18-فبراير-2024
حوار رئيسة حزب آفاق تونس ريم محجوب: البناء القاعدي مشروع شخصي والشركات الأهلية لن تنجح

انتُخبت ريم محجوب في ديسمبر 2023 الرئيسة الرابعة لحزب آفاق تونس خلفًا لفاضل عبد الكافي

 

انتُخبت ريم محجوب في ديسمبر/كانون الأول 2023 الرئيسة الرابعة لحزب آفاق تونس خلفًا لفاضل عبد الكافي.

التحقت ريم محجوب بعد الثورة بحزب آفاق تونس وترشّحت لانتخابات المجلس الوطني التأسيسي على رأس القائمة بدائرة المهدية لتصبح عضوة بذلك المجلس، قبل أن تشارك في الانتخابات التشريعية سنة 2014 عن دائرة ولاية المهدية لكن لم يقع انتخابها. 

رئيسة حزب آفاق تونس: لم يكن سهلًا بتاتًا وصولي كامرأة إلى قيادة الحزب رغم أني انخرطت فيه منذ تأسيسه، والصعوبات متواصلة وأنا على رأسه

وفي فيفري/شباط 2015، أخذت ريم محجوب مكان رئيس الحزب، حينها، ياسين إبراهيم في مجلس نواب الشعب إثر تولّيه منصب وزير بحكومة الحبيب الصيد، وأصبحت رئيسة كتلة آفاق تونس في البرلمان التونسي.

 في هذا الحوار، تتحدث الدكتورة ريم محجوب لـ"الترا تونس"، عن برنامجها داخل الحزب وتقييمها للعشرية الماضية وتشخيصها للوضع السياسي الراهن وغيرها من المواضيع.

  • وصلتم إلى رئاسة حزب آفاق تونس بنسبة 59.41%، هل كان سهلًا وصول امرأة إلى هذا المنصب؟

أبدًا، لم يكن سهلًا بتاتًا وصولي كامرأة إلى قيادة الحزب رغم أني انخرطت فيه منذ تأسيسه، والصعوبات متواصلة وأنا على رأسه. وأغتنم الفرصة لأشكر كل من صوّت لي ووثق وآمن بي في آفاق تونس.

 

ريم محجوب
ريم محجوب لـ"الترا تونس": نحن نريد حوارًا مع السلطة إذا ما طلبت ونحن نتمنى أن تعمل السلطة بأفكارنا حتى إن لم نكن فيها

 

  • ما هو برنامجكم؟

في الحقيقة برنامجي يتكون من نقطتين، الأولى تتمثل في تأسيس أكاديمية سياسية صلب الحزب تقوم بتكوين جيل سياسي جديد إيمانًا منا بضرورة انخراط الشباب في العملية السياسية والأكاديمية، وحتى تترشح هذه القيادات الجديدة للمؤتمر القادم ويكون التداول على رئاسة الحزب.

رئيسة حزب آفاق تونس: من نقاط برنامجي، تأسيس أكاديمية سياسية صلب الحزب تقوم بتكوين جيل سياسي جديد إيمانًا بضرورة انخراط الشباب في العملية السياسية

ستفتح الأكاديمية أبوابها لكل من يرغب في التكوين السياسي لمدة سنتين، والمشارك حرّ سواء أراد إكمال المشوار في آفاق تونس أو اختار طريقًا آخر، وسننشر قريبًا تفاصيل الالتحاق بالأكاديمية التي ستقدم هذا التكوين مجانًا. هدفنا فهو مواجهة نفور التونسيين من العمل الحزبي والسياسي في هذه المرحلة التي تعيشها البلاد.

أما النقطة الثانية، فهي تواصل عمل المخبر الاقتصادي والاجتماعي والذي يعمل على طرح مشاكل البلاد وإيجاد حلول لها.

