25-فبراير-2020

يوسف الزواوي المدرب الأسبق للمنتخب الوطني والعديد من الأندية التونسية

 

تقتضي كرة القدم مهارة فنية وكفاءة تكتيكية وقوة بدنية واستعدادًا نفسياً وذهنياً، وهو ما يتشكل من خلال المحافظة على الكرة والتمريرات الدقيقة والتسديدات المؤطرة، غير أنّ أكثر ما يعلق في الأذهان عند نهاية المباريات تجسيم الأهداف، وهو ما ينسجم مع ثقافة النجاعة والمكسب التي تهيمن في سائر القطاعات.

لذلك تحظى الأهداف بالعرض المتكرر في القنوات الرياضية والإخبارية وتخضع في المنابر التحليلية إلى أشكال شتى من التقييم قوةً وسرعة وتواترًا وأسلوبًا، ومن الزوايا التي تقيم من خلالها الأهداف مكان التسديد، من بعيد أو من قريب، من داخل منطقة الجزاء أو من خارجها.

من الزوايا التي تُقيم من خلالها الأهداف مكان التسديد، من بعيد أو من قريب، من داخل منطقة الجزاء أو من خارجها

الناظر في كرة القدم التونسية واجد أنّ نسبة الأهداف التي تسجل بتسديدات قوية من خارج "صندوق 18 ياردة" (16.5 متر) لا تكاد تذكر، ففي كأس العالم 2018 الذي دار بروسيا سجّل نسور قرطاج خمسة أهداف كلها من داخل ما يطلق عليه خط 18.

هذا العجز يتّضح بشكل لافت في الرابطة الأولى لكرة القدم، ففي الجولة السادسة عشر على سبيل المثال من موسم 2019-2020 تمكّن الهدافون من تسجيل 21 هدفاً كلها من داخل منطقة الجزاء، فالتجسيم من خارج خط 18 لم يتعدّ الصفر بالمائة رغم اهتزاز الشباك في المباريات السبع التي جرت يومي 22 و23 فيفري/ شباط 2020، أي بمعدل ثلاثة أهداف في كل لقاء، جدير بالذكر أن اللاعب ليونيل ميسي، اللاعب الأرجنتيني، رغم تعويله على المراوغات الفردية وإدراكه سن الثلاثين سنة 2017 فقد بلغت نسبة الأهداف التي سجلها من خارج منطقة الجزاء 26 بالمائة وفق إحصائية أوردتها صحيفة الديلي ميل البريطانية. 

استنادًا إلى هذه الأرقام المتواترة مع المنتخب ومع الأندية التونسية حقّ القول إنّ الأرجل التونسية تعاني أزمة في التسديد القوي المؤطر من بعيد.

الناظر في كرة القدم التونسية واجد أنّ نسبة الأهداف التي تسجل بتسديدات قوية من خارج "صندوق 18 ياردة" (16.5 متر) لا تكاد تذكر

  • معضلة فنية وذهنية

للتحقق من أسباب هذا الضرب من "الفشل الكروي" استأنس "ألترا تونس" برأي يوسف الزواوي المدرب الأسبق للمنتخب الوطني والعديد من الأندية التونسية. وأرجع الزواوي هذه الأمر إلى ثلاثة أسباب:

أوّلها تكتيكيّ جماعي، فجلّ الأهداف تكون إثر توغّل من الأطراف أو إثر هجمة سريعة أو معاكسة، إذ يتم تمرير الكرة في العمق، فيجد اللاعب نفسه وجهًا لوجه مع الحارس، فيعتمد على الذكاء والمهارة أكثر من اعتماده على القوة في التسديد، من جهة أخرى، يضيف الزواوي"يراهن المدرب في اختياراته التكتيكية على المهارات المتوفرة لدى اللاعبين، ففي صورة وجود هدافين يحذقون التسديد من بعيد (وهو أمر يكاد يكون معدومًا في هذا الجيل الكروي) سيساهم ذلك في تكييف الخطة على نحو مخصوص كأن يحث المدرب لاعبي الأروقة والوسط على اعتماد الهجمة المركزة وتحضير الكرة إلى اللاعب الذي يمتلك تلك المهارة حالما يتم إحداث ثغرة في دفاع المنافس".

يفتقر اللاعب التونسي إلى مهارة التسديد المؤطر من بعيد، لأنّ أغلب المدربين أصبحوا يركزون في التمارين مع الأصناف الصغرى على "فلسفة المحافظة على الكرة" باعتماد التمريرة القصيرة

السبب الثاني، حسب رأي الزواوي، فنيّ فردي، إذ يفتقر اللاعب التونسي إلى مهارة التسديد المؤطر من بعيد، لأنّ أغلب المدربين أصبحوا يركزون في التمارين مع الأصناف الصغرى على "فلسفة المحافظة على الكرة" باعتماد التمريرة القصيرة، وقد يرجع ذلك إلى التأثر بأسلوب "التيكيكي تاكا" الذي تميز به فريق برشلونة وقبله أياكس أمستردام.

السبب الثالث نفسي ذهني ذلك أن اللاعب التونسي، على حدّ تعبير الزواوي، حريص على تأمين الكرة في المرمى ولا يحصل هذا في ظنه إلا من داخل منطقة الجزاء، والحال أن التسديد من بعيد يقتضي فضلاً عن القوة ومهارة التأطير ثلاث خصال لا غنى عنها هي "القرار في الوقت المناسب وروح المبادرة والمغامرة"، والثابت أن السبب المباشر في ذلك راجع للخوف من رد فعل الجمهور عند الإخفاق، ويبدو أنّ التونسي لا يفتقر إلى هذه الخصال في كرة القدم فقط، حسب رأي الزواوي، إنما يفتقر إليها كذلك في ميادين شتى سياسية واقتصادية وعلمية وثقافية.

 

اقرأ/ي أيضًا:

الجامعة التونسية لكرة القدم: الجريء مرشًحًا وحيدًا والعوادي يطعن

منها الترجي واليوفي والبايرن.. فرق تحتكر السلطة الكروية في بلدانها