بعد إلغاء المنشور الذي يعود لسنة 1973 من قبل وزارة العدل التونسية والذي كان يمنع عقد زواج التونسية المسلمة بغير المسلم، كتفعيل لدعوة أطلقها رئيس الجمهورية الباجي قائد السبسي، وقرار هذا الأخير إنشاء لجنة لدراسة إمكانية تفعيل المساواة في الميراث بين الجنسين والمصادقة على قانون مناهضة العنف ضد المرأة، من المتوقع أن تدعم التونسيات حقوقهن عبر مشروع قانون، تعرضه وزارة المرأة والأسرة والطفولة، يرفع إجازة الأمومة إلى 3 أشهر ونصف ويمنح إجازة أبوة بـ15 يومًا لأول مرة في تونس، وهو ما يعتبر تطورًا تشريعيًا بارزًا مقارنة بباقي الدول العربية.
ينص مشروع قانون جديد في تونس على تمديد إجازة الأمومة إلى 3 أشهر ونصف كما يمكن من إجازة أبوة مدتها 15 يومًا
في هذا السياق، أفادت منذ فترة القاضية سامية دولة، المكلفة بمهمة بوزارة المرأة والأسرة والطفولة التونسية، أن الوزارة تعمل على عرض مشروع قانون متعلق بإجازة الأمومة والأبوة في تونس وستوجهه لمجلس الوزراء على أمل أن يوجه قريبًا إلى مجلس نواب الشعب للمصادقة والتباحث فيه.
اقرأ/ي أيضًا: زواج التونسيات بغير المسلم.. جدل القانون والمدنية
وينص مشروع القانون، وفق ذات المتحدثة، على تمديد إجازة الأمومة إلى 14 أسبوعًا (3 أشهر ونصف) في القطاعين العام والخاص، مقابل ما يقارب 10 أسابيع (شهرين ونصف) في القطاع العمومي وشهر في القطاع الخاص حاليًا. أما البارز خاصة، فيكمن في منح النص القانوني الجديد إجازة أبوة مدتها 15 يومًا، مقابل يوم واحد وفق مقتضيات القانون المعمول به حاليًا. كما ينص مشروع القانون الجديد على الترفيع في حق التمتع بـ"ساعة الرضاعة" إلى 12 شهرًا في القطاعين العمومي والخاص، مقابل 9 أشهر حاليًا، في القطاع العام و6 أشهر في القطاع الخاص.
ولا تزال إجازة الآباء تطرح جدلًا في عديد الدول العربية على عكس إجازة الأمومة التي ترسخت منذ سنوات في معظم هذه الدول، رغم المطالب المتصاعدة بترفيعها غالبًا. لكن أبحاثًا علمية عدة تذهب إلى تأكيد أهمية وجود الأب إلى جانب زوجته خلال فترة الحمل وبعد الإنجاب خاصة، كسند وشريك ولتخفيف نسبة إصابة الأمهات بحالات اكتئاب ما بعد الولادة.
وكانت وزيرة المرأة الحالية نزيهة العبيدي، قد صرحت خلال مداخلة لها في مجلس نواب الشعب في تموز/ يوليو الماضي أن "هناك فلسفة خلف إجازة الأبوة، ففترة اليومين لا تعني شيئًا في الأسرة، ما يهمنا هو توازنها والأب يضحي من أجل أبنائه ويستحق هذه الإجازة". وربط الكثيرون التصريح بإجازة الشهرين التي اعتمدها مؤسس فيسبوك مارك زوكربرغ، بعد ولادة ابنته، والتي أثارت لغطًا واسعًا.
يذكر أن وزير الوظيفة العمومية والحوكمة السابق، عبيد البريكي، في تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي صرح أن وزارته، وفي إطار تفاوضها مع الاتحاد العام التونسي للشغل (أهم منظمة نقابية في تونس)، حول مشروع قانون الوظيفة العمومية "ستتجه نحو التمديد في إجازة الأمومة".
اقرأ/ي أيضًا: أهم أحكام قانون مناهضة العنف ضد المرأة في تونس
لا توفر عديد الدول إجازات للآباء مثل لبنان، التي لا تزال هذه الإجازة فيها مطمحًا وتقتصر هذه الإجازة في دول أخرى على أيام قليلة
ويعتبر حقوقيون تونسيون أن القانون الحالي يميز بين العاملين في القطاعين العام والخاص، ولا يضمن بالتالي تكافؤ الفرص بين جميع الشغالين. وبالتالي يهدف التعديل إلى ملاءمة القانون التونسي مع المعايير الدولية ومنها "الاتفاقية 183" لمنظمة العمل الدولية الخاصة بحماية الأمومة، وضمان مزيد توافق القوانين مع دستور الجمهورية الثانية، الذي تمت المصادقة عليه في كانون الثاني/ يناير 2014. وكانت وزارة المرأة التونسية قد أعلنت في وقت سابقًا هذه السنة عن "وضع خطة وطنية لفائدة الأسرة، من المنتظر تطبيقها إلى عام 2020، ومن محاورها وضع قانون للأمومة والأبوة".
عربيًا، لا توفر عديد الدول إجازات للآباء مثل لبنان، التي لا تزال هذه الإجازة فيها مطمحًا لا أكثر، وتقتصر هذه الإجازة في دول عربية أخرى على أيام قليلة، حيث أقرت مستهل هذا العام الأردن إجازة أبوة بثلاثة أيام، وهي ذات المدة المحددة في الجزائر والمغرب. أما أطول إجازات الأبوة عربيًا، إلى حد الآن وقبل المصادقة على مشروع القانون التونسي الجديد، فهي من نصيب جزر القمر (10 أيام).
في الأثناء، وبينما تتردد دول عربية في اعتماد إجازة الأبوة، أقرت السويد هذه العطلة منذ سنة 1974، وتسمح ألمانيا للموظفين الآباء بالحصول على إجازة أبوة قد تصل إلى 14 شهراً. وتتفاوت مدة هذه الإجازة بين دولة غربية وأخرى، لكن تحافظ عليها كل الدول وتسعى لتدعيمها.
اقرأ/ي أيضًا: