01-أكتوبر-2022
 يوسف الزواوي

يوسف الزواوي الوجه الرياضي المتميّز في كرة القدم التونسية والمدرب السابق للمنتخب وعديد الأندية التونسية في حوار خاص مع "الترا تونس"

 

بُعيد كلّ هزيمة ينقاد إليها المنتخب التونسي يشعر الجمهور الرياضي بالخيبة والمرارة وتُراودنه نوبات الغضب والسخط، فيعمد إلى ترجمتها إمّا بالتهكّم والسخرية أو بالدعوة إلى تغيير الإطار الفني وتعديل قائمة اللاعبين ومراجعة أسلوب اللعب.

تكررت تلك المواقف الانفعالية وبلغت ذروتها بعد الهزيمة المدويّة (5-1) في المباراة الودية التي خاضها أبناء جلال القادري ضد البرازيل، ولم تكُفّ الأصوات الساخطة الراجمة للاعبين والمدرب رغم حرص العديد من المحللين على معالجة الموقف بعقلانية والدعوة إلى حسن تفكيك الأخطاء لتتحقق الفائدة في المواجهات الرسمية المقبلة في مونديال قطر 2022.

 

 

مثّلت هذه المعطيات منطلقًا لحوار "ألترا تونس" مع يوسف الزواوي الوجه الرياضي المتميّز في كرة القدم التونسية، ففضلًا عن تدريبه الفريق الوطني في مناسبات عديدة كانت له البصمة الواضحة في الإدارة الفنية لمنتخبات الأكابر والشبان عبر عقود.

وبصرف النظر عن إخفاقات الزواوي مع المنتخب سنتي 1984 و1994 التي ما انفكّ خصومه يبُزّونه بها فقد كان لهذا المدرب فضل كبير على النادي البنزرتي والترجي الرياضي التونسي تألقًا وتتويجًا، وكانت له صولات لا يمكن إنكارها في مقارعة كبار المنتخبات الأوروبية نتيجة وأداء في العديد من المباريات الودية ضدّ ألمانيا ( 1-1) وهولندا (2-2) وفرنسا (1-1) والبرتغال (1-1)، من هذه النقطة كانت فاتحة أسئلتنا له.


  • عند مواجهة "كبار الأمم في كرة القدم" تتجاذب المدرّبَ أطروحتان الأولى تدعو إلى اللعب حسب إمكانياتنا والثانية تحث على تقديم أداء طيب دون الفزع من النتيجة ويُترجمها أصحابها بعبارة " ألعب واخسر، المهم ورّينا كوره"، ما رأيك؟

في البداية لا بدّ من التأكيد على أنّ الخسران لا يدخل في حسبان المدرّب، فعبارة "ألعب واخسر" قائمة على التناقض لأنّ اللعب الجيد هو اللعب الذي تجتمع فيه المهارات وحسن التنظيم وهو ما يجعل الفريق أقرب إلى تحقيق النصر، لكن في هذه الحالة لا بدّ من التمييز بين المباريات التحضيرية والمباريات الرسمية، فالإطار الفني كان واعيًا أن ملاقاة البرازيل تنطوي على مخاطرة وتحدّ، وهو أمر مشروع حتى نستعد كأفضل ما يكون لمواجهة فرنسا والدنمارك في قطر، وتبعًا لذلك لا ينبغي أن يكون الرهان هو النتيجة، فالهدف الحقيقي هو التركيز على الاختيارات الأنسب بالاستناد إلى النقاط المضيئة والاستفادة من الأخطاء.

  • ركّز عدد هامّ من الجماهير والمحللين على الأخطاء الفردية في المنتخب التونسي، ألا ترى أنّ الهزيمة ترجع في الغالب إلى التفريط في أوكد سمة تميز المنتخب وهي الانضباط التكتيكي، الذي مكننا في مناسبات سابقة من بلوغ نتائج مقبولة رغم تواضع الأداء الفرديّ؟

فعلًا الانضباط التكتيكي هو العلامة المميزة في كرة القدم التونسية وكذا الشأن بالنسبة إلى بقية منتخبات شمال إفريقيا، وقد فقدنا في مباراة تونس ضدّ البرازيل هذه الميزة، وأظنّ أنّ السبب يعود أساسًا إلى ملابسات غير رياضيّة منها سلوك بعض الجماهير، تصفير أثناء النشيد الرسمي للبرازيل وحركة عنصرية من أحد المشجعين واستفزاز نيمار..، عناصر ساهمت في فقدان بعض اللاعبين التركيز ووقوعهم تحت طائلة النرفزة والتهيّج العصبي.

المدرب يوسف الزواوي: الانضباط التكتيكي هو العلامة المميزة في كرة القدم التونسية وكذلك بقية منتخبات شمال إفريقيا، وقد فقدناها في مباراتنا ضد البرازيل

  • كيف يمكن أن نقبل تفسيرًا يُبرر وقوع اللاعب تحت طائلة مؤثرات خارجية والحال أنّ التدريب على "ضبط النفس" من أولويات النشاط الرياضي لاسيما في عالم الاحتراف؟

ضياع التركيز تسببت فيه عوامل متظافرة، ففضلاً عن العوامل الخارجية التي ذكرتها لا بدّ من الإقرار بأنّ المهارة الفنيّة العالية لنجوم البرازيل والخلل في التنظيم الدفاعي لزملاء الطالبي قد جعلا اللاعب التونسي يبذل جهدًا بدنيًا كبيرًا أفقده السيطرة على أعصابه وهو يشاهد زملاء نيمار يحتكرون الكرة فتنتقل بين أرجلهم بمهارة فائقة في التمرير والمراوغة والتوزيع والتسديد.

  • ألا يعد شعور اللاعب بالضعف أمام خصمه دافعًا لاشعوريًا يفضي إلى التهوّر في الأداء واللجوء أحيانًا إلى العنف وفق المعادلة المعروفة "الشرّ سليل الضعف"؟

لا أستبعد ذلك، فاللاعب "براون" على سبيل المثال يبدو أنه قد شعر بعدم قدرته على مجاراة قوة الخصم فكان تدخله مع نيمار غير مبرر فنيًا، فلم يكن مقصده استرداد الكرة، إنما كان همّه هو اللاعب في حدّ ذاته، لكن لا بدّ من إضافة معطى آخر قد يكون وراء توتر اللاعبين وهو الإفراط في التركيز على النتيجة، في هذه الحالة اللاعب مطالب بأن يتحدّى نفسه قبل أن يتحدّى الخصم حتّى يقدم الأداء الأفضل وفق إمكانياته.

 

يوسف الزواوي

يوسف الزواوي الوجه الرياضي المتميّز في كرة القدم التونسية والمدرب السابق للمنتخب وعديد الأندية التونسية (الترا تونس)

 

  • ضعف أداء بعض اللاعبين دفع الكثير من المحللين إلى المطالبة بتعديل القائمة، ما رأيك؟

التعديل قبل حوالي خمسين يومًا من بداية المونديال!، هذا أمر غير جائز إلا في حالتين الأولى تتعلق بالإصابات والثانية ترتبط بوجود لاعبين من خارج القائمة يتصفون بمهارات فائقة جدّا وهو غير متاح حاليًا، التعديل المثمر ينبغي أن يتركز على الجانب التكتيكي والاستقرار في التشكيلة فالمنتخب التونسي في هذه الفترة في أمسّ الحاجة إلى الاستمرارية، أنظر إلى البرازيل مثلاً منتخب يلعب منذ سنة تقريبًا بنفس المجموعة خاصّة في الأشواط الأولى، وأنظر إلى التغيير في عناصر الدفاع التونسي كيف أحدث مشكلة في الانسجام والتمركز تسببت في هدفين على الأقل ضدّ البرزيل.

المدرب يوسف الزواوي: المنتخب التونسي في هذه الفترة في أمسّ الحاجة إلى الاستمرارية ولا أدعم فكرة تعديل قائمة لاعبي المنتخب استعدادًا لمونديال قطر

  • أشرتَ إلى اقتراب موعد مونديال قطر، هلّا حدثتنا عن الأثر الفني لتنظيم هذه التظاهرة بداية من أواخر فصل الخريف؟

علميًا أستطيع أن أجزم بأنّ هذا الموعد سيكون له أثر إيجابي جدًّا فنيّا، وسيبلغ مردود اللاعبين ذروة العطاء البدني والتركيز الذهني، وذلك لاعتبارات عديدة، أهمّها يتمثل في أنّ جل اللاعبين خاصّة الناشطين في أوروبا سيدخلون المسابقة وفي رصيد كلّ منهم حوالي 15 مباراة منذ بداية الموسم، وهو عدد يجعل اللاعب في خطّ تصاعدي.

في المقابل خلال المونديال الصيفي يكون اللاعب قد تخطّى الستين مباراة على امتداد الموسم الكروي فيبدو عليه الإرهاق الذي يتضح منذ المباريات الأولى ضمن المجموعات، فندرة المباريات تمثل عائقًا وهذا شأن الناشطين في البطولة التونسية والكثرة المفرطة قد تتسبب كذلك في التراجع البدني.

المدرب يوسف الزواوي: المونديال في أواخر الخريف سيكون له أثر إيجابي جدًّا فنيًّا، وسيبلغ مردود اللاعبين ذروة العطاء والتركيز وذلك لاعتبارات عديدة

  • هذا عن زمن مونديال قطر، ماذا عن مكان التنظيم؟

تنظيم المونديال في قطر بصرف النظر عن مشاعر المودّة والأخوة التي تجمعنا بهذا البلد العربي، فيه خصوصيات إيجابية لا يمكن إنكارها منها ما تعلق بسهولة التنقل بين النزل والملاعب المخصصة للتدريب وإقامة المباريات الرسمية، وحتّى تتحقق من قيمة هذا المعطى شاهد مثلًا المونديال التي تم تنظيمها في كوريا واليابان، فالتنقل من مكان الإقامة إلى ملعب المباراة يقتضي ساعتين أحيانًا والسرعة لا ينبغي أن تتخطى الخمسين كيلومترًا في الساعة، وقد كاد المنتخب الفرنسي آنذاك أن يصل متأخرًا في إحدى مبارياته فيخسر بالغياب، الحقّ أقول إنّ الظروف التي ستدور فيها المباريات ستكون الأفضل عبر التاريخ، بل ستصنع حرجًا للعازمين على تنظيم كأس العالم في المناسبات اللاحقة.

المدرب يوسف الزواوي: تنظيم المونديال في قطر له خصوصيات إيجابية منها ما تعلق بسهولة التنقل بين النزل والملاعب المخصصة للتدريب وإقامة المباريات الرسمية

 

 

المدرب بوسف الزواوي مع مراسل "الترا تونس"

المدرب يوسف الزواوي رفقة مراسل "الترا تونس" خلال إجراء المقابلة (الترا تونس)