24-مارس-2023

محمد الحامدي: الكلّ يدعو سعيّد إلى الحوار لكنه برفضه له، يدعوهم إلى الراديكالية (ياسين القايدي/ الأأناضول)

الترا تونس - فريق التحرير

 

رفض القيادي المستقيل من التيار الديمقراطي، والوزير السابق محمد الحامدي، الجمعة 24 مارس/آذار 2023، توصيف "العشرية السوداء" والتشنيع عليها، قائلًا: "كنا في انتقال ديمقراطي متعثر، ولا أقبل أي تبرير يُقدّم للاستبداد وأعتبره نظامًا غير إنساني، ومع ذلك، أفضل تبريرات للاستبداد هو نجاعته، فما الذي أنجز بعد هذا الانقلاب ليكون ناجعًا؟ قيس سعيّد جاء بجرافة وهدم بها المؤسسات والحياة السياسية، وكل المؤشرات الاقتصادية ساءت أكثر".

محمد الحامدي: أفضل تبرير للاستبداد هو نجاعته، فما الذي أنجز بعد هذا الانقلاب ليكون ناجعًا؟ كل المؤشرات الاقتصادية ساءت أكثر بعد الانقلاب

  • الحامدي يعلّق على جدل مسلسل "فلّوجة" كوزير تربية أسبق

واستنكر الحامدي ما يراج عن توجه السلطة إلى منع بث عمل درامي، في إشارة لمسلسل "فلّوجة"، وقال: "مازلتُ أفكّر طبقًا لدستور 2014 وبالتالي أنا خارج التاريخ وفق قيس سعيّد، وأعتبر أنه في إطار ديمقراطي لا أفهم أن تمنع سلطة ما عملًا فنيًا ما، فليس لوزير أو رئيس أن يفتي في النقد الفني، هناك هيئات تعديلية يمكن أن نتظلم ونتشكى لديها، مثل التوجه للهيئة العليا المستقلة للاتصال السمعي البصري (الهايكا)، إذ لا يمكن منح الجميع مقص رقابة" وفق تعبيره.

وأشار الحامدي لدى حضوره بإذاعة "موزاييك أف أم" (محلية)، إلى أنه "من الأولى أن نهتم بمسلسل البلاد الذاهبة إلى الانهيار، وعلى أبواب الإفلاس وهي المعزولة داخليًا وخارجيًا وتعرف جبهتها الداخلية تصدعًا وأزمة شرعية"، مضيفًا: "بدل الإصلاح العقلاني بدعوى أنه كان ثمة أعطاب في المشهد، فتحنا الباب أمام مسار انفرادي تسلطي.. بعض التونسيين تفاءلوا بهذا المسار في بدايته، ليس حبًا فيه، بل كراهية في المسار الذي كان قائمًا" وفق تقديره.

محمد الحامدي: في إطار ديمقراطي، لا أفهم أن تمنع سلطة ما عملًا فنيًا ما، هناك هيئات تعديلية يمكن أن نتظلم ونتشكى لديها، مثل (الهايكا)

وتساءل الحامدي: "باسم سيادوية كاذبة نحارب العالم؟ أول شروط السيادة الوطنية هو أن تكون جبهتك الداخلية صلبة،بينما سعيّد لا يفوّت يومًا دون شتم معارضيه وخصومه بخطاب قد يصل إلى الفاشية، وهو بذلك يدفع حتى من لا يريد معارضته إلى أن يصبح معارضًا، مثل الاتحاد العام التونسي للشغل الذي لم ينو معارضته، وقال إنه تحت سقف 25 جويلية/ يوليو، لكن لا حياة لمن تنادي، بل بالعكس، هناك قرائن على استهداف اتحاد الشغل ومحاكمات النقابيين.. الناس تدعو سعيّد إلى الحوار لكنه برفضه له، يدعوهم إلى الراديكالية" على حد قوله.