  • هل تتحمل الأحزاب مسؤولية نفور التونسيين من العمل الحزبي وسخطهم عليه؟

المسؤولية يتحملها الجميع بدرجات متفاوتة، أولها الأحزاب التي حكمت البلاد والتي لم تكن لديها الخبرة الكافية والكفاءة لتسيير البلاد وفكرت في مصالحها، وفعلًا هناك نهب واستغلال ولكن هناك أيضًا من أراد أن يعمل من أجل مصلحة البلاد ونحن حاولنا أن نفيد وحاولنا أن نقول مرارًا من غير المعقول أن يحدث هذا. وقد جربنا الحكم لمدة سنة وانسحبنا بعد ذلك فقد اكتشفنا ما كان يحدث في الداخل، ولكن مع الأسف لم يقرأ هذا بصفة إيجابية وتعرضنا للتشويه وكنا ضحية مواقفنا وكنا نشكّل قلقًا.

رئيسة حزب آفاق تونس: الأحزاب التي حكمت البلاد والتي لم تكن لديها الخبرة الكافية والكفاءة لتسيير البلاد وفكرت في مصالحها تتحمل جزءًا من مسؤولية نفور التونسيين من العمل الحزبي

ثم هناك الإعلام الذي كان يبحث عن "البوز" وكان يتوقف ويضخم المعارك ولا يهتم بصوت العقل والبرامج، وللأسف لا يقف على كل ما هو إيجابي. مررنا بذلك خلال العشرية التي أصبحت توصف بأنها سوداء. أنا لا أنكر أن هناك أشياء لم تكن إيجابية لكن كان هناك الكثير من النقاط الجيدة التي لم يقدمها الإعلام ولم يعطها حقها ولم يتوقف عندها.

  • قلتم إنكم اكتشفتم ما كان يحدث في الداخل.. هل لنا أن نعرف التفاصيل؟

عندما كنا في الحكم كنا نجتمع دوريًا كأحزاب داعمة للحكومة وكان الحديث حول نصيب هذا الطرف من الولاة ونصيب الآخر من المعتمدين.. وكنا ندعو للتباحث حول ما يمكن أن نقوم به وتحديد برنامج العمل.. كان هذا يقلقهم.

وأذكر أن آخر اجتماع لحزبنا قد انسحبنا بعده من الحكم واختلفنا مع رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي ورضا بلحاج عن نداء تونس وقتها بخصوص قانون المالية 2017.

  • هل فعلًا حركة النهضة هي الوحيدة التي تتحمل وزر العشرية؟

لا ليست حركة النهضة هي الوحيدة، فالانتهازيون والمتسلقون موجودون في كل الأحزاب التونسية، وكنا ننتظر أن يحكم نداء تونس بعد انتخابات 2014 ولكن لم يحدث هذا. فالحركة تحالفت في البداية مع الأحزاب الديمقراطية وأسست الترويكا وكانت هي التي تحكم وتحالفت فيما بعد مع نداء تونس فقد كانت هي الأذكى والأدهى سياسيًا. 

  • هل تفعيل الفصل 80 وما حدث في 25 جويلية/يوليو كان الحل الوحيد للحد من العبث السياسي الذي كان حاصلًا؟

في الحقيقة كنّا مع تفعيل الفصل 80 رغم ما كان فيه من تعسف على هذا الفصل. ويوم 25 جويلية/يوليو رحبنا بما حدث لأن ما كنا نعيشه في مجلس نواب الشعب مهزلة وأمر مقرف لا يمكن تواصله.

ريم محجوب لـ"الترا تونس": لا تتحمل حركة النهضة وحدها وزر العشرية الماضية، فالانتهازيون والمتسلقون موجودون في كل الأحزاب التونسية

لكننا فيما بعد لم نوافق على طريقة العلاج، فقد كنا نعتقد أن المحاسبة ستكون لمن أجرم في حق البلاد لا أن يوضع الجميع في سلة واحدة، وكل ما حاربنا من أجله في المجلس التأسيسي من ديمقراطية وحرية وتعددية نراه اليوم في طريقه نحو الاندثار.

كان يمكن أن يصحَّح المسار بطريقة أخرى مع المحافظة على مكتسبات الثورة التونسية من خلال حوار مع الوطنيين الذين أرادوا فعلًا أن تنجح البلاد وأن تزدهر وأن تتحسن الوضعية الاجتماعية للتونسيين فنحن دخلنا السياسة من أجل ذلك وآمننا بالنجاح وكنا مندفعين وحالمين بعد الثورة.

لكن مهما كان الشخص عبقريًا، لا يمكن له أن يصلح البلاد لوحده وأن يكون متمكنًا من كل المواضيع، لهذا فأنا أرى أننا خسرنا الكثير من الوقت، وقد كان بإمكاننا أن نتحاور مع الكفاءات التي تزدهر بها البلاد ونرتب الأولويات ونضع بلادنا على الطريق الصحيح، فليس سهلًا أن تصلح ما تم تهديمه.

ريم محجوب لـ"الترا تونس": كنّا مع تفعيل الفصل 80 رغم ما كان فيه من تعسف لكننا فيما بعد لم نوافق على طريقة العلاج، فقد كنا نعتقد أن المحاسبة ستكون لمن أجرم في حق البلاد لا أن يوضع الجميع في سلة واحدة

لا بدّ فعلًا أن نقاوم الفساد والناس الذين استفادوا من كل المنظومات وكل الحقب، لكن ليس بهذه الطريقة التي نراها اليوم، فالجميع يعيش في حالة رعب، والاستثمار توقف، ومهنة رجل الأعمال في تونس أصبحت جريمة والسياسي والنقابي كذلك وغاب النقاش في الإعلام.

  • البعض يرى أن الحل ليس في الحوار وإنما في المشاركة في المحطات الانتخابية ومواجهة هذا المشروع والدفاع عن حظوظكم ما رأيكم؟

في الحقيقة دستور 2022 تستحوذ فيه مؤسسة رئاسة الجمهورية على كل شيء والبقية مجرد وظائف، ومجلس نواب الشعب لم يعد سلطة رقابة ولا مساءلة فكيف يمكن أن نشارك في مؤسسات شكلية؟ نحن حتى لا نعرف مهام مجلس الأقاليم والمجالس الجهوية والمحلية التي انتخبت مؤخرًا وأي علاقة بينها وبين البلدية مثلًا.

ريم محجوب لـ"الترا تونس": خسرنا الكثير من الوقت والجميع بات يعيش في حالة رعب، وتوقف الاستثمار، ومهنة رجل الأعمال في تونس أصبحت جريمة تمامًا كالسياسي والنقابي

مشروع البناء القاعدي هو مشروع شخصي فكيف يمكن أن نشارك في مشروع لا نعرفه ولم نتناقش فيه ولا أرى أنه الأصلح لتونس؟ لقد كنا في دستور 2014 نتناقش في الفصول بمشاركة المجتمع المدني وقد نبقى لشهر كامل ونحن نناقش فصلاً واحدًا بحضور الإعلام وتُبث الجلسات علنية مباشرة أمام كل التونسيين. سواء نجح أم لم ينجح، سواء كان جيدًا أم سيئًا، يظلّ دستور 2014 نتاج نقاشات وتشاركية كبيرة.

  • ألم تكن هذه النقاشات الكثيرة ومحاولة الأخذ بكل الآراء سببًا في خلق نظام سياسي مشتت؟

باب الحقوق والحريات ممتاز جدًا في دستور 2014 لكن النظام السياسي فيه بعض الإشكاليات على اعتبار أن مجتمعنا لم يصل بعد إلى مستوى النظام البرلماني، فالأحزاب تحتاج لمزيد من النضج.. ولهذا كنا وقتها نريد نظامًا رئاسيًا، والنهضة كانت تريد نظامًا برلمانيًا وفي النهاية تم اختيار نظام شبه برلماني.

ولكن كان يمكن أن نتفق وأن نقول إن هذا النظام السياسي فيه مشكلة المؤسسات التي تعطل بعضها البعض وعند حدوث أي أزمة تتعطل البلاد، أولًا لأنه لم يقع إرساء محكمة دستورية وثانيًا لأنه في الدستور لا توجد إمكانية حلّ البرلمان من قبل رئيس الجمهورية وكان يمكن أن نقوم بالتعديل، لكن يكون تعديل النظام السياسي ببرلمان قوي يسائل رئيس الجمهورية ويحاسبه، ففي الدستور الحالي لا يمكن مساءلة رئيس الجمهورية ولا محاسبته.

ريم محجوب لـ"الترا تونس": لماذا لم يقم الرئيس سعيّد بوضع المحكمة الدستورية إلى الآن؟ وبحسب أي دستور تم تعيين محافظ البنك المركزي؟

كما أننا نتساءل: لماذا لم يقم بوضع المحكمة الدستورية إلى الآن؟ وهناك أسئلة كثيرة أخرى يمكن أن تطرح مثل: بحسب أي دستور تم تعيين محافظ البنك المركزي؟

  • هل سيشارك حزب آفاق تونس في الانتخابات الرئاسية المقبلة؟

نحن كحزب غير معنيين بالترشح للانتخابات الرئاسية لكن موضوع مساندتنا لهذا الطرف أو ذاك مرتبط بالمناخ الانتخابي والقانون الانتخابي والتغطية الإعلامية أي المناخ الانتخابي.

 

ريم محجوب
ريم محجوب لـ"الترا تونس": كل ما حاربنا من أجله في المجلس التأسيسي من ديمقراطية وحرية وتعددية نراه اليوم في طريقه نحو الاندثار

 

  • هل مساندتكم لمرشح ما ستقوم على أساس أيديولوجي، أم أن الأحزاب في هذه المرحلة ستتوحد من أجل بقائها بعيدًا عن الاختلافات؟

هناك فوارق لا يمكن تجاوزها وهي أساسية، لا يمكن أن ندعم الإسلام السياسي وكذلك الدستوري الحر لكن بإمكاننا دعم أي طرف آخر وإن كنا نختلف معه في الرؤى الاقتصادية.

  • هل آفاق تونس في المعارضة؟

نحن في معارضة غير صدامية ولسنا في حرب مع السلطة، فنحن نعترف مثلًا بالإيجابيات التي قام بها رئيس الجمهورية ولا مشكلة لدينا في ذلك. نشاطره الرأي في التشخيص الذي قام به في كل المجالات، لكن نحن لا نوافقه في الأسباب وطريقة العلاج، فهو يقول مثلًا إن هناك من نهب البلاد، نحن نوافقه لكن نطرح السؤال لماذا؟ والإجابة هي أن القوانين لم تتغير وعندما تثقل كاهل أي مشروع بالقوانين والإجراءات فمن الطبيعي أن يوجد الفساد.. عليك أن تحرر القطاع حتى تواجه الفساد.

ريم محجوب لـ"الترا تونس": كحزب نحن غير معنيين بالترشح للانتخابات الرئاسية لكن موضوع مساندتنا لهذا الطرف أو ذاك مرتبط بالمناخ الانتخابي والقانون الانتخابي والتغطية الإعلامية

الرئيس يقول إن القضاء غير مستقل وسيّسوه ووضعوا أيديهم عليه، وهذا صحيح ولكن هل القضاء بصدد الإصلاح اليوم؟ الإجابة: لا.

يقول سعيّد إنّ الأحزاب كاذبة وفشلت، هذا صحيح ولكن هل نلغي الأحزاب؟ طبعًا لا، يجب محاسبتها بالقانون.

صحيح أنه يوجد مال فاسد في الانتخابات التونسية، ولكن هل نلغي الانتخابات؟ الصلح الجزائي والشركات الأهلية مشاريع لن تنجح وهناك أفكار أخرى نعتقد أنها الأصلح فنحن ننتظر مجلة الصرف التي لم تتغير، يجب التسهيل على الشباب وأن نفتح لهم سبل التمويل لإنشاء مشاريع ولا نربطهم بالشركات الأهلية.. إلخ.

  • هل كل هياكل الحزب تتفق على هذه الأفكار والآراء أم أن هناك خلافات داخل آفاق تونس؟ خصوصًا وأن رئيس الحزب المستقيل فاضل عبد الكافي صرح بأنه استقال بسبب خلافات داخلية وتباين الآراء بين من يريد الانفتاح على السلطة ومن يرفض؟ 

نحن نريد حوارًا مع السلطة إذا ما طلبت ونحن نتمنى أن تعمل السلطة بأفكارنا حتى إن لم نكن فيها، فمصلحة البلاد هي هدفنا.. أما فاضل عبد الكافي فقد استقال لأسباب شخصية وكنا زكيناه وطلبنا منه أن يكون مرشحنا فليس لدينا أي مشاكل داخل الحزب.