22-يناير-2019

أزمة الثانوي متواصلة وشبح السنة البيضاء يقلق التلاميذ (صورة أرشيفية/ياسين القايدي/ الأناضول)

 

تعيش تونس في الآونة الأخيرة على وقع الأزمة بين الجامعة العامة التعليم الثانوي ووزارة التربية، أزمة أدّت إلى انقطاع الدروس وسط تململ التلاميذ وأوليائهم، أزمة يبدو أنّها قد تجاوزت المفاوضات بين هيكل نقابي وسلطة إشراف لتكون عنوان أزمة اجتماعية.

والتحركات الاحتجاجية لم تعد حكرًا على أساتذة التعليم الثانوي فقد طالت أيضًا الأولياء الذين أرّقهم انقطاع الدروس وطالت كذلك التلاميذ الذين لا يعلمون مآل هذه السنة الدراسية.

اقرأ/ي أيضًا: تواصل مقاطعة الامتحانات وشبح السنة البيضاء.. الأولياء في تحركات احتجاجية

 

وزارة التربية ونقابة التعليم الثانوي طرفان في الأزمة!

وفي هذا الصدد، يقول رئيس الجمعية التونسية للأولياء والتلاميذ رضا الزهروني إنّ الوضعية التي تعيشها المدرسة التونسية اليوم وضعية غير مسبوقة على اعتبار أن التلاميذ لا يزاولون دراستهم منذ شهرين، وفق تعبيره.

ويعتبر الزهروني في حديثه مع "ألترا تونس" أنّ انطلاق التلاميذ في حملات مقاطعة الدروس والإضراب عن الدراسة، وتلويح نقابة التعليم الثانوي بمقاطعة امتحانات الثلاثي الثاني وشبح السنة البيضاء، تعدّ مؤشرات على خطورة الوضع الذي آلت إليه الأزمة بين الجامعة العامة للتعليم الثانوي ووزارة التربية.

رضا الزهروني (رئيس جمعية الأولياء والتلاميذ) لـ"ألترا تونس": إقرار سنة بيضاء ستكون له انعكاسات سلبية على المنظومة التعليمية وعلى المصلحة الوطنية

ويشير إلى أنّ التلاميذ عرضة إلى عنف معنوي جعلهم يفقدون الثقة في المدرسة وفي المدرسين ويفقدون الأمل في النجاح في هذه السنة الدراسية، مؤكّدًا أنّ الحل بيد وزارة التربية وجامعة التعليم الثانوي وأنّهما يتحمّلان المسؤولية كاملة فيما ستؤول إليه الأوضاع.

ويلفت إلى أنّ الطرفان يمضيان في تعميق الأزمة وجر البلاد إلى مالا يحمد عقباه، مبيّنًا أنّ إقرار سنة بيضاء ستكون له انعكاسات سلبية على المنظومة التعليمية وعلى المصلحة الوطنية، وفق تعبيره.

ويضيف أنّ تحرّكات الأولياء في كامل تراب الجمهورية هي نتاج لحالة الغليان التي يعيش على وقعها المجتمع التونسي وقد وصل صداها إلى السلطة ولكنها لم تحرّك ساكنًا، على حدّ قوله.

ويتابع قائلًا " الخميس المقبل تنظم تنسيقية أولياء غاضبون مسيرات احتجاجية في كامل تراب الجمهورية، ونحن في الجمعية التونسية للأولياء والتلاميذ نساند هذه التحرّكات، ونقف على نفس المسافة من نقابة التعليم الثانوي ووزارة التربية"، مؤكّدًا ضرورة التعامل مع الوضع اليوم على اعتبار أنه أزمة والإسراع في حلّها كي لا تأخذ الأمور منحى خطيرًا.

نقابة التعليم الثانوي: بلغ السيل الزبى..

يبدو أن الأمور تسير نحو منحى "خطير"، إذ دخل أعضاء المكتب التنفيذي للجامعة العامة للتعليم الثانوي وبعض الكتاب العامين للفروع الجهوية في اعتصام مفتوح بالمقر المركزي لوزارة التربية بالعاصمة، احتجاجًا على عدم تحقيق مطالبهم، وفق ما أفاد به عضو الجامعة العامة للتعليم الثانوي فخري الصميطي.

ويقول الصميطي في تصريحه لـ"ألترا تونس" إن السيل قد بلغ الزبى ولم يعد الانتظار ممكنًا لا بالنسبة للمدرسين ولا بالنسبة للتلاميذ والأولياء، مشيرًا إلى أن الوزارة تتعامل بمنطق الأصم وهذا يهدد السنة الدراسية بسنة بيضاء، وفق تعبيره.

فخري الصميطي (عضو جامعة التعليم الثانوي) لـ"ألترا تونس": التلاميذ خرجوا في مسيرات رافعين شعار " يا وزير الفشل أوجد الحل أو إرحل" بمعنى أنّ وزير التربية هو المسؤول

ويضيف "عندما نفذ صبر التلاميذ خرجوا إلى الشوارع وعندما نفذ صبر المدرسين توجّهوا إلى مقر وزارة التربية ونفّذوا فيها اعتصامًا مفتوحًا من أجل إرغام وزارة التربية على الجلوس إلى التفاوض وإيجاد حلول".

ويشارك في الاعتصام المفتوح أساتذة التعليم الثانوي، الذين توافدوا على الوزارة، وفق قول محدّثنا الذي أكّد أن أعضاء النقابات الأساسية للتعليم الثانوي والفروع الجهوية أبدوا استعدادهم للالتحاق بالاعتصام لكن طلب منهم التريّث، على حدّ تعبيره.

ويؤكّد محدّثنا أنّ تحرك الأساتذة والأولياء والتلامذة الهدف منه إيجاد حل للأزمة الراهنة، مشيرًا إلى أنّ التلاميذ خرجوا في مسيرات رافعين شعار " ياوزير الفشل أوجد الحل أو إرحل" بمعنى أنّ وزير التربية هو المسؤول، وفق قوله.

المنظّمة الوطنية التلمذية: التلميذ هو الضحيّة

ويعيش التلاميذ في كافة مناطق الجمهورية حالة من الضغط سببها ضبابية المشهد في ظل تعطّل المفاوضات بين وزارة التربية والجامعة العامة للتعليم الثانوي دفعت بهم إلى الخروج في مسيرات احتجاجية مطالبة بإيجاد حل لانقطاع الدروس، وفق ما صرّح به رئيس المنظّمة الوطنية التلمذية نسيم حسني لـ"ألترا تونس".

ويقول حسني إنّ المنظّمة تساند تحركات التلاميذ واحتجاجاتهم وتحمّل وزارة التربية مسؤولية تعطّل الدروس وعدم إجراء الامتحانات، مؤكّدًا أن التلاميذ يعيشون وضعية لا يحسدون عليها في ظل غياب موقف واضح لوزارة التربية والحديث عن سنة بيضاء.

اقرأ/ي أيضًا: وزارة التربية: إذا لم تنجز الامتحانات قد ندخل مرحلة الخطر!

نسيم حسني (رئيس المنظمة الوطنية التلمذية) لـ"ألترا تونس": نحن لم نجر الامتحانات ولا نعرف طريقة احتساب الأعداد ولم يعد باستطاعتنا تحمّل الوضع الراهن

ويَعتبر أن التلميذ هو الضحية وهو ما يبرر التحرّكات الاحتجاجية التي سينفذها التلاميذ خلال اليومين القادمين والتي تتمثل في مسيرات احتجاجية أمام وزارة التربية وأما المندوبيات الجهوية للتربية في كامل تراب الجمهورية، وفق قوله.

ويضيف محدّثنا الذي يدرس بالباكالوريا " نحن لم نجر الامتحانات ولا نعرف طريقة احتساب الأعداد ولم يعد باستطاعتنا تحمّل الوضع الراهن ونحن نحمل وزارة التربية 70 في المائة من المسؤولية والنقابة 30 في المائة منها ونأمل أن يحل الإشكال في القريب العاجل".

وزارة التربية: لا سبيل إلى سنة بيضاء

إلى ذلك، يؤكّد  مدير عام المرحلة الإعدادية والثانوية بوزارة التربية حاتم عمارة، أنه لا سبيل لسنة بيضاء في المدارس الاعدادية والمعاهد الثانوية خلال السنة الدراسية الجارية.

ويبيّن عمارة، في تصريح لوكالة تونس افريقيا للأنباء (الوكالة الرسمية)، أن الوزارة تسعى إلى إيجاد الحلول والإمكانات التي تراعي مصلحة التلميذ وتضمن الاستقرار والمناخ التربوي وتخرجه من وسط حلقة التجاذبات بين الوزارة والجامعة العامة للتعليم الثانوي.

ويقول "لن نتجه إلى سنة بيضاء بما أن الوزارة والجامعة العامة للتعليم الثانوي حريصتان على تجاوز الأزمة وإيجاد حلول قد تأتي في غضون الساعات أو الأيام القليلة القادمة، ترضي كل الأطراف"، داعيًا الطرف المقابل إلى القبول بالمقترحات التي تقدمت بها الوزارة والمضي في السنة الدراسية ومواصلة التفاوض بشأن المسائل التي تتجاوز قدراتها.

حاتم عمارة (مسؤول بوزارة التربية): مقاطعة الامتحانات في الثلاثي الأول أربكت المنظومة التربوية

ويضيف "إن عدم إنجاز الاساتذة لفروض المراقبة خلال الأسابيع الأربعة القادمة سيدخل المنظومة التربوية في مرحلة الخطر"، مؤكدًا أن فرصة التدارك مازالت متاحة إذا تراجعت الجامعة العامة للتعليم الثانوي والأساتذة عن قرار مقاطعة امتحانات الثلاثي الثاني ومروا لإنجاز الفروض التأليفية في أجل لا يتجاوز الأربعة أسابيع القادمة.

ويوضّح أن مقاطعة الامتحانات في الثلاثي الأول أربكت المنظومة التربوية وأثرت على سير الدروس ببعض الإعداديات والمعاهد، مشددًا على أن عدم إنجاز التقييم يخل بسير العملية التعليمية، ومشيرًا إلى أنّ هذا الوضع المشحون لا يمكن أن يتواصل حيث أن المنظومة التربوية بلغت مرحلة من التوتر والاضطراب غير المسبوقة وتسببت في تعطيل جزئي وأحيانًا كلّي في بعض المؤسسات وانعكاسات بيداغوجية، وفق تقديره.

وأمام تواصل تعنت كل الطرفين وصمت مريب للسلط والأحزاب والمنظمات المعنية بالشأن التربوي، يبقى مصير السنة الدراسية الحالية ضبابيًا ومصير آلاف التلاميذ مجهولًا خصوصًا مع اقتراب الثلاثي الثاني من نهايته، الأمر الذي يدق نواقيس الخطر.

 

اقرأ/ي أيضًا:

الإجازات المرضية تشعل الحرب بين وزارة التربية والنقابات

الإصلاح التربوي.. أولوية قصوى مؤجلة