخ تونس لم يكن للأمنيين والعسكريين مشاركة في أي عملية انتخابية وبالتالي فالاقتراع ليس من تقاليدهم. وأشار بن سلامة كذلك إلى حملات المقاطعة التي دعت إليها بعض النقابات الأمنية، مبرزًا أن طبيعة عمل الأمنيين والعسكريين لا تسمح لهم أيضًا بالمشاركة. وبيّن أن يوم الانتخاب يكون عادة الأحد وهو يوم عطلة بالنسبة للمدنيين لكن الأمر مختلف بالنسبة للسلكين الأمني والعسكري إذ أن أغلبهم يعمل بنظام 12/12 ساعة، فضلًا عن مكاتب الاقتراع في بعض الجهات التي كانت بعيدة.

وذكر محدثنا أن منظمته كانت قد أصدرت بيانًا خلال مناقشة البرلمان لمسألة منح حق التصويت للأمنيين والعسكريين اعتبرت فيه أن منحهم حق التصويت خطأ لأنه سيخرج المؤسستين عن حيادهما ويدخلهما في أتون التجاذبات السياسية، مشيرًا إلى أن أغلبية عناصر الأمن والجيش الوطني التونسيين لا يريدون الدخول في اللعبة السياسية الأمر الذي دفعهم إلى العزوف عن الاقتراع، على حدّ قوله. واستبعد سامي بن سلامة أن يكون ضعف إقبال الأمنيين والعسكريين على التصويت مؤشرًا على عزوف مرتقب للمدنيين يوم 6 ماي/ أيار المقبل، مستدركًا بالقول إنه قد يمنح لمحة عمّا سيكون عليه الوضع.

وأضح بن سلامة أن الانتخابات التشريعية الجزئية بألمانيا هي التي تمثل أكبر مؤشر على نسبة إقبال المواطنين في الاستحقاق البلدي، معتبرًا أن هناك ردة لدى المواطن بعد اهتمامه بالسياسة بشكل متزايد خلال انتخابات 2011 وحتى 2014 نظرًا لرداءة الطبقة السياسية الحاكمة والمعارضة، حسب تعبيره. مؤكدًا أن المواطن الذي يعاني من المشاكل الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والذي يتوجس من المستقبل لا يعتبر أن الانتخابات البلدية ستحلّ مشاكله لا على الصعيد الوطني ولا على الصعيد المحلي على خلاف ما تروج له بعض المترشحين، وفق تصريحاته.

اقرأ/ي أيضًا: هيئة الانتخابات: 12 % نسبة مشاركة الأمنيين والعسكريين في الانتخابات البلدية

من جهته، أوضح الكاتب العام المساعد لنقابة موظفي الإدارة العامة لوحدات التدخل نسيم الرويسي، في تصريح لـ"الترا تونس"، أن عديد الأمور تزامنت وأدت إلى نسبة الإقبال الضعيفة لدى الأمنيين، مبرزًا أن هذه التجربة تعد الرقم صفر بالنسبة إليهم باعتبار أنها سابقة في تونس وفي العالم العربي. وبيّن الرويسي أن ثقافة الانتخاب لا تزال ضعيفة لدى الأمنيين الذين يتخوفون من أن يؤثر المعترك السياسي على المؤسسة الأمنية. وأضاف أنه بالتزامن مع الانتخابات يعمل عناصر الأمن بنظام الحصة 12/ 12 الأمر الذي له أثر على نسبة الإقبال. 

نسيم الرويسي (نقابة موظفي الإدارة العامة لوحدات التدخل) لـ"الترا تونس": تخوف لدى الأمنيين من أن يؤثر السجال السياسي على حياد المؤسسة الأمنية

كما أبرز محدثنا أن أغلب الأمنيين يقطنون بمناطق بلدية غير التي ينتمون إليها الأمر الذي أثر كثيرًا على نسبة الإقبال. وأعرب نسيم الرويسي عن أمله في أن تكون مشاركة الأمنيين في الانتخابات المقبلة أهم مفيدًا أنه تمّ عقد جلسة مع هيئة الانتخابات بهدف رفع الإخلالات والإشكاليات التي حالت دون إقبال الأمنيين على التصويت بشكل واسع.

 

اقرأ/ي أيضًا:

رئيس بعثة الاتحاد الأوروبي لملاحظة الانتخابات: المرحلة حاسمة لديمقراطية تونس

قراءة في شعارات الأحزاب في الانتخابات البلدية تونس 2018