وأوضح محمد الحامدي أنّ "الديمقراطية لم تضطهد سعيّد وهو الذي كان ينادي بالبناء القاعدي منذ الثورة، ولم تعتبر ذلك تآمرًا على أمن الدولة، لكنه استغل هذه الديمقراطية لترويج فكرة البناء القاعدي التي هي تغيير لهيئة الدولة" وفق قوله.

محمد الحامدي:  البرلمان الجديد ليس سوى غرفة تسجيل لإرادة سعيّد، وهذا الوضع لا يمكن أن يستمر بأي حال من الأحوال

وأشار الحامدي إلى أنّ القمع والتضييق هو ما سيدفع الناس إلى أن تتحدث في مسائل معارضتها لسعيّد في العلن والسر، قائلًا: "كل معارضة في العالم تسعى لإسقاط من يحكم، هذا من البديهيات، وما يميّز معارضة عن أخرى هو هل أن المسألة سلمية أم لا"، وقال: "نحن مع دستور 2014، ونعتبر كل ما وقع ليس جزءًا من أجندة وطنية، بل جزءًا من أجندة سعيّد للانقلاب على الدستور".

وعبّر الناشط السياسي عن أنّ "سنوات الرخاء الديمقراطي والحريات أفقدتنا آليات مقاومة الاستبداد، لكن الناس ستتجاوز خوفها ولو بعد حين وستستعيد قدرتها على مقاومة الاستبداد"، معتبرًا أنّ هذا البرلمان التونسي الجديد، "ليس سوى غرفة تسجيل لإرادة سعيّد، وأنّ هذا الوضع الشاذ لا يمكن أن يستمر بأي حال من الأحوال"وفق تعبيره.

  • محمد الحامدي وكواليس الانسحاب من حزب التيار الديمقراطي

وتابع الحامدي بخصوص خروجه من حزب التيار الديمقراطي، أنّ الأحزاب هي أدوات لخدمة الصالح العام وخدمة القناعات، في تصوّره، وحين لا تستجيب هذه الأداة لقناعات الفرد، يجب الاستغناء عنها، باعتبار أنّ العمل الحزبي هو تنازل عن الحرية الشخصية لصالح اتخاذ قرارات جماعية من أجل النجاعة، قائلًا: "الإشكال الذي حصل مع التيار في 2020، تعلّق بمسألة مفاوضات الدخول للحكومة، وكيف تصرفنا داخلها، وهي إشكاليات مر بها الحزب بدليل استقالة أمينه العام محمد عبو، وقد تواصلت هذه الإشكالات في تصوري للعمل السياسي" وفقه.

محمد الحامدي: الموقف من 25 جويلية 2021 خلق شرخًا كبيرًا داخل التيار الديمقراطي، وقد كان السبب في انسحابي من الحزب

وتابع الحامدي: "عادت هذه الإشكاليات بقوة في 25 جويلية/ يوليو 2021، الذي خلق شرخًا كبيرًا داخل الحزب، إذ هناك من اعتبره منذ البداية انحرافًا تسلطيًا انفراديًا، وكنتُ منهم، وهناك من اعتبره فرصة وأنه إجراء دستوري وتاريخي"، متحدثًا عن أنّها مشكلة حقيقية حين تتفهم مجموعة ديمقراطية أو تجد مبررات لما يراه الكل بداية انقلاب، فهذه مسألة غير مبررة" على حد تعبيره.

وقال الحامدي: "حتى حين تعدل الموقف داخل الحزب بعد ذلك، كان ضروريًا الوضوح في تشخيص الوضع باعتباره انقلابًا على الدستور والديمقراطية، وبالتالي فإنّ التكتيكات المنبثقة عن ذلك يجب أن تكون التوحد مع كل من يقاوم هذا الانقلاب، ولهذا قررت الانسحاب مع غازي الشواشي، لأنّ هناك من يريد التضييق في الخيارات بين خماسي الأحزاب الديمقراطية، أو جبهة الخلاص الوطني، ومغادرتنا لم تكن للذهاب إلى جبهة الخلاص، ولم نقرر وقتها بالضرورة وجهتنا القادمة"، على حد تعبيره